يا أمة ضحكت من شجراتها الأمم!!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
* الناس عايزه تصدق حاجه فى حياتها، لأن حياتها سلسلة جهنمية متصلة من الأكاذيب!
* ركبت رأس المحروسة الضلالات والهلاوس، والسؤال هل ستدخل مصر عنبر الخطرين فى الخانكة حتى تشفى من هذا الجنون الذى إلتهم عقلها؟!.
* من الممكن أن يقطع ضابط رقبة معارض فى نفس الوقت الذى لاتطاوعه مشاعره فى أن يقطع فرع شجرة الكافور المبروكة!!،
* الشعب يستمتع بالخرافة وينتشى بالأساطير والأوهام و يستلذ بغيبوبة وتخدير الدجل الدينى.
* خرافة الشجرة المبروكة تكرار لخرافة الأشجار الألمانية التى تشتبك فروعها على شكل لفظ الجلالة والتى لم يصدق الناس أن الذى رسمها طبيب فحرقوا منزله!
* الخرافات فى زمن الإنكسارات هى قارب النجاة لشعب تائه محاصر بين فكى الفساد والدروشة
* من يروج للشجرة المباركة يجد من ينافسه فى ترويج إشاعة ظهور العذراء، ومن يدعى وجود بطاطساية مرسوم عليها لفظ الجلالة يخرج له من يمسك بطماطماية مرسوم عليها الصليب، ومن يصرخ شفانى القرآن من فيروس سى يجعر له آخر قائلاً شفانى الإنجيل من السرطان.
فى أثناء ذهابى من الإسماعيلية إلى القاهرة الأسبوع الماضى، وقبل الطريق الدائرى بحوالى عشرة كيلو مترات، فوجئت بتكدس رهيب للسيارات وكأننا فى يوم الحشر، وإنتشار مرعب لجحافل رهيبة من الأمن المركزى على جانبى الطريق، أما العربات القادمة من طريق بلبيس فقد منعها رجال المرور وإحتجزوها حتى لاتحدث كارثة!، إندهشت وفسرت الأمر على أنه مجرد كمين شرطة ممل فى وقت خروج عمال العاشر من رمضان أدى إلى خناقة وعطل سيولة المرور، وكان علينا أن ننتظر حتى يقضى الله أمراً كان مفعولا، وفى ظل هذه البروفة ليوم الحشر، لاحظت أن الناس تردد كلمة الشجرة المبروكة وكأنها فى زار جماعى، والمفاجأة أن هؤلاء الناس كان منهم المترجل والراكب، صاحب الجاجوار والفور باى فور وصاحب الكارو والميكروباص، منهم من يصور بالموبايل ومنهم من يصور بالديجيتال والفيديو، ومنهم من يبكى كالثكلى وكأنه فى رحلة الحج ومنهم من يرقص سعيداً بأنه قد وجد أخيراً من ينقذه من العقم أو الربط أو السحر أو السرطان... الخ، إجتمعت مصر على خرافة شجرة الكافور المبروكة المكتوب عليها لفظ الجلالة والتى تفرز المسك من لحائها، عقل مصر ذهب وغيب أمام جذع الشجرة، ركبت رأس المحروسة الضلالات والهلاوس، والسؤال هل نستطيع تصغير مصر وإجبارها على دخول عنبر الخطرين فى الخانكة حتى تشفى من هذا الجنون الذى إلتهم عقلها؟!.
أصوات كلاكسات هستيرية ميزت منها سيارة صغيرة ينطلق منها صراخ شاب طالب فى إحدى الجامعات الخاصة على طريق مصر الإسماعيلية " مايقطعوا الشجرة ويريحونا "، كان الطالب مخنوقاً من الزحمة وأهله ينتظرونه منذ أربع ساعات، ولكن الغريب أن الناس حتى المتذمرين منهم والمتأففين، زعقوا فيه مستنكرين هذا التجديف والكفر والإلحاد الذى أعلنه هذا الشاب، كيف يجرؤ ويطالب بقطع شجرة الكافور المباركة؟، وجدت إقتراح هذا الشاب وجيهاً بالفعل، لماذا لاتجرؤ السلطات على قطع الشجرة؟، من الممكن أن يقطع عسكرى أمن مركزى رقبة معارض رذل فى نفس الوقت الذى لاتطاوعه مشاعره فى أن يقطع فرع شجرة الكافور المبروكة!!، لاأدرى ماهو السبب فى هذه الشيزوفرينيا الأمنية؟، سيادة اللواء لايجرؤ على إعطاء أمر البتر، ونفر الأمن المركزى الغلبان لايجرؤ على التنفيذ!!، هل السبب يكمن فى تغلغل وثبات الجذور الإيمانية الشجراوية فى تربة الأمن المصرى؟، أم أن السبب هو أن سيادة اللواء تأثر بالممثل محمود فرج فى مشهد تحطيم الأصنام وهو يصرخ " لقد شلت يدى "!!، ولم يتأثر بنفس الممثل وهو يخرج لإسماعيل يس من المصباح السحرى ويقول له يامصطفى.
الضلالات فى الطب النفسى ثابتة راسخة لاتتغير بالإقناع والمنطق، والشعب المصرى قد تمكنت منه هذه الضلالات الجماعية، فكما أن مريض الضلالات لايقتنع بمنطق أنه من المستحيل أن يكون مايراه هو أبوه لأنه قد مات منذ ربع قرن، فإن الشعب المصرى لم يقتنع بأن المكتوب على الشجرة بفعل فاعل لأنه يريد أن يصدق، الشعب يستمتع بالخرافة، ينتشى بالأساطير والأوهام، يستلذ بغيبوبة وتخدير الدجل الدينى، الناس بإختصار عايزه تصدق حاجه فى حياتها، لأن حياتها سلسلة جهنمية متصلة من الأكاذيب.
منذ حوالى عشر سنوات أو أكثر إنتشرت لوحة لغابة كثيفة من الأشجار تشكل فى تشابكها جملة لاإله إلا الله محمد رسول الله، وكتب أسفلها أن هذه صورة فوتوغرافية لغابة موجودة فى مقاطعة ألمانية محاطة بأسوار عالية وكردون أمنى حتى لايراها الشعب الألمانى فيدخل فى الإسلام!!، وكنت أرى هذه الصورة بكثافة غير عادية، أراها عند المسئولين وفى المحلات والدكاكين وعلى الأتوبيسات وجدران البيوت.... الخ، إنتشار سرطانى حقق لدار النشر الإسلامية التى طبعتها ملايين الجنيهات، وأتذكر فى إحدى المرات أن دخلت فى جدال مع صاحب محل عصير قصب كان يعلقها على الحائط خلفه، وكان يدعونى لتأملها وهو يهز رأسه ورعاً وإعجاباً وخشوعاً وهو يقول " شايف المعجزة... علشان الناس تتعظ "، فأبديت إعجابى ولكنى أخطأت وإرتكبت جريمة أن قلت له بس دى مش صورة فوتوغرافية دى لوحة مرسومة، وبالفعل كان ظاهراً للأعمى أنها صورة مرسومة بالألوان لرسام غير محترف، ولكن صاحب المحل رفض ملحوظتى بمنتهى الأسى والعدوانية، وهاجمنى وكان ناقص يشد شوب العصير من على بوز سيادتى، ونادى الصبى بتاعه اللى كان بيصب العصير وسأله بذمتك مش شفت الغابة دى إمبارح فى التليفزيون، فرد الصبى أيوه يامعلم وبالأماره كانوا بيبنوا حواليها خط زى خط بارليف!!، وإنتهى الأمر بعد أن تناول منى الحساب بقرف وإمتعاض بأن أشاح بوجهه قائلاً " قال لوحة قال، إنت بتستعبط ياحضرت، لامؤاخذة بلاش تكفر، ماهو وجود اللى زيك هو اللى مخلى الكفره دول ينجحوا فى إنهم يخبوا المعجزات بتاعتنا اللى زى الغابة دى "، وخرجت مسرعاً دون أن أفكر ولو للحظة فى إستكمال النقاش، لأن عين صاحب المحل كانت موزعة مابينى وبين فتحات مكنة عصير القصب، وتأكدت من أن الجولة ستنتهى بإدخال جسد سيادتى فى مكنة قصب سيادته!.
الشعب المصرى مثله مثل صاحب محل العصير، فكما رفض تصديق أن صورة غابة الشجر الألمانية هى مجرد لوحة رسمها طبيب من المنصورة، رفض أيضاً أن يصدق أن المكتوب على شجرة طريق مصر الإسماعيلية تم بفعل عابر سبيل!، والمدهش أن نهاية الحكاية الأولى كانت مأساوية فبعد أن أعلن الطبيب مسئوليته عن اللوحة وعرض اللوحة الأصلية ونيته فى مقاضاة دار النشر النصابة، إحترقت شقته ودمرت بكاملها، وبدلاً من أن يطالب الناس بسجن مدبر الحريق المعروف للجميع، فرح الناس وقالوا إنه إنتقام ربانى من الطبيب المدعى!!.
أعلن أستاذ الزراعة الخبير أن المكتوب على الشجرة عبث صبيانى، وبرغم أن الحكاية لم تكن تحتاج لخبير محترف ومن الممكن أن يكتشفها و"يفقسها " أى عاشق وحبيب قديم كان يرسم القلب وأول حرفين مثل عبد الحليم فى الوسادة الخالية!، إلا أن كل هذا لم يشف غليل الناس، ورفضوا تصديق الخبير، ورفضوا تصديق الضمير، ورفضوا صوت العقل، وأكدوا على أن الخبير مرتشى وبتاع الحكومة، وأن الأمن مقبضه بدل مايقبض عليه، وإختلطت الخرافة بالبيزنس، وسمعنا عن إحتضان رجل للشجرة ودفاعه عنها وذوده عن حياضها ضد أى عدوان خارجى، كل هذه الحمقة وهذا الحماس لقاء بعض المال كتأمين وتبرعات وزكاة وصدقة للشجرة المبروكة التى سيصبح لها مولد.
الخرافات فى زمن الإنكسارات هى قارب النجاة لشعب تائه محاصر بين فكى الفساد والدروشة، وللأسف الخرافة باتت تكتسح الجميع رجالاً ونساء، مسيحيين ومسلمين، فمن يروج للشجرة المباركة يجد من ينافسه فى ترويج إشاعة ظهور العذراء، ومن يدعى وجود بطاطساية مرسوم عليها لفظ الجلالة يخرج له من يمسك بطماطماية مرسوم عليها الصليب، ومن يصرخ شفانى القرآن من فيروس سى يجعر له آخر قائلاً شفانى الإنجيل من السرطان!، مباراة غريبة وعجيبة وهستيرية ليست لها أى قواعد أو أرض محايدة أو تحكيم نزيه، فالعلم وهو الحكم والملعب والمدرب والخطة والتشكيل غائب عن الساحة لأن الجمهور عايز كده، عايز خرافة، تم مسح عقله بوسائل كثيرة أهمها التعليم والإعلام، فصار سهل التأثر، مدمن تغييب، متورط فى الخرافة إلى أذنيه، لايتساءل مجرد تساؤل : هل يحتاج هذا الرب العظيم الذى يقول كن فيكون إلى بطاطساية مكتوب عليها الله أو بيضة مرسوم عليها الكعبة أو شجرة عجفاء على طريق مصر الإسماعيلية ليقول للبشر أنا هنا، أنا موجود، صدقونى؟؟!!، أستغفر الله وأعوذ بالله من أن يلجأ إلى مثل هذه السفاسف لإثبات وجود، وهو بالفعل موجود فى معجزاته التى يتيح للبشر معرفة أسرارها ليعمروا الأرض ويسبروا أغوار الكون، والسؤال هل سنقطع الشجرة؟، لقد شلت يدى وشل عقلى.