إلى مؤتمر الدفاع عن الاقليات في زيوريخ
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
استمتع دائما بقراءة مقالات الكاتب الجريء و الجيد د. سلمان مصالحة، لذلك حرصت على أن اكتب هذا المقال تعقيبا على مقاله الأخير " لـماذا لن أشارك في مؤتمر زيوريخ؟ ( إيلاف، بتاريخ 15 فبراير 2007)، الذي يعلل فيه رفضه حضور المؤتمر الذي ترعاه منظّمة "الأقباط متّحدون" بناء على تبريرات بدت لي غير مقنعة. يقول د. مصالحة مخاطبا الرعاة: " لا أدري ما هي حدود هذا "الشّرق الأوسط الّذي تتحدّثون عنه؟ ". و هذا تساؤل وجيه، لكن كان من المفروض أن يزيد من حرص الدكتور على المشاركة في المؤتمر
د أحمد أبو مطر:لماذا سوف أشارك في مؤتمر زيوريخ؟
يقول د. مصالحة: "لا أظنّ أنّ منظمة تحمل اسم "الأقباط متّحدون"، على ما يحمله هذا الاسم من دلالات انعزاليّة، بوسعها أن تكون حاملاً لرسالة الانفتاح بين أبناء هذه المنطقة... مثلها في ذلك مثل كلّ منظّمة تحمل اسمًا دينيًّا؛ هي دلالة التّقوقع ضمن خانة دينيّة ضيّقة". و هنا يرتكب الدكتور برأيي خطا فادحا. فالأقباط هم فئة من المجتمع المصري قبل أن يكونوا أقلية دينية. و دعوتهم المعلن عنها هي المساواة على أساس المواطنة. أما إذا كان للدكتور مصالحة معلومات عن "اجندة خفية" لهذه المنظمة، فكان من باب أولى و أحرى به أن يكشف عنها لقراء إيلاف أولا، ثم تضمينها لمداخلته في المؤتمر، إذ أن الهدف من مؤتمر "أقباط متحدون" حسب فهمي هو بالضبط إخراج هذه المنظمة من عزلتها و تحويلها إلى منظمة جامعة لكافة الاقليات المضطهدة و الشرائح المستضعفة - مثل النساء - بغض النظر عن كونها من الأقلية أو الأغلبية.
و أما عدم اعتقاد د. مصالحة: " أنّ المكان اللاّئق لانعقاد مؤتمر من هذا النّوع هو بلد أوروبي"، فهذا كلام مردود، ما لم يساعدنا د. مصالحة بمقترح عن دولة عربية واحدة تقبل بتنظيم هكذا لقاء. نحن نذكر كيف فشل د. سعد الدين إبراهيم في الحصول على موافقة مدينة عربية واحدة تقبل بانعقاد المؤتمر التاسيسي للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، في الثمانينات من القرن الماضي، لذلك التجأ إلى قبرص. و لا اعتقد انه من النزاهة أن نطالب " الأقباط متحدون" بما لا نطالب به باقي نشطاء حقوق الإنسان العرب. و لا شك أن د. مصالحة البعيد كل البعد عن كراهية الغرب -الظاهرة المرضية التي تسكن صدور الأصوليين الإسلاميين- يعرف جيدا في قرارة نفسه أن الحريات الديمقراطية الموجودة في الغرب لا وجود لها عندنا، حيث يجثم كابوس الاضطهاد على صدور الجميع، لكن على صدور الاقليات اكثر من غيرهم.
بحضوره المؤتمر سوف يكون بإمكان د. مصالحة، و هو من فرسان الشجاعة السياسية و الفكرية في بلادنا، أن يقدم مثل هذا الاقتراح و يدافع عنه أمام الحضور. أليست المطالبة برفع الاضطهاد عن اقليات الشرق الأوسط و نسائه هي في حد ذاتها " انفتاح على أبناء المنطقة " المزروعة بفسيفساء الاقليات التي تشكل مجتمعة أغلبية في بعض الدول، مثلما هو الحال بالنسبة للاقليات في إيران الواقعة في قبضة الأقلية الفارسية الحاكمة؟ ألا تصل الاقليات و النساء في دولنا ما لا يقل عن 80% من مجموع السكان؟
في نهاية مقاله، يقول د. مصالحة: " انّي أرى إنّه و بدل التّقوقع في خانة الأقليّات، فإنّ الحاجة الماسّة هي إطلاق مبادرة جامعة تشمل أبناء هذه المنطقة على جميع مللهم ونحلهم يدعون فيها إلى بناء الأوطان على أساس المواطنة المشتركة العابرة للقوميّات والطّوائف الدّينيّة". و هذا كلام في غاية الوجاهة. لكن من أين للدكتور القول إن المؤتمر لن يطلق هكذا مبادرة؟ ما دليله على ذلك؟
أنا على عكس د. سلمان مصالحة، أود حضور هذا المؤتمر للمشاركة في نقاشاته سواء كانت آرائي تتفق مع أهداف رعاته أو لا، لأنني لا أومن البتة بسياسة الكرسي الفارغ. كما أود من خلال حضوري التأكيد على أهمية الاقليات في الدول العربية كقوة دفع للحداثة. من الواضح جدا إذا ما أخذنا حقوق المرأة أو التعليم العصري أو مجال الأعمال، نجد أن الاقليات عندنا متقدمة جدا مقارنة بالأغلبية المسلمة. و على هذا الأساس، يمكن لهذه الاقليات أن تلعب نفس الدور الذي تلعبه حاليا الاقليات الهندوسية و الصينية و البوذية في نهضة ماليزيا، عندما تتوفر لهم الفرصة للقيام بذلك.
في الختام أدعوك أخي د. سلمان مصالحة أن تحضر معي المؤتمر و لن تندم.
كاتب المقال منسق اللجنة الدولية للدفاع عن العفيف الأخضر و رئيس سابق لفرع تونس لمنظمة العفو الدولية
Abuk1010@hotmail.com