الجنرال بويوكانيت يوحد الكرد!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
اقتنص الجنرال يشار بويوكانيت رئيس هيئة اركان الجيش التركي، الأجواء المشحونة بالعداء ضدالكرد في بلاده ليطلق تهديداً جديداً باحتلال اقليم كردستان الجنوبية( كردستان العراق)، والبدء بحرب طويلة مدمرة تدخل تركيا والمنطقة في دوامة لانهاية لها من العنف الدموي. ومع أخذ الحسابات الداخلية التركية بعين الأعتبار، حيث التوازنات بين الجيش والحكومة "الإسلامية" التي يقودها حزب العدالة والتنمية، والبازار الحاصل الآن حول الأنتخابات الرئاسية والتشريعية في البلاد، فإن كلام بويوكانيت يأتي في قسمه الأكبر للإستهلاك المحلي، وامتصاص الصدمة التي احدثتها تصريحات رئيس اقليم كردستان مسعود البارزاني الأخيرة حول "التصدي لأي عدوان تركي على كردستان" و"دعم الكرد في تركيا" و"التدخل في دياربكر في حال اصرار الأتراك على التدحل في كركوك".
لقد كان كلام البارزاني طعنة نجلاء في صميم الغرور التركي، وضربة قوية للعنجهية المتأصلة،التي طبعت السلوك التركي منذ ايام السلطنة العثمانية واخضاع العرب والكرد وبقية الشعوب المسلمة للسيطرة التركية طيلة 400 عام( ومروراً بحصار فيينا، وهزيمة اليونانيين على يد مؤسس تركيا مصطفى كمال "اتاتورك"، وذبح الأرمن، واحتلال قبرص، والحرب الطويلة ضد الكرد، منذ الكفاح المسلح الذي قاده، ومايزال، حزب العمال الكردستاني). لقد خرق البارزاني محظوراً تركياً وانتهك احدى اهم محرمات انقرة، دون ادنى حساب للعنجهية والنرجسية الطاغية على الشخصية التركية.
ولعل جنرال الحرب بويوكانيت المعروف بدمويته( وهو الذي كان يرسل فرق الموت الخاصة لقتل الوطنيين الكرد الموالين للثورة الكردية في كردستان الشمالية: كما تبين في فضيحة هجوم شمزينان تشرين الأول 2005) يعي جيداً بأن موقف بلاده ضعيف، وان الولايات المتحدة لن تسمح لقواته بالتدخل في اقليم كردستان وتنفيذ الإجتياح الذي يحلم به، لذلك لم يتردد في وصف الأمر "بالمذلة" التي حاقت بتركيا، وجعلت منها مقيدة وعاحزة في وجه كل هذه التهديدات التي تواجهها.
بويوكانيت يعلم جيداً هو واركان حربه بأن كردستان لاتشبه قبرص التي احتلتها تركيا وكانت لقمة سائغة حقاً. فالكرد شعب متمرس على القتال ولايمل من خوض الحروب الطويلة الآمد التي تفرض عليه. واذا كانت الآلة العسكرية التركية، المدعومة من الغرب والناتو، قد عجزت كل هذه السنوات عن الحاق الهزيمة بمقاتلي حزب العمال الكردستاني، فكيف اذن لو تدخلت في اقليم كردستان ووجدت نفسها امام 200 الف محارب كردي متمرس، من قوات البيشمركة، اضافة لآلاف المقاتلين الأنصار من اعضاء قوات حماية الشعب( الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني) والمنتشرين على طول خريطة اقليم كردستان الشمالية وتركيا، القادرين على توجيه ضربات قوية ومؤثرة لأنقرة: وهو الأمر الذي يعلنه قادة العمال الكردستاني صراحة في حال حدوث هجوم تركي يطال كل من اقليم كردستان الجنوبية ويشكل "تهديداً لمكتسبات الشعب الكردي في الجنوب" و"قواعد الحزب في مناطق جبال قنديل".
قائد الجيش التركي يشار بويوكانيت ومن غير ان يدري وحد القوى الكردية وساهم في تقاربها بالشكل الفريد الحاصل الآن. فهناك تقارب وتنسيق واضح بين الأحزاب الكردية الكبرى. هناك إجماع كردي على ضرورة ان يتوحد الكرد إزاء تهديدات تركيا الأخيرة. التصدي لأي هجوم على اقليم كردستان مقابل دعم موقف العمال الكردستاني في مواجهة الدولة التركية: هذا هو التوصيف الحالي للمشهد الكردي.
وكان قادة العمال الكردستاني قد حذروا تركيا من مغبة التدخل في اقليم كردستان، وقالوا انهم في حل من عملية وقف اطلاق النار التي اعلنوها في بداية شهر تشرين الأول الماضي، وذلك بسبب "العمليات العسكرية المستمرة لقوات الجيش التركي، وعملية تسميم القائد اوجلان، والتصعيد الأمني ضد اعضاء وقياديي{حزب المجتمع الديمقراطي} ووسائل الإعلام الكردية في شمالي كردستان". ولعل ما يزيد من حنق الأتراك وخوفهم هو موضوع الضربة الأميركية الوشيكة لإيران. وفي حال حدوث ذلك، فإن النظام الإيراني سيصبح ضعيفاً وقابلاً للإنهيار، وهذا يعني عملياً خروج منطقة "كردستان الشرقية" من تحت السيطرة الإيرانية وامكانية ان تتمتع بوضع خاص، صيغة "حكم ذاتي" او "فيدرالية"، أو حتى انفصال كامل. وتركيا تعي تماماً بأن حزب الحياة الحرة الكردستاني( أو: الجناح الإيراني للعمال الكردستاني) هو الذي يسيطر على الحياة السياسية في كردستان الشرقية، ويقارع الآلاف من مقاتليه الجيش الإيراني مكبدين اياه خسائر فادحة في الآونة الأخيرة.
الأرجح ان أنقرة لن تجرؤ على المخاطرة في تنفيذ تهديدات بويوكانيت والهجوم على كردستان العراق، مع ابقاء الإحتمال مفتوحاً في تنفيذ عمليات عابرة للحدود تكون محدودة وخاطفة. وتلك العمليات لن تستطيع اسقاط الحكومة الكردية في اربيل، كما لن تكون بالقوة التي تقضي فيها على معسكرات العمال الكردستاني المنتشرة في المنطقة. لكن الثابت في الموضوع، هو أن الرد الكردي سيكون قوياً، وقد ينفذ العمال الكردستاني بعضاً من تهديداته بالرد في مناطق العمق التركي، في حال استمرار العمليات العسكرية ضد مواقعه في كردستان الشمالية، وفي ظل السياسة التركية الحالية حيال القائد الكردي عبدالله اوجلان، الذي تعرض لعملية تسميم، يصر الأتراك على انكار حدوثها. لكن في كل الأحوال، فإن ردة الفعل التركية والتي جاءت على لسان بويوكانيت و اراد بها تخويف البارزاني والقيادة الكردية في كردستان الجنوبية، فعلت فعلاً عكسياً، فزادت من صلابة وعناد الكرد، ودفعتهم للتأكد من ان "كردستان الكبرى" هي واحدة حقاً، ولافرق بين شمالها او جنوبها، طالما ان العدو واحد، وهو يعادي اي حق كردي، كيف كان واينما كان...