كتَّاب إيلاف

ليست دعوة لاصطياد الساحرات

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أضع هذا العنوان الإستباقي،تحاشياً لتحريف الكلام عن مواضعه؛تضليلاً ومغالطة في الفهم لدى البعض،ويقيناً مني عن سيل شتائم -كالمعتاد- بعد كل كتابة تلامس حقيقة عراقية،يتغافل عنها إعلامنا العربي كل يوم.والساحرات اللائي لا أدعو لصيدهن (كما مرّ على ذاكرتنا من رعب محاكم التفتيش وكيف زُجَّ بآلاف النسوة البريئات إلى مقاصل الموت) بل لمسائلتهن عن أكاذيب يومية صارت مذاقاً مستساغاً في إعلام العرب، حيث هبّ،وحيث دبّ. الساحرات، كانت آخرهن رئيسة الإتحاد العام لنساء الطاغية،التي أجرى معها صحفي عربي لقاءً نشر على موقع فضائية العربية،ولا أدري إن كان هذا اللقاء قد عرض في بث القناة؟..

في اللقاء خرجت السيدة منال يونس في جوق المتابكين على الديكتاتور وزمانه،بعد أن أزرى بها الدهر بعده..
هل قلتُ أزرى الدهر بها؟..لم أكن دقيقاً في هذا الوصف،فالنعماء وميسور العيش كانا واضحين في خلفية الصورة التي ظهرت مع اللقاء حيث تسكن وتتنعم خيراً بادياً على سيماء السيدة يونس،التي وجدت يقطيناً كبيراً تستظلّ به في ملتجئها الأخير، هاربة من لعنة "الحوت" في مخبئها العراقي،ومترغّدةً بحسنات دبي..

من يطلع على قولها وحديثها الذي لاقى لدى قناة العربية اهتماماً،سيولي منه ومنها فراراً،حيث لا سبيل ولا قوة أمام رصيد هائل من الأكاذيب والافتراءات على الحقيقة: فكل من يدعي ان حزب البعث الحاكم والنظام الديكتاتوري في العراق قد أعدم النساء فهو كاذب، حسب رأيها الذي تعززه بفرية أخرى تقول فيها إن تقارير الأمم المتحدة حول حقوق الإنسان كانت تنتقد البعث ولكن لا يوجد شيء عن تعرض المرأة العراقية للسجن أو العسف..

وبالطبع صدور مثل هذا الكلام من امرأة مقربة من النظام،بل هي أحد أركانه الهامة،لا يفترض أن يجد فضاءً ومتسعاً للقول في ِإي إعلام عربي معتبر،بعد كلّ ما تكشّف للعيان من أدلة تفضح هذا النظام، وفظائع تم توثيق أكثرها على ذات الفضائيات التي تخلط الأوراق،عبثاً بوعي مشاهديها.فربما لا يعرف العرب من هي هذه السيدة"الساحرة" التي ستخلب ألباب الصداميين الجدد من العرب بالحديث عن منجزات القائد العربي المغوار!!،وبطولات البعث!!،فهي بالنسبة لصدام مثلما كانت النازية "ماجدا غوبلز"بالنسبة لهتلر، الذي أرغم وزير إعلامه على الزواج منها لأنه كان يرديها قريبة منه أبدا فهي"سيدة الظل الأولى"..المؤمنة بالفهرر الذي أختار لها ثوباً للزفاف من علم الرايخ النازي بصليبه المعقوف..لأنه كان يرى فيها " القضية" مختصرةً في ملامحها النازية..

ولن تختلف كثيرا تلك الماجدا عن هذه "الماجدة" المفوهة بشعارات طنانة،والتي مرّرتها ومرّرت أكثر أفكارها قبحاً ووحشة على صحفي مسكين،حاول جاهداً أن يجد رأياً لها يثير إشكالات ربما تشغل القراء عن الشأن السياسي،حيث سألها عن حجابها مؤخراً ورأي رفيقها الديكتاتور به،فأفتت بدورها عن الحجاب فتوى أرادت منها الجدل ليس إلا..لتخلط سماً بعسل.."فالاحتلال هو سبب الحجاب المتفشي في العراق،و الذي هو في الأصل موجة فارسية جاءت الى العرب"،وهي إنما تتحجب كسباً للحشمة، و"في عهد صدام حمت القوانين جميع النساء ووفرت لهن كل شيء، وتراجعت هذه الحقوق في عهد الاحتلال وألغيت كل حقوقها مثل حقها في الأمن"..

"ماجدا صدام" لم تترك لماجدا الغوبليزية نصيحة إلا وأخذت بها،وأهم هذه النصائح بالطبع: اكذب اكذب حتى يصدقك الآخر.و لم تترك سطراً في حديثها إلا وكان فيه الاحتلال الأمريكي سبباً عن ما عليه العراق،وكأن هذا الاحتلال لم يكن بسبب سياسات نظامها قائدها الأهوج الذي أدخل المنطقة والعالم في صراع مرير.وبالطبع فهذه السيدة ككل من تورطوا في حبائل هذا النظام، لا تقرّ بذنب ولا تلوي على اعتذار،وليتها كما كانت "ماجدا غوبلز" التي أقرت بهزيمة أفكار فهررها فسقت أولادها الستة سماً وأنهت حياتها لتطوي عار الصفحة النازية..

لو أنهم أمـِنـوا أبـدوا عـدواتـهـم

أمنَّ أكثر البعثيين بعد أن وجدوا الفرصة سانحة لإعادة ترتيب أوضاعهم،فها هو عزة الدوري أميناً عاماً للحزب،يطلق البيانات،وها هم يسرحون ويمرحون في دول الجوار، تدرّ عليهم مقاولات المقاومة وإرهابها مبالغاً تكفيهم للتكاتف فيما بينهم، وتدفع عنهم عوز الاغتراب المرير الذي يعيشه ملايين العراقيين،والمصيبة إنهم كلما ازداد وضع العراق سوءاً كلما خرجوا من جحورهم أمنين،يشيعون البغضاء والعداوة،ومحاولين خديعة البعض بمحاسن اللغو..
وصدق الشاعر العربي في وصف زمر مثيلةٍ مرّت في تاريخنا،وما أكثرها من زمر:
لو أنهم أمِـنـوا أبـدوا عـدواتـهـم...فليتهم قمعوا بالذل فـانـقـمـعـوا
أليس في ألفِ شهرٍ قد مضت لـهـم...سقوكمو جرعاً من بـعـدهـا جـرعُ

ولست ممن يحرّض في الاستشهاد بأبيات هذا الشاعر، رغم إنصاف قوله:
هيهات لا بد أن يسقوا بـكـأسـهـم...ريا وأن يحصدوا الزرع الذي زرعوا

ومحذرا الضحايا من مخاطرهم الجديدة :
إياكم أن يقـولـوا الـنـاس إنـهـم...قد ملكوا ثم ما ضروا ولا نـفـعـوا

فها هي المقربّة من عرش الطاغية تجد فضاءً حراً الآن لتقول من خلاله إن حزب البعث لم يكن ضاراً،فربما ظـَلم رجالاً، لكن المرأة كانت في الجانب الأقدس من جوانب حكم الديكتاتور وأزلامه،وهو ما يناقض الحقيقة تماماً إذا كانت المرأة إضافة إلى كونها من بين ضحايا الطاغية،هي وحتى الرضَّع الذين وجدت جثثهم في المقابر الجماعية،كانت ضحية أيضا لأنها أم لشهيد أو زوجة أو أخت أو يتيمة لا تكاد تنسى كيف قطع الديكتاتور من قوتها ليستحصل ثمن الإطلاقات التي أعدم بها الأب..
ألا فأي بغي وعدوان في نكران كل هذا يا إعلامنا العربي؟..أفبعد هذا الحديث تكفرون بدماء شهداء العراق وضحاياه؟..وتتركون المجال لمن يهين مقدس شعب لا تكاد جراحاته تندمل؟..


رمتني بدائها وانسلت

معروف للجميع انقلاب البعث وتسيّده القسري في العراق،وكيف تسلطت عصابة جمعت شلّة ضالة ومنحتهم مناصب وفق ما قاموا به من فظائع،فلا ينال منصباً رفيعاً في علياء الديكتاتورية إلا من كانت يده ظالمة،وضميره ملطخاً بالدم والعار. وعارات سلطة البعث لا تعدّ ولا تحصى،ولن يحصيها تاريخ كامل من التدوين،فإن لهم في كل موبقة نصيب،وهم في كلّ شأن سيء يتفنّون.ولا يكاد سلوك نساء البعث يفرق كثيرا عن رجاله،فكم ذا كانت بعض نساء البعث وحواشي لهوه يحضرن في حفلات الإعدام الجماعي لتتعالى زغاريدهن،تلك الزغاريد التي ما فتأت تهلل بمعجزات الحزب وأسرته الحاكمة،وعن ذكر بعض المعجزات بحضور كبيرة الساحرات،يتندر أهل العراق بهذه الواقعة،ففي ذات عيد ميلاد ديكتاتوري جمعت سيدة القصر الرئاسي "الساحرات" وقالت لهن إن لي قدرة على أن أنزل المطر هذه الليلة،فما كان من كبيرة الساحرات ورئيسة إتحادهن إلا أن قالت وسيكون هناك دليلاً في وجود الكمأ قرب القصر،وأمرت جندها أن يخفوا بين الأعشاب كمأً كانت قد أمرت به سريعاً..وها هي إلا الآن تتذكر أفضال الرفيقة صاحبت القصور،وتنفي عنها كونها سرقت ذهب العراق من أعناق صباياه،أيام أشرفت هي كرئيسة لإتحاد النساء على جمع الذهب بحجة دعم المجهود الحربي ضد إيران،ليخزن هذا الذهب في عهدة"ساجدة"..التي كان لها نصيب في تراث العراق وتاريخه وآثاره أيضاً،فطالما شوهدت وهي ترتدي قلادة الملكة شبعاد،الذهب الذي ذهب مع الريح صوب الأردن يوم فرّ به حسين كامل،ليضيع إلى الأبد..

دعوة إلى مفوضية النزاهة العراقية

في ختام اللقاء مع السيدة منال يونس قالت في الرد على ما ينشر من تقارير تؤكد أن نساء بارزات في النظام العراقي السابق هرّبن أموالاً للخارج بعد سقوط النظام،ويشرفن على التجارة ومشاريع مربحة في الخارج تحت غطاء سياسي، قالت: "ندعو لجان النزاهة الموجدة الآن بتحديد ما خرج من أموال، قالوا عن قيادة الاتحاد النسائي في لجنة النزاهة ان لديه 45 سيارة و35 ماكينة خياطة وهذه الأمور وجهتها اللجنة لقيادة الاتحاد وصدر قرار بتجميد أموال الاتحاد، ورغد صدام لم تخرج من العراق إلا أشياء تخصها"..
وهي دعوة موصولة الى مفوضية النزاهة لفتح هذا الملف،على الأقل استجابةً لدعوة السيدة منال يونس!،لا من أجل ملاحقة المليارات العراقية،وأطنان الذهب التي تضيع أخبارها مع ازدياد الوضع سوءاً،لأنها أموال الشعب وقوته المسروق،والأجدر متابعتها في أي ظرف ولا حجة بالانشغال في ملفات الفساد الداخلي الآن.

وهي دعوة أيضا إلى مجلس النواب العراقي من أجل حث الحكومة لإيجاد صيغة تفاهم مع دول الجوار والبلدان التي تسكنها أعداد غفيرة من المطلوبين للعدالة العراقية،بدلاً من تفاقم وضع هؤلاء المشتبه في نشاطات أكثرهم،ممن يحاولون نيل الصبغة السياسية في معارضة الحكومة..والظهور في الإعلام كأنداد سياسيين.
ومن أجل سدّ كلّ منافذ العداء لهم، هي دعوة أيضا إلى مجلس النواب العراقي برفع قضايا ضد وسائل الإعلام التي تحاول تأهيلهم سياسياً على حساب دماء الأبرياء من الشعب العراقي..وفق قانون مكافحة الإرهاب وقوانين ملاحقة المطلوبين حتى لا تبقى حبراً على ورق مهمل.. فبمثل هذه القوانين يواجه الجناة.. وَزلــت عــن مُباشِـرها الحُـتُوف.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف