تصريحات ساويرس والتفاؤل الحذر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
خيط رفيع يربط بين هدم تماثيل بوذا بأفغانستان وضرب برجي مركز التجارة بنيويورك 2001، بين الرسوم المسيئة للرسول (ص) والفيلم المسيئ للسيد المسيح، أسلمة وفاء قسطنطين وتنصيرمحمد حجازي، تبادل الهجوم علي الإسلام والمسيحية بالتناوب في غرف الدردشة والشات والفضائيات، تحجب بعض الفنانات وخلع الحجاب مرة أخري، تصريحات فاروق حسني ونجيب ساويرس بشأن الحجاب.... في عبارة واحدة: " زعزعة اليقين والمستقر والثابت في مجال الوعي "، وتبديد الأوهام والمخاوف والأساطير، وملامسة مناطق الحساسية الدينية الملتهبة، واقتحام المحرمات والتابوهات التي عششت أكثر مما ينبغي.
وأثبتت الأيام والأحداث صدق مقولة " كلود ليفي شتراوس " بأن: " وجود الأشياء المقدسة في أماكنها هو ما يجعل منها مقدسة، لأنها لو انتزعت من أماكنها، ولو فكريًا، لتدمر نظام العالم بأكمله. لذلك فالأشياء المقدسة تسهم في إبقاء العالم على ما هو عليه، باحتلالها المواضع التي وضعت فيها ".
لقد أدي ثبات واستقرار واستمرار التابوهات وطغيانها في مجتمعاتنا إلى نتائج خطيرة تبدت في أسر العقل وإلجامه وإبطال نشاطه وجعله مثل الإسفنجة التي تتقبل ما يقدم أمامها بغير تمييز أو انتقاء، من فتاوي واشاعات وخوارق ومعجزات، وأصبح المناخ كله مشبعا بالحساسية الدينية المفرطة، وأنعدم التمييز بين التقوي الحقة والمظاهر الدينية التزيدية، بل وأصبح لدي الأفراد والجماعات قابلية شديدة للثوران فجأة، إلي درجة لا مثيل لها من الانفعال الديني، من رسم كاريكاتوري هنا أو كلمة مسيئة هناك.
ويبدو ان تسيد نغمة واحدة متكررة، أستأثرت بالخطاب الإعلامي واستحوذت علي الرأي العام في أماكن العبادة ومؤسسات التعليم، منذ السبعينيات وحتي مطلع الألفية الثالثة، تحتكر الحقيقة والصواب ومفاتيح السماء والغيب، وتخلط دوما الدين بالسياسة، وتجعل المظاهر الدينية الشكلية جزءا من الدين والتدين النقي، جعل من الصعب - إن لم يكن من المستحيل - سماع نغمة أخري أو بالأحري نغمات أخري.
قبل أيام دخل رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس على خط الجدل المثار حول قضية الحجاب، مفجرًا موجة من الانتقادات على خلفية تصريحاته التي قال فيها إنه يشعر بالغربة عندما يسير في الشارع المصري بعد أن أصبح مثل الشارع الإيراني، وأنه لم يعد يسلم على المحجبات إلا عبر الطريقة اليابانية "من بعيد لبعيد".
وهذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها الملياردير ساويرس علنًا عن قضية حساسة تثير الرأي العام في مصر دائما، سواء كان من يطرحها من الوزراء أو الفقهاء، من الأدباء أو العلماء، فما بالك وهو " قبطي "؟!
لكن اللافت للنظر أن هذه الانتقادات لساويرس كانت أقل حدة ورعونة من ردود الأفعال علي فاروق حسني وزير الثقافة الذي اعتكف في منزله بعد هجوم شرس طالبه بالإستقالة أو تقديم الأعتذار علنا للمحجبات، وذلك في جلسة تاريخية لمجلس الشعب المصري، تباري فيها الجميع بالهجوم بلا استثناء.
ورغم ان المخرج من هذه الورطة اللسانية أمام الرأي العام كان متشابها عند رجل الأعمال والوزير، وهو ألقاء اللوم " فقط " علي انتشار الحجاب الإيراني والخليجي في الشارع المصري، فإن انخفاض درجة الحساسية مع ما صرح به ساويرس يطرح جملة من علامات الأستفهام الممزوجة بالتفاؤل الحذر، منها:
هل رجل الشارع العادي بدأ يعتاد - ولأول مرة منذ سنين طويلة - وبفعل الميديا ووسائل الأتصال الحديثة، سماع نغمات جديدة لم يألفها من قبل، صادمة وجارحة ومحرجة في البداية، لكنها بمرور الوقت والتكرار والتراكم، فقدت غربتها وحساسيتها وسخونتها، في نهاية 2007؟
لقد اتاحت وسائل الإعلام والاتصال المعولم فرصا متكافئة ومتوازنة لكل التيارات والأتجاهات من أقصي اليمين إلي أقصي اليسار. وملأت الفراغ الناجم عن غياب الحرية في مجتمعاتنا علي مستوي الفعل والممارسة، وان ظلت قضية الحرية عندنا هي أم القاضيا.
فبينما نجد أن مناخ الحرية في الغرب العلماني علي سبيل المثال، هو الذي يسمح لرجل الدين بأن يشارك برأيه في القضايا العامة، مثل الاستنساخ والخلايا الجذعية والبيئة والمرأة وغيرها من القضايا، ثم يخرج عليه من يهاجمه وينتقده سواء من رجال الدين المختلفين فكريا معه أو من العلماء والمفكرين العلمانيين، كل ذلك في مناخ من الحرية والديموقراطية، يحترم العقل والمنطق والحوار، ويؤمن بالحقوق الإنسانية الأساسية كحق الاختلاف وحق الخطأ أيضا، نجد الأمر عندنا علي العكس تماما.
أي رجل دين يستطيع أن يكفر الرأي المعارض والمختلف معه، لأن السلطة التي يستمدها رجل الدين في مجتمعاتنا التي لم تتعلمن بعد، "فوق الحرية " أو قل إن هذه السلطة هي التي تحدد مساحة الحرية وضوابطها، في مختلف نواحي الحياة، وهذا يتماشى تماما مع المساحة ذاتها التي تريدها السلطة السياسية.
أستاذ الفلسفة جامعة عين شمس
dressamabdalla@yahoo.com
أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية
التعليقات
يعيدون حساباتهم
د. رأفت جندي -فتاوي مفتي مصر وبعض من مقدمي برامج التلفزيون مثل بسمة وهبة اظهروا امام العامة ان الفقهاء المبجلين لا منطق لهم ولا اقناع وجعلهم يعيدون حساباتهم في كل مسلماتهم السابقة.
تحليل صادق
عمرو اسماعيل -تحليل صادق وقيم يا دكتور عصام .. ونجيب ساويرس كقبطي ليس وحده من يحس بالغربة في الشارع المصري الآن ...هناك أيضا الكثير من المسلمين ولكنهم يخافون التعبير عن رأيهم علنا..
مصري اصيل
الخواجه -مقال ممتاز يا دكتور .. و اعتقد ما يجدث هو شيئ ايجابي لان الصنم الفكري للمجتمع بداء يتشقق . و دعاة الرجعيه و الثبات هم في حالة دفاع عن النفس و دفاع عن البقاء .ولن يستمروا كثير اهكذا . التطور التكنولوجي و المعلماتي و الاعلامي لن يستطيعوا ارجاعه او حتي الوقوف ضده . فابشر
THE END
حسين -دكتورنا العزيز هذه هي النهاية ، تهاية الجهل واللعب بالنار .. الدين يعني .. الناس زهقت من الدنيا والآخرة كمان . مقالك مفعم بالأمل والتفاؤل وهنيئا للباشمهندس ساويرس .
التفاؤل التفاؤل
هيام ابو السعود -والله ما في أجمل ولا أحلي من كده علي الصبح مقال جميل راقي مقتع يربط اللاشياء والاحداث ويستخلص معاني ودلالات أبعد منها .. شكرا دكتور وكل الشكر للمحبوبة دائما ايلاف
وطني مستنير
عاشق ايلاف -ساويرس رجل صعيدي وطني مستنير لا يخشي في الحق لومة لاءم قال كلمته وأجره علي الله وهي كلمة مؤثرة وستؤثر لأنها صادقة فالكل يعاني في صمت ويهمس في صمت . لكن هذا الرجل الشجاع دخل التاريخ بصراحته ووطنيته وغيرته علي بلده .. صدقوني حين قرأت هذا المقال زاد عشقي لإيلاف المنارة المضيئة المتوهجة .
انبلاج الفجر
مجدة أحمد -هل سينقشع ليل التكفير وإراقة الدماء والعنف والإرهاب بإسم الدين أشك رغم كل النوايا الصادقة !ابلاج الفجر يحتاج منا لجهد جهيد وعمل مستمر ومتواصل وتضحيات بلاحدود تصل الي حد الاستشهاد في سبيل مبادئنا وأفكارنا حينئذ فقط يولد التفاؤل ويتحقق الأمل ...
أستاذ الفلسفة
احمد صالح -حتما يجب ان نستمع له وننصت في صمت ونتعلم قدر الامكان من فيلسوف حقيقي بل واستاذ للفلسفة .. مليون تحية وسلام وزيهم شكر وعرفان .. محب للفلسفة
ساويرس
هاني المصري -تحت بحيرة قارون يتلجلج قارون هو وثروته وامواله الى سابع ارض لان الله اعطاه من الكنوز فى ارض مصر ما لم تسطع العصبة اولي القوة والبأس الشديد على حمل مفاتيح خزائنه , غير ان قارون و بدلا من ان يحمد الله طغى وبغى و افسد فى الارض ولما نصحوه - كما تنصح يا دكتور قوراين هذه الايام - اخذته العزة بالاثم وتنحنح وتبربر وقال : انما اوتيته على علم عندي! وخرج على الناس فى زينته ونسى ايام الفقر وايام تغريبة كبير العائلة فى ليبيا بحثا عن لقمة العيش حيث ان محافظة الفيوم مجاورة لواحة جغبوب وراح يستقطب الساقطات من المصريات للعمل عنده والنفخ فى بوقـه و تضليل الناس بلمعان الذهب وبريق الفضة فكانت النتيجة المنطقيـة ان خسـف الله به وبداره الارض واصبح عبرة للاجيال عبر الازمان!! ينشد من يزور الفيوم الان : فلفل هون .. فلفل هون .. قارون كمل المليون!! اكيد من دخل الشبكة .. شبكة قارون للاتصالات وشبكة قارون !!
نصيحة شنودة
بابا -ماذا لو عمل المسلمون بنصيحة شنودة- والتي جاءت في وثيقة نشرها العالم الجليل الراحل الشيخ محمد الغزالي في كتابه (قذائف الحق)-والتي حرض فيها شنودةالمسيحيين على عدم التعامل مع المسلمين بيعاً وشراءاً إلا في حالة الضرورة...فماذا لو قاطع المسلمون شركة الموبايل التي يمتلكها ذلك المتعصب...
لا يفل الحديد
لا يفل -أشكرك سيدي على هذا المقال الهام...ولكن أليس من الأفضل الرد العملي على هذا فهو كرجل أعمال لن تثنيه عبارات ناقدة هنا وهناك بل دعوة من علماء ورجال يثق بهم الشعب لمقاطعة شركاته وبضائعه! والاستعاضة عنها بالمنافس الذي لم يجرح شعور المسلمين في بلدهم..أيا كان دين هذا المنافس..فلا يمكن أن نرد على اهانته بصب أموالنا في خزائنه...أتمنى أن يرد المسلمون ردا عمليا على الطائفي البغيض وأن يجعله عبرة لمن يتسافه ويتطاول على الأغلبية المسالمة بلغة المال اللغة التي يفهمها ويجيدها...وهذا الأسلوب أبلغ في الرد من أي أعمال تشنجية تؤذي ولا تفيد. والسلام عليكم
قارون !!!
المعلم الثاني -اسم قارون أطلقه العوام على بحيرة "موريس" كما أسماها اليونان والرومان بتصحيف الأصل المصري "مر-ور" أي البحيرة الكبرى...ويذكر أيضا أن الجهال عينهم الذين ربطوا بين قارون والبحيرة اخترعوا كذلك الأسطورة السخيفة عن uv,s النيل..قصة تصلح لخيال كتاب السينما لكنها كاذبة مختلقة اختلاقا.....أما أصل قارون فيعتقد أنه "كريزوس" Cresus الذي عاش باسيا الصغرى و ضرب به المثل في فحش الثراء ومات في قمة مجده....و بمناسبة الحديث عن منطقة الفيوم يجدر ذكر أصل اسم "بحر يوسف" الذي تسمى تبعا لصلاح الدين بن يوسف الأيوبي و لا علاقة له ب"يوسف النبي" الذي لا أثر له في الاف الكتابات التي وصلتنا من مصر القديمة كما لا أثر لموسى واخواته !!
الله يفتح عليك
هاني مبارز -الله يفتح عليك يا دكتور عصام كلام سليم يكشف كلام الأخوة الأعوج والملتوي والمتعصب ضد الرأي الآخر والفكر المختلف .. تصور بيطالبوا بمقاطعة موبينيل وشركات المعلم الكبير ساويرس وكأنه أجنبي عندهم ... في ارهاب أكتر من كده !!!
هههههههههههههههههههه
. -وبيقولوا مضطهدين
خروج الثعابين
هاني -هذا المقال اخرج الثعابين من جحورها .. الله يسامحك يا دكتور !!!!
زى الماضى اكثر تحضرا
سمير -تحية رقيقة لكاتب المقال ومثلها للمليادير المصرى الشجاع انسى ساويرس الذى يقول الكلام دون مواربة او تزويق انه الصعيدى الصريح نعم هناك الكثيرين من المصريون اقباط ومسلمون منزعجون اشد الأنزعاج من هذا التخلف والظلامية التى سادت مصر وستؤدى بها الى المجهول ان الحجاب اصبح فعلا حجاب بين المصريين بين المثقفين والمتخلفين وبين المسلمون والأقباط ان الغرض من انتشار هذا الزى هو احداث الفرقة واظهار نوعين من الزى فى مصر فيصبح من السهل التمييز بين المسيحى والمسلم انى اوجه سؤال الى المتطرفون لماذا ظهر الحجاب فجأة اين كان من اهالينا خلال العقود الماضية هل معقول ان زى النساء فى الأربعينات كان اكثر تحضرا من القرن الحالى!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
شكر وتقدير
hani -أشكرك أيها الملياردير الممصري البارع في القتصاد ، ولكن عليك أن تراعي عقول المصريين ، فهي لم تصل لمستوى عقليتك النابغة.