كتَّاب إيلاف

عبد الرزاق عيد.. نحن معك

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

يذهب النظام السوري المريض إلى آخر الجنون والابتذال، حين يمنع مفكّراً ومبدعاً من السفر خارج البلاد لتلّقي العلاج. فتلك فضيحة بل قُل جريمة بكل المقاييس الإنسانية منها والمدنية. فالسفر حق بدهي من حقوق المواطن، بوصفه مواطناً، فما بالك إذا كان هذا المواطن في وزن قامة ثقافية كبيرة كعبد الرزاق عيد؟
لم أكن أتصور حقيقةً أن تصل الرداءة بالنظام السوري إلى هذا المستوى. فعبد الرزاق عيد مصاب بسرطان البروستات، ولا بد من علاجه في فرنسا، قبل أن يستفحل المرض العضال، فيقتل صاحبه لا قدّر الله.
لكنّ النظام الحاكم هناك، لا يعبأ بصحة مواطنيه، بغض النظر عن حيثياتهم، ما دام قد اعتقلهم سابقاً وحوّلهم جميعاً إلى سجناء زنزانة كبيرة اسمها سوريا.
لقد كنا نتوقع أن يخجل النظام من مرض المفكّر المبدع، فيسفّره على نفقة الدولة للعلاج في أفضل مستشفيات العالم المتحضر، لكن النظام، وكعادته دائماً، خذلنا حتى في هذا الشأن الإنساني. وأصرّ على غبائه المستحكم وقسوته اللامتناهية، سيان كان هذا الغباء وتلك القسوة موجّهيْن ضد العامة أو النخبة من شعبه المأسور.
إنه نظام من ليس معي فهو ضدي، ومن ليس بوقي فهو عدوي. هذه هي حقيقته المفجعة وهذا هو ديدنه الفاجع. الأمر الذي يحيلنا إلى أوضاع صارت من تاريخ الفلكلور لدى الشعوب الأخرى، بيد أنها ما زالت فاعلة وما زالت موجودة لدى عالمنا العربي الكئيب. حقيقة أن لا قيمة ولا اعتبار للمثقف العربي في دولته الأمنية، مهما حاولت هذه الدولة أن تكذب لكي تتجمّل.
لا قيمة له إلا إذا لحق الركب وصار طبالاً للسلطان.
عبد الرزاق عيد مريض بالسرطان. وهذا المرض ليس مزحة كما تعرفون. فألا يكفي هذا لكي يسافر الرجل؟ وألا يكفي هذا لكي يستحي النظام ولو قليلاً؟ أم أنّ الذين استحوا ماتوا كما يقال؟
إنني أناشد من خلال هذا المنبر المحترم، لا أن تتدخّل جميعات حقوق الإنسان العربية على قلّتها، ولا اتحادات الكتاب العرب على كثرتها، وإنما أن يتدخّل الرئيس شيراك، أو مسئول في حكومته، بأن يُرفع حظر السفر عن عبد الرزاق عيد، وأن يأخذ حقه الأكيد في العلاج حتى الشفاء. فهذا أقل ما ننتظره من الجمهورية الفرنسية، موئل حقوق الإنسان وقلعة الديمقراطية في العالم.
أعطوا هذا المفكّر الديمقراطي حقه في ألا يموت.
لا نريد، في ليلنا العربي البهيم، أكثر من هذا.
أما أنت يا أخي عبد الرزاق، فلا نملك لك إلا الحب والمحبة والامتنان، الامتنان بقدر ما أعطيتنا، وبقدر ما أفنيت زهرة عمرك وكهولته مدافعاً عن الحق والخير والجمال، كأيقونات عليا من حق المواطن العربي، أي مواطن عربي، أن يستمتع بها.
الشفاء العاجل لك، والحرية القريبة لشعبك، والعار والبوار للطغاة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف