الإرهاب الإسلامي يهدد فرنسا و العالم..
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ليست مخاطر التطرف والإرهاب الإسلاميين في فرنسا بالجديدة، فقد نفذ الإرهابيون الإسلاميون الجزائريون عمليات دامية في التسعينيات الماضية كان أبرزها التفجيرات في مترو باريس عام 1995. وفي كتاب "الإسلاميون هم فعلا هنا" الصادر قبل ثلاث سنوات في فرنسا، ترد معلومات غزيرة ورهيبة عن شبكات الإرهاب الإسلامي في فرنسا، وكنا قد توقنا لدى الكتاب في عدة حلقات.
لقد شددت الأجهزة الأمنية من يقظتها وإجراءاتها بعد 11 سبتمبر، وكشفت واعتقلت خلايا إرهابية عديدة وخططا جهنمية لنشر الموت والإرهاب: كخطة لصنع أسلحة كيميائية وجرثومية، وخطة لنسف برج إيفيل، وأخرى لنسف أكبر كنيسة في وسط مدينة ستراسبورغ.
إن الجماعة الجزائرية المسلحة والتنظيمات الإرهابية المغاربية الأخرى قد حولت منذ بداية القرن الحالي عنوانها إلى " القاعدة - فرع دول المغرب" . إن خطر هذه التنظيمات القاعدية هو اليوم أكثر ما يقلق فرنسا، حيث أن لهذه الشبكات فروعا بين مسلمي فرنسا، وخصوصا في الضواحي كما أن خططها الإرهابية لا تقتصر على عمليات في الجزائر أو غيرها، وإنما باريس نفسها.
إن هذا الخطر المتزايد الذي يواجه فرنسا يتزامن مع استمرار الخطر نفسه في دول غربية أخرى وخصوصا في بريطانيا والولايات المتحدة. إن المعلومات الصحفية البريطانية ذكرت نقلا عن التقارير الأمنية أن هناك حوالي 2000 [ ألفي ] مسلم بريطاني متطرف يستعدون لموجات جديدة من العمليات بعد تفجيرات 2005. وكانت الأجهزة الأمنية قد كشفت واعتقلت تباعا هذا العام عددا من الخلايا الإرهابية الإسلامية، التي كانت مستعدة لارتكاب جرائم جديدة. هؤلاء عموما هم من المسلمين ذوي الأصول الباكستانية؛ ومن هنا تتصاعد اليوم حملات صحفية على رئيس باكستان في الصحافة الأمريكية التي تتهمه باللعبة المزدوجة في التعامل مع الإرهاب والمتطرفين، وارتباط أجهزته الأمنية بشبكات طالبان والقاعدة.
أما في فرنسا فإن الصحافة الفرنسية هذه الأيام تنشر باستمرار معلومات عن المصادر الأمنية حول تهديدات الإرهابيين الإسلاميين. فمثلا نشرت صحيفة "لوباريسيان" اليومية واسعة الانتشار هذه الأخبار بلافتات بارزة ومساحات واسعة. ففي عددها ليوم 26 فبراير المنصرم كانت مانشيتات الصحيفة منذ أول صفحة "التهديد الجديد للإرهاب". وقد خصصت للموضوع ثلاث صفحات كاملة وبعناوين بارزة، وقد أشارت إلى تصعيد مستوى التأهب الأمني ضد الإرهاب بمناسبة الانتخابات الجارية، ومن العناوين أيضا " القاعدة فرع دول المغرب تقلق فرنسا." كما نشرت الصحيفة صورة زعيم إرهابي اعتقل بتهمة علاقته بتفجيرات 1995 حكم عليه بسبع سنوات، واستمراره في تنشيط خلايا الإرهاب. اسم الإرهابي هذا "صافية بو رندة."
لقد كشفت المخابرات الفرنسية منذ نهاية 2005 10 تنظيمات إرهابية ذات صلة بالقاعدة واعتقلت أعضاء كثيرين منها، وخصوصا في ضاحية "إيفلين". إن هذه الخلايا المنظمة كانت تستعد لتفجيرات في مترو باريس، ومطار أورلي، ومقر جهاز للمخابرات في باريس، وزعيمهؤلاء هو بورندة نفسه. وتكسف هذه المعلومات أيضا عن علاقة هذه الشبكات بفرع القاعدة في العراق وتنقل كوادر منها بكثرة بين تركيا ومصر وسوريا. وفي 12 ديسمبر 2005 اعتقل البوليس الفرنسي عشرين من المشكوك في تمويلهم للإرهاب في الجزائر وفرنسا، ويقود تلك الزمر المنظمة شريف الغاسني، وهو علاقة مع بورندة. كانت هذه العصابات تجمع الأموال عن طريق السرقة والسطو المسلح وغش البطاقات المصرفية. وفي يونيو 2005 تم كشف شبكات لتجنيد وإرسال الإرهابيين للعراق، وكان بين أعضائها طلبة يتقنون التقنيات الألكترونية ويضعونها في خدمة التفجيرات الإرهابية. وكانت الشبكة قد أرسلت نظما ألكترونية للتفجير عن بعد إلى فرع الجزائر. وفي الجزائر كشف البوليس وثائق تدل على العلاقة المالية مع الشبكات الإرهابية بفرنسا.
لقد كان تفجير حافلة ركاب من الأجانب في منطقة بوشاوي بالجزائر مؤخرا أحد المؤشرات الجديدة لتصاعد التهديدات على فرنسا نفسها. ونشرت الصحافة هنا صورا منقولة عن قنوات الإرهابيين حول كيفية التفجير، وصورة تحت عنوان "غزوة بوشاوي."
إن الشبكة الجزائرية للقاعدة وهي نفس الجماعة المسلحة سابقا تركز في إعلامها ضد فرنسا خاصة وتكرر أنها ترث تلك الجماعة.
إن الأجهزة الفرنسية تخشى تكرار عمليات من نمط ما وقع مؤخرا في الجزائر وتونس، ومن ذلك تفجير الحافلة، وتفجير هائل وسط الجزائر، وخطط في تونس كانت تستهدف السفارات والمصالح الأجنبية، والسياحية خاصة.
هذه بعض المعلومات المشورة مؤخرا عن التهديدات الإرهابية الجديدة لفرنسا وبقية الدول الغربية، وعلاقة الشبكات الإرهابية بفرنسا أو شبكات في الدول المغاربية ذات اتصالات مباشرة بالخلايا الفرنسية. ونلاحظ أيضا ما جرى لفرنسيين في المملكة السعودية بأيدي عناصر من القاعدة .
لقد اعتاد المتطرفون الإرهابيون الإسلاميون تبرير جرائمهم وسترها بقضايا سياسية كفلسطين والشيشان وأفغانستان، واليوم العراق؛ ولكن لماذا استهداف فرنسا لو كانت هذه هي الأسباب والدوافع الحقيقية للخطط والعمليات الإرهابية؟؟ إن فرنسا قد وقفت بكل عنف ضد الحرب على صدام، ومواقفها العربية يعتبرها العرب متعاطفة، وموقفها الفلسطيني موضع ترحيب الفلسطينيين والعرب. أما في الموقف من واشنطن، فإن الطبقة السياسية الفرنسية بوجه عام مصابة بحساسية كبرى ولحد النفور من الولايات المتحدة. وفي مؤتمر للقمة في موسكو تعمد بوتين دعوة شيراك وحده لمائدة غداء من دون بقية الرؤساء الغربيين، مما يدل مرة أخرى على ما يجمع الرجلين من طموح لتشكيل محور أوروبي لمواجهة ما يعتبرونه وحدانية السياسة الأمريكية. وفي تصريحات متناقضة للرئيس الفرنسي منذ حوالي أقل من أسبوعين نراه يحذر واشنطن من مغبة عدم التوقيع على بروتوكول كيوتو الخاص بحرارة المناخ ويهدد باتخاذ عقوبات أوروبية. وفي نفس التصريحات يشيد كثيرا بالصين،، مع أن الصين أيضا ودولا كالهند والبرازيل هي في مقدمة الدول الأكثر تلويثا للمناخ وترفض حتى اليوم الضوابط الدولية.
نريد هنا أن نشير خصوصا إلى أن ذرائع الإرهابيين لتهديد فرنسا تفضح نفسها بنفسها حيث الأوراق السياسية هنا ركيكة جدا. وإذن فالقضية أبعد، وهي قضية الإرهاب الإسلامي في العالم كله من دول غربية وعربية، لاسيما العراق بنحو مركز، وأفغانستان وغيرها.
إن التهديد الإرهابي الإسلامي، بعد انتهاء الحرب الباردة، هو التهديد الأكبر للبشرية كلها وللحضارة الإنسانية. إن الإرهاب الدموي المتستر بالدين الإسلامي يبيح سفك الدماء وقتل المدنيين بالجملة لأن هدفه المباشر نشر الموت لخلق أجواء من الرعب والقلق العامين. والعراق اليوم يقدم المثل الأكثر وضوحا وبشاعة وفجورا لجرائمهم الشريرة.