كتَّاب إيلاف

القتلة ينامون بسلام!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كشفت بعض وسائل الاعلام عن ظاهرة شاعت في شوارع المدن العراقية بعد سقوط نظام صدام لكنها تزداد يوما بعد اخر حيث أُهملت ولم يتم معالجتها رغم خطورتها على المجتمع ونسيجه بشكل عام، ألا وهي ظاهرة قتل النساء دفاعا عن الشرف وغسلا للعار، لقد بات وجود جثثٍ لنساءٍ مقطوعات الرؤوس في شوارع البصرة امراَ معتادا، والبصرة مثال واحد للمدن العراقية الغاصة قتلا وتسليبا دعاء تعرضت للقتل بشكل وحشي وانتهاكا لأبسط حقوق الانسان المتعارف عليها في الأعراف والمواثيق الدولية و موروثنا التاريخي الممتد من حضارة سومر وبابل وأكد وآشور بعيدا عن عادات البداوة القاسية والجلفة التي غزت المجتمعات بعد سقوط الحضارات الاولى...
ان أشد ما يحزن المرء في المشهد العراقي كون القتلة والمجرمين أكثر أمنا من الأبرياء في شوارع العراق وبيوته ومدارسه، فالمجرمون يرقدون بسجون محمية يفتقرها العراقي البريء وان كان سائرا نحو عمله ومدرسته، فالجميع معرض للقتل باية لحظة تحت اسباب وذرائع لا تعد ولا تحصى والنساء اول الضحايا في هذا البلد المبتلى.
لقد اصبحت المرأة هدفا لكل قاتل وارهابي ومريض، حيث لاملاحقة قانونية ولاعقوبة تحدّ وتردع المعتدي، اضافة الى صمت الشارع العراقي عن هذه الجرائم المروعة التي يتستر عليها الكثيرون خوفا من غضب المتورطين الذين ينتمون غالبا لتيار ديني او ميليشيا تدعمهم باسلحتها وجلاوزتها اضافة لانشغال الناس بالارهاب والعنف والاوضاع السياسية غير المستقرة..
لقد نص الدستور العراقي في الديباجة على مايلي:

"نَحنُ شَعْب العراقِ الناهضِ تَوَّاً من كبْوَتهِ، والمتَطلعِّ بثقةٍ الى مستقبلهِ من خِلالِ نِظاَمٍ جُمهورِيٍ إتحاديٍ ديمقْراطيٍ تَعْددُّيٍ، عَقَدَنا العزمَ برجالنا ونِسائنا، وشُيوخنا وشبابنا، على احْتِرامِ قَوَاعدِ القَانُون، وَتحقيقِ العَدْلِ وَالمساواة، وَنبْذِ سِياسَةِ العُدوان، والاهْتِمَام بِالمَرْأةِ وحُقُوقِهَا، والشَيْخِ وهُمُومهِ، والطِفْلِ وشُؤُونه، وإشَاعَةِ ثَقَافةِ التَنَوعِ، ونَزْعِ فَتِيلِ الإرهاب "

فاين الدستور والقوانين ممايجري في العراق من قتل للنساء دونما محاكمة ولااستماع للشهود ولا دفاع عن النفس يتاح لهن حيث ينفذ بهن القتل بايد آثمة دون الالتفات لحق انساني معترف به بشكل وضعي او سماوي؟
أين الجهات القضائية التي يتوجبعليها ملاحقة المجرمين الذين تتلطخ أيديهم بدماء النساء يوميا ؟ كما ينص الدستور في الفقرة الخامسة عشر:
"لكل فردٍ الحق في الحياة والأمن والحرية، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون، وبناءً على قرارٍ صادرٍ من جهةٍ قضائيةٍ مختصة. "
فمامعنى الحرية التي وردت في الدستور العراقي إن كانت النساء تقتل لأقل سبب يتعلق بحريتها في التحرك واختيار شريك الحياة او نوع الملبس او أسباب حياتية بسيطة أخرى تعتبر من صلب حقوق وتصرفات البشر اليومية العادية ؟
كما نص الدستور في المادة التاسعة عشر على:
ثانياً:ـ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ولا عقوبة إلا على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة،
فاين النص القانوني الذي يفرض قتل المرأة بهذا الشكل الهمجي الذي يشيع العنف بين افراد الجماعة؟.
واين الحق العام او حق المجتمع الواجب احترامه وعدم نشر الموت في شوارعه بكل رعب وبشاعة ؟ كما يرد في فقرة اخرى
رابعاً:ـ حق الدفاع مقدسٌ ومكفولٌ في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة.
فهل دافعت المرأة الضحية عن نفسها ام قتلت لمجرد أن ولي الامر أو المجرم مرتكب الجريمة أراد ذلك لدافع شخصي غالبا مايكون دنيئا ؟
وهل التفتت السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية لهذه الظاهرة، اين النساء البرلمانيات ليتوقفن عند هذه الجرائم التي هي وصمة عار على جبين كل من يتنصل من المسؤولية وهو في موقع قيادي، واين البرلمان ليقر عقوبات استثنائية وطارئة وسريعة لمن يثبت تورطه بهذه الجرائم او المتورط بالتحريض عليها ؟ خاصة واننا لو اردنا تطبيق القوانين التي تحارب التحريض على الجرائم لوجدنا ان العدد الكبير من ائمة الجوامع وقادة بعض التجمعات الاسلامية، وعدد كبير من شيوخ الفضائيات ومعدي البرامج ينطبق عليهم جريمة التحريض على قتل المرأة لكثرة مايكررون من خطب ومقولات وسلوكيات تشكل بحد ذاتها تحريضا على القتل ، فشعر المرأة عورة والواجب تخبئته والا فهي آثمة كما يأثم ولي امرها، وصوت المرأة عورة، ولباسها القصير انتهاك للاسلام، وعملها مع الرجال حرام خاصة وان المليشيات تكفّر وتستبيح دم المرأة العاملة مع احدى قوات الاحتلال- حتى وان كانت لاتجد عملا يقوتها مع اخوتها او عائلتها سوى معهم - مع علمنا بنسبة البطالة فيالعراق والظرف الاقتصاي العسير الذي يمر به المجتمع نتيجة الاوضاع السياسية السائدة فيه والتي افرزت الفساد كظاهرة تغني فئة صغيرة على حساب الاكثرية الشعبية، كما نرى الخطباء ومدعي الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يلهجون بان خروج المرأة الى الشارع حرام مما يحرج ولي الأمر، فالمرأة الصالحة المسلمة عليها الإقرار في بيتها، فترى كل واحد من هؤلاء المحرضين يتحدث بغضب عن المرأة وكأنها السبب بكل مصائب الدنيا وفجأة تراه وبسرعة البرق يلطمك بآية قرآنية او حديث نبوي يؤيد فكره المتعصب ضد انسانية المرأة، ثم يردفها بقائمة طويلة من المحرمات والتابوات التي تجعل الرجال يشعرون بالعصبية لمجرد وجود امرأة في البيت وقد يتمنون عدم وجودها في عائلتهم لما تسببه لهم من ازعاج في محيطهم ، اذ هي الضلع القاصر الاعوج الواجب عليهم حمايته الصعبة في زمن الفلتان الامني والفوضى وانتشار العنف في كل مكان من البلاد.
خامساً:ـ المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمةٍ قانونيةٍ عادلةٍ...
ونتساءل هنا هل هناك جهة مسؤولة تثقف الناس بهذه الفقرة بعد ان كان المتهم زمن الطاغية مذنبا يقاد للذبح حتى يثبت العكس ؟
وهل اتخذت الحكومة الاجراءات اللازمة ليتم احترام حقوق الانسان ؟ وماذا فعلت وزارة حقوق الانسان امام هذه الجرائم التي ترتكب يوميا ضد المرأة وهي صانعة الحياة ومربية الاجيال ؟
ماذا فعلت المؤسسات الثقافية والجامعات والمدارس للوقوف بوجه هذه الظواهر التي اعادت المجتمع العراقي الى عصور الظلام..
سادساً: ـ لكل فردٍ الحق في أن يعامل معاملةً عادلةً في الإجراءات القضائية والإدارية
فلماذا تقتل المرأة العراقية تحت جنح الظلام وترمى جثتها في الشوارع ؟ ولماذا يصمت الجميع امام قتلها دون اية اعتبارات ؟وهل عوملت هذه المرأة معاملة عادلة واين حقها في الحياة وفي اجراءات قضائية وادارية عادلة ؟
اضع هذه التساؤلات امام وزير حقوق الانسان في العراق، وامام اعضاء البرلمان وجميع من في الحكومة ليتحملوا مسؤولياتهم بحماية المرأة وفقا للستور ،فهي الأم،محور الاسرة التي تشكل النواة الاولى للمجتمع..

Balkis8@gmail.com

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونيه


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف