كتَّاب إيلاف

حينما لا تكون الفرات فراتاً

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إن كل مجموعة من البشر تسير لتحقيق هدف معين وضعته لها، تدرك تماما ان الاحباط واليأس من اخطر الامور التي لابد وان تبتعد عنها كي لا تتعرقل مسيرتها نحو الهدف المنشود، وحينما يضعف احد اعضاءها ويصاب باليأس او يبكي من الخوف، تحاول المجموعة ابعاده كي لا يسري تأثيره المحبط على بقية الاعضاء ..
من هنا نستنتج نتيجة منطقية هي ان احد اسباب عدم نجاح قضايا الشعب العراقي على مدى اجيال وتكالب الطغاة عليه وبقاءه بمستوى الفقر على كبر موارده المادية والبشرية، هو هذا الاحباط والبكاء على المقابر الذي اصبح تقليدا ومرضا متوارثا وللاسف قد شرع في الدستور..
ان تجهيل الناس وغسل دماغهم باي مؤثر، جريمة لا بد وان يعاقب عليها القانون، مهما كانت اليافطة التي ترفع تحت هذا الفعل، ومثلما نجد في اغلب القوانين الوضعية في العالم مادة تعاقب الرذيلة ومن يحضّ عليها، حتما سنجد في هذه القوانين مادة تعاقب من ينشر الجهل ويحضّ عليه، حتى وان كان باسم الدين وباسم المقدسات، حيث يفترض ان المنطق الديني يقدس العقل اولا فبه عـُرف الله، وان الشعوب التي قدست المقابر وطغت عليها تقاليد التقديس وانشغلت ببناء القباب والاضرحة وضرب الجسد بآلات حديدية تقليدا لمفاهيم شاعت منذ زمن واعتبرت جزءا من تقاليد دينية اجتاحتهم وجعلت من غالبيتهم جهلة اميين مشغولين عن تطوير الاقتصاد وحل مشكلاتهم المعيشية، لم تستطع - مع الاسف- حتى الان ان تبني حضارة يمكنها ان توازي حضارات الشعوب الاخرى في الزمن الحالي، فاين اليوم حضارة الشعب الهندي الذي انشغل ببناء المعابد الفخمة؟ وهاهم الهنود الذين لديهم اشهر واجمل واكبر القباب الذهبية التي تغري السائحين في العالم، نراهم ينتشرون جائعين في كل بقاع الارض، باحثين عن لقمة عيشهم، فهم الايدي العاملة الرخيصة للمترفين من الشعوب الاخرى ..
ان الذي يبصر مايعرض بقناة الفرات العراقية من لطم وتطبير وزحف على الاقدام باتجاه العتبات المقدسة، يدرك كبر جريمة القائمين على هذه القناة وامثالها والممولين لها، وحتى العاملين فيها، نعم الكل يتعاونون لنشر البكاء واليأس والدموع، الكل يحاول ابعاد هؤلاء الناس المساكين، المتعبين الخارجين من جحيم حروب صدام ومقابره الجماعية نحو الحياة السعيدة وممارسة حقوقهم الطبيعية في الحب والعمل والبهجة .
هؤلاء الفقراء من شيعة العراق، الا يحق لهم ان يعيشوا كبقية البشر؟
لماذا يتعرضون لغسيل الادمغة على مدار ساعات بث الفضائيات التي تكاثرت وتكالبت على بلواهم؟
أما من يفكر ان يوجه هؤلاء للحياة السوية الطبيعية ليروا العالم كيف يعيش؟
لماذا لا يريدون لهم البهجة؟
لماذا ينهون حياتهم بالقهر والاحساس بالذل في المقابر؟
الا يكفيهم كل الكربلاءات التي مروا بها؟
من المسؤول عن هذا التخلف؟
من المسؤول عن هذه القنوات التي تحولت الى مباك بيد أئمة انانيين وذاتيين يعملون على تجهيل من يتبعهم،اذ لو صحا جمهور الشيعة هؤلاء من غفلتهم لا يكون للملالي واصحاب العمائم اية قيمة تذكر، واي فضل لهم وقد حصلوا على القداسة والشهرة بالوراثة؟
قناة الفرات العراقية تحاول الغاء رغبات البشر التي فطر عليها بحبه للفرح والفن والثقافة الراقية التي تسمو به الى حب الحياة والعمل،فنراها تشجع ركيك الشعر الذي يمجد البكاء الابدي ويشيع الحزن والثأر الطائفي.
اذن ما لفرق بين ما تريده تنظيمات القاعدة الارهابية والقنوات التي تبعد الناس عن واقعهم وتلهيهم بالاستماع للطم واشعاره الشعبية البائسة التي تبقيهم في مستوى ازمان القرون الوسطى؟
حينما يرى الانسان مشاهد العراقيين من اهلنا الشيعة ويرى البؤس ومستوى المعيشة واساليب حياتهم، يدرك تماما كبر جريمة المسؤولين عن هكذا قنوات فضائية، والتي شئنا ام ابينا تتظافر مع جهود كل الديكتاتوريات التي مرت على العراق، ومع جهود كل الارهابيين وجهود كل الاستعمارات في بث الجهل والابقاء على نمط حيوات قرون سحيقة .
انظروا ايها الناس الى قناة الفرات لتروا النسوة مكورات امتعتهن على الرؤوس بطريقة بدائية سائرات حافيات بالالاف مع اطفالهن، عشرات الالاف من الناس بل ما يعلن عنها انها مسيرة مليونية رجالا ونساء، مخدرة عقولهم الغافلة عن مزايا العقائد التي تحث على ضرورة العلم والوعي من اجل حياة واقعية التغيير تساوي بقدرتها ثورة الحسين على الظلم وما احلى ان تقف هذه الثورة الان لتنقذ ارواح العراقيين المتساقطين يوميا ومن كل مكونات الشعب تحت وابل الارهاب والعنف الطائفي .
ان المشجعين على تخدير عقول البشر بعيدا عن سمو العقائد في احترام عقل الانسان ماهو الا إرهابيا ومستعمرا خطيرا، يستعمر عقول البشر ويلغيها .
الى متى تبقى جماهير الشيعة مغيبة العقول سائرين وراء زيف العمائم والملالي راقدين على المقابر حفاة باكين في عالم ٍ يركض نحو العلم والنور والسعادة؟

balkis8@gmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف