كتَّاب إيلاف

قبل الهاوية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بسم الله الرحمن الرحيم

صراع المُـطـْـلقات (بضم الميم وسكون الطاء)
منذ 1952 حتى الان يدور فى مصر صراع بين العسكر والاخوان المسلمين. ووصل هذا الصراع بمصر الان الى حافة الانهيار الذى ينذر بتدمير الدولة كما حدث ويحدث فى الصومال و العراق. أسوأ ما فى هذا الصراع أنه يجرى فى إطار (المطلق) ـ بضم الميم وسكون الطاء ـ بمعنى أن كل واحد من الخصمين يريد لنفسه الاستئثار المطلق بالغنيمة ـ أى مصر، أرضا وشعبا ؛ الاستبداد العسكرى لا يترك مجالا لشريك، وكذلك أسطورة الحاكمية لدى الاخوان المسلمين تؤكد لهم أنهم وحدهم المختارون من الله تعالى لحكم الناس باسم الدين..
فى الاختلافات السياسية بين الأحزاب المدنية هناك مسرح رمادى يتسع للجميع، وهناك مئات من أنصاف وأرباع الحلول، وهناك محاولات التوفيق بين مختلف الآراء وارضاء جميع أوأغلب الأطراف. وفى النهاية ليس هناك شىء ثابت أو مطلق، بل يخضع كل شىء فى التعامل السياسى للتغير حسب المصلحة أو المتغيرات على الأرض أو موازين القوى أو تغير وجهات النظر. وبالتالى يظل الصراع سياسيا سلميا يحاول كل فريق فيه كسب الشارع والأنصار.
لايوجد هذا فى الخلاف بين الحكم العسكرى المستبد الجاثم على صدر مصر منذ 1952، كما لا يوجد لدى الاخوان الطامعين فى الاسئثار بمصر منذ 1928. وكلاهما لا يؤمن إلا بحقه المطلق بالاستئثار بمصر أرضا وشعبا، و لا يرى غير القوة وسيلة للوصول الى السلطة. وإذا كان الجيش هو مستودع السلطة واذا كان الدستور المستبد للحكم فى مصر يحصر القوة الحربية فى شخص القائد الأعلى للجيش ـ أى الرئيس ـ فان ثقافة الاخوان واجهت هذه القوة بتحييدها بعقيدة العمليات الانتحارية إذا لم يكن متاحا استعمال ما يسمى بالارهاب الآمن أى إضرب واهرب.
ولا شك أن أوان استعمال هذه العقيدة الانتحارية مؤجل، الى أن يصل الحال بمصر الى ما يحدث فى العراق أو الصومال، عندها يمكن ممارسة العمليات الانتحارية بشكل أعنف وأيسر وأسهل.
واذا ظل الحال على ما هو عليه فان مصير العراق و الصومال ينتظر مصر..

والحال ( كما هو عليه الان ) كالآتى:
1 ـ يدخل حكم العسكر فى مصر مرحلته الأخيرة، والرئيس العسكرى الان وصل الى أرذل العمر، وهو متمسك بالسلطة الى النهاية لأنها الوسيلة الوحيدة للمحافظة على حياته و حياة أسرته و( تحويشة العمر ). وكما فعل السادات حين اهتز الكرسى من تحته فقام بتغيير الدستور الى الأسوأ وجعل منصب الرئاسة أبديا، فان الرئيس الحالى ـ وهو فى أواخر أيامه ـ يقوم بتغيير الدستور ليكون ـ فى عصر الحرية و الديمقراطية وحقوق الانسان ـ أشد استبدادا وفسادا و تسلطا، ولكى يحول قانون الطوارىء من كونه ( طوارىء ) الى قانون أبدى. ومن الطبيعى أنه لو تم هذا التغيير فلن يستمتع به الرئيس. والرئيس يريد لهذا التغيير أن يكون عصا لتاديب المصريين حتى يقبلوا برئاسة الوريث. ولكن الهاوية القادمة ليس فيها متسع للوريث ليتمتع بالرئاسة حتى لو وصلها.
2 ـ الاخوان المسلمون ـ بعد ما قاسوه من تعذيب، او(جهاد) يريدون الاستئثار بالسلطة، ولا يرون للأحزاب القائمة سوى فتوى قادمة تجعل التحزب كفرا، لأنه فى مواجهة (حزب الله) المصرى لن يوجد سوى حزب الشيطان.
3 ـ بين الاخوان والعسكر توجد الأحزاب و منظمات المجتمع المدنى.. وقد دخلت ساحة العمل السياسى بالمظاهرات وعلى الانترنت، وهى تعانى من عصا السلطة الغاشمة و استغلال الاخوان وعوامل ضعف داخلية أخرى مختلفة. وفى حالة الصراع المسلح القادم ستكون تلك التجمعات المدنية ضحية مثالية للعسكر والتنظيمات الاخوانية التى ستظهر فى الوقت المناسب لتضرب عشوائيا.
4 ـ هناك مثقفون صامتون غاضبون محبطون يشكلون أرضية صالحة لإقامة الاصلاح. ولكن الاصلاح لن يأتى إلا من فوق. وقمة السلطة تعاقب من يفكر فى الاصلاح بعصا الشرطة التى لا ترحم.

أخطر المعطيات فى الوضع المصرى هو ما يرقد تحت السطح:
يمكن إيجازها فى كلمتين: ثقافة الاخوان، وحالة الجيش.
ثقافة الاخوان السلفية السنية الحنبلية
الاخوان ليسوا خطرا فى حد ذاتهم كتنظيم أو حتى كتنظيمات علنية و سرية. الخطورة الحقيقية تكمن فى ثقافة الاخوان السلفية التى تعبر عن أكثر ملامح الدين السنى تعصبا وتطرفا يجرى نشرها باسم الاسلام منذ عهد السادات حتى الآن. يتعاون فى ذلك الأزهر مع الأوقاف و المساجد و الاعلام و التعليم و النوادى والأفلام و المسلسلات.
النظام العسكرى يتمسك بهذه الثقافة السلفية ليزايد على الاخوان و ليبدو أكثر تدينا منهم، بالاضافة الى ارتباطاته اقليمية، و حاجته الى وجود التطرف ليخيف به الغرب فى الخارج و المثقفين فى الداخل و ليكون التطرف مبررا لوجود الحكم العسكرى و بقاء قانون الطوارىء.
وفى دفاعه عن هذه الثقافة الدينية يضطهد النظام (المباركى ) كل من يناقشها من داخل الاسلام ـ كما يفعل القرآنيون ـ او من خارجه كما يفعل العلمانيون.
اضطهاد الاخوان مع عدم وجود بديل سياسى أو أمل اصلاحى يضيف الى فاعلية هذه الثقافة الاخوانية، ويزيد من فرص الاخوان فى الفوز، وبالتالى يوسع الخطى نحو الهاوية.
تحكم ثقافة الاخوان الدينية لا بد أن يتبعه تحكم سياسى إذا تهيأت الظروف وانعدم البديل الديمقراطى. والنظام العسكرى الحاكم يهيىء بنفسه كل الظروف للاخوان. أى يهيىء الظروف للوقوع فى الهاوية.

ماتحت سطح الجيش أكثر رعبا
من النظرة السطحية يبدو أى جيش فى عروضه العسكرية أكثر قوة و نشاطا و تنظيما ـ وتبدو اسلحته أكثر رعبا للعدو و أكثر دواعى الفخر للمواطنين. ولكن المظهر ليس كل شىء. الأهم هو ما يجول فى عقول أبناء الجيش من قادة و ضباط ومجندين. ما يدور فى أفئدتهم وعقائدهم هو القول الفصل فى استعمال تلك القوة الحربية التى يحتكرها الجيش.
لم يدخل الجيش المصرى معركة هامة منذ حرب اكتوبر 1973. والقيادة الحالية للجيش تتربع على قمته منذ حوالى عشرين عاما. والترقية تبعا للولاء للنظام و ليس الكفاءة. وميزانية الجيش ورئاسة الجمهورية لا تخضع لرقابة مجلس الشعب، وما يجرى فى صفقات التسليح تتناثر حوله روايات الفساد والعمولات. وبينما توجد قلة من القيادات المدللة والمترفة والفاسدة يوجد أغلبية من القادة الوطنيين ؛ منهم الناقمون، ومنهم اليائسون.
هذا على مستوى القيادات، فاذا وصلنا الى الرتب الشابة والجنود فالعلاقة بينهما غاية فى السوء. ومعروف أن المجند المصرى ـ خصوصا إذا كان خريج جامعة تتم معاملته أسوأ معاملة. ويتعلم من تجربته فى التجنيد كيف يكره الوطن. فاذا وصلنا الى المجندين الأميين فى الأمن المركزى فما يتعرضون له من إذلال أصبح واضحا للعيان،وقد ثاروا ثورة فوضوية فى أوائل الثمانينيات.. وبركان التمرد لا يزال يتأجج فى داخلهم، خصوصا وهم الذين يقع عليهم عبء التحرك العسكرى لضرب إخوانهم المصريين المتظاهرين للمطالبة بالعدل والانصاف. ولا بد لضحايا الظلم ـ من الأمن المركزى و المتظاهرين ـ من الاتحاد معا ـ طال الوقت أم قصر, وعندها تسقط مصر فى الهاوية.
ليس هذا هو نهاية الأنباء السيئة. هناك ما هو أفظع..
الجيش جزء من الشعب يتاثر بنفس الثقافة الدينية. وأغلبية الجيش هم من الجنود والضباط الشباب الفاعلين العاملين فى المعسكرات و الميادين خارج المكاتب الفخمة. أولئك الشباب فى مرحلة عمرية تترواح مابين العشرين الى الخامسة و الثلاثين. أى ولدوا وتربوا وعاشوا من عصر السادات الى الان، أى عاشوا ورضعوا ثقافة الآخوان السلفية فى التعليم و المساجد والاعلام والنوادى و محاضرات التوجيه المعنوى داخل الثكنات. أى إنهم أخوان مسلمون بالثقافة، وان لم يكن بالانتماء. والعبور من الانتماء الثقافى الاخوانى الى الانضمام الفعلى الى الاخوان ليس عسيرا فى ضوء تردى الأحوال وانعدام افق التغيير الاصلاحى السلمى. وعندها ستندلع حركات عسكرية من داخل الجيش و تنشب معارك بين المؤيدين للنظام والخارجين عليه، ويجرى سرقة السلاح وتهريبه للأنصار هنا وهناك. و تتكون ميليشيات..ونسقط فى الهاوية.
ولنتذكر أنه حدثت تحركات من قبل من داخل الجيش المصرى. نجحت حركات وفشلت أخرى. والجو الآن مهيأ للمزيد. تحركت بعض شباب الجيش المصرى ونجحوا فى انقلاب سنة 1952. وكان من عناصر الضباط الأحرار بعض الاخوان، وكانوا كلهم فى نفس عمر شباب اليوم.
وتحرك شباب آخرون وفشلوا فى حادث الفنية العسكرية. وكانت حركة اخوانية بالثقافة. وتحرك شباب آخرون فى حادث المنصة فقتلوا السادات سنة 1981، وكانوا يحملون نفس الثقافة.
الان الثقافة الاخوانية فى أوج ازدهارها بين شباب الجيش اليوم ـ والأحوال فى مصر غاية فى السوء، وليس هناك أمل فى التغيير ـ بل أن رأس النظام رد على المطالبة بالاصلاح بتغيير الدستور وجعل مصر تعيش فى طوارىء الى يوم الدين..!!.
والاخوان تحت مطرقة الا ضطهاد، تصل صرخاتهم الى (إخوانهم ) فى نفس الثقافة، وهم أغلبية الجيش. والمسألة مجرد وقت يفصلنا عن الهاوية..
هذا هو ما يرقد تحت السطح.. وعندما يتحرك سيحمل معه الهاوية.

الانفجار القادم الذى يتوقعه الجميع:
إذا استمر هذا الحال على ما هو عليه، بالتوريث أوبقاء العسكر فى الحكم فلا بد أن ينتهى الأمر بالانفجار. وبالانفجار تسقط الدولة و يتشرذم الجيش، وتتحول مصر الى غابة لحروب أهلية يفوز فيها ( المجاهدون الانتحاريون ). هى الفوضى الخلاّقة التى يتمناها الاخوان ليقيموا دولتهم بالتخويف والارهاب.
ولكن لن يلبث قادة الاخوان الحاليون أن يكونوا ضحية. فالعادة فى مثل هذه النوعية من الثورات أن يفوز من هو أكثر دموية وأكثر تزمتا وتعصبا. وبالتالى فلو وصل الاخوان الى الحكم فستكون مرحلة قصيرة يتمتع فيها رموز الاخوان بالسلطة بعد العسكر ثم تنشق الأرض عن ( المهدى المنتظر) وعشرات من منافسيه، من أعماق الصعيد و العشوائيات، ويأتى ( الطالبان ) المصريون ليجربوا طريقتهم فى الحكم على جثث ( المعتدلين من الآخوان المسلمين )، ثم يتعدد الصراع بين هذا ( المهدى) وذاك، وتتدخل قوى خارجية، و تصبح الحرب الأهلية اقتصادا تتعيش منه قوى خارجية وداخلية. والضحية هى مصر؛ البشر والتاريخ و الجغرافيا.
إننا نعيش الان مرحلة القضاء على الطواغيت السياسية، بدأت بالصومال ولن تنتهى باعدام طاغوت العراق. وكلما تأجلت المواجهة وكلما طال عمر الطاغوت فى السلطة، وكلما ضاعت كل الحلول السياسية الممكنة ـ تعاظم الانفجار ليقضى على الدولة نفسها وليس على مجرد نظام الحكم.
لو وقف شعب العراق وقفة رجل واحد ضد صدام حسين منذ ثلاثين عاما فماذا كان سيحدث ؟
فى وقفته عندئذ كان سيفقد بضع مئات أو بضع الوف فى مظاهرات واعتصامات، كانت ستؤدى فى النهاية الى أن يفيق الجيش من غفلته و يتصرف لصالح الشعب. ولكن استكان أهل العراق لصدام، وثار بعضهم هنا وهناك فى اوقات متفرقة. وفى النهاية قتل صدام منهم ملايين فى حروب داخلية وخارجية. ثم أدى الخلاص منه الى القضاء ليس فقط على نظام حكمه و لكن على الدولة نفسها ـ بعد أن قام صدام بتفريغ العراق من نخبته المثقفة ولم يترك إلا زعماء العصابات الذين خلا لهم الجو الان ليحكموا أرض الرافدين وليقتلوا أهله فى حرب عشوائية لا مثيل لها.
الايرانيون كانوا أكثر وعيا. وقفوا ضد الشاه، وضحوا ببضع مئات فى المظاهرات، وفى النهاية لم يتحمل الجيش أن يضرب فى الشعب فتخلى عن الشاه فسقط.
نفس الحال فى رومانيا مع شاوشيسكو. ودول شرق أوربا الشيوعية سابقا، تم فيها تغيير الأنظمة مع بقاء الدولة فحدث التحول الديمقراطى سلميا وسلسا. هل أقول أيضا جنوب افريقيا ومانديلا ؟ أم يكفى المثل الرائع للتحول الديمقراطى فى موريتانيا ؟
مع بقاء الرئيس الحالى فى حكم مصر كل هذه المدة ـ بكل هذا الفساد والتعذيب والاستبداد ـ فان انهيار الدولة المصرية العتيدة هو الهاوية التى تنتظر مصر.. إلا إذا سارعنا بانقاذ ما يمكن إنقاذه..
وهنا تاتى مسئولية الجيش المصرى، هو سبب المشكلة، وعليه أن يكون الأساس فى حلها.

كيف نتحاشى هذه الهاوية؟
إن مصر تحتاج الان الى أن يتدخل الجيش سلميا لانقاذ الرئيس مبارك من عناده، بأن يتخلى طواعية عن الحكم، وأن يرحل باسرته الى مكان آمن، ثم يتخلى الجيش تماما عن فكرة الحكم ويحصر مهمته فى حماية البلد، ومنها القيام بتامين عملية انتقال السلطة الى حكومة مدنية تؤسس الاصلاح.

بتفصيل أكثر أقول:
1 ـ يتخلى الجيش عن الحكم. ويعود الى معسكراته. ويفهم أن دوره هو حماية الوطن وليس حكم الوطن. وليفهم أنه عندما يتولى حكم الوطن فانه يصبح عدوا للشعب، ويتعامل مع الوطن على أنه جبهة حربية، وأن أبناء الوطن هم أعداء يوجه نحوهم سلاحه. وهذا هو بالضبط ما يحدث الآن. الأمن المركزى ـ أكبر جزء من الجيش ـ هو الذى يبطش بالناس.
هل هذه هى وظيفة الجيش المصرى؟ يا قادة الجيش المصرى ؟
هل يليق بكم أن توجهوا سلاحكم الى المدنيين العزل من أبناء وطنكم ؟
هل هذه هى شهامتكم ؟ هل هذا هو اسلامكم ؟ هل من الاسلام ان تضرب المظلوم لتساعد الظالم؟ أم أن تقف ضد الظلم وتؤيد العدل ؟ هل ينفق عليكم الشعب من ماله وقوت يومه لتقوموا بضربه و استعمال سلاحكم ضده ؟ ومن أجل من ؟ من أجل فرد واحد إستاثر بالسلطة مفسدا ثم يريد ان يورثها لابنه كما لو كانت مصر ضيعة له ولذريته ؟
هل جئتم من رحم الشعب المصرى للدفاع عنه أم لاذلاله وتعذيبه و اهانته ؟
تصوروا أن رجلا له عدة أولاد وبنات وبيت. وقد قام هذا الرجل بتقليد ابنه الأكبر وظيفة حماية البيت ومن فيه، وأعطاه السلاح و النفوذ. فقام ذلك الابن بضرب أبيه واغتصاب أمه وأخواته البنات و استعباد أخوته الذكور و تعذيبهم. هذا المثل البشع هو بالضبط ما ينطبق على اى جيش عندما يحكم الشعب.
باختصار أقولها وأجرى على الله: إن أى جيش يتخلى عن مهمة حماية الوطن ليتحكم فى الوطن إنما يرتكب جريمة الخيانة العظمى فى حق الوطن.
باختصار أيضا: عفا الله تعالى عما سلف. وليعد الجيش المصرى الى ثكناته، وليبق حارسا للوطن وحاميا لأمنه الخارجى، وحارسا على الديمقراطية والاصلاح، وليقوم الجيش مع القضاء المصرى و النخبة المصرية الوطنية بتنفيذ الخطوات الآتية اللازمة للاصلاح ؛ وهى:

2 ـ بالنسبة للرئيس الحالى. لا مكان له أو لأسرته فى المستقبل. هذا معروف وواضح وضوح الشمس. فان ما خلفه من مرارة وتدمير لمصر أرضا و شعبا و قيمة و تاريخا عجز عن تحقيقه أعدى أعداء مصر طيلة تاريخها المعروف، وهو أقدم تاريخ فى هذا العالم.
إذا كان حريصا على مستقبل أسرته بعده فليترك العقلية (المطلقة) للعسكر و رجال الدين. هذه العقلية تعنى واحدا من اثنين: أما كل شىء وإما لاشىء. ومنذ أن تولى الحكم وهو يحتكر كل شىء، وبالتالى فعندما يفقد الحكم سيفقد كل شىء.
قبل أن نصل الى هذه النقطة نريده أن يفكر بطريقة أخرى لحماية أسرته بعده.
لا بد أن يعرف إنه سيموت تاركا أسرته من بعده، وقد تخلى عنهم الحكم. وعليهم عندها أن يدفعوا فاتورة الظلم التى شاركوا فيها. لتدارك ذلك كله وحرصا على أمن مصر و سلمها فلا بد لهذا الرئيس أن يرحل سريعا الى مكان آمن باسرته و ببعض تحويشة العمر ـ فى صفقة يتولاها الجيش المصرى، وبموافقة ورعاية القوى الكبرى و المجتمع الدولى، وتتولى الحكم بعده حكومة انتقالية تقوم بالاصلاح، وتمهد لاقامة حكومة منتخبة على أساس هذا الاصلاح.

3 ـ يبدأ الاصلاح بالتشريع الدستورى و القانونى على أسس هى:
أ- الحكم الديمقراطى اللامركزى الذى يفصل بين السلطات الثلاث ( التنفيذية و التشريعية و القضائية ) ويوازن بينها لتراقب كل منها الأخرى ولا تتعدى أحدها على الأخرى، وفى ظل حرية الاعلام وتكوين الأحزاب وحرية الرأى و الفكر و المعتقد.

ب- أن تكون مواثيق حقوق الانسان الدولية هى المصدر الأساس والوحيد للتشريع فى مصر. وأقولها كمسلم وكباحث اسلامى أن ما جاء فى المواثيق الدولية لحقوق الانسان هو الأقرب لجوهر الاسلام و قيمه العليا، وأن تلك المواثقيق أعظم من كل ما كتبه فقهاء المسلمين فى تشريعاتهم.
ولقد قامت مصر بالتوقيع على هذه المواثيق الدولية، ومن الطبيعى أن تكون جزءا من الهيكل التشريعى المصرى، ولكننا نريدها المرجعية الأساس للتشريع المصرى لتكون ضمانة للمصريين وحقوقهم الانسانية ضد أى محاولة لمصادرتها تحت أى ذريعة. لا بد من النص على مرجعية تلك المواثيق الدولية لضمان حقوق الأقباط وسائر المهمشين فى مصر.
4 ـ تاسيس الاصلاح التعليمى بتغيير مناهج الأزهر والتعليم الدينى و المدنى فى مصر، وذلك ما حاولناه بالتعاون مع مركز ابن خلدون فى مصر فى أواخر التسعينيات، وقبل الحادى عشر من سبتمبر.-وقد نبهنا على خطورة الفكر المتطرف فى مناهج التعليم فكوفئنا بالسب و الشتم. واعترف العالم المتحضر مؤخرا بضرورة اصلاح التعليم فى بلاد المسلمين.
اصلاح التعليم هدف أساس لأن الديمقراطية لا يمكن أن تقوم إلا على تأسيس ثقافة الديمقراطية. والتعليم والاعلام هما أهم الركائز فى تعليم وممارسة الديمقراطية كاسلوب حياة.
لن أزعج القارىء غير المسلم بما فى القرآن الكريم من أسس الديمقراطية المباشرة، و خطابى يتوجه دائما للمسلمين فى كل ما يخص الاصلاح من داخل الاسلام. لهم أقول أن الديمقراطية جزء أصيل فى عقيدة الاسلام و عبادات الاسلام و ثقافة الاسلام ودولته الحقيقية. والتفصيلات فى مقالات لنا سبقت. وهذا الاصلاح السلمى المعروض الان يأتى من داخل الاسلام.
والمراد أن يصحو المسلمون على أن الحل ليس فيما يطرحه الاخوان بل في جوهر الاسلام، وهو
الديمقراطية و حقوق الانسان. وبرفع شعار الديمقراطية وحقوق الانسان سيتحد المصرى القبطى والمسلم، ويجد الجميع الخلاص من الهاوية القادمة.
هذا الاصلاح السلمى يستبعد التدخل الأجنبى مكتفيا باستنهاض قوى الخير فى مصر وجيشها لانقاذها من السقوط فى الهاوية..
والله تعالى المستعان. وهو خير حافظا وهو أرحم الراحمين..

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف