كتَّاب إيلاف

ليليليليييييييييييش عاصمة ثقافية أعلنوكي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يُحكى أنه في غمرة عام قادم تُوضِّب دمشق فيه زينتها ومساحيقها وخلاخيلها وهشاشتها وأقنعتها المُسبقة الصنع لتُزفّ وإن على مضض إلى مخدع "الترضية " كعاصمة ثقافية بعدما تعاقبت عليها أزمنة الانتهاك وتكالبت عليها الأيادي القابضة، والسؤال عن أي ثقافة سيكون التباهي، عن ثقافة الاحتواء والإيواء العشوائي؟ ثقافة العاصمة الأموية التي تتآكل تباعا قضمة قضمة تحت أنياب الهدم والتشويش الديموغرافي منطقة تلو الأخرى؟
ثقافة المعالم المكتسحة والعادات المسلوبة والتقاليد الممحيّة؟
ثقافة التناقضات الأخلاقية الضارية؟
ثقافة البطالة واللهاث على لقمة العيش؟
ثقافة الأطماع والجشع المستفحل؟
ثقافة التبعية والكرامة المفقودة؟
ثقافة التهشيم والتهميش الفاحش والكبرياء المُعاق؟
ثقافة السكوت المزمن والخرس الإلزامي؟
ثقافة التلميع والمصطلحات الطوباوية المستبدّة؟
ثقافة مراوغة الإصلاح وتزوير التغيير المراوغ؟
ثقافة الأوكسجين "المكربن " والتلوث الغاشم؟
ثقافة الاختناق والاكتظاظ والازدحام الفادح؟
ثقافة المخابرات المدنية والمهاترات الإقليمية المُستفزّة؟
ثقافة دمشق التي غاب عنها معظم مثقفوها الأصليون ليحل محلّهم بدائل محسوبيات السلطة بكافة ألوانها؟
ثقافة الإقطاعية الجديدة والسلطة المتبرجزة؟
ثقافة بؤس المواطن والتفاؤل العاجز؟
ثقافة الإسفلت السرطاني والياسمين المؤمم؟
ثقافة التحولات الكبرى، بعد سقوط أرستقراطية دمشق التي كانت تصنع معادلا حضاريا لكافة الحضارات الأخرى، لترسيخ أسس ودعائم "الطفرة " الباذخة بضربة حظ، وضربة معلّم، وضربة قاضية دون حسيب أو رقيب أو قانون من أين لكَ هذا؟
ثقافة الثروة المُستجدّة والسمعة المُستبدّة والنفوذ الطائش؟
ثقافة "إنا فتحنا لكَ فتحا مبينا " على حساب "أولئك " وحساب "هؤلاء " وحساب "الذين "؟
ثقافة تعميم الالتباس، والتباس التعميم؟
ثقافة الثقافة التي لا ثقافة لها ولا ثقافة منها ولا ثقافة عليها؟
ثقافة التضييق الدولي والتضييق الدوري والتضييق المُتعاقب إمعانا في التضييق؟
ثقافة التطبيع المكابد، والمقاومة المُستعارة؟
ثقافة الكيل بالبشاشة، والكيد بالكمائن؟
ثقافة الاعتقال والتمييز والتحيّز والتعقّب والترصّد والتبرير والترصيع والتصنيع و"التَماحُك " والتفخيم والتنفيس والمكابدة؟
ثقافة تفريغ المثقف و"ترغيف " الثقافة كلقمة لا ككلمة؟
ثقافة العاصمة "المُقَرْوَنَة " والقرى "المُتعاصمة " والمُتعاظمة تحت طائلة الامتيازات الباهظة وفوق إرادة المنطق والمعقول والأحقيّة؟

ُ مرْهِقَةٌ إذن تلك المناسبة ونحن نحصي لأجلها غصّتنا برمّتها، تماما كما تحصي علينا وباستمرار كامل أنفاسنا، وأحلامنا، وتفاؤلنا، وتساؤلنا، و تساجلنا، واستفهامنا، وآمالنا، وطموحنا، وتطلعاتنا المنهارة...
عاصمة ثقافية تَدين لنا، نحن الدمشقيون الذين حملناها وهنا على وهن، ووضعناها حرفا على حرف، وأطعمناها أيامنا خيبة على خيبة، وأطعناها بوجع جرحا على جرح.
دمشق هل لا زلتِ دمشق التي كنتِ؟ أيّتها البسيطة بمنتهى العراقة؟ والأصيلة بمنتهى التعقيد؟
أيّتها القديمة التي أزالوا تغضّن المدينة منك وهم يواصلون بسط الطرقات والساحات والزوايا والأروقة الضيّقة والحواري المتلاحمة بتجميل ساذج وتعديل أحمق، ليقطّعوا شرايين الأزمنة المكتملة فيك نضجا وبوحا وذاكرة وملامح ومعالم وحميمية.
أبعدوا أهلك عنك كالمصابين بالجذام والمحكومين بالموت البطيء بغربة طارئة وإذلال فادح عند أطراف أطرافك يا دمشق أيتها الفسيحة الكسيحة، ليعيدوا تأهيلك اغتصابا لك لا غصبا عنك وحسب، بعصا بلاستيكية وقبضة من حديد.
دمشق أيّتها المطعونة بالعطش، والمذبوحة بالرياء، تمالكي تهالكك ريثما يستعيد بردى دفقه وحيويته وجبروته السليب.
عاصمة ثقافية إذن أنتِ دمشق.. صدّقي الحكاية واضحكي بشغفٍ لطرافتها نيابة عنا، وذكري أولئك الذين يُطارحونكِ غرامنا، ويساومونكِ عشقنا، ويسلبونكِ رقيّنا، ليهدونكِ غيابنا، نحن الدمشقيون أينما كنا كنتِ معنا، روحا نابضة لا جثّة هامدة كالتي يقلبونها لنهبِ ما تبقّى فيكِ من بقايانا.
عاصمة ثقافية إذن أنتِ دمشق.. دمشق أحمد شوقي، ونزار قباني، وسعيد عقل، وفيروز، والرحابنة.
ليس انتهاك المكان فيك ما يوجع يا دمشق، بل ذاك الانتحال الأرعن، والادعاء السافر، والانتماء العقيم.
نعم كل انتماء مستجّد فيك عقيم، لأنه فاقد لشرعية خصوصية العلاقة السرية القائمة بينك وبيننا. علاقة الحميمية الطاعنة في الدهشة والإبهار والزهو الأصيل.
أنتِ مزيج من طباعنا وأمزجتنا ونزقنا ولهفتنا وحماقتنا وغرورنا وأنانا واعتدادنا الثقيل.
ونحن خلاصة الحكاية، التي سيحكونها نيابة عنّا لتضحكي لفرط الدعابة ضحكة مجلجلة وإن بعد حين.
كدمشقية أنا سأبتهج وإن عن بعد وأزغرد لتتويجك المنقوص لتغييبنا المتعمّد عنك وإقصائنا حتى عن هوامش الصورة، وحدك تدركين لماذا غيابنا مقررا وليس مقدّرا
فقط يا دمشق فوجودنا يفضح التفاصيل، ونحن وحدنا من يملك الجينات السرية التي ورثناها سلوكا تلو الآخر وشموخا لا يعقبه غير الشموخ، زغردي معي دمشق بأعلى صوتك لعلّ الدمشقيون يستيقظوا من غفوتهم الطويلة وأطماعهم المتبادلة ومكائدهم المستعصية ببعضهم البعض وليليليليييييييييييييييييييش.

www.geocities.com/ghada_samman
gaidoushkayahoo.com

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانوينة

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
قتلوا ياسمينك يا شام
أصيل -

مقال رائع يعبر عما بداخل كل سوري أصيل

التباهي
خوليو -

تسأل حضرة الكاتبة عن أي ثقافة سيكون التباهي؟ الجواب عن ثقافة اللاثقافة،المهم أن نتمسح بأفضال هذا التعبير الجميل المسمى ثقافة، ستمتلئ معارض الكتاب بكتب الجن والإنجازات العظيمة، وستبكي منفردة الثقافة الحقيقية، على فكرة هل الزغردة بليليليييييييش ثقافة سورية؟ أم صرخات قهر واستغاثة ثقافية؟

تقويم للحقيقة!!
نــور العيسى -

توحي الكاتبة من خلال لغتها المبطنة ان السبب الرئيسي لمشاكل دمشق هو العراق وربما وجود العراقيين وهذا لعمري انحراف عن الحقيقة التي هي وجود حزب مثل حزب البعث حاكم لسوريا وكذلك هرم سلطوي متغطرس في الحكم، ادعي لتغيير الاثنين وسوف تجدين دمشقك التي تتحدثين عنها مثل ايام زمان .

عُـنـف الـمُحـب
إنجي -

أستاذة غادا:ما رأيك أن نتدلل أكثر-كعادة عربية مرفهه!-إن قلنا أن الشعوب هي من تنتج الثقافة وتغزل الحضارة-ثم تأتي الأنظمة وتنثر غبارها فوق بصمات شعوبها!؟-وإن كنت ذغردتي حسرة على حال العاصمة الأصيلة دمشق-فعن قاهرتي العظيمة-فأنا الحقيقة لم أمارس من قبل أداء شعبية النساء-كشد شعورهن وولولاتهن-لكن عاصمتي القاهرة الساحرة الساهرة-تُقهرني لأداء هذا الفلكلور-فكثيراً لا أجد لي في قاهرتي..قدماً أو قلماً أو قمراً!!-ولكن وبتفاؤل ستعود عواصمنا-عندما تتيبس ظهور بُناتها-ونكف عن حياة الأمثال الشعبية أداءً-كــــ(ضرب الحبيب كأكل الزبيب-أولبس البوصة تبقى عروسة)لا أظن أني قسوت على أوطاني بكلماتي-ولكني أمارس..عُـنـف الـمُـحـب-وتحيتي0

زهرة العواصم
ابو رشاد -

مين عاضض على ذنبك دمشق كانت ولاتزال وستبقى عاصمة العواصم ومهد الحضارات ومرقد القديسين والانبياء دمشق تحتضن التاريخ وتختصر الجغرافيا ولاتكف عن العطاء اربعون عاما قضيتها متنقلا بين عواصم العالم مغتريا ومغرباولاازال اعتقد ان الدنيا تبدأ بدمشق وتنتهي بدمشق وكل ماعدا ذلك ليس الا سرابا مؤقتا سيمحي ملامحه التاريخ او النسيان

سورية المحتلة
أحمد راتب سلطاني -

توصيف دقيق لواقع دمشق الحالي في ظل الاحتلال العلوي, والذي هو صورة عن واقع سورية ككل وما يحاول النظام العلوي تصديره الى لبنان الذي صار, بعد تحريره من الاحتلال العلوي, مقصد السوريين الاحرار. انشاء الله يوم التحرير لسورية صار قريبا وقريبا سنكحل عيوننا برؤية القتلة الطائفيين في قفص المحكمة الدولية

رأي آخر
رأي دمشقي من برلين -

من عادتنا نحن العرب أن نقسو عندما نحب على الحبيب طلبا للكمال. كنت أقرأ المقال مع صديق كاتب ألماني يتعلم العربية و ذهلت عندما حول معظم كلماتي المترجمة للألمانية لينطبق الوصف على عاصمته برلين بنفس السوداوية. قد لا أبالغ إن قلت أن هذا الكلام قد ينطبق بشمل أوبآخر و بكل أسف على معظم العواصم العربية و يبقى الفرق كيف تنظر لذلك.

كلام سفسطائي
محمد المشاكس -

لا تقف الثقافة الحقيقية آمام أي حاجز ولايمكن لسلطة معينة وضعها بالسجن لأنها أكبر من أي سلطة وأي سجن وخصوصاً ثقافة شعب عريق كالسوري . ومن هذا المنطلق يمكن رؤية سفسطائية الكلام المنشور أعلاه لأن الكاتبة لاتضع يدها على الجرح بل أخذت تنقد الطب بشكل عام وتركت الجريح ينزف كعادة مثقفي الكلام بالجملة. ومن هم الدمشقيون الأصليون؟ نزار قباني كنيته الأصلية أقبيق مثلاً ومعظم سكان دمشق المسلمون من بقايا الإحتلالات المتعاقبة لتلك المدينة القديمة فالكلام العاطفي البعيد عن الواقع لايقدم بل يؤخر .

دمشق في عيوننا..!
مروان هزار -

يا سيدتي الجميلة, ستبقى دمشق حاضرة للثقافة و المثقفين,صحيح ما زال هناك كثير مما يمكن تحسينه,و ترك أزهار الثقافة و الفن تتفتح دون عسف و عنجهية؛و لكن دمشق ستبقى رغم كل ذلك العروس البهية لمدن المشرق بعبقها التاريخي و طيبة أهلها و تمسكهم بالأصالة العربية الإسلامية,و ستبقى دمشق دائما في عيوننا و محمية بعون الله تعالى برجالها و نسائها ؛ويا جبل ما يهزك ريح !..

So great
Lebanese Prince -

MadameBeirut,Damascus,your Article are so great as you.........

دمشق الغالية
zia -

دمشق ايتها الغالية الحبيبة يا ياسمينة العواصم ومعشوقة نزار اريد ان اسأل عن نهر بردى هل لا زال يجرى فى شوارع دمشق وهل يشرب اهل دمشق من الفيجة حسرة على تلك الايام

وصفة
الاخصر العربي -

اكيد المقالة ليست برسم محافظ مدينة دمشق و لذلك الرد على صاحبتها هو بان تستمع الى اغنية سورية يا حبيبتي . فاذا احتجت انصحها بشرب العلقم على الريق سبع مرات حتى يطلع من عيون كل احمق و فاقد للاحساس بالجهات الاربع

غادا فؤاد الماغوط
شاهد من هنااااك -

تذكّرنا غادا فؤاد السّمّان في هذه المدوّنة الطّاحشة إلى الأمام (يا إمام الزّمان) بالمغفور له محمّد الماغوط طيّب الله ترابه وتراثه. آميييين

عذراً سيدتي
أحمد جبرالله -

فقد نسيت أهم ثقافة يتقنها هذا النظام والكليوافقني ألا وهي ثقافة التفخيخ والأغتيالات وقتلالمتظاهرين العزل . فجلّ من لا ينسى وشكراً ايلاف

عتا ب الاحبة
دمشقي -

لقد خانتك الثقافة هذه المرة ايتها الكاتبة الرائعة, فدمشق عاصمة الثقافة هذه المرة لايعني اهلها الدمشقيون فقط, بل تعني ماذا اعطى السوريون (الدمشقيون حضاريا وانتماءا)الى العالم والانسانية, ولاتعني حي الشاغور او الصالحية فمحمد الماغوط وادونيس ليسا دمشقيين بالمولد بل دمشقيين بالثقافة والحضارة. انك تثأرين للحي الذي انت منه ولاتثأرين للجرح الثقافي الانساني العام الذي يحاصرنا من كل القارات ؟ وتذكريننا بعاصمة الامويين ؟ هل لغزارة الثقافة يومها؟ ام ماذا؟ اجل لقد خانتك الثقافة هذه المرة عندما نسيت دمشقيتك الحقيقية.