كتَّاب إيلاف

فضائح على الهواء

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

* الفضيحة الأولى: مذيعة مصرية تسمح لسعودى خريج كلية آداب بإحداث جروح لشاب مصرى بأدوات غير معقمة بدعوى الحجامة.
* الحجامة تجرمها نقابة الأطباء وتمنعها وزارة الصحة وبالرغم من ذلك تمارس تحت اسم الطب النبوى.
* الطبيب المزيف يقول أن الحجامة تعالج الدم الفاسد، وأسأل الأطباء هل يوجد ما يسمى بالدم الفاسد فى علم الطب؟
* الإسلام الذى بدأت دعوته بكلمة اقرأ، كيف نجعل صورته بهذا التخلف ونجمده ونحنطه ونضعه فى توابيت الدجل.

كم من الجرائم ترتكب باسمك أيتها المنافسة الفضائية، كم من الجرائم ترتكب تحت شعار سخونة الحلقات، يتاجر فريق عمل البرنامج فى ألام البسطاء والغلابة المصريين من أجل كسب معركة محتدمة وسبق إعلامى مفتعل، والمؤسف أن أعظم الإختراعات العلمية الآن وهى وسائل الإتصال والإعلام من فضائيات وإنترنت تستخدم فى مجتمعنا العربى والمصرى لترويج أكثر الأفكار تخلفاً ورجعية، تستخدم لتسويق الخرافة والدجل والنصب، وفى النهاية الخاسر هو المشاهد الذى أجر عقله مفروشاً لنجوم يتاجرون به فى سوق النخاسة الفضائية ويقبضون الدولارات والريالات والدينارات، كل هذا على جثة الحقيقة والصدق والعقل.
فضيحة على الهواء بل جريمة على الهواء، هذا ماأخبرنى به صديقى د.حامد عبد الله أستاذ الأمراض التناسلية بطب قصر العينى الذى إستضافته المذيعة مصرية الجنسية سعودية الهوى، السيدة نشوى مقدمة برنامج "نشوه" على قناة دبى الفضائية، وكانت الحلقة عن الحجامة، وقد حكى لى الدكتور حامد عن كواليس الحلقة ووسائل النصب وأساليب التهريج وبيزنس الخرافة وسمسرة الألم التى مارسها البرنامج على مشاهديه وجمهوره وضيوفه أيضاً، بدأ البرنامج بمايشبه المؤامرة، فهناك وجهة نظر محددة ترغب المذيعة فى توصيلها للجمهور، وهى أن الحجامة تشفى من جميع الأمراض، وأن الضيف السعودى الحجام هو نجم الحلقة الهجام!، وأن أستاذ الطب هو مجرد ضيف على الهامش يظل ملطوعاً حتى نهاية الحلقة، وإن فاض بعض الوقت ندخله لكى يخدم على الموضوع ويصبح محللاً شرعياً للخرافة، ولكن الضيف المصرى ظل يعلن وجهة نظره ويصرخ لكى يرد ولا من مجيب لأنه من وجهة نظرهم سيضر بالشو الذى تؤديه السيدة نشوه، وفى النهاية سمحوا له ببضع دقائق بعد أن حدثت جريمة إختيار شاب غلبان من الجمهور لإجراء عملية الحجامة على الهواء، وإطمئنوا على أن المسألة مرت بسلام، ولم يستطع د.حامد منع الكارثة للأسف لكنه خرج غاضباً ليحكى لى تفاصيل ترويج الخرافة على الهواء، وتصنيع وتعليب النصب العلنى على الناس فى صناديق البرامج الفضائية التى تسمى كذباً برامج المنوعات وهى فى الحقيقة برامج المعلبات الكاذبة الإجرامية التى تتم تحت سمع وبصر وبأيدى مصريين بإسم أكل العيش و"الرزق يحب الخفيه " و"ظرفنى تعرفنى ".


نجم الحلقة الذى قدمته نشوه من السعودية هو الأستاذ ياسر دارس الفلسفة الإسلامية والذى للعجب العجاب قالت عنه نشوه فى تقديمها أنه أول واحد يحصل على دكتوراه فى الحجامة على مستوى العالم، وبالطبع من السهل أن يقول أى شخص فى الدنيا أنا حاصل على دكتوراه فى علم الجان أو الأعمال السفلية أو الربط، وكما يقول المصريون هو الكلام عليه جمرك!، وبالطبع إستغلت المذيعة الرعب الذى يحدث والتوجس والخوف عند مناقشة مايطلق عليه الطب النبوى، الذى هو فى الحقيقة ممارسات هذا العصر والزمن التى تخضع لشروطه وإمكانياته، وليست على الإطلاق تعاليم عقائدية أو أوامر إلهية أو نبوية مقدسة، فالنبى عليه الصلاة والسلام هو نبى العقل ورسول الحرية وصاحب المقولة العبقرية والحديث الذى يتغافل عنه الدجالون وهو أنتم أعلم بأمور دنياكم فى حادثة تأبير النخل الشهيرة.


ظل الضيف السعودى يسرح بعقول المشاهدين ويخدرهم بالحشيش الإعلامى ويضع على كلامه البهارات الدينية التى تفتح شهية المدروشين، بدأ الأستاذ ياسر حكايته بأنه كان يعانى من العقم وبواسطة الحجامة إستطاع أن ينجب ثلاثة أولاد، ومن وقتها قرر دراسة الحجامة فى أمريكا!!، وبفضل الله إستطاع قهر كل الحجامين والحصول على الدكتوراه فى هذا التخصص الدقيق النادر الذى فتحت له أمريكا أبوابها، كان ياسر يتحدث وكأنه مجدى يعقوب، وكان يحكى عن تلك الجامعة الأمريكية الوهمية التى لامكان لها إلا فى تلافيف مخه، وظل يتكلم عن أبحاثه المنشورة فى مجلة "جده اليوم " التى أرجو أن يضم إليها مجلة ميكى وماجد وسمير، وأخذ يصول ويجول ويفتى فى الطب، كل هذا والأستاذ الجامعى منفى مهمش لايسمح له بالحديث، فالأولوية فى البرنامج للدجالين.


شرح الأستاذ ياسر نظريته فى الحجامة فقال لا فض فوه أنها تعتمد على نظرية الدم الفاسد، وأتحفنا بإكتشافه الألمعى أن الدم ألوان كثيرة أما الفاسد منها فلونه بنفسجى، وإنضم إليه الشيخ طارق وهو مصرى الجنسية فى تأييد نظريته الحجامية، وكان فى الكواليس شخص نادى عليه الشيخ طارق وقال أنه كان أعمى ثم أبصر عن طريق الحجامة، وحكى الشاب حكايته أنه كان يعانى من حمى شوكية شديدة سلبت بصره، وبالطبع مر على كل الأطباء بلا فائدة، وهى نفس الإسطوانة المشروخة التى يلقنونها لكل المستأجرين الذين يروجون لعلاج الحجامة، ولم ينقذه بالتأكيد إلا عمنا الشيخ طارق وأستاذه صاحب دكتوراه الحجامة الأستاذ ياسر، ومن المعروف عند من يتعلم ألف باء الطب وخاصة علم الأعصاب أن العصب البصرى فى بعض أنواع الحمى والأمراض التى تصيب المخ وبعدها يحدث له شفاء تلقائى بعد رحيل الإلتهاب الفيروسى، ومن هنا كان إستغلال مثل هذه الشفاءات التلقائية فى ترويج الجلا جلا وشغل الثلاث ورقات الفضائى الذى تمارسه مثل هذه البرامج.


كانت الطامه الكبرى عندما طلبت السيدة المذيعة نشوه وينفرى واحداً من شباب الجمهور الحاضر أن يأتى لكى يحجمه الساحر الأستاذ ياسر أمام الشاشة وعلى الهواء، وحدثت الجريمة المنظمة من مافيا برنامج نشوه، تحيطها سيادتها بالإبتسامات والتحيات والضحكات والمباركات، والأستاذ ياسر يسحب كاسات الهواء غير المعقمة، ويشرط بالموس غير المعقم جلد ظهر الشاب الغلبان المنتظر بلهفة أن تنفحه نشوه بعد الحلقة خمسين جنيه مقابل تطوعه وفرجة الناس عليه وعلى فضيحته على الشاشة الصغيرة، ونزف الشاب الدم من ظهره، وإبتسم صاحب الدكتوراه وعمنا الشيخ طارق وهما يشيران للون البنفسجى المزعوم الذى يتدفق كالنافورة فى مشهد دراكيولى لايحدث فى غابات آكلى لحوم البشر، وعندما حاول د.حامد إنقاذ الشاب المسكين صرخت نشوه كل حاجة نظيفة يادكتور، وبالطبع هى لاتعرف الفرق بين النظافة والتطهير والتعقيم، وتجهل أن النظافة بصابون نابلسى تختلف عن التطهير بالسبرتو وتختلف كلية عن التعقيم القاتل للبكتيريا والفيروسات.


إنبسط الجمهور وإنبسطت نشوه وإنبسط الجهله وإنبسط الشعب العربى كله، فهانحن لدينا علم الحجامه اللدنى الذى لايبارينا فيه أحد، ولم يسأل أى شخص عنده ذرة من ضمير أو إنسانية أو إحساس أو مسئولية أى سؤال من تلك الأسئلة :
* ألا يعتبر ماحدث جريمة إحداث جرح قطعى بدون مبرر من شخص لايعمل طبيباً فى بنى آدم غلبان لاحول له ولاقوة وكل مشكلته إنه فقير وعايز يتعشى عشا نضيف؟؟!.
* هل السعودى الحجام الذى لايفقه ماهى السرنجه، نسمح له بالعبث فى أجساد المصريين ونخرس صاحب الدكتوراه من أجل أن تنجح الحلقة فى مزيد من تغييب عقول الناس؟
* هل يوجد مايسمى بالدم الفاسد فى علم الطب؟، وهل رجعنا لعصر من وصفوا الهستيريا بأنها دم فاسد يخرج من الرحم الذى هو مصدر الكلمة اللاتينى لينتشر فى دماغ المرأة فتظل عقليتها أقل من عقل الرجل لأنها شبه مجنونة فى عرفهم؟!.
* هل مكان هذا الرجل وأمثاله الذى يمارس هذا الدجل ويدعى الطب طبقاً لقانون وزارة الصحة ونقابة الأطباء التى تمنع وتجرم الحجامة، هل مكانهم الأستوديو الفخم أم سجن طره؟.
* هل نحن بهذه الممارسات نخدم الإسلام أم نشوهه؟، الإسلام الذى بدأت دعوته بكلمة إقرأ وتفعيل دور العقل، كيف نجعل صورته بهذا التخلف ونجمده ونحنطه ونضعه فى توابيت الدجل، وهو الدين الذى تفاعل مع الواقع وأراد تغيير جموده.
أتمنى أن يجيب أحد عن تلك الأسئلة المفجعة قبل أن يجرفنا الطوفان ونتحول إلى جبلاية بنى آدمين يأتى إلينا السياح من الخارج ليشاهدونا ويتفرجوا علينا من خلال الأسوار، ويلقوا نظرة على اللافتة التى تقول كانت توجد هنا شعوب منحناها العقل فرفضته فطردها التاريخ ولفظتها الحضارة.

* الفضيحة الثانية : مدلك رياضى يدعى الطب ويصف العلاج وتفرش له السجادة الحمراء عند دخوله الأستوديو!.

* عادل عبد العال يكتشف علاجاً للإيدز ويعالج كل الأمراض بنظرية تنظيف القولون.
* لماذا أصبح الطب هو المستباح بإسم الطب البديل، ولماذا لاتوجد هندسة بديلة أو فيزياء بديلة؟
* الحكومة تسجن من يتنكر فى زى رجل شرطة وتكرم من يتنكر فى بالطو طبيب!
الفضيحة الطبية العلمية الأخرى أو بالأصح اللاعلمية فى دنيا الفضائيات تتعلق بالمدعو د.عادل عبد العال الحاصل على مايسمى بدكتوراه الطب البديل من كندا!، والذى ألف كتاباً عن الطب البديل يظهر على غلافه فى وضع المفكر والفيلسوف أفلاطون، وأنا شخصياً لاأعرف لماذا علم الطب بالذات هو المستباح والحيطه المايلة فى دنيا العلوم التى نبحث لها عن بديل، فعمرنا ماسمعنا عن الهندسة البديلة أو الفيزياء البديلة أو الميكانيكا البديلة، وعندما نريد بناء عمارة فلايمكن أن نذهب لمن يسمى المهندس البديل، ولو رفعنا قضية فلانذهب للمحامى البديل، ولو فعلنا ذلك سنعاقب ويمكن نسجن، فإشمعنى الطب....إلى الآن أنا لاأفهم السبب؟؟.

عادل عبد العال أصبح ظاهرة مستعصية على الفهم، وقد تحديناه من قبل أن يعرض شهادة تخرجه من كلية الطب على الهواء فى أحد البرامج، وبالطبع لم يقبل عادل عبد العال التحدى لأنه ليس طبيباً، وكنا نتمنى أن تكون تلك مجرد إشاعات ولكن بالبحث والتقصى فوجئنا بحقائق تقشعر لها الأبدان، ومآسى تجعلنا نبكى على حال مصر التى وصلت إلى مرحلة إدمان الخرافة حتى الثمالة.
الإشاعات التى نرجوه تكذيبها لو إستطاع تقول أن عادل عبد العال خريج تربية رياضية كان مدلكاً ومدرب إعداد بدنى فى النادى الأهلى لمدة سبع سنوات، وفتح الله عليه وذهب إلى دولة الإمارات حيث تمكن من أن يكون مستشاراً لأحد الأمراء، ولمع نشاطه فى عجمان والشارقة، وساعدته كاريزما كلامه المعسول أن يقنع الحكام هناك بأن يكون أول غريب يستثنى من قانون منع تمليك الأرض للأجانب، وصعد نجم عادل عبد العال وقرر ألا يكتفى بالتدليك الرياضى وقرر أن يقتحم عالم تدليك العقول ويصبح طبيباً ومعالجاً، وكانت الوسيلة للعبور إلى عالم المليونيرات هو قارب الفضائيات وصاروخ الإعلام العابر للقارات.


إختلطت شهوة الميديا مع البيزنس، وإنضمت أرض طريق مصر إسكندرية الصحراوى إلى أرض سيناء، وإجتمعت زراعة الأعشاب مع صداقة رجل الأعمال السيناوى الذى يمتلك قناة فضائية روجت لظهوره بشكل قوى وكاسح جعلته نجماً يتحدث فى الطب ويصدقه الناس أكثر من د.محمد غنيم وخيرى السمره ويس عبد الغفار بل وعلى إبراهيم باشا نفسه!، وإمتدت إمبراطورية الأراضى حتى كندا، وإتسع نطاق الشهرة، وتضخمت الظاهرة، وصار الشخص الوحيد الذى تفرش له السجادة الحمراء قبل دخوله الأستوديو ويحضر رئيس القناة شخصياً أثناء تسجيله الحلقة، وتتهافت عليه الأندية الراقية مثل نادى الصيد والأهلى التى يجلس أعضاؤها المتعلمين الراقيين المثقفين المستنيرين كالمغيبين أمامه يصفقون ويهتفون ويتبركون.
ندوات الدكتور الفاضل عادل عبد العال لها نظامها الخاص، وفيها هتيفة معروفون يخدمون على الهراء الطبى الذى يردده، فتخرج سيدة من وسط الجمهور وهى تبكى فرحاً وتدعو للدكتور عادل عبد العال لأنه شفاها من السرطان أو فيروس سى، أو يجرى رجل ليقبل يديه لأنه شفاه من العقم، فينبهر الحضور وتنسبك عليهم الخطة الجهنمية ويقعون فى فخ تصديقه بل وتقديسه.


المصيبة والكارثة أن العلاج أصبح بالدولارات وعندى الأسماء والأرقام التى دفعت فى البنوك لشراء العلاجات الوهمية التى يقدمها هذا الرجل الذى خرج علينا أخيراً بإدعاء إكتشافه لعلاج الإيدز، و نتساءل أسئلة بريئة للدكتور المزعوم عادل عبد العال وقبلها لمن يصدقون عادل عبد العال الذى هاتفنى أطباء كثيرون وقالوا لى أن المريض الآن يقول لهم مش واخد الدوا ده لإن عادل عبد العال قال إن العشب الفلانى أو البردقوش العلانى أحسن، ويظل الطبيب فى محاولة مضنية لإقناع المريض وإقتلاع وهم عبد العال المسيطر على تلافيف مخه والمتمكن من تضاريس مخيخه، ولكن بلاجدوى فصوت وصراخ وضجيج التخاريف أعلى من همس العلم، والأسئلة هى:

* هل يوجد فى أى بقعة فى الكون أو المجرات الأخرى إنسان يدعى أنه يعالج كل الأمراض من القلب إلى الطحال إلى الكبد إلى المخ إلى العقم إلى البواسير؟!.
* هل يوجد طبيب محترم يعالج كل شئ من خلال نظرية تنظيف القولون وكأننا فى هيئة التجميل والنظافة ولسنا بصدد طب وعلم، وكل شئ عنده سببه الإمساك؟.
* كيف يسمح المسئولون عن الصحة بهذا التهريج؟ وكيف يقتحم مدلك رياضى مجالاً علمياً كالطب؟.

* هل مع د.عبد العال شهادة من كلية الطب؟، هل معه ترخيص بممارسة المهنة؟ أم نحن فى بلد فوضى، يتاجر فيها كل من هب ودب فى صحة البشر؟؟.
* هل لايوجد قانون يجرم إدعاء مهنة محترمة وخطيرة وحيوية كمهنة الطبيب؟ ألستم ياسادة يامسئولين تسجنون وتقبضون على من يرتدى زى رجل الشرطة فى نفس الحين الذى تتركون فيه من يدعى العلاج ويمارس فتاوى الطب ويقتل الناس على الهواء ويخرب فى العلم بإسم الدين، تتركونهم أحراراً يرتعون فى طول المحروسة وعرضها، بل ويكونون ثروات متضخمة متورمة تحت سمع وبصر وبمشاركة أصحاب السلطة والسطوة!!!، حقاً يامصر إنك بلد المضحكات ولكنه ضحك كالبكاء.
khmontasser2001@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف