جبران تويني شهيد الحب في زمن الأحقاد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الذكرى الثانية لرحيلك يا جبران، الذكرى الثانية للألم والفظاعة والفراق، الذكرى الدائمة للاستنكار والشجب.. الذكرى الحاضرة على مدار التقويم السنوي، على مدار الأحداث التي لا تزال في قبضة اللاعبين والمراهنين والمداهنين والمتاجرين والباعة، وكم تفتقد جميعها صوتك وحضورك وجرأتك وقسمك الشاهد يا جبران، خفّت الأصوات الحرّة من بعدك يا جبران، إلا أصوات المزايدات، وأصوات التهديد والوعيد والنفاق والمهاترة، بهتت الصورة من بعدك يا جبران إلا صورة الكيد والغيظ والغل والغضاضة، عامان مرّا ونحن نلملم أحزاننا ودموعنا وغصّاتنا وآهاتنا بكامل الصمت والترقّب والحذر الشديد والشلل التام الذي أصاب مفاصل الوطن ومفاصل أرواحنا على حدّ سواء، خرج من خرج من لبنان ولم يعرف الاستقلال بعد، مات من مات في سبيل لبنان ولم يصل الحرية بعد، ودعم من دعم لبنان ولم يعرف السيادة بعد، أهي أحجية يا جبران تلك التي ناديت باسمها وناضلت باسمها وقضيت باسمها، أهي الحقيقة فعلا تلك التي أعلنت لأجلها حبّك المميت وعشقك القاتل؟ أهي المغامرة؟ التطرّف؟ العناد؟ المشاكسة؟ الطيش؟ المسؤولية؟ الالتزام؟.. أهو الوطن؟...
الوطن الذي صار محطة إقلاع لهجرة متواصلة، الوطن الذي اتفق الجميع على تمزيقه، الوطن الذي دخل عصر السُبات الاقتصادي، والفراغ الدستوري، والجليد الاجتماعي، والغيبوبة الوطنية، والشعار الضمني لكافة أشكال الحراك.. "المصلحة أولا ".. المصلحة التي صارت فوق الجميع يا جبران، فوق الدماء، والأضرحة، والحقيقة، والسيادة، والاستقلال، والحرية، والشعب، والكرامة، فلا شيء يضاهي المصلحة اليوم يا جبران وليتها تولي اعتبارا للمصلحة العامة، هي محض مصالح شخصية لا تتسع لشعب أو لوطن أو لكرامة أو لسيادة، وأطماع لا طموحات يُمكن أن يشتمل بها شعب أو وطن أو حرية أو حضارة، هل أوجزت لك الصورة يا جبران، هل اكتمل لديك المشهد الذي أسست له بدمك ودم من رحلوا على دربك يا جبران ولم تشأ له يوما بالتأكيد أن يكون على تلك الشاكلة؟
أجزم أنه لم يكن في نيتك أن تخذل أحدا برحيلك المبكر يا جبران، ولم يكن في نيّة الذين احتشدوا ليرددوا قسمك، النأي عن الساحة التي لا تزال تحمل صدى صوتك وملامحك، الساحة التي احتلتها المعسكرات الوهمية، والاعتصام الممل، الداعي للتفرقة، والتمييز، والفرز، والتقسيم. المعسكرات التي تحاول ما بوسعها أن تخمد صوتك وتمحو بصماتك وإطلالاتك وهالاتك المشرقة. يا ابن أبيك، يا ابن الغسّان الذي تابعناه متّقدا فيك، ونتابعك مشتعلا في طيات حروفه وحضوره وحنكته وحكمته وحبّه وحنانه وحفيدته الواعدة، ابنتك... سرّ أبيها وسروره دون ريب.
نطمئنّ لصوتك الراسخ فيهم والساكن فينا جميعا، نطمئن لصوت أبيك الباني لعقيدة الإيمان فيك، الإيمان الأقوى من كل الرغبات المرسومة لفتق لحمة المدينة، وهتك حرمة الوطن، ولا بدّ من القول أن المسلمين الخارجين من عهدة الأحزاب قد سلموا ربما، والخارجين عن طاعة الأحزاب هم قيد الدرس وإعداد الخطة الحاسمة للتأديب، أمّا المسيحيين فهم وللأسف في خبر كان وأعوانه الضامنين، أو في ذمّة الأرز ثائرين، هامدين، أمّا الفتنة وما أدراك.. فهي نائمة بين الجميع لعن الله من يهدد بإيقاظها على متن منبر وآخر.
أتصفّح النهار، أتأمّل الديك الذي سألتك عنه ذات حوار، أتوجّه نحو سيارتي، أتحرّك دون تردد عبر تلافيف الأزقّة الخاوية، سيارات مسرعة تمضي على حذر، أتوقف تحت وابل من المطر الشديد، أتأمّل مبنى النهار، محياك الذي يتصدّر الجدار الشاهق، يدك الممدودة لمصافحة الجميع، كل الداخلين إلى مبنى النهار يشعرون بامتياز مضاعف أنهم ينتمون إلى ذاك الصرح المترف، يحملون بطاقاتهم الخاصة لفتح الأبواب والمصاعد والنجومية المستجدة، يتذكرون كل شيء، مكاتبهم، ملاحظاتهم، أجندة مواعيدهم، فناجين القهوة، جوّالاتهم، والأرقام الخاصّة المتكررة عبر السنترال الكريم، رسائلهم الألكترونية إلى أنحاء العالم والشهرة، وقد فاتهم في غمرة هذا كله، أن يلتفتوا إليك ليردّوا التحية، أو ليباغتوك بتحية أحسن منها. كل ذكرى وأنت بخير، وكل موقف وأنت جبران الذي سنحتاجه ونستحضره على الدوام.
www.geocities.com/ghada_samman
gaidoushka@yahoo.com
أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه
التعليقات
منارة نور تشرق سماء
فيض الحق- نيودلهي -اشكرايلاف لنشرهذا المقال عن جبران تويني. و اهنئ محرري هذا الموقع لانهم نشروا حول هذا الموضوع مقال الاستاذة غادا فؤاد السمان التي تذكرت الاعلامي الكبير هذا اليوم. في الحقيقة هي من اللاتي فهمن مشاعر تويني و معالمه في الاعلام.مقميا في مكان بعيد جدا من العالم العربي, كانت صفحات صحيفة النهار التي تعرفتني عن جبران تويني قبل بضع سنوات فقط. لكن يوما ما صدمني خبر كان يبث على القنوات الدولية عن شهادة الرجل العظيم الذي كان من ابرز شخصيات عرفته في الاعلام العربي يدرس العالم حرية التعبير و احترام الرأي الاخر و حقوق الانسان و حقوق الشعب.منذ يوم- - على الرغم من اعيش في بلد بعيد جدا في جنوب اسيا- ارى الان منارة نور تشرق سماء الاعلام و الحرية و الانسانية. و في كل بريق ضوئها ارى وجه جبران تويني المشرق.اشكرك الغالية لكلماتك الثمية حول هذا الموضوع.
طربق الجلجلة)
شــوقي أبوعياش -المسؤولية الكبرى التي تركها الشهيد والنائب جبران تويني هو نداء القسم ليس للأب غسان وليس للأم ناديا وليس لابنته نايلة وليس للصحافة والإعلام فقط لكن لآباء وأمهات وأبناء هذا الوطن السائر على طريق الجلجلة منذ نشوئه . قسماً, قسماً , لن يذهب صدى صوته وصوت الحناجر التي رددته الجماهير من ساحة الحرية هباءً , سيبقى مدوياً حتى ساعة الحرية : نقسم بالله العلي العظيم , مسلمين ومسيحين أن نبقى موحدين وأن ندافع عن لبنان العظيم إلى أبد الآبدين , عشتم وعاش لبنان . عدونا الأول هو الطائفية , فلنغتاله قبل ان يغتالنا. هذه مسؤولية الشرفاء والمؤمنين بلبنان العظيم فمن يقبل على نفسه أن يتنازل عنها حتى إلى أبد الآبدين !!! وهذا القسم يجب أن يصبح قسم كل نائب يفوز بمنصب عن كل نائب شهيد , أي كان من يفوز في المتن وفاءً للشهيد لبيار الجميل واي كان من يفوز في بيروت وفاءً للشهيد وليد عيدو !!!!لأنه عندما فاز ألأب غسان بعد استشهاد جبران , قام من الرماد طائر الفينيق وفاز لبنان .
نقرأ لكِ بسماع
Thekra -جهاد الخازن قال عن جبران ( السياسة قتلت جبران تويني ولكن من قتله؟ )بغض النظر عن الأصابع التي تُشير لسوريا أو تُلمح لإسرائيل القضية لازالت على مائدة الجرح .. ست غادا هذه الدغدغات الجريئة لا تأتي سوى ممن قد كاشفنا بالدسائس الصهيونية ذات كتاب ..وإنتشلنا من عقمنا الثقافي .. قلمكِ يُسمع بقراءة ويُقرأ بسماع .. تحياتي لكِ يا صديقة ..