لماذا الشقائق في منظمة الأقليات؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
-1-
رغم أن العفيف الأخضر طالب صراحة وبقوة وتصميم في كلمته، في افتتاح مؤتمر (منظمة الدفاع عن الأقليات والمرأة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا) (ميموا) بأن تكون المطالبة بحقوق المرأة هي أيضاً من أهداف هذه المنظمة للدفاع عن حقوقها المهضومة في هذه المنطقة من العالم، إلا أنه وللحق، لم تُضف المرأة بهذه القوة إلا في اللحظة الأخيرة، قبل اعلان المباديء التي تضمنها بيان هذه المنظمة، والذي يترجم الآن الى اللغات الحية، والى لغات الأقليات المختلفة، وسترفع نسخة منه الى صُنّاع القرار في العالم العربي، وفي العالم أجمع، ومنها الأمم المتحدة.
فلماذا أدركنا الشقائق وأدركتنا االشقائق في هذه المنظمة العتيدة؟
-2-
من المسلم به، أن مؤتمر زيورخ لتأسيس (منظمة الدفاع عن الأقليات والمرأة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا) (ميموا) كان مؤتمراً حداثياً بكل المقاييس؛ أي أنه مؤتمر عُقد من أجل تحرير الانسان. والحداثة هي فعل تحرير الإنسان بالدرجة الأولى. هي فعل منح السيادة والمواطنة الكاملة فعلاً وليس قولاً، لكل أفراد المجتمع، من ذكور وإناث، على كافة المستويات. واستثناء المرأة من هذه المنظمة، كان سيؤدي الى نقصان فعلها، حتى ولو نجحت في منح كافة الأقليات حقوق المواطنة الكاملة.
إذ ما فائدة الحصول على حقوق الأقليات (العبيد في رأي الأكثرية الطاغية الباغية) بالمواطنة، والمرأة التي تشكل عصب المجتمع، ووقود سيره، وسر حداثته، وعنوان تحضره، ما زالت حقوقها مغيّبة ومهضومة ومستلبة. وما زالت لا تستطيع قراءة هذا المقال على الانترنت إلا بحضور محرم. كما أنه مُحرّم عليها السلام على الذكر، أو رفع صوتها أمامه، أو الجلوس معه في (كوشة) العرس. كما أن صورتها أينما كانت حتى على هويتها أو جواز سفرها مُحرّمة ومكروهة، كراهية الدواب القبيحة؟
-3-
إذن، اضافة الدفاع عن حقوق المرأة الى مهام (منظمة الدفاع عن الأقليات والمرأة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا) (ميموا) كان أساسياً ، وكانت هذه المنظمة ناقصة ومعوجة وعرجاء وقاصرة، بدون اضافة حقوق المرأة الى مهامها.
ثم كيف لهذه المنظمة، وهي تتبني الحداثة من ألفها الى يائها، بحلوها ومرّها، بفضيلتها ورذيلتها، أن لا تضم تحرير المرأة العربية الى اعلانها ومهامها الأساسية، وهي (الشيء) المهمل في العالم العربي، الذي يعامل معاملة المنبوذين، والنجسين، والمحتقرين، والدونيين، والسائمة؟
وإذا كانت مهام (منظمة الدفاع عن الأقليات والمرأة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا) (ميموا) تحويل المهمشين والمضطهدين الى مواطنين، يتمتعون بكافة حقوق المواطنة، فقد كان الأجدر أيضاً بهذه المنظمة، أن تكون المرأة وأنسنتها، ونقلها من الدونية الى العليائية، ومن الشيئية الى الانسانية، هي على رأس مهامها وهمومها.
-4-
يكفى أن الشارع العربي، والمؤسسة الدينية العربية، والدولة العربية، والأنظمة العربية، والأجهزة السرية والعلنية العربية، والمدرسة العربية، والنصوص العربية، والصحافة العربية، تسعى جميعها كذكور وفحول، الى ابقاء المرأة على وضعها الدوني، لأنهم غير قادرين على اعلائها بما تستحق، لا لشيء، إلا لأن اعلاء المرأة يتطلب درجة عالية من التقدم الثقافي والاجتماعي والشجاعة الحضارية، وهو ما لا يتوفر في العربي المتخلف الآن. فنحن ما زلنا نعيش ونغط في عصر الانحطاط السياسي والاجتماعي والثقافي. فإعلاء مكانة المرأة، خطوة متقدمة جداً من خطوات الحداثة، التي ما زالت لمعظمنا (البعبع) الاسطوري المخيف. والمجتمعات التي أعلت من قدر المرأة ومكانتها، هي تلك المجتمعات التي أصابت من التقدم والحداثة جانباً وفيراً، وقسطاً كبيراً.
-5-
لقد تأمل واضعو وصائغو بيان زيورخ لاقامة (منظمة الدفاع عن الأقليات والمرأة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا) (ميموا) تاريخ العرب الحديث، فوجدوا أن العرب يسيرون سريعاً الى الخلف، وبهرولة الى الهاوية.
فالمرأة التي تحررت من الحجاب في مطلع القرن الماضي، عادت الى عبودية الحجاب من جديد.
والمرأة التي حصلت على بعض حقوقها في المساواة في القرن الماضي، عادت وتنازلت عن هذه الحقوق.
والمرأة التي خرجت من وراء قضبان الفكر التحريمي، عادت ودخلت طائعة صاغرة الى هذا السجن.
فما كان من هؤلاء، إلا أن يضمّنوا بيانهم مسألة السعي لنيل حقوق المرأة، ويدرجوا نصرة المرأة، والسعي لنيل حقوقها كاملة، في صُلب توصياتهم وقرارتهم.
ولو لم يتم اضافة الدفاع عن حقوق المرأة الى مهام (منظمة الدفاع عن الأقليات والمرأة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا) (ميموا) لكانت حداثة هذه المنظمة كاذبة كالحمل الكاذب، وخادعة خداع السراب في الصحراء.
-6-
وبهذا، حمّلت المرأة هذه المنظمة مسؤولية تاريخية كبرى، وجعلت مهمتها شاقة الى أبعد حدود الشقاء، ومنهكة الى أبعد حدود الانهاك، وخطيرة الى أبعد حدود الخطورة، بعيداً عن المتاجرين بقضيتها من رجال الدين والسياسة والنخّاسين واصحاب الدكاكين. ذلك أن تغيير تموضع المرأة في المجتمع العربي، على النحو الذي نسعى اليه، يعني ازالة جبال الكلس المتراكم عليها، وتغيير المجتمع العربي بأسره سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً. إنها ثورة في الثورة. وهذا يعنى وجوباً، أن على المرأة أن تساهم معنا في ازالة هذا الكلس المتراكم، لا أن تقف متفرجة، بانتظار أن نتقدم منها. عليها أن تتقدم من نفسها، قبل أن تطلب من الآخرين التقدم منها. فلا أحد يحرر المرأة غير المرأة نفسها. والتاريخ شاهد على ذلك . وتلك ليست مهمتنا وحدنا ولكنها مهمة الأجيال القادمة أيضاً، التي يجب عليها مواصلة المسيرة على هذا النحو.
فلعل المرأة تجد في هذه المنظمة فرجاً بعد حرج، ومخرجاً من ضيق، وخلاصاً من أوضار خطيئتها كونها امرأة، حين ينمو ويزكو شجر هذه المنظمة، وتهب عليه نسائم الحرية، هبوب النوارس عند الغروب.
السلام عليكم.