مسيحيو المغرب في حكم الإسلاميين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كانت منطقة ما يعرف اليوم بالمغرب العربي يهودية و مسيحية حتى القرن السابع (م)، عندما تحول سكانها إلى الإسلام الذي صمد أمام محاولات التبشير في ظل الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر. لكن ظاهرة جديدة بدأت خلال العقود الأخيرة ألا وهي ظاهرة اعتناق المسيحية، مما يطرح أسئلة هامة بشان أهميتها و أسبابها و الخطر الذي يتهدد حقوق هذه الأقلية من "المسيحيين الجدد" على يد الأصوليين الإسلاميين.
1.ظاهرة المسيحيين الجدد في دول المغرب العربي
1.أ- نشوء الظاهرة
الحقيقة إن هذه الظاهرة لا تقتصر على المغرب العربي، إذ توجد مؤشرات على وجود عدد من المسلمين يعتنقون المسيحية في كل القارات، خصوصا في إفريقيا جنوب الصحراء و آسيا. أما في المغرب العربي، فقد لفتت الظاهرة اهتمام وسائل الإعلام، إذ خصصت لها الأسبوعية "جون - افريك " ثلاثة تقارير عن كل من تونس و المغرب و الجزائر. و خصصت صحيفة " لوموند " الفرنسية في مارس 2005 تقريرا كاملا عن الموضوع، و قدمت قناة " العربية " برنامجا خاصا من حلقتين تم تسجيله في منطقة القبائل الجزائرية.
يقدر تقرير " جون افريك " عدد الذين اعتنقوا المسيحية في تونس بحوالي 500 فردا ينتمون إلى 3 كنائس. و جاء في تقرير لإدريس الكنبوري في موقع " الإسلام اليوم " بتاريخ 23 - 4 - 2005 إن عدد المنضرين الأوروبيين بالمغرب يقدر بــ 800، و إن أعمالهم التبشيرية غالبا ما تكلل بالنجاح، إذ أن قرابة ألف مغربي قد ارتدوا عن الإسلام عام 2004. كما جاء في مجلة " المجلة " في عددها 1394 ، بناء على تقرير لمراسلها " إدريس الكنبوري " من المغرب ان عدد المسيحيين الجدد في البلاد بلغ حوالي 7 آلاف، و ربما يكون الرقم الحقيقي حوالي 30 ألفا. و جاء في تقرير
" لوموند " إن ما بين 4000 - 6000 قد اعتنقوا المسيحية في منطقة القبائل الجزائرية عام 1992، مما يعني أن عددهم الآن يقدر بعشرات الآلاف. لكن السلطات تحاول التكتم على ذلك، إذ أعلن مسؤولا جزائري إن رقم " المتنصرين " هو سر دولة.
1. ب _ أهم عوامل التنصير
بخصوص العوامل التي أدت لهذه الظاهرة، فسأكتفي بالرجوع إلى تصريحات المعنيين أنفسهم :
-العامل الأول: عنف الحركات الأصولية الإسلامية
جاء في تقرير " جون افريك " تصريح عضو سابق لحركة النهضة : " شاهدت خلال سجني انه لا فرق بين معاملة البوليس و معاملة النهضة ". و لعب هذا العامل دورا اكبر في الجزائر اثر اندلاع المجازر الرهيبة سنة 1992. يقول مبشر مسيحي عمل في هذا البلد : " كانت صدمة كبرى للناس هنا. لقد اثبت الإسلام انه قادر على كل ذلك العنف ؟ على كل هذه المجازر ؟ على مذابح الأطفال هذه ؟ على اغتصاب النساء ؟ لهذا تساءل العديد أين هو الله ؟ بعضهم انتحر ؟ بعضهم أصابه الجنون ؟ بعضهم اصبح ملحدا ؟ و البعض الآخر اختار المسيح ".
العامل الثاني : فشل الأنظمة و التجارب السابقة
يقول "سيباستيان فاتح"، الباحث بالمركز الوطني للبحوث العلمية بفرنسا (المرجع " لقد جربت منطقة المغرب العربي، على مدى أربعة عقود الأنظمة القومية، الإسلام السياسي، و الدكتاتورية ". و على هذا الأساس، يمثل اعتناق المسيحية محاولة إعطاء الفرصة لتجربة جديدة اثر الإحباط الذي نتج عن التجارب السابقة.
العامل الثالث : التربية الدينية داخل العائلة
نشر تقرير "المجلة" المنوه له أعلاه، تصرحا لشابة مغربية اعتنقت المسيحية: " كان والدنا يأمرنا بان نصلي و أن نقرا القران، و إن عصينا أمره يعاقبنا بالضرب... و كان يقول لنا " إن لم نصلي و نرتدي الحجاب فسوف نذهب إلى جهنم و نتعذب". و من هنا، كانت علاقة هذه الشابة بالله "علاقة خوف خالية من آية محبة"، حسب قولها. و صرح ناشط مسيحي مغربي ( يوسف، 30 سنة ) : " الكثير منا ينظر إلي الإسلام على انه قيد اجتماعي ". و الأكيد إن التعليم الديني المتبع حاليا في الدول الإسلامية يقدم صورة سادية مرعبة عن الله شديد العذاب، و الذي لا يُسال عم يفعل أما عباده فيُسألون. و لا شك أن المجازر الرهيبة التي اقترفها الإسلاميون في الجزائر قد ساعدت على إنجاح الحملات التبشيرية في هذا البلد و البلدان المجاورة له أيضا.
لكن لماذا اعتناق المسيحية تحديدا ؟
يلعب العامل الجغرافي و اللغوي دورا اساسيا بحكم انفتاح هذه المجتمعات على أوروبا - خصوصا فرنسا -، بالإضافة لوجود الكنائس في كبرى المدن المغاربية، و الدعاية التي تقوم بها خمس قنوات فضائية مسيحية تبث بالعربية. و يقدر الناشط المسيحي المغربي ( يوسف ) إن الاتصالات الشخصية مسؤولة عن تنصير حوالي 60 % من المجموع، بينما لا يتجاوز دور الإنترنت 30 %، و الــ 10 % المتبقية اعتنقت المسيحية على يد المبشرين الأجانب.
غالبا ما يؤكد هؤلاء " المسيحيون الجدد " على المحبة التي وجدوها في الديانة الجديدة، كعامل جذب أساسي. يكفي أن نعرض ما يلي:
-" وجدنا في المسيحية إن دين الله المحبة "
-" الله يحب الجميع و لا يستثني أحدا "
- " الذي أغرانا في المسيحية " الله فيها حب ".
لكن السؤال الأهم بالنسبة إلى مؤتمر الدفاع عن الاقليات في منطقتنا يخص الخطر الذي يتهدد هؤلاء في الوقت الحالي، و الذي سيتعاظم إذا ما وصل الإسلاميون إلى السلطة.
2.الخطر الذي يتهدد "المسيحيين الجدد" في بلاد المغرب
ا. الخطر الحالي:
بالرغم من أن الحرية الدينية تكفلها دساتير الدول المغاربية و ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ( المادة 18)، الذي صادقت عليه هذه الدول، يتهدد هؤلاء المسيحيين الجدد خطرا داهما ألا و هو خطر فتاوى تطبيق حد الردة عليهم من طرف الأصوليين - حركة النهضة في تونس، جبهة الإنقاذ الوطني في الجزائر، حزب العدالة و التنمية و جماعة العدل و الإحسان في المغرب -. تطبيقا لفقه القرون الوسطى الإسلامي، يصبح هؤلاء الأفراد فريسة لكل مهووس يرى من واجبه الديني تطبيق ما تأمر هذه الفتاوى الدموية بتنفيذه.
كما يمثل القانون الذي اعتمده البرلمان الجزائري بتاريخ 20 - 3 - 2006، الذي ينص على معاقبة كل شخص " يصنع أو يخزن أو يوزع منشورات أو أشرطة سمعية بصرية، أو أي وسائل أخرى تهدف إلى زعزعة الإيمان بالإسلام ".
ب. الخطر عند وصول الإسلاميين إلى السلطة
و الخطر الأكبر سوف يحصل إذا ما وصل الإسلاميون إلى السلطة. هذا الخطر قائم حاليا في المغرب، حيث تؤكد استطلاعات الرأي فوز " العدالة و التنمية " في الانتخابات التشريعية التي ستنظم هذه السنة.
في هذه الحالة، ليس من المستبعد حصول مجازر رهيبة يذهب ضحيتها الآلاف من الذين اختاروا اعتناق المسيحية عن طواعية، و بناء على حرية المعتقد التي تضمنها المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. و هذا ما حذر منه مسؤول جزائري سابق عندما صرح بان الحروب القادمة في المغرب العربي ستكون " حروب الردة، أي حروب بين الإسلاميين و المسلمين الذين ارتدوا عن الإسلام".
أرى شخصيا انه من الأهمية القصوى أن تقوم منظمة الدفاع عن الاقليات، التي ستنبثق عن مؤتمر زيوريخ هذا، و لسان حالها منظمة " أقباط متحدون "، بتبني قضية هؤلاء الاخوة لنا في الإنسانية. من الضروري دعوة ممثلين عنهم للانضمام إلى المنظمة الوليدة، و التي نأمل أن تكون جامعة لكل الاقليات في الشرق الأوسط. كما ادعوا بهذه المناسبة إلى العمل و التنسيق مع المنظمات العربية و الدولية النشطة في محال الدفاع عن حقوق الإنسان لحماية هذه الأقلية الدينية الوليدة من الأخطار التي تتهددها على يد الحركات الأصولية المغاربية التي علمتنا أنها لا تتردد أمام اقتراف اكثر الجرائم بشاعة. حرقت " النهضة " ثلاثة عمال كانوا يحرسون مقر الحزب الحاكم في باب سويقة سنة 1991، و هي العملية التي حيى راشد الغنوشي في تصريح للوطن العربي " الأبطال " الذين أنجزوا هذه " الغزوة ". و ملأت الجبهة الإسلامية للإنقاذ شوارع و أودية و جبال الجزائر في التسعينات من القرن الماضي دماء و جثثا. و على نفس المنوال مارس الإسلاميون المغاربة و مازالوا الإرهاب ضد الأمن و السياح و أفراد الطائفة اليهودية و الطلبة، لذلك وجب الحذر ثم الحذر...