خصائص الطبع العربي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
"الطبع هو الانفتاح المتناهي لوجودي مأخوذا ككل" بول ريكور الإنسان الخطاء[1]
من شب على شيء شاب عليه هكذا قيل في المأثور وقيل أيضا الطبع يغلب التطبع ويعنى ذلك أن هناك لكل شعب سمات أساسية تخصه ولكل أمة روح تساهم في بقائها منفردة في مختلف العصور وتحميها من الاختلاط مع الأمم الأخرى والذوبان فيها والانقراض والروح العربية منذ أبو القاسم الشابي لا حظ لها ولا نصيب من الخيال الشعري ولا تغوص في الباطن بحثا عن جواهر الأشياء ولا تطلب صميم الحقائق لتعبر عن سمو الفكر وقوة الإرادة و"لا تتعرف على طبائع الإنسان وآلام البشر" بل ترضى بالنظرة القصيرة الساذجة وتنصرف إلى الكيفيات الأولى من شكل ولون وجسد ووضع وسبب ذلك أن: " الروح العربية خطابية مشتعلة لا تعرف الأناة في الفكر فضلا عن الاستغراق فيه ومادية محضة لا تستطيع الإلمام بغير الظواهر... ومن هاتين النزعتين-الخطابة والمادية- كان لها ذلك الطابع الشبيه بالنحلة المرحة... ولذلك فهي أبدا متنقلة وهي أبدا حائمة" [2] من هنا يتبين لنا العربي ضعيف الخيال وقصير النظر ومتلهف على المادة محب للدنيا وفخور متباهي بزينتها ويميل الجدل ويكثر من الإطناب في الكلام دون الفعل ويجذبه سحر البيان ولا تؤثر فيه الحجة الدامغة ويهوى الترحال ويضجر من الاستقرار ويمل من الرباط.
يقول الشابي في الخيال الشعري عند العرب: " أما العرب فقد عرفتم لهم طبعا متسرعا عجولا وأرضا مغبرة كالحة لا يزالون يمشون في مناكبها... وما أحسب أن من عاش بهذا الطبع الجموح وتلك الطبيعة العارية بمستغرق في الفكر أو متعمق في الشعور"[3].
لقد انعكست هذه الطباع على الأدب العربي فجاءت صفحاته مادية تتكون من ألفاظ وتراكيب وصور ليس وراءها روح ولا فكر خالية من الحياة ومن سحر الجمال الطبيعي معبرة عن الغلظة والنزعة الجافة المتكونة من رنات ساذجة وبسيطة وسبب ذلك أن هذا الأدب يقدس الماضي ويعبد كل قديم لأنه يعتقد أن رداء القدم يكسبه مهابة الماضي وجلال التاريخ شعارهم هو: " من كان من حسن فقد سبقوا إليه وما كان من قبح فمن عنده"، ثم لأن فكرته خاضعة للفكرة الدينية فقد كان العرب ينظرون إلى الأدب كوسيلة من وسائل الدين لأنهم كانوا يتفهمون به الإعجاز في القرآن والحديث ويخلطون بين المبنى والمعنى وبين الحكم الفقهي والصورة الشعرية وبين السمع والعقل.
من جهة ثانية يتميز العربي بعشق صوفي للغته العربية لأنه كما يقول محمد عابد الجابري: "إذا كانت الفلسفة معجزة اليونان فان علوم العربية هي معجزة العرب"[4] وهذا العشق أوقعه في خطاب أبولوجي افتخاري تقصي فيه الذات الآخر ولا تكترث بالأغيار لأنه" حيوان فصيح والعربية جزء ماهيته"، "فالعربي يحب لغته إلى درجة التقديس وهو يعتبر السلطة التي لها عليه تعبيرا ليس فقط عن قوتها بل عن قوته هو أيضا ذلك أن العربي هو الوحيد الذي يستطيع الاستجابة لهذه اللغة والارتفاع إلى مستوى التعبير البياني الرفيع الذي تتميز به أما الباقي فهم أعاجم والأعجم: الذي لا يفصح ولا يبين كلامه ومنه: الحيوانات العجمى". [5]
ولما كانت كل لغة تؤثر في طريقة رؤية متكلميها للعالم ولما كانت العربية المجمعة والمقعدة فقيرة جدا بالمقارنة مع غنى اللهجات البدوية وإعجاز النص القرآني فإنها أثرت سلبا في تكوين العقل العربي وسهلت عملية التصادم بين أنظمته المعرفية الثلاث: البيان والبرهان والعرفان وهو ما أدى إلى انفجاره وتشضيه واستقالته وركونه إلى التقاعد المبكر لحساب النص المقدس والتاريخ الواقعي. يقول الجابري في هذا الصدد: " الأعرابي هو فعلا صانع العالم العربي، العالم الذي يعيشه العرب على مستوى الكلمة والعبارة والتصور والخيال بل على مستوى العقل والقيم والوجدان وان هذا العالم ناقص فقير ضحل جاف حسي-طبيعي، لا تاريخي يعكس ما قبل تاريخ العرب: العصر الجاهلي عصر ما قبل الفتح وتأسيس الدولة. "[6]
الخاصية الأخرى للعربي هي علاقته الوجودانية بالقرآن فهو النقطة المرجعية التي تكونت حولها جميع العلوم في حضارة اقرأ إضافة إلى أن المسلمين يرجعون كل مشكل يتعرضون له في حياتهم اليومية إلى كتابهم المقدس باحثين فيه عن حل له لأنهم يعتبرون هذا الكتاب محفوظ من قبل الله ويحتوى على كل شيء بما في ذلك علوم الدنيا والآخرة وأسباب السعادة الدنيوية والنعيم الأخروي وهذا الاتكال على النص المقدس يجعلهم في كل مرة يحكمون على الجديد الطارئ بمعيار القديم الراسخ ويقيمون الأحداث الحاضر بمعايير الزمن الأول وهي خاصية ماضوية تجعلهم يأسفون على ما فات ويتحسرون على العصر الذهبي وبعدهم عنه وبالتالي يمقتون الماضي والمستقبل لأنهما تقهقر وغربة وابتعاد عن الأصل والكمال.
غير أن طباع العربي في عصر العولمة انضافت لها خصائص أخرى أهمها السخط إزاء بالظلم قبل القيام للمطالبة بالعدل واحترام العنف واعتباره أهم وسائل النهوض والإسراع إلى النزاع والتباغض بين الأشقاء وسوء الظن بالناس وإيثار العداوة على الصداقة والانعزال على التوحد.
ربما المطلوب من العربي اليوم هو بناء الذات تحاوريا عبر فتح الانية على الغيرية والكف عن الترحال كنمط من الوجود في العالم وتدبير الاستقرار المدني في الفضاء العمومي باعتباره المجال المشترك المهيأ للعيش سويا ولصنع التحضر والتفكير في السلم باعتباره سياسة كونية وكمقام من مقامات المجتمع يبقي جميع الخصوم في مسافة عادلة من بعضهم البعض تمكنهم من المشاركة في تمني وانجاز عيش راضي مع الآخرين ومن أجلهم في إطار مؤسسات عادلة. "إننا لو بحثنا في أبقاه لنا العرب من تراث أدبي جليل فهل نعثر فيه على شيء من القصص الحق الذي يجدر أن يسمى قصصا؟ هل نجد هذا القصص الجميل الذي يراد لنفسه كفن مستقل من فنون الأدب التي تتخذ للتعبير عما في الحياة من حق وفن هذا النوع الذي لا يراد منه اللذة والإمتاع فحسب بل يراد منه إلى ذلك فهم الحياة الإنسانية بما اشتملت عليه من خير وشر ومن حسن وقبح ومن لذة وألم"[7]
فمتى يفهم العرب أن المشكلة ليست في طبعهم أو في بنية عقلهم ولا في نظرتهم إلى العالم والآخر من خلال هذه البنية بل في نظرتهم إلى نفسهم القاصرة الحائرة واعتقادهم أنها النظرة النهائية؟ ألا ينبغي أن يفهموا أنه ليس لهم طبيعة ثابتة بل تاريخ متطور وأن وجودهم يسبق ماهيتهم وأنهم أحرار في صنع حياتهم وفق السبيل الذي يختارونه؟ متى يكفون عن اختزال المرأة في الرغبة والتعامل مع كجسد ويتوقفون عن الخطابة والجدل ويسكنون لغتهم باعتبارها بيت وجودهم المنفتح على كل الإمكانيات؟ ومتى يستبدلون الأسطورة والخرافة بالحكاية والسرد؟ ألم يقل برجسن في كتابه الطاقة الروحية " لاشيء مما يتصل بالإنسان يمكن أن يتوارى عامدا عن الإنسان"؟ [8] ألا يجب أن لا نترك شيئا ما متواري عن أنظار ومسامع الإنسان العربي؟
المراجع:
بول ريكور فلسفة الإرادة الإنسان الخطاء ترجمة عدنان نجيب الدين المركز الثقافي العربي الطبعة الأولى 2003
أبو القاسم الشابي الأعمال الكاملة الخيال الشعري عند العرب الدار التونسية للنشر أكتوبر 1984
محمد عابد الجابري تكوين العقل العربي مركز دراسات الوحدة العربية الطبعة الثامنة
هنري برجسن الطاقة الروحية ترجمة سامي الدروبي
هوامش:
[1] بول ريكور فلسفة الإرادة الإنسان الخطاء ترجمة عدنان نجيب الدين المركز الثقافي العربي الطبعة الأولى 2003ص100
[2] أبو القاسم الشابي الأعمال الكاملة الخيال الشعري عند العرب الدار التونسية للنشر أكتوبر 1984 ص 122
[3] أبو القاسم الشابي الخيال الشعري عند العرب نفس المرجع ص 131
[4] محمد عابد الجابري تكوين العقل العربي مركز دراسات الوحدة العربية الطبعة الثامنة ص80
[5] محمد عابد الجابري نفس المصدر ص75
[6] محمد عابد الجابري نفس المرجع ص 88-89
[7] أبو القاسم الشابي الخيال الشعري عند العرب نفس المرجع ص94
[8] هنري برجسن الطاقة الروحية ترجمة سامي الدروبي ص25
كاتب فلسفي
اية اعادة نشر من دون ذكر المصدر ايلاف تسبب ملاحقه قانونيه
التعليقات
الطبع
لينا -شكراللمقالالسؤال هو اذا كان الوضع العربي مربوطا بطبعه فاين يكمن الحل خصوصا وانه مثلما ذكرتم في بداية المقالالطبع يغلب التطبعوهل اذا تغيرت بيئة العربي قد يؤثر ذلك في طبعه البدوي
طروحات فاشلة ؟!!
اوس العربي -لا نستغرب مثل هذه الطروحات الفكرية ان مثقفينا العرب قد خانوا رسالتهم كبحاثة ومفكرين انهم يمارسون فقط الشغب الفكري والتعالي العنصري لا استغرب مواقفهم انهم لا يقدمون جديدا انهم فقط يجترون ما كتبهم حاخام الاستشراق العنصري الصهيوني التلمودي برنارلويس انه كاهنهم ومعلمهم الاكبر ؟!!
نعم ولا ؟!!
رشاد القبطي -اعتقد انها نظرة استشراقية لتنميط الانسان العربي المسلم ، ورميه بكل الرزايا ، والا فليقل لنا الكاتب لماذا يبدع الانسان العربي خارج بلده ووطنه وارضه مثال ذلك فاروق الباز وزويل والجراح العربي مجدي وآخرون ، لاشك ان هناك اسبابا مثل الاستبداد الداخلي والهيمنة الخارجية فالمستبد الداخلي يحقد على الناجحين وهو كوكيل حصري للمهمين الخارجي يسعى دائم الى قمع المبادرات او طردها خارج ارضها ، اما المهيمن الخارجي فيعمل بلا كلكل على احباط اين محاولة للنهوض وتحطيمها كما فعل مع مشروع محمدعلي الكبير ومشروع عبدالناصر ومشروع صدام حسين وهو الان يعد العدة للاجهاز على مشروع محمود احمدي نجاد عندما كان الحاكم العربي المسلم يعتني بالعلم والعلماء وكان يزن انتاجهم بمثاقيل الذهب تقدمنا وحينماانصرف الحاكم الى الاستبداد واشياء اخرى تقهقرنا لكن مع ذلك فان المبادرات الشخصية رغم الظلام الحالك كانت تبرز في الاطراف التي لا تطالها يد المستبد المحلي ولا المهيمن الخارجي .
الخجل مطلوب
تها مى قداح -المقال تافه وحاقد والكاتب لم يقرا التاريخ العربي جيدا ربما انه يريد ان يقول ان الحكام العرب تافهون
معلم لغة عربية _
انور محمود منصور -افتخر باننى معلم لغة عربية خريج كلية دار العلوم العريقة وكان امامى الخيارات كثيرة كيف تتطاول على لغينا الجميلة باختصار سبب التخلف انت وامثالك ارجوكم نشر رسالتى اذا منتم تؤمنون بالحرية
good
ahmad -الكاتب ربما يريد ان يقول انه و برغم انتمائه العربي فانه اصبح ذكيا و فيلسوفا! تهانينا يا عبقري!
الغرب هم البدو
وائل على -اعتقد من خلال اطلاعي الكبير على تاريخ هذه الامة ان العرب هم البدو وما دون ذلك فهم اقوام مختلفة دانت بالعروبة والاسلام تحت حد السيف , فالقبائل العربية التي حاربت الفرس والروم وفتحت الشام وفلسطين والعراق ومصر هي قبائل بدوية محاربة لا تعرف الا الفروسية والسيف والحرب , اما باقي العرب او من سموا لاحقا العرب فهم بقايا امم اخرى بقايا رومان وصليبين واتراك, واذا تدقق في لهجاتهم في بلاد الشام غلى سبيل المثال ستعرف انهم من اقوام غير عربية خصوصا وجوههم وسحناتهم وشعورهم وعيونهم الزرق والخضر (مايطلق عليهم الفلاحين او الفلح) فقد كانت الدولة الرومانية تطلب منهم الحراثة والزراعة واطعام الجيوش المحاربة لخصوبة اراضيهم , ثم بعد الفتح الاسلامي بقيوا على نفس مهنهم ومنعوا من الالتحاق بالجيوش العربية المقاتلة . اذا العرب هم اهل البادية العربية وما تبقى هم صليبيون وعجم وترك ورومان, لذا لا ينصح العربي بالتزوج من الفلاح الى هذا اليوم لجهل نسبه وهذا معمول به في سوري والاردن وفلسطين وبعض اقاليم مصر والمغرب العربي
الكدب من خصائص العرب
سالم -كدب الملك عمرو بن عامر قبل عشرة الاف ونيف سنه وقبل انهيار سد مارب وهو ملك سبأ وقال مالي مقام في ارض يتطاول الولدعلى ابيه عندما ضربه باتفاق بينهما ليبيع ارضه ويرحل ( هل ادلكم على رجل اد ينبأكم ادا ما مزقتم شر ممرق انكم لفي خلق جديد) وكدب ابراهيم مرتين وادعى ان زوجته ساره ما هي الا اخته وقدمها الى ملك يبوس اولا ثم الى فرعون مصرايم ثانيا الخ الخ ...
الطبع الامازيغي
ماسينيا -الاهتمام بتراثه الامازيغي الاصيل والحرص على لغته التي تتعرض لعملية تهميش ولكن كفاح الامازيغ بدء ياتي ثماره فمثلا في ليبيا السماح باقامة ندوة عن التراث الامازيغي بعد ان كان يتنكر المستعربين الامازيغ لاصولهم الامازيغية وهذا تقدم يبشر بعودة الثقة بالنفس وبالهوية الامازيغية لسكان تمازغا في شمال افريقيا.
إلى الاستاذ أنور
ناطق فرج -إن كانت كلية دار العلوم عريقة فلابد أنها خرّجت طلبة اكفاء يجيدون اللغة العربية. استاذي الفاضل، لدي بعض الملاحظات حول لغتك الجميلة: من الأفضل أن تقول: افتخر أني.. وتقول: تخرّجتُ من.. وتقول: كانت (وليس كان) أمامي خيارات (بدون ألف ولام) كثيرة.. (علماً انك لم تتحفنا ببعض من تلك الخيارات). وأخطاء مطبعية اخرى. استاذ أنور: الكاتب لم يتطاول على لغتك الجميلة، إنما هو سلّط الضوء على جوانب (سرطانية) من طبائع وتفكير ونظرة الفرد العربي للحاضر والمستقبل. تقبّل رائع تحياتي.
إلى أوس العربي
ن ف -استحلفك بالذي لا إله إلا هو، هل قرأت شيئاً لـ (برنارلويس)؟ لقد وضعت الاسم بين قوسين عن عمد. إن اسم المفكر الانجليزي المولد هو برنارد لويس.
إلى تها مى قداح
ن ف -أقول: خمسة وخميسة. ما شاء الله.. ما شاء الله على ذكائك المتميز. أنت نوّرت المحكمة.
To ahmad
ناطق فرج -لا أقول إلا، قليلاً من الحياء يا أحمد.
إلى تها مى قداح
ناطق فرج -أقول: خمسة وخميسة. ما شاء الله.. ما شاء الله على ذكائك المتميز. أنت نوّرت المحكمة.
To ahmad
ن ف -اُقسم بالعادياتِ صُبحاً أنك لم تفهم شيئاً مما ذكره الكاتب!
إلى سالم
ن ف -هو منين يودي على فين؟
الفاضل ن.ف
انور محمود منصور -الاخ العزيز اعترف بالاخطاء اللغوية لكن عذرا فالعيب لم يكن منى بل من لوحة المفاتيح اما الخيارات فكانت كليات الطب والهندسة بمجموع الثانوية العامة (كنت السابع على الجمهورية)والدى اختارها لى وواحتى فى اقصى جنوب مصر لا تسمح بمخالفة الوالدين اما عن لغتنا باختصار هى (صانعة الثقافة قبل الحضارة فى العالم )