الفكر ودوره في تطوير الأداء السياسي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إنّ السَبر الفاعل للأحداث السياسية والاجتماعية وتطويرها لا يكون الا عبر تعيين الفكر كنظرية وتحديد المعرفة كموقف فاعل، وفتح آفاق المستقبل على مستويات الواقع المتفاوتة.
لعل الواقع السياسي والاجتماعي اليومي يضع الإنسان لا سيما المهتم بالشأن الفكري، أمام أسئلة فكريّة ملّحة، ولطالما طُلِب منِّي التعليق على موضوعٍ اجتماعي معيّن أو حدثٍ سياسي بعينه، وكنت دائما لا أتجاوب مع ذلك، لا لكوني لا رأي لي في المسائل المطروحة، بل لأني على قناعة راسخة أن معالجة أي موضوع لابد وان تتناول الأسس البنويوية المؤسسة للسلوك والفعل قبل كل شيئ، وغالبًا ما يُطلب اعلاميًّا، هو ان يكون الفرد منا طرفًا اما مستنكرًا او مدافعًا، وكلا الموقفين لا يخدم الفكر المؤسس للنهوض لأنه لا يناقش آليات البناء الفاعلة في مجريات الأمور؛ كما أن للصمت ميزة كبيرة في كثير من الأحيان، فالمواقف لا تقيّم بالأقوال وحدها فبلاغة المواقف تكون بالأعمال، في وقت غرقنا فيه ب" ثقافة الكلام" على حساب الممارسة العملية.
إن المشهد الإعلامي السائد لا سيما العربيّ منه، يضعنا في دائرة ردود الأفعال على الأحداث لا في جو صناعة الحدث نفسه، فيكفي أن تحصل أزمة معينة في مكان معين، حتى نرى في اليوم التالي وقد غرقت الصحف بالآراء والمقالات لتقديم الايجابات والتحليلات التي تتفاوت إيجازًا وإطنابًا، كما تغرق الفضائيات بالبرامج و تحليلات الأوضاع الراهنة ومنعكسات السلوك السياسي الآني، الأمر الذي يُسطّح الأمور ويضع المشاهد أمام صورة مشوشّة متداخلة، ومواقف تتراوح بين المدافعة والشاجبة، ثم تُطوى صفحة هذا الحدث ليطفو حدث آخر وهكذا دواليك في دوامة مفرغة لا ترقى بالفرد ولا تقدم للمشاهد فكرًا بناءًا، و هو ان عكس أمرًا فإنه يعكس صورة الفرد المنفعل كما يكرس الذات المجتمعية المتصدّعة التي تخشى من كل ما يدور حولها، ويضع الشعوب في دائرة ردود الأفعال ويدخلها في دوامة العنف الفكري بحيث أصبحت اليوم تترقب الكوارث وترى في كل صغيرة و كبيرة مؤامرة تُحاك.
أما على مستوى خطاب القادة السياسيين تجاه الاحداث فإنه يتراوح بين خطابات اتهامية تخوينية او خطابات تَشكّريّة مؤيدة،في حين أنهم مُطالبون وأكثر من أي وقت مضى بالخروج النهائي من دائرة الآنية السياسية الى دائرة الإستراتيجية الفاعلة البعيدة المدى.
إنه من العبث - من وجهة نظري- أن نرجو لأنفسنا نهوضًا سياسيًّا أو حتى ما يُشبه النهوض قبل أ ننهض فكريًّا، ولن ننهض فكريّا مالم نفك عن عقولنا وحتى قلوبنا القيود، لأن عملية إيقاظ الوعي الإنساني داخل كينونة الفرد البشري لا تنطلق نحو ما هي تسعى اليه إلا بعد الخروج من دائرة ردود الافعال بالدرجة الاولى ثم ازالة انقاض المتراكمة في ذواتنا ثم تمهيد الطريق وحفر الاسس المتينة المكينة للفكر.
إذن الأمر اليوم ملقى على عاتق المفكرين والفلاسفة للتأسيس لفكر سياسي مبدع وخلاق يتجاوز الاحداث الآنية ويؤسس لاستراتيجية مبدعة، والعمل الدؤوب على ممارسة تطوير خطاب الساسة وسلوكهم والنهوض بهم،ولعل من اهم المرتكزات الفكرية لاحداث هذا التطوير امورًا ثلاث:
bull;ضرورة الخروج من دائرة احتكار الحقائق نهائيًّا: فنحن اليوم مُحتكَرُون ومُحتَكِرون في آن معا، وعليه فإن النهوض الفكري يتطلب الخروج من دائرة التقليد الى دائرة القراءة العقلية على مستوى الفكرالتراثي، اي التحرر من سلطة النصوص، وأن تكون السلطة أي سلطة سواء السياسية المتمثلة بالسلطان او غيرها، هي صاحبة "رأي" من جملة الآراء لا أن تكون صاحبة "الرأي" الوحيد، فالخطابات تتساوى من حيث هي خطابات وليس من حقّ واحدٍ منها أن يزعم لنفسه امتلاك الحقيقة و احتكارها، لأنه عندما يقوم بذلك فإنه يكون قد حكم على نفسه بالزيف والبطلان،فسيادة رأي واحد وتكريس خطاب واحد بعينه يعكس عوامل القهر السياسي والاذعان الاجتماعي و الاخطر من كل ذلك تزييف الوعي ؛ لأن كلّ أيديولوجية تتأسس على الاعتقاد بتمام مقترباتها تدعي احتكار الحقيقة كل الحقيقة.
bull;التفكير بمفهوم العقلنة: وهذا لا يكون الا بعد هضم فلسفة تنطلق من عناصر عدة اهمها: وحدة الوعي عبر مجموعة الافكار؛ و القوة العقلية للذات ودورها عبرالافكار في التحولات الاجتماعية والسياسية من خلال وجود الكائن الانساني وقدرته على تشكيل الدلالات الرمزية وتأويلها، و فهم الذات الانسانية كقوة اخلاقية، لأن العقل هو جوهر الذات الأخلاقية المرتبطة بالنتائج الغائية وتداعياتها النفعية.
bull;الايمان بقدر الكائن الانساني: لأن ذلك يعكس تجليات المقابلة بين مستويات الواقع واداراك الكائن،إن التمايز بين الكائنات الوجودية يسيّر إدراكه بين الكائنات الانسانية الأخرى، فكل كائن هو فرد خاص وعين مجسدّة، لكلّ منها تفصيلات تدخل في تركيبتها وقوامها من علاقات ومن صفات ومن بيئة تحيط فيها، الأمر الذي يجعله متفرّد بوجوده وتاريخه دون الكائنات الوجودية الأخرى بأسرها. وهذا أمر يتولد عنه فضاء غير محدود من التسامح والحرية الفرديّة ويؤسس لمنظومة بنيوية مفتوحة على كافة مستويات الواقع الامر الذي يفتح افق لا متناهي للتعددية الفكرية والثقافية.
مروة كريدية/ كاتبة لبنانية
Marwa_kreidieh@yahoo.fr
http://marwa-kreidieh.maktoobblog.com
أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية
التعليقات
كلام فاضي
منوشهر -ما هذا اللت والعجن؟ ما هذه اللغة الركيكة التي لا تحتوي على جملة مفيدة واحدة؟ كلام فاضي لا معني له..مثال على الكلام الفاضي. ها هوو اقتباس من المقالة: (الايمان بقدر الكائن الانساني: لأن ذلك يعكس تجليات المقابلة بين مستويات الواقع واداراك الكائن،إن التمايز بين الكائنات الوجودية يسيّر إدراكه بين الكائنات الانسانية الأخرى، فكل كائن هو فرد خاص وعين مجسدّة، لكلّ منها تفصيلات تدخل في تركيبتها وقوامها من علاقات ومن صفات ومن بيئة تحيط فيها، الأمر الذي يجعله متفرّد بوجوده وتاريخه دون الكائنات الوجودية الأخرى بأسرها.). لا يوجد عربي أو اجنبي يفهم هذا الكلام... اشك ان كانت الكاتبة نفسها تفهم هذا الكلام.
التقدم
خوليو -التقدم نحو الأمام الذي نشاهده في الشعوب التي اعتمدت على الإنسان وفكر الإنسان العصري، وترجمة تلك الأفكار العلمية والنظرية لأرض الواقع، أعطى مردود ملموس وحسي كانت نتائجه مرئية نراها في مستوى العيش ومتوسط العمر والصحة والتعليم ونسبة موت الأطفال قبل السن الخامسة، والمستوى الفني والشعري والأدبي والمسرحي والنشر والتأليف الإبداعي، والصناعة وعلوم الجينات والإلكترون والفضاء، بينما نرى في الشعوب الأخرى التي تعتمد على علم الغيب والحقائق المطلقة،تخلفاً يندى له الجبين في كل المقاييس المذكورة أعلاه، وعليهم تقع مسؤولية إقناعنا أن تطبيق الحقائق المطلقة يؤدي للتقدم، وعليهم تقع مسؤولية تقديم النموذج ولو في منطقة إسلامية واحدة في هذا العصر .
مجرد سؤال
ياقو بلو -ان مل قالته السيدة الكاتبة لا يخرج عن:ينهي عن فعل ويأتي بمثله.يا سيدتني الفاضلة ان كانت لكم القدرة على تحليل الاحداث والوقائع كما زعمت في مدخل مقالك,فما الداعي اذن الى هذا الحشد الهائل من الكلمات؟يبدو ان الكتابة صارت مهنة من لا مهنة له,والا ما معنى هذا الاجترار التافه لمسائل مللنا التعريف بها.اكتبوا عن امور لم يطرقها قبلكم سوى القليل من الاقلام وارحمونا من مزايداتكم بهذه اللغة المتعثرة بتكلف شديد يثير القرف,يجب ان تفهموا ايها الكتاب اننا ما عدنا صغارا يمكن الهائهم ببعض العبارات الرشيقة التي لو جمعناها على بعضها سوف لن نحصل سوى على كم هائل من الكلمات المتقاطعة التي يصعب على الشيطان معرفة اولها او اخرها,صدقيني يا سيدتي اني اقرأ يوميا اغلب المقالات المنشورة في كبريات الصحف العالمية وبلغاتها الاصلية,الا اني لم يسبق ان قرأت مثل هكذا موضوعات ساذجة
أرحمونا
محمد المشاكس -كلام من فوق الأساطيح وكما قال الأخ منوشهر لأعربي أو غير عربي قادر على فهم هذا الكلام المنشور أعلاه وكما قال الأخ ياقوبلو رجاءً اكتبوا عن مواضيع جديدة وبإسلوب أقله أن يكون سلساً ومسلياًِ لأن الفائدة المعرفية لكلام كالمنشور أعلاه إما صفر أو مفعول سلبي لأنه يؤخر القارئ ولايقدمه. يشعر القارئ بالإحباط لأسباب عديدة عند وبعد تضييع وقت على كلام هلامي كالمنشور أعلاه
نعم ولكن
بهاء -أوردت الكاتبة بعض الأفكار المطروحة منذ زمن على طاولة النقاش وهذا بحد ذاته أمر مطلوب أحيانا لتجديد النقاش، لكن للأسف بدون تجديد أو تبسيط للموضوع. أتفق مع النقاط الثلاثة الأخيرة: لا أحد يمتلك الحقيقة المطلقة، الذات الواعية هي أساس الحكم الأخلاقي، الأفراد متمايزون رغم انصهارهم بمجتمع إنساني واحد. لكن هناك تناقضات بالصياغة أحسب أن الكاتبة لم تدققها مثل ((وحدة الوعي عبر مجموعة الأفكار)) مما يناقض ما بعدها، وعنوان الفقرة الثالثة يناقض مضمونها وأعتقد أن المقصود -الإيمان بفردية الكائن الإنساني- وليس بقدره. ونكرر طلبنا من إيلاف إجراء تدقيق نحوي ولغوي مستمر للحفاظ على مستوى القراءة.
يا أمة ضحكت
جمال محسن -الجهد الذي تقدمه الأستاذة الفاضلة كريدية ، يدل على وعي عميق وجهد استثنائي، وقراءة معمقة للأدبيات الفكرية العالمية، ولكن لو كان هذا الطرح قد جاء مذيلا باسم فرنسي أو إنكليزي ، لكانت التعليقات من نوع آخر، الرائعة كريدية لا تتوقفي عند الجهال الذين لا يقرأوون، هؤلاء فتح الله عليهم باب التعليقات، لينفسوا عن عقد الاحباط والسوداوية المقيتةالتي تأصلت فيهم، وإلا ما معنى هذها اللغة المتدنية والتي تعبر عن سوقية وقلة تهذيب، اختلف مع الكاتبة ، ولكن بأدب وذوق، لا بتسفيه وشطب، أنتم مجرد رواديد فاصمتوا أو اصمتوا خلصنا الله منكم ومن جهلكم وظلاميتكم واحباطاتكم التي لا تنتهي، علقوا على مقالات خضير طاهر فهذا يناسبكم جدا، وبمستواكم الرفيع
تعليق
أبو سفيان -دفعني النص والتعليقات لتوضيح بعض الأمور آملا أن يتسع صدر الجميع لبعض النقد : أولا : يبدو لي أن المعلق جمال محسن عبّر في تعليقه عن وجع وغضب داخلي عنيف إعتراه(أو إعترى الكاتبة بسبب التعليقات الجارحة والغير مبررة ) وحاول الثأر لذاته الجريحة عندما قال : إصمتوا خلصنا الله منكم ..ثم وجد بلسما لجرحه من خلال جرح الكاتب خضير ونعته بالضحالة، قد أفهم غضبة الكاتب ( ة ) لكني أرى تعميما في حكمه فقد ظلم الأخ بهاء( دون وجه حق ) ثانيا: أعترف أن رد بعض الإخوة إتسم بوقاحة نسبية، فالنص في عمومه هو دعوة لوداع العقل ( الغريزي الإنفعالي )ودخول عصر العقل الفلسفي. وهو نص يدعو إلى فكر تأسيسي( على مبادئ الفلسفة العقلية( الديكارتية) وفلسفة الأخلاق ( الكانتية ) نص يدعو لعصيان سلطة (النص المقدس )وأحادية الحقيقة ( لكن الكاتبة لم تقل الحقيقة العارية بل إستخدمت تقنيات عربية هلامية ركيكة، ( بسبب ضمور الفلسفة ونحوتها الدلالية في لغتنا ) ناهيك عن الميل إلى لغة التقيّة والتورية! أخيرا أعلم الأخ بهاء إن السبب وراء غيابي تعثر تعليقاتي بين الفينة والأخرى بسسب تحرشاتي المستمرة ( بالخطوط الحمراء للبتردولار ) مع التحية
عمق في الطرح
ريحاني -ان الكاتبة تطرح القضايا بعمق فكري فلسفي واضح محايد بعيد عن ردود الفعل كما اشارت هي في بداية المقال والمتابع لمقالات الكاتبة يلاحظ ذلك و في مقالات سابقة تناولت باسهاب موضوع "مستويات الواقع والوحدة الوجودية" على اية حال فإن هذا النوع من المقالات غير مرغوب عند العرب وانا اعيش في اوروبا واستطيع ان اقول انها لو تعاملت مع مراكز الابحاث والدراسات الاجنبية لكُّرمت لانها جديرة بالاحترامولوجدت من يرعى الابداع والتجديد
الكتابة والفكر
محمد المشاكس -العمق فلسفي الذي تكلم عنه الأخ ريحاني غير موجود في المقال المنشور أعلاه والوعي العميق الذي تكلم عنه الأخ جمال محسن غير موجود في المقال المنشور أعلاه وإنما صف حكي كما كانت تقول والدتي وآستفاد من التعليقات أكثر من المقال ومعظم التعليقات المنشورة أعلاه تعبر عن عمق فلسفي ووعي عميق