نانسي تطبطب في دمشق!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تحط نانسي بيلوسي، رئيسة الكونجرس الأمريكي، رحالها في دمشق يوم الثلاثاء، لتكون بذلك أرفع مسؤول أمريكي يكسر الجمود في العلاقات السورية الأمريكية منذ سنوات.
التوتر الحاصل في الأجواء السورية الأمريكية، منذ سنوات، وصل إلى ذروته، عندما صدرت تقارير عن سعي واشنطن لغزو عسكري لسوريا كما حصل بالعراق. وبالفعل، أقلعت طائرات مقاتلة أمريكية باتجاه سوريا ولكنها ألقت الورود بدلا من القنابل، وأخر وردة ألقتها كانت حسناء الكونجرس: نانسي.. بيلوسي !
ورغم أن نانسي ديمقراطية الهوى، فإن سيرتها السياسية تكشف أن مواقفها إزاء سوريا وإيران لا تختلف كثيرا عن موقف صقور الجمهوريين. ومع ذلك فإن زيارتها إلى دمشق تؤكد أن ثمة تغييرا طرأ في السياسة الخارجية الأمريكية، وأن "حليمة عادت إلى عادتها القديمة" أي السياسة الواقعية التي طبقها جيدا بيل كلينتون.
ورغم تعقيد فلسفة السياسة "الواقعية" الأمريكية فإنها تشبه إلى حد بعيد أغنية "يا طبطب" لنانسي عجرم بكلماتها العادية والبسيطة جدا، والتي يبدو أن نانسي بيلوسي ستردد بعض كلماتها أمام المسؤولين السوريين، من قبيل: "مين فينا على حاله كل الاوقات.. ده تعبني أوي طلّع عيني".
ولكي لا تصدر تقارير تصف نانسي بيلوسي بـ"القديسة"، أو تحاول تمييزها على صقور الجمهوريين، لمجرد زيارتها إلى سوريا، نذكر من سيرتها السياسية أنها كانت من أبرز المناصرين لقانون محاسبة سوريا عام 2003 ودعمت قانون حرية إيران. كما أنها دعت في خطاب لها أمام مؤتمر الإيباك 2005 إلى تكثيف الضغوط على الصين وروسيا لوقف الدعم للحكومة الإيرانية. كما تعتقد بيلوسي أن الشرق الأوسط يمكن أن يعيش بسلام دون حزب الله وحماس. ومنحت صوتها، في صيف 2006 خلال حرب حزب الله واسرائيل، للقرار 921 والذي "اعتبر أن اسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها في وجه اعتداءات حزب الله".
وكان البيت الأبيض انتقد إعلان بيلوسي نيتها التوجه إلى سوريا معتبرا أنها "تزور دولة تدعم الإرهاب". إلا أنه موقف مبالغ فيه جدا من قبل البيت الأبيض الذي يسعى في هذا التصريح إلى القول أنه لا يأخذ بتوصيات لجنة بيكر-هاملتون، ولم يغيّر سياسته تجاه دمشق. لكن ماذا نسمّي موافقته على لقاء مسؤوليين أمريكيين بمسؤولين سوريين وإيرانيين في بغداد؟ وماذا نسمّي السماح لمسؤولة رفيعة في الخارجية الأمريكية بزيارة دمشق مؤخرا ؟
وبالتزامن مع زيارة بيلوسي، أشارت تقارير إلى أنها تحمل رسالة من رئيس الحكومة الاسرائيلية إلى السوريين تتحدث عن "رغبته في السلام مع سوريا مقابل وقفها لدعم منظمات حزب الله وحماس". هذه الرسالة، التي طبّل وزمّر لها الاعلام الغربي، لاجديد فيها أبدا، حيث نسمع منذ العام 2000 -وعلى لسان صقور أمريكيين وفدوا إلى دمشق- أن واشنطن مع السلام ومع علاقات حسنة مع سوريا شريطة وقف دعم حزب الله وحماس. والجديد الوحيد هنا أن رسالة الاسرائليين، التي تنقلها بيلوسي، تأتي بعد المبادرة العربية للسلام التي أيّدتها واشنطن، إلا أن تل أبيب رفضتها علنا ولكن لا نعرف إذا كان ثمة موقف باطني أخر لها لم تعلنه حتى الآن.
ورغم مواقف بيلوسي المعروفة إزاء سوريا، لكن ثمة ما يجمعها مع السوريين، فهي أبرز صوت عارض مع زعيم الاغلبية "هاري ريد" طلب بوش زيادة القوات الأمريكية بالعراق عام 2007، رغم أنها أيدت بيل كلينتنون في ضربته للعراق عام 1998. وأرسلت رسالة-بنكهة بعثية- للرئيس بوش قالت فيها إن العراق "بحاجة إلى حل سياسي وليس عسكريا"، وهذا خطاب يريح السوريين كثيرا.
بعد ضربة بيل كلينتون للعراق عام 1998 انتشرت تكهنات كثيرا في الغرب أن الضربة القادمة ستكون في سوريا، ولكن ما حصل بعد عامين قمة جمعت الراحل حافظ الأسد مع كلينتون في جينيف. وبعد غزو العراق عام 2003، صدرت تقارير عن قرب غزو سوريا، ولكن انتهى الغزو العسكري المفترض بغزو سياسي ودّي-كما يبدو- إذ ينهال الزائرون من أمريكا على سوريا، وأهمها حتى الآن زيارة بيلوسي.
وهذا يشير إلى أن السياسة الأمريكية تجاه سوريا بدأت تعود إلى ما كانت عليه في السابق، على عكس ما يحاول البيت الأبيض أن يؤكده كل يوم.
فهل تحمل نانسي بيلوسي تلك السياسة الأمريكية إزاء سوريا إبان التسعنيات والثمانينات، وتردد "أطبطب" على مسمع المسؤولين السوريين وتقول إن واشنطن سترضي سوريا: يا طبطب وادلع يا يقولي انا تغيرت عليه.. انا ازعل اولع ما هو كل همه ازاي ارضيه.
وتضيف متحدثة أن واشنطن، رغم خلافها مع سوريا، مستعدة أن تنسّق معها وتعطيها المقابل رغم أن سوريا تتعبها كثيرا في دعمها لحزب الله وحماس: قولو له دنا برضه ساعات بحالات.. مرة ازعل مرة اديله عيني.... مين فينا على حاله كل الاوقات.. ده تعبني أوي طلّع عيني.