الفلسطينيون أو: حُصّاد الهشيم!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
شيء أقرب إلى اللعنة، هذا الذي يحدث قبل وبعد انقلاب حماس. تلتقي بأحد الأدباء المستقلين قولاً وفعلاً، وتسأله: لمَ لم نقرأ لك رأياً فيما حدث؟ فيردّ بعفوية مذهلة: وأنا مالي؟ تقول له: إذا كنتَ أنت غير معنيّ، فمن هو المعنيّ؟ يجيبك سريعاً: من أكلوا الثمرة كلها تقريباً، ولم يتركوا لأحدٍ شيئاً، هم الأولى بالدفاع عن مصالحهم. أنا لا مصلحة لي، لا في العهد السابق ولا اللاحق. أنا من الجالية الفلسطينية التي تعيش داخل فلسطين. هامشي ومُهمّش في العهدين، فلمَ أدافع عن شيء أو قضية خانها أول ما خانها أصحابها؟
المؤلم في جوابٍ كهذا، وبهذا المنطق، وضمن دفتر أحوالنا في الداخل الفلسطيني، أنه صادق ومفهوم تماماً. فالعهد السابق [بالتأكيد بإمكاننا إطلاق هذه " الصفة " منذ الآن على حكم فتح الذي استمرّ قرابة 14 سنة في القطاع، وانتهى أخيراً بفوز حركة حماس في الانتخابات ثم بسيطرتها العسكرية] هذا العهد لم يترك لمثقف وطني وإنساني حقيقي، أية فرصة لكي يدافع عنه. فهو عهد، وكما يعرف القاصي والداني، مثقل حتى التخمة بتركة هائلة من الفساد والإفساد. ويفتقر إلى الحدّ الأدنى من المصداقية سواء في الفعل أو في القول، إلى درجة أنّ مَن وقفوا إلى جانبه، هم تحديداً مِن فئة (المثقفين بدرجة موظفين)، أما غيرهم، ممن يحترمون أنفسهم وتاريخهم، وقبل ذلك عقل القارئ، فقد وقفوا بعيداً، ودفعوا الثمن عن طيب خاطر. فهذا عهد بائر جائر، متخلّف، ينظر إلى الوطن والقضية، من منظار المصلحة الشخصية فقط. ففلسطين عندهم هي مشروع استثماري، ومحطة إقامة عابرة، كالفندق، ما إن يحين الأوان لمغادرته، حتى يحزموا شنطهم ويغادروا دون أسف.
لقد بلونَا أنماطاً عديدة من هؤلاء الرجال والنساء. فلسطينيون بالمولد فقط، فلا انتماء حقيقياً، ولا عمل جادّاً، ومع ذلك، يا ويلك لو تكلّمتَ أنتَ عن خللٍ ما أو فضيحةٍ ما أمامهم، فحينها يزاودون عليك، بحناجر من أغلظ ما خلق الله ولم يخلقِ، لتطلُعَ في النهاية، ودون أن تدري، عميلاً لإسرائيل أو شيئاً من هذا القبيل!
الآن وقد وقعت الواقعة. الآن وقد حصل ما كنا نحذّر منه ونخشاه ونرى نُذره في الأفق [بل نكاد نلمس هذه النذر لمس اليد والعين] الآن يقول بعضنا، وبعد أن وقعت الفأس في الرأس: أنا ومن بعدي الطوفان. إنها ثقافة اليأس حدّ العدم وقد انتشرت انتشار النار في الهشيم. ثقافة عدمية شملت المثقف قبل غيره، والعالِمَ قبل الجاهل.
فلا فتح، عبر عقد ونصف من الزمن، ومن تجربة الحكم العيانية على الأرض، تصلح لأن تقود شعباً مثل شعبنا، ولا حماس بالطبع. فالأولى فاسدة والثانية تعيش خارج عصرها. أي: وسوى الروم خلف ظهرك رومٌ / فعلى أيّ جانبيكَ تميلُ!
إنني أتفهّم منطق صديقي الكاتب المستقل. لأنني مثله، لا أحترم سلطة كانت تصرف على وزارة الثقافة [ولا تنسوا أننا ما نزال نعيش تحت بساطير الاحتلال] إثنين في الألف فقط من موازنتها العامة. وحتى هذين [المسخوطيْن]، بعد خصم المرتبات وإيجار العقارات، فإنهما لا يكفيان لإقامة مؤتمر في السنة أو مهرجان! فماذا تفعل سلطة تحكم أربعة ملايين فلسطيني ونيّف، ب 150 ألف دولار مرصودة للثقافة في السنة. في السنة؟ يا للمسخرة. إنّ هذا المبلغ الأضحوكة، تصرفه السلطة ذاتها سفريات وبدلَ سفريات على واحد فقط من بين آلاف موظفيها الكبار! فانظر كيف تنظر سلطة في مرحلة تحرر وطني وفي مرحلة بناء دويلة من الأنقاض إلى الثقافة والمثقفين في بلادها.
لقد كانت سلطة عسكر وعسكريتاريا في الأساس. فهل يستطيع مثقف محترم، أن يدافع عن عسكر، فقط لأنّ عسكراً آخرين، أزاحوه وجلسوا مكانه؟ إنه ضدّ الاثنين معاً. والخلاف فقط في الدرجة لا النوع.
خلاصة القول: إنّ الشعب الفلسطيني ليس في أزمة بل في تيه. فالأزمة يمكن أن تعبر وتمرّ. لكن التيه تيه. شيء هو العماء ذاته. فقدان البصر والبصيرة. ضياع المشروع الوطني والثقافي. اللاأفق. النفق المعتم. عدم القدرة على الإنصات لذبذبات المستقبل، بعدما فقدنا القدرة على تلمّس وقراءة الحاضر _ على سماع صرخات الفعل المضارع.
هذا هو حالنا ومآلنا، مثقفين وغير مثقفين، بعد قرن من المآسي والعذابات.
لقد حصدنا الهشيم والهشيم لا غير.
فهل يمكن، منذ الآن والتوّ، أن نستبدل كلمة [الشعب الفلسطيني] بكلمة [حُصّاد الهشيم]؟
عن نفسي، سأعتصم بيأسي الأصدق من كل أمل، وسأستبدلها!
أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية
التعليقات
مرحبا بعودتك يا باسم
أحمد أبو مطر، أوسلو -أخي الكاتب المبدع باسم النبريصمرحبا بعودة إطلالتك من خلال بيتنا الجامع إيلاف..كنت أفهم غيابك الشهور القليلة الماضية، وافهم عودتك ألآن..أكتب يا باسم فمن يكتب ويده في النار غير من يكتب وهو يحاول تخيل حروق اليد التي في النار..مرحبا بك و أنا متأكد أن كثيرين من كتاب إيلاف وقرائها يقولون لك معي..مرحبا بعودتك منطلقا من حصاد الهشيم الذي عمل الفتحاويون والحماسيون والشعبيون والديمقراطيوان والتحريريون على وصولنا إلى حريقه عندما كانوا يعملون وما زالوا من أجل مصالحهم الشخصية والتنظيمية التي شخّصتها..مرحبا بك والمزيد يا باسم الذي غادرت البسمة وجهه ووجوه غالبية شعب حصاد الهشيم.
أهلاً بالعودة
خوليو -أضم صوتي لصوت المرحبين بك، واتفق معك بالكامل، الأزمة هي أزمة الإنسان العربي بشكل عام: ثورجي وفوضوي عندما يكون في الدرجات الأولى من السلم ، وعندما يصل لأعلى السلم ، يتحول لقامع ومتسلط وأناني، ينظر للوطن من خلال المصلحة الشخصية إن لم يكن متدين مواظب، أو ينظر للوطن كمسجد وشرع إن كان من أعضاء حماس وأخواتها، الخاسر الأكبر هو الوطن والمواطن،القلائل الذين يفهمون معنى الوطن صامتون، لأن سيل الأوطان الدينية هو المسيطر، هؤلاء المتدينون، وكما قلت حضرتك يعيشون في زمن آخر.
لا قلم دون حبر
إنجي -أستاذ باسم:مرحباً بعودة الكتابة-ولكن نأسف لوصفها كئيبة!-بعد إنقطاع إعتقدناه-يتبعه عودة صحية-بالرغم أنك لا تبالغ فيما ذكرت-ولا أظن أني ظالمة ومبالغة أكثر-إن قلت على إسرائيل المحتلة القول عن الساسة الفلسطينيون هم (ساسة خُلِقوا لنا)!-أنتم أيها الفلسطينيون-مُرهَقون-ومُرهِقون-وأرهقناكم-وأرهقتموني كمصرية في صباي وشبابي(وإنه إرهاق وراثي)-لك أن تعود بعودة قوية شجاعة ولا تكن مثقفاً كسولاً-وأخشى إن كنت سأصاب بعدوى الكسل-إن إكتفيت لكم بأمنيتي..(بالكاميكاز)-تحياتي0
اهلا بعودة الشاعر
بولين -اهلا بعودتك ايها الشاعر العبقرى والله ايلاف اليوم تشع نورا وانا اضم صوتي لصوتك وأستبدلها بحصاد الهشيم وكلنا أمل ان يسترجع الشعب الفلسطيني بصره وبصيرته وتحياتي لك وياريت ما تحرمنا من جديدك
مرحبا بك
سعد الله خليل -مرحبا بك وبعودتك أستاذ باسم. آلامك آلامنا وتطلعاتك تطلعاتنا.
مرحباً بك
ناطق فرج -أهلا بك وبعودتك يا باسم.
أضىء لنا الطريق
احلام أكرم -غلبتني دموعي وأنا أقرأ كتابتك . وكما قال الأخ أبو المطر أكتب .. فالذي يدة في النار ليس كمثل الذي يتقحص الحروق.. أنا مثلك تعبت ويئست بعد زيارتي الأخيرة في سبتمبر وأحاول قدر المستطاع إستجماع أي بارقة أمل .. تحياتي القلبية لك ولكل أبناء بلدي..
للحقيقة فقط
احمد/غزة -الكاتب باسم النبريص يحظى بمقاطعة كبيرة من مثقفي غزة وبالتحديد من اقرب الناس له وذلك لانه هادن حكومة حماس وقبل على نفسه ان يعمل تحت ابط وزير الثقافة عطا الله ابو السبح.. وفي هذا المقال هو لم يقل شيئا يدين حماس فحماس تقول عن نفسها انها تعود الى الماضي وغازي حمد اد كبار مسؤولي حماس يصف ما فعلته حماس بالانقلاب... فما هو الجديد في هذا المقال... ارجوا من القارىء الكريم ان لايفهم من كلامي هذا دفاعا عن العهد السابق وانا أول من اطلق هذه التسمية على نظام فتح المنصرم..ولا داعي للبكاء على اطلال النظام السابق ويكفي ان نقول لهم ما قلته ام عبدالله الصغير وهو يبكي على اخر ممالك الاندلس اذ قالت: ابك مثل النساء ملكا مضاعا .... لم تصنه كالرجال......
الإقامة في الحقيقة!
نصر جميل شعث -كنت أقدّر الخطر الفعلي الذي منعك عن الكتابة، ولكني حتى قبل يومين كنت ألحّ أن تعود لإيلاف. فعودة كهذه هي ضرورية كوننا نكتب من الداخل. نرى ونلمس ممارسات الوحوش الفلسطينية بحق أنفسهم، ونتألم. أهلا وسهلا حيث الكتابة من غزة إقامة في الحقيقة. قبل يومين أرسل لي صديق من ألمانيا يسألني عن محاولات خروجي من غزة.. كتبت له(بخصوص محاولاتي للخروج من غزة؛ هي متعثرة ورهن الأوضاع من إغلاق للمنافذ وعرقلة وانسداد أفق.. فليذهبوا جميعًا: حماس، إسرائيل وفتح للجحيم في عربةٍ واحدة وضقّقة، بحجم فلكس فغن، كي يتزاحموا داخلها ويتقاتلون زي ما بدهم في طريقهم- للجحيم طبعًا.
مشكلتنا الحقيقية
رمضان عيسى -أهلا بك على صفحات الاف . ان مشكلة شعبنا الفلسطيتى_ الهشيم _فى قادته /فلم بوجد حتى الآن قادة فلسطيتيون مناسبون لمراحل النضال الطويل الذى مر به الشعب الفلسطينى / والقادة الموجودون لم يستطيعوا التكيف المراحل النضالية ولا طرح الشعار المناسب لكل مرحلة / فكانوا دائما متخلفين ، فكان الشعب باحساسه أكثر اداكا لكل مرحلة من القادة ، وهذا كلفنا كثيرا من الدماء والزمن ،والزمن عند القادة الفلسطينيون ليس له قيمة ، فهم لم يتعلموا من مانديلا ولا من هوشي منه ولا من ماوتسى تونغ كيف كانوا يطرحون الشعار المناسب وماذا فعلوا حينما وطأت أقدامهم أرض أوطانهم وكيف علموا وزرعوا فى المناضلين نفسية وعزيمة البناء وليس الهبش وزرع نفسية التاجر بدل المناضل ، وبالمقابل نفع الآن تحت نفسية العسبية الحزبية واخراج الآخر أي اخر ،خارج عن الوطنية ومن ليس مكتوب معي فهو لبس بوطنى ،هذه هي مشكلتنا ، ولا حل ,,,,
تعليق
عصام -الأخرون يأسفون على الشعب الفلسطيني ليس لأنه مظلوم فقط بل لأنه ظلم نفسه ايضا