كتَّاب إيلاف

ماذا لو إنسحب البريطانيون من البصرة و الجنوب العراقي؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الفرهود الجديد!!

أثارت المعارك الساخنة التي روعت البصرة (السليبة) بين حزب الفضيلة الإسلامي و العصابات الصدرية كل المخاوف الكامنة من تدمير شامل للحياة في الجنوب العراقي في حال أي عمليات إنسحاب سريعة قد تقدم عليها القوات البريطانية من الجنوب العراقي و بما سيخلق فراغا أمنيا هائلا لن تستطيع الحكومة العراقية بحالتها الرثة الراهنة ملأ مساحاته المرعبة، و بما سيفتح الطريق لسيناريوهات الرعب و الفوضى و التقسيم و التشظي أن تأخذ مساراتها المرعبة لتمعن تمزيقا في مستقبل العراق و المنطقة ككل، ففي معارك (الأخوة الأعداء) أهل الفضيلة و غلمان مقتدى كل العبر و الدروس و التجارب المخبرية التي ترسم حال العراق و العراقيين وهم يعيشون محنتهم الكبرى الممتدة فصولا متغيرة منذ أكثر من أربعة عقود سوداء تهشمت خلالها كل معاني و صيغ الحياة المتحضرة و خضع البلد بأسره لأوسع عملية تجهيل و شحن طائفي و بما وفر ملاذات آمنة لقوى التطرف الطائفي و التخلف الفكري و الحضاري لأن تفرض سطوتها على المجتمع تحت شعار الدين المزيف و الطائفية المريضة و بقصف مكثف من شعارات التاريخ و أحداثه الميتة التي يريدون إستعارة كل مفرداتها و أحداثها!، إنهم يعيشون في القرن الحادي و العشرين و لكن عقلياتهم و سلوكياتهم ما زالت مشدودة لعصر الفتنة الكبرى قبل خمسة عشر قرنا من الزمان و يزيد!! إنهم لا يرون في الدنيا إلا حكايات الصراع الهاشمي/ الأموي! أو الهاشمي / العباسي!! وهي صراعات عقيمة إنتهى عمرها الإفتراضي و تغيرت كل المعطيات التاريخية و الإجتماعية!! و رغم ذلك ما زال القوم يلطمون و سيلطمون حتى ظهور المهدي!!! هذه اللغة و هذه البضاعة هي كل حصيلة أحزاب و جماعات التطيف و التخلف التي لم تظهر جانبا من سلوكياتها سوى مظاهر دموية مؤسفة معبرة عن إفلاس قيمي و سلوكي و حضاري، فهذه الجماعات المفلسة لا تمتلك شيئا أصلا سوى الفوضى و هي بالضبط الكلمة التي تختصر حال و مآل الوضع برمته فيما لو إنسحبت القوات البريطانية من البصرة بشكل سريع لتضع المجتمع البصري و العراقي عموما تحت رحمة قوى و أحزاب متخلفة لا تعرف شيئا من حرمة الدماء و الأموال و كرامات الناس فضلا عن أمنهم فكل ما يهمهم هو السيطرة و بناء المواقع و مراكز القوى و النفوذ و عمليات الشفط و اللفط و اللهط للنفط و للتهريب و لكل شيء متحرك و يدر أموالا! تلك هي الحقيقة العارية، لقد أفرزت حروب أهل الطوائف أن القوى الأمنية و العسكرية لم تزل مخترقة و لم تزل طائفية الولاء و لا علاقة لها بأي روح وطنية عراقية أضحت متلاشية في ظل الصراع على السرقات وهو صراع تاريخي لا يمكن أن ينتهي في يوم و ليلة ما لم تقوم حكومة عراقية حقيقية عراقية الهوى و التوجه متسامية على القيم و الروح الطائفية المريضة تعيد بناء الروح الوطنية التي أجهضها أهل البعث البائد و داست على بقاياها أحزاب اللطم الطائفية التي مرغت بالوحل كل التراث الشيعي العظيم في رفض الظلم و نصرة المستضعفين و اثبتت بأنها مجرد فقاعات طائفية مريضة تعبر عن واقع مريض، فبيان حزب الفضيلة الأخير حول الحرب مع عصابة مقتدى يؤكد على دخول قوات (مغاوير الداخلية الأشاوس) في القتال بجانب عصابات مقتدى و بما هيأ لهم إمكانية حرق مقر الفضيلة و أخذ أسرى و رهائن!! تشارك بعض أعضاء البرلمان العراقي المحروس في التفاوض من أجل إطلاق سراحهم و متخذين من قيادة (النجف) مركزا للعمليات!! لقد تخلصنا من (تكريت و العوجة) لتظهر لنا (النجف) كمقر لقيادة العراق!!، و يحدث كل هذا التقاتل المريع و القوات البريطانية لم تزل متواجدة نظريا و ميدانيا!! مع ملاحظة أن بقية القوات الطائفية لم تدخل المعارك بعد!! فجماعة بل عصابة (ثأر الله) بقيادة اللواء أركان حرب يوسف الموسوي لم تدخل المعركة رغم أن السيد الموسوي يتحرق شوقا لتنفيذ تهديده بذبح محافظ البصرة و شقيقه (بتنكة مزنجرة)!! أي بقصديرة صدئة!! كما قال و سيفعلها حتما فيما لو تهيأت له الفرصة!!، و كذلك الحال مع جماعة الدعوة التنظيم الإيراني التابعة للرفيق عبد الكريم العنزي!! و نفس الحال ينطبق على عصابة (حزب الله) و (بقية الله)!! و بقية المسميات الميتافيزيقية التي شوهت كل معنى ملموس من معاني الديمقراطية التي ما زالت مقاييسها واسعة جدا على العقلية العراقية التي تعيش في القرون الوسطى. و أعتقد أن ذكريات معامل التعذيب و السلخ البشرية التابعة للأحزاب الطائفية في مديرية الجرائم الكبرى التي داهمها البريطانيون لم تزل طرية لتؤكد بشاعة حال البصريين في حال تسليمهم لأيادي الفاشية الطائفية!.

الحقيقة العارية تؤكد و بالشواهد من أن أي إنسحاب سريع وقبل بناء الدولة العراقية بشكل حقيقي و التخلص من مخلفات الفاشية و التخلف ليس سوى مؤامرة حقيقية على العراقيين و ليس سوى خيانة للقيم السامية التي يتشدق بها الغرب وهو يطيح بمعاقل الدكتاتورية و الطغيان! و ليس سوى تسليم العراق لحفنة من القتلة و المجرمين و المتخلفين لن يكتفوا بسرقة (و فرهود) أي سلب العراق فقط بل ستمتد تأثيراتهم المدمرة للمحيط الإقليمي المجاور... فهل سيخون الغرب قيمه!!!. كل الإحتمالات واردة و كل الخيارات مفتوحة.

dawoodalbasri@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف