أم المفاجآت : حراك اقتصادي في العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
نشرت مجلة " نيوزويك " في عدد 25 ديسمبر الأخير تقريـراً بعنــوان " أم المفاجآت : النمو القوي للاقتصاد العراقي" جاء فيه : " قد يبدو الأمر سرياليا بحكم المشاهد اليومية للمذابح والفوضى، لكن عالم الأعمال لا يبدو كذلك... زادت إيرادات شركة عراقنا للهاتف الجوال من 333 مليون دولار في 2005 إلى 520 مليون دولار في العام الحالي، كما زاد عدد الهواتف الجوالة من 1.4 مليون منذ سنتين إلى 7 مليون الآن.
و جاء في تقرير أخير لغرفة التجارة الأمريكية أن عدد الشركات المسجلة في العراق بلغ 34 ألفاً، مقابل 8 آلاف منذ ثلاث سنوات، وحسب تقديرات مؤسسة "جلوبال إنسايت" بلندن، نما الاقتصاد العراقي بـ 17% السنة الماضية وسينمو بـ 13% خلال هذه السنة.
أهم مصادر هذا النمو الاقتصادي المفاجئ حسب " نيوزويك " :
-تحويلات مالية هامة نتيجة إيرادات النفط والقروض الخارجية المقدرة
بـ 41 مليا دولار في السنة الحالية، حسب صندوق النقد الدولي.
-وجود مدخرات هامة منذ سنوات الحرب والحصار عند العراقيين يتم إنفاقها الآن، مما يدعم الطلب المحلي.
-زيادة الأجور التي بلغت حوالي 100% منذ سقوط النظام السابق، بالإضافة لتخفيض الضريبة على الدخل من 45% إلى 15%.
-إصلاحات حكومية في مجال اللامركزية و تخفيض دعم أسعار الطاقة، مما انعكس إيجابا على عديد المؤشرات، من بينها الزيادة الكبيرة في أسعار العقارات التي تؤكد ثقة في المستقبل على المدى الطويل، و الزيادة في الواردات التي تصب في صالح المستهلك.
توجد أيضا مؤشرات جديدة تدل على نهوض اقتصادي في عراق اليوم، مثل قانون الاستثمار الجديد الذي صادق عليه البرلمان في أكتوبر الماضي، و الذي يوفر ضمانات كبرى للمستثمرين، كما اقر تشكيل " الهيئة الوطنية للاستثمار" و هيئات مماثلة في الأقاليم. و انعكست هذه التطورات على سعر الدينار العراقي في السوق السعودي، على سبيل المثال، الذي شهد ارتفاعا ملحوظا منذ بداية السنة الحالية.
لكن هذه المؤشرات الإيجابية لا تعني تجاهل العراقيل الكبرى التي مازالت تقف أمام التنمية في عراق اليوم، و في مقدمتها الإرهاب الذي يستهدف إعاقة اعمار ما خربته حروب صدام حسين الثلاث على مدى اكثر من عقدين من الزمن. يكلف الوضع الأمني الشركات العاملة نفقات كبرى في مجال الحراسة ونقل البضائع من منطقة إلى أخرى، كما توجد مشاكل عالقة و في مقدمتها مشكلة البطالة التي تقدر نسبتها بحوالي 30 إلى 50%.
مع هذا، يعكس تقرير "نيوزويك" حقيقة هامة ألا وهي أن اقتصاد الحرب قادر على التأقلم مع الواقع رغم التحديات الأمنية، كما يعكس الآفاق الكبرى للنمو في حال استتباب الأمن وهو المصلحة المشتركة لكل الطوائف وشرائح المجتمع العراقي، و الذي يجب أن يحظى بالأولوية في المساعي السياسية الجارية الآن. كما لا بد من اتخاذ تدابير حازمة ضد الدول المجاورة المتورطة في تصدير الإرهاب، في مقدمتها إيران المتخصصة في نشر إرهاب الحركات الإسلامية العابر للقارات. و هذا هو الثمن الذي لا بد من تسديده بهدف قيادة عملية إعادة اعمار العراق الجديد إلى ساحل النجاة.
-------------------------
كاتب المقال محلل إيلاف الاقتصادي و خبير سابق بصندوق النقد الدولي.
Abuk1010@hotmail.com