كتَّاب إيلاف

العقل الظاهر والعقل الباطن

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


هل سأل أحدنا نفسه ترى ماذا كان النبي محمد (ص) يصنع في غار حراء؟؟؟
لم يكن يملك آنذاك أي أداة من أدوات العبادة فلم يكن وقتها يعرف الصلاة ولم تكن قد شرعت؟
فماذا كان يصنع وحيدا في الغار؟ ويسلخ أياما وليال برمتها على مدى خمسة عشر عاما؟ حتى أتاه جبريل برسالة الإسلام؟
تروي كتب السيرة أن السيدة خديجة كانت تصعد إليه بالماء والزاد مما يدل على استغراقه الكامل بالرياضة الروحية التي كان يمارسها، فيمكث الليالي ذوات العدد، وكل سنة، وفي رمضان، حتى نزل عليه الوحي، فلو لم يصقل كل هذه الفترة، ما تلقى إشعاع السماء فارتسم، كما تنطبع الصورة على المرأة، مثل العالم الموازي أو عالم مضاد المادة!!
وفي علم الاجتماع يتم الحديث عن قيود ثلاث تقيد العقل البشري هي:
القيود النفسية والاجتماعية والقيود الحضارية...
وفي شرح القيود النفسية نتبين أن الإنسان يملك نفسا معقدة، فيها الكثير من الرغبات المكبوتة، والعواطف المشبوبة، والاتجاهات الدفينة.
والإنسان يدعي دائما أنه يفكر تفكيرا حرا لا تحيز فيه ولا تعصب ولكنه لا يعلم ماذا كمن في عقله الباطن من عقد وعواطف ونزوات خفية!!
وأصدق ما يقال في هذا الموضوع أن كلنا متحيز بقدر، ولعل أفضلنا طريقة هو من انتبه إلى أنه متحيز..
وفي هذا يقول المؤرخ البريطاني توينبي في أول دراسته لعلم التاريخ أن" المؤرخين يميلون إلى شرح آراء الجماعات التي يعيشون فيها ويكدحون منهم إلى تصحيح تلك الآراء"..
وفي مجال القيود الاجتماعية نجد أن الإنسان مشدود إلى حيث انتمائه إلى الجماعة، أو الطائفة أو الطبقة، ولذلك فهو متعصب إلى حيث ينتمي، وقد يظن أحدهم أنه اعتنق دينه لأنه فكر فيه بموضوعية وحيادية ونزاهة، ولكن الضغوط الثقافية، وإكراهات المجتمع، تشكل الفرد وتبرمجه على نحو ساحق ماحق، ولكن لحسن الحظ لا يتنبه أحد لهذا إذا لفسدت حياته؟؟
كما أن العقل البشري خاضع لقيود حضارية، وهي القيود التي يشترك بها مع كل الجماعات داخل حضارة معينة، وهذه القيم تتغلغل في اللاشعور أو ما يسمى بالعقل الباطن..
والعقل الباطن والعقل الظاهر متعاكسان أو على طرفي نقيض؛ فإذا اشتدت فعالية أحدهما خفت حدة الآخر...
والعقل الباطن هو عقل الإيمان والعقيدة الراسخة، بينما العقل الظاهر هو عقل التفكير والحوار الذاتي..
وإنسان اليوم يعاني من مشكلتين: فهو أولا فقد نعمة الإيمان والعقيدة الراسخة؛ فهو يتفلسف أكثر مما يصدق ويؤمن، ولذا ضاعت من يديه قوى جبارة، وهي قوى العقل الباطن وحوادسه الخارقة (مجموع حدس).
وهي قضية اشتغل عليها كثيرا عالم الاجتماع العراقي (الوردي) في كتابه (خوارق اللاشعور).
والمشكلة الثانية التي يعاني منها الإنسان اليوم، هي تناقض العقلين في المنهجية؛ فهو يتحدث بشيء ويضمر آخر، ويهتف بالموعظة الحسنة، ويبطن نقيضها من الموعظة الفاسدة، وهو ما وصفه القرآن " وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون"
وتحكي كتب السيرة عن الرسول أن سر عبقريته في النجاح استخدام العقلين بقواه الخفية الباطنة والظاهرة المادية؛ فكان حكيما واقعيا بعيد النظر، حين يضع الخطط، أو يدير المعارك أو يسوس الناس؛ فإذا توجه نحو ربه نسي نفسه وانغمر في إيمان عجيب..
ويروى عنه أنه قبيل معركة بدر الكبرى، استشار أصحابه وأهل الخبرة، فعبأ جنده وأعد سلاحه، كأي قائد بارع من قواد هذه الدنيا، حتى إذا دنت ساعة النضال رفع يديه إلى السماء وأخذ يدعو ربه دعاءا ملتهبا حارا: يا رب إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض..
فهو في مرحلة الاستعداد غيره في مرحلة الهجوم، وهو بذلك قد جمع بين جنبيه النقيضين، وتحرر من المشكلة الأولى، وفي كونه الملقب بالصادق الأمين ما يدل على تحرره من المشكلة الثانية...
خمسة عشر عاما قضاها الرسول منفردا في غار حراء كي يتحرر من قيود العقل الباطن أولا، وتناقض العقليتين، ويثبت عبقرية فريدة في التاريخ، اعترف بها (مايكل هارت) فوصفه بالأول في كتابه الذي يتحدث عن الشخصيات المائة الأعظم تأثيرا في الجنس البشري..
وفي وصف جاء به المعري بأن المسلمين إما عقلاء لا دين لهم أو متدينون لا عقل لهم ونحن نريد متدينا بعقل فهل من رجل رشيد؟؟

إية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
كتاب ام فلاسفة
نزار -

المودة الجديدة التي دخل علينا بها الكتاب هي الفلسفة وياريت فلسفة صحيحة بل انه كما يقولون حشو كلام بلا معنى .. نرجو من الكاتبة في البداية ترك العقل البشري والتحدث عن عقل المسلمين وسوف اكمل تعليقي على ان المقصود هو عقل المسلم وليس اخر .. لو انها عكست نظريتها بشقيها العقل الباطن والعقل الظاهر فسوف تكون اكثر منطقية لان المسلمين لهم عقل ظاهر وهو عقل الايمان والترسبات التراثية وهو عقل ثابت مبرمج على شيء واحد وعقل باطن يدعوهم الى التفكير والتامل وهذا العقل ممنوع عليهم اظهاره حتى ولو بداخلهم لانهم (على نياتهم يرزقون) وهذا العقل يسمى بالدين .. نتمنى لو ان الكاتبة تطرقت لهذا الكبت على العقل الباطن ومنعه من الظهور لكنا رفعنا لها القبعات اما عن علي الوردي فاتمنى ان تقراي كتبه جيدا وتفهمي المغزى منها وخصوصا كتاب (مهزلة العقل البشري) فهو افضل ما ترجعين اليه في مقالك

التأمل والعقل الباطن
مغربي -

لا أحتاج أن أذكر الكاتبة بكتاب العقل الباطن للفيلسوف الامريكي جون كيهو و الذي خط فيه عصارة تجاربه الشخصية و الفلسفية المقارنة ...المهم هو أن هذا الشخص اعتزل الناس أيضا لوقت طويل و قد كان فقيرا معدما ...ثم بعد أن لقيت محضراته باعا طيبا و التي تميزت بالقوة العلمية و الفلسفية ,اشتهر الرجل و أصبح غنيا مترفا ...و أنا هنا لا أشبهه بأحد لكن أطرح السؤال / ألا يجب أن يملك الشخص آليات توجيه العقل الباطن مسبقا قبل أن يغوص في تأملات الكون مع العلم أن هناك أناسا لشدة ما تأملوا خرجوا الينا بالالحاد ؟و منهم العالم الفزيائي و الذي كان الاجدر أن يضع يده على ما يثبث ايمانه على الاقل بوجود الخالق . ريتشارد فايزمان عالم فيزياء أمريكي وحاصل على جائزه نوبل .عرفتم الاليات الان ..شكرا

ابو العلاء المعري
نزار -

لم يقصد ابو العلاء في شعره المسلمين فله بيتين لا يمكن فصلهما عن بعضهم لانهما مرتبطين معنويا وهما (هفت الحنيفةُ والنصارى ما اهتدت ويهود حارت والمجوس مضللةْ إثنان أهل الأرض ، ذو عقل بلا دين، واخر دين لا عقل له) وانت قلبت المعنى راسا على عقب فالواضح انه يعني كل هذه الاديان في جهة والدين الاسلامي في جهة ثانية

فوضى
بهاء -

عفوا أستاذة ناديا أنت تتناولين موضوعا هاما جدا لكن الطرح مختلط وفوضوي نوعا ما، وبه تقرير لحقائق وليس مناقشة حالة، فالتحليل النفسي والاجتماعي من أكثر العلوم عرضة للشك والأخذ والرد لأنهما يتعلقان مباشرة بأكثر الكائنات الحية فوضوية وهو الإنسان. واسمحي لي أن أقول لسوء الحظ وليس لحسنه أن الإنسان عموما لا يقر بحقيقة أن معظم معتقداته وسلوكياته هي وراثة وتعود لا فضل ولا ذنب له به، فلو أقر الناس بهذه الحقيقة لصلحت حياة الفرد والمجتمع أيضا والدليل الساطع هو ممانعة المجتمعات العربية لأي تطوير اجتماعي وسياسي وغلبة التمسك بما أورثه الآباء. كذلك من قال أن العقل الباطن هو الإيمانيات، العقل لباطن أو الأنا السفلى تجمع مرعب لكل ترسبات التربية القمعية ومحرمات المجتمع على الإنسان، وتقليص مساحته يعطي إنسانا متوازنا صادقا مع نفسه وليس العكس. أخيرا المعري قال أن الإنسان وليس المسلم فقط أحد اثنين ذو عقل لا دين له وذو دين لا عقل له!

الجواب
محمد القيسي -

جوابي لسؤالك هل من رجل رشيد؟؟ (وطبعا عقلك الباطن جعلك تستثنين المرأه وهذه مفارقه لانك امرأه) الجواب لايوجد هكذا رجل..فالعقل لايلتقي مع العقيده والدين ومن يدعي المزاوجه فهو كاذب ويتحاذق ..وهي مقوله في المنطق ان الاضداد لاتلتقي..قد نرى من يحاول ان يتجنب الاذى من المجتمع كما افعل انا حيث ادعي الايمان ولكن الحقيقه انه لو كنت اعيش في الغرب لجاهرت بعقلي وارائي بكل حريه وتحياتي

تمارين فكرية
خوليو -

لو عزلنا طفل منذ الولادة عن محيطه، وفقط وفرنا له مستلزمات الحياة البيولوجية من سوائل وطعام وبيئة حرارية للنمو ، ماهو المتوقع أن يصبح هذا الطفل عندما يبلغ النضج البيولوجي؟: يعجز عن النطق اللغوي، لايعرف شيئ عن الإيمان( لاتنسي حضرة الكاتبة وحسب النظريات الدينية أن الله خلق هذا الطفل وعقله)يعجز عن التفكير ولايتأثر بالمحيط الجديد بعد أن يتم نشله من العزل، مايسمى عقل باطني هو حشو تعاليم معينة تتلقفها خلايا الدماغ من الصغر لعجزها عن دحضها بحكم عدم نضج المستقبلات الدماغية وقوة العقل الإدراكية، ولكن عند البلوغ والتثقيف الثقافة الحقيقية النسبية، التي تتعارض مع الحشو في زمن الطفولة، يحدث الصدام الداخلي بينهما، وهناك من سمى الحشو بالعقل الباطني أو الدين بالفطرة الذي أثبتت تجربة الطفل المعزول بطلانها.

الدين..و..الفطرة 1
مغربي -

أقول لخوليو ...معنى كَوْن دين الإسلام دين الفطرة هو أنه :موافق لسنن الله تعالى في الخلقة الإنسانية؛ لأنه يعطي القوى الجسدية حقوقها والقوى الروحانية حقوقها، ويسير مع هذه القوى على طريق الاعتدال حتى تبلغ كمالها، ومعنى ولادة كل مولود على هذه الفطرة؛ هو أنه يولد مستعدًّا للارتقاء بالإسلام الذي يسير به على سنن فطرته التي خلقه الله عليها بما يبين له أن كل عمل نفسي أو بدني يصدر عنه يكون له أثر في نفسه، وأن ما ينطبع في نفسه من ذلك يكون علة سعادته أو شقائه في الدنيا والآخرة، فإذا فهم هذا وأدركه يظهر له أنه سُنة الفطرة وناموس الطبيعة، وإذا كان له أبوان -وفي معناهما مَن يقوم مقامهما في تربيته وتعليمه- على غير الإسلام يطبعان في نفسه التقاليد التي تحيد به عن صراط الفطرة.

الدين..و..الفطرة 2
مغربي -

النصرانيان يُنشِّئان ولدهما على التسليم بأن البشر خلقوا كلهم أشرارًا فُجَّارًا بمقتضى الفطرة، وأن نجاتهم وسعادتهم إنما تكون بالاعتراف بشيء واحد يجب القول به، والاعتماد عليه، وإن لم يعقل، وهو أن واجب الوجود الذي كان منه كل شيء، وبيده ملكوت كل شيء، قد اعتنى بأمرهم، وأعياه خلاص أرواحهم بغير ما أنفذه منذ زمن قريب لا يبلغ ألفي سنة، وهو أنْ حلَّ في بطن امرأة منهم واتحد فيه بجنين، فصار إلهًا وإنسانًا، ثم خرج من حيث يخرج الطفل ونشأ فيهم يأكل مما يأكلون منه، ويشرب مما يشربون، ويألم مما يألمون له، ويتعب مما يتعبون، ثم مكَّن شرارهم من صلبه، فصلبوه، وهو يصيح ويستغيث فلا يُغاث، ثم قُبِرَ ولُعِنَ ودخل الجحيم، وخرج منها لأجل الرحمة بهم وإنجائهم، ومع ذلك كله لم تكن طريقته هذه كافلة بعموم رحمته بهم، وإنما كانت خاصة بطائفة منهم، وهم الذين استطاعوا أن يبدلوا فطرتهم، ويسلموا بهذا القول تسليمًا.

الدين..و..الفطرة 3
مغربي -

معنى كوْن دين الإسلام دين الفطرة، وهذا هو الفرق بينه وبين أديان التقليد، وليس معناه أن المولود يولد عالمًا بالشريعة؛ فإن هذا ليس من الفطرة في شيء، وفسر كثير من العلماء الفطرة بالاستعداد للخير والشر والحق والباطل، ورواية مسلم هكذا:(كل مولود تلده أمه على الفطرة، فأبواه بعدُ يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، فإن كانا مسلمين فمسلم)

ما هو العقل؟
رمضان عيسى -

يولد الانسان بدماغ خالي من اية مفاهيم أو تصورات ، وشيئا فشيئا يبدأ باسقبال ما ينعكس على حواسه من مؤثرات من المحيط الذي يعيش فيه وهنا يبدأعمل الدماغ في خزن وتركيب وتنظيم معطيات الحواس على هيئة صور ومفاهيم ، وهذا رد كافي للذين يقولون بفطرة الدين كذا أو المعتقد كذا ،ففي غابة وجد انسان يعيش مع القرود وليس لديه لا لغة ولا دين لااسلامي ولا مسيحى ولا غيرة . ان العقل - من تصورات ومفاهيم ولغة -هو نشاط الدماغ الذي هو مادة عالية التنظيم ويتغذى هذا النشاط عن طريق الحواس والخبرة بنفسه ومن المجتمع الذي يعيش فيه ،فليس هناك من فطرة فكرية أو اعتقادية ، بل هناك فطرة غريزية فقط