كتَّاب إيلاف

بمناسبة عيد الحب: هادم اللذات ومفرق الجماعات

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

من ذكرياتى الجميلة والتى مازلت أحتفظ بها كطفل نشأ فى القاهرة، كانت الجلوس حول جهاز الراديو بعد تناول إفطار شهر رمضان وأستمع إلى حلقات ألف ليلة وليلة، وكانت الفنانة المصرية القديرة زوزو نبيل تقوم بدور شهزاد، وتقول وهى تتثائب معلنة نهاية حلقة تلك الليلة من ليالى ألف ليلة :"حتى جاءهم هادم اللذات ومفرق الجماعات... مولاى" وبعدها يؤذن الديك معلنا قدوم الصباح ويقول مقدم الحلقات : "وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح"، وبهذا ننتظر بفارغ الصبر الليلة التالية لسماع ماحدث للشاب علاء الدين بعد أن وجد المصباح، وكانت حلقات ألف ليلة وليلة بالنسبة لى كطفل تشكل عالما مسحورا، وكثرا ماتخيلت أننى وجدت مصباح علاء الدين أو خاتم سليمان أو طائر الرخ الذى يطير بى إلى بلاد الهند والسند وبلاد الواق الواق، أو على الأقل تخيلت أنى أركب بساط الريح :"الجميل المريح والذى كله أمان ". وبدلا من طائر الرخ وبساط الريح ركبت طائرات أشكالا وألوانا، وبدلا من مصباح علاء الدين وجدت مصباح المعرفة للمعلم الأكبر "ديوجين" والذى قال عنه الإسكندر الأكبر:" rlm; لو لم أكن الإسكندر لوددت أن أكون ديوجين"rlm;.، وبدلا من خاتم سليمان وجدت حب وتقدير العمل وإتقانه أكبر التعويض عن خاتم سليمان، ولكنى مازلت أبحث عن شهرزاد والتى لا أريد لها أن تسكت عن الكلام المباح وغيرالمباح، ولن أطيح برأسها بل سوف أقبل رأسها سواء سكتت عن الحكايات أم لا.

ومؤخرا تخيلت رعب شهزاد من الملك شهريار، كان يجب عليها كل ليلة أن تقوم بتأليف حكاية جديدة، ويجب أن تكون مسلية ويجب أن تنهيها عند مطلع الفجر لكى تضمن إمتداد حياتها ليوم جديد، أى نوع من الحياة لمؤلف؟!! وإستمرت على هذا الوضع لمدة ألف ليلة وليلة (أى ما يقرب من ثلاث سنوات) بدون أى أجازة مرضية أو أجازة إعتيادية أو حتى أجازة حمل أو وضع أو رضاعة، لذلك وحرصا منى على العدالة أقترح أن يتم منح شهرزاد جائزة نوبل فى الآداب، لأنها مرت بما لم يمر به كاتب من قبل ولا من بعد، وكتابها ألف ليلة وليلة تمت ترجمته إلى مختلف لغات العالم، وشهزاد لم تأخذ حقها الكافى فى التكريم بالرغم من أن توفيق الحكيم قد كتب مسرحية شهرزاد ولكن التخليد الأكبر والعالمى لشهرزاد جاء فى فى المقطوعة الموسيقية الرائعة للمؤلف الموسيقى الروسى المبدع "رمسى كورسكوف" والتى أسماها بإسمها "شهرزاد".
ومايعنينى اليوم من قصة شهرزاد والملك شهريار هو العلاقة بين الرجل والمرأة بصفة عامة وبصفة خاصة فى المجتمعات الشرقية المحافظة، هل تغيرت تلك النظرة الذكورية للمرأة؟ من أنها متعة يتسلى بها الرجل وبعد ذلك يقطع رقبتها مثل شهريار حتى جاءته شهرزاد ولست أدرى هل غفرت لها ألف حكاية وحكاية أم لا؟
أما موضوع :" هادم اللذات ومفرق الجماعات" والمقصود به "الموت"، لست أدرى لماذا تفوقت ثقافة الموت على ثقافة الحب، لماذا أصبح الشاب الإنتحارى الذى يعشق الموت مثلا أعلى لعديد من الشباب بعد أن كان عبد الحليم حافظ هو المثل الأعلى عندما كان يغنى للحب وينشر ثقافة الحب، لماذا أصبحت الوجوه أكثر كآبة، هل لأن الموت له كآبته والتى لا ينكرها أحد؟ بعد أن كان الحب ينشر البهجة فى الأفئدة والوجوه؟ ولماذا أصبح رؤية وجه أمرأة أو ذراع أمرأة أو ساق أمرأة يسبب الويل والثبور وعظائم الأمور (بالمناسبة يعنى إيه الثبور؟!!)، ولماذا أصبح الحب مطاردا من قبل هادمى اللذات ومفرقى الجماعات؟ ولماذا تراجع الحب بكل أشكاله حتى أن حب الأوطان أصبح يقال له "طظ"؟ وأين أصبحت مقولة المسيح عيسى عليه السلام :"أحبوا أعدائكم" فأصبحنا نمقت أعدائنا أكثر و أكثر وأصبحنا حتى لا نحب أنفسنا وأصبحنا نقتل أنفسنا عند أول خلاف، وتحولت المقولة "الخلاف فى الرأى لايفسد للود قضية" إلى :"الخلاف فى الرأى ممكن يوديك فى ستين داهية"، وماذا نبرر أنه مع إزدياد مظاهر التدين زادت جرائم مايطلق عليها كذبا وعدوانا (جرائم الشرف)، وهى جرائم عدم الشرف؟ ولماذا إنحصرت النظرة إلى المرأة إلى أنها مجرد "قطعة لحم" يجب تغطيتها من كلاب الشوارع كما أفتى مؤخرا أحد المشايخ الماهجرون إلى إستراليا؟
هذه التساؤلات يجب أن نرفعها فى كل أوان وفى كل مكان حتى نتغلب بالحب وحده على :"هادمى اللذات ومفرقى الجماعات".
وبالحب وحده إنته ضى عنية *** بالحب وحده وهو وحده شوية
وكل حب وأنتم طيبون.

كلمة أخيرة:
أحدث إستفتاء فى إيلاف هذا الأسبوع عن الإيمان بالحب:
فقط حوالى %60 من قراء إيلاف يؤمنون بالحب !!
% 40 من قراء إيلاف (أكبر منبر ليبرالى) لا يؤمنون بالحب أو لايهتمون به أو لايعرفون إن كانوا يؤمنون بالحب !!
نسب مخيفة، ورغم كل شئ :
"الحب حلاوته بالقنطار *** يذوقوا منها كبار وصغار
ياحلاوته"
samybehiri@aol.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف