هل هذه نهاية الفيلم العربي؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لقد ثبت علميا انك إذا أردت الذهاب إلى مشاهدة أي فيلم عربي،أو متابعة أي مسلسل عربي فعليك أولا وقبل المشاهدة، بالمرور على طبيب القلب للاطمئنان على سلامة قلبك، ثم تعرج على طبيب الأعصاب للتأكُد من قوة تحمل أعصابك!! أما حكاية ان هذا ثبت علميا: فلا اعرف من الذي أثبته ومتى وأين، بل هي مجاراة للموضة العربية التي سادت، حيث ان كل من شاء يُثبت ما يشاء ويؤكد ما يشاء وينسبه للعلم وهو مطمئن بأن الحكاية (حا تفوت ) من دون ان يسأله أحد عن أدلة أو برا هين.
أهمية مرورك على هؤلاء الأطباء قبل التورط بمشاهدة الفيلم او المسلسل هو، التأكُد من سلامة قلبك وحديديته حتى لا تصاب بأزمة قلبية وأنت تشاهد، وأيضا التأكد من قوة ومقدرة أعصابك وفولاذيتها حتى لا تصاب بانهيار عصبي من المشاهدة، وهذا ما سوف يحدث بالقطع إذا لم تكن أعصابك فولاذية وقلبك من حديد. فمع الفيلم او المسلسل العربي سوف تعيش ظروفا قاسية تتطلب منك قوة التحمل والصبر، حيث ستبدأ، ومن أول الفيلم او المسلسل، التعقيدات والتصعيبات والمبالغات اللامنطقية واللا عقلية التي ترفعك إلى قمة الحزن أحيانا والنكد أحيانا أخرى والغضب أحيانا ثالثة، واليأس في كل الأحيان من وجود حلول لهذه التعقيدات. وتستمر العُقد التي لا تزيد إلا تعقيدا وتجرُّ عقدا أخرى حتى تتخيَّل انها لا يمكن ان يحلها فيلم او مسلسل وإنما تحتاج إلى لجان مجلس الأمن لحلها. هذه العُقد تستمر معك غالى ماقبل نهاية الفيلم بثلاثة دقائق او حتى الحلقة (29.99) إذا كان المسلسل رمضانيا، ( مع ملاحظة انه، وبعد التغييرات التي حدثت، والديمقراطيات التي أصبحت تنهال علينا كما المطر،فإن الرقم السابق قد يتحوَّل إلى 29.51فقط! ). وأخيرا وفي آخر ثلاثة دقائق من الفيلم او آخر دقائق من الحلقة الأخيرة من المسلسل تجد ان كل تلك العقد قد تم حلها في لمح البصر وكل ذلك النسيج الأخطبوطي قد انهار، وتم القبض على المجرم أو جاء المأذون لعقد الزواج وصارت كل الأمور سمن على عسل، ( لا اعرف لماذا هناك زواج في آخر معظم ـ ان لم يكن كل ـ الأفلام والمسلسلات العربية ).
ما سبق هو ما كان يحدث في الأفلام والمسلسلات العربية، اما الآن فإن ما يجري على الواقع هو شيء مماثل لذلك، إذ اننا صحونا فجأة على ان هناك عُقدا في حياتنا، وفجأة أيضا،صحونا على ان هذه العقد يجب مواجهتها وحلها ( كنا في الواقع نطنِّـشها في أحسن الفروض، او نسفهها وننكرها في أسوأ ها،هذا إذا لم نكن نزيدها تعقيدا كما في الأفلام ). الآن فجأة أصبح كثيرـ مما كان النقاش فيه محرما ـ خاضعا للنقاش والمداولة.... وتحول الكثير من الأصوات التي كانت زاعقة وحادة وباترة ومالكة لكل الحقيقة، إلي أصوات تتلفت يمينا وشمالاً قبل ان تزعق.... الكثير من التابوهات التي لم يكن الاقتراب منها ممكنا أصبحت خاضعة للاقتراب والنقاش والمؤاخذة.... الكثير من الأشخاص الذين كانوا أصناما لا يمكن الاقتراب منها، أصبحوا عُـرضة للمواجهة والمُـسائلة... بعض الذين كانوا ينهروننا باستمرار وجدوا من يتشجع وينهرهم...صرنا نرى ان أولئك الذين هتفوا وزأروا على مدار السنين دون ان يعترضهم احد، أصبحوا يخضعون للمواجهة والمسائلة والمناكفة.
البعض بدأت تظهر عليهم علامات الرعب والتوجس والدهشة، ذلك انهم تعودوا على مدار السنوات،ان يكونوا هم الذين يتحدثون، ويأمرون، ويحددون، وما على الآخرين إلا السمع والطاعة والانصياع الأعمى... هناك مُتلاشيات صارت تظهر على السطح ،من أمثال الديمقراطية والمشاركة والشفافية وحقوق المرأة وحرية التفكير، وبالعكس هناك رواسخ وتابوهات صارت تتلاشى وتتحول من خطوط حمراء إلى ألوان أخرى.
الاعتراف بوجود خطأ هو الخطوة الأولى والمهمة في طريق إصلاحه، وقد كانت مشكلتنا الكبرى في العالم العربي هي اننا ننكر أي مثـلبة ونخفيها أو نتغابى عنها،( وكلمة نتغابى هي جمع إجماع متحد تعني: غياب، غيبوبة، غباء وأخيرا غيب )، وقد ثـَبـَت هذا علمياً وماحدش يسأل!! كل هذا الزخم الذي بدأ يظهر فجأة، كان يمكن ان يظهر منذ زمن بعيد وكل الأخطاء والخطايا التي ارتكبناها كان يمكن ان لا تكون لو اننا سمحنا لمن كانوا خارج سربنا بالحديث، لكن بالعكس كل الذين أشاروا إلى المثالب ورفعوا أصبع التنبيه وطالبوا بالتغيير، سفهناهم واتهمناهم وأسكتناهم، ومن لم يسكت دهسه قطار ثوابتنا، وركائزنا، وخصوصياتنا، ومواقفنا الثابتة تجاه الامبريالية والصهيونية والاستعمار،وأرسله إلى ما وراء الشمس في القبور أو أمامها في السجون أو الهروب إلى خارج سِــربنا.
الآن يبدو ان هناك محاولات لإصلاح قطارنا الصدئ لكي يتحرك نحو التقدم والنور والإصلاح، هذه المحاولات تبدو جادة في بعض الأحوال،كما هو الحال في فلسطين والسودان والمملكة العربية السعودية، وملتبسة في بعضها كما هو الحال في العراق ولبنان، ومتعثرة بعض الشئ كما هو الحال في الجزائر، ومترددة كما الحال في سوريا. ولكن وفي كل الأحوال قد بدأت المسيرة ونرجو ان تستمر حتى المأذون أو القبض على ألحرامي!! ولا يهم ان يسير قطارنا بقاطرة بخارية مرممة من مخازننا او بقاطرة جديدة مستوردة، المهم هو بداية المسير، ومشوار العشرة ميل يبدأ بخطوة كما يُقال.
فاصلة: هذا مقال قديم نُشر منذ فترة ، والآن أرسله لكم (بتصرف) بعدما سمعت كلمة خادم الحرمين الشريفين في افتتاح مؤتمر القمة، ومواجهته الصريحة والشجاعة للواقع البائس الذي نعاني منه، وهذا يعني كسر حاجز التغابي ( المذكور في متن المقال ) والمواجهة الصريحة للواقع وهي الخطوة الأولى للطريق الصحيح، وها هي تصدر من احد كبار قادة العرب، وهذا مفتاح للأمل. ونتمنى ان يكون هذا طريق جديد نسلكه إلى بر الأمان. وبهذا التفاؤل قد تم تغيير عنوان المقال الذي كان في الأصل ( هل هو فيلم عربي جديد ام ماذا)، وبذلك نتمنى ان نصل إلى المأذون فعلاً او نقبض على ألحرامي