قائد الانتفاضة ينتقد الانتفاضة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
نشرت اليومية الفرنسية" لومند" ليوم السبت 7 ابريل 2007 مقالا حول زكريا زبيدي قائد كتائب شهداء الأقصى في مدينة جنين انتقد فيه الانتفاضة بشدة و و اقر أنها فشلت و أصبحت بدون روح. ويضيف زكريا زبيدي أن فشل الانتفاضة يرجع من جهة إلى تعنت إسرائيل التي استنزفت الفلسطينيين بالحصار الاقتصادي و بالمطاردة العسكرية كما يرجع من جهة أخرى إلى غياب الاستراتيجيات المتكاملة لدى القادة الفلسطينيين إذ يرى القائد السابق لكتائب شهداء الأقصى أن الانتفاضة كان عليها أن تكون شاملة عسكرية و سياسية و ثقافية و فنية في نفس الوقت و أن تجسد الالتحام الوثيق بين كل فئات المجتمع الفلسطيني و أيضا مع الأصوات الشجاعة في إسرائيل التي تريد دولة ديمقراطية متصالحة مع محيطها الفلسطيني و العربي من اجل إنضاج حل سلمي مقبول.. فالثورة الحقيقية يجب أن تكون نقدا للأوضاع القائمة و نقد لنظام الحياة المستتب الذي ينكر ما ينطوي عليه هو ذاته من إمكانات و احتمالات مشجعة. فهي أساسا إبداع أحوال جديدة للحياة مع إشكال جديدة للعقل و الحرية.
و الجدير بالتأمل أن هذه القفزة النوعية في مسار زكريا زبيدي بعد سنوات عديدة من التيه و الضياع و الخسائر المتبادلة كان من أسبابها ملاقاته مع فنان اسرائلي يساري "جوليانو ميرخميس "أتى إلى جنين لتكوين ورشات مسرحية مع أطفال المخيمات في إطار مشروع " مسرح الحرية " و أيضا من مع ناشطة اسرائلية "فهيمة تالي" من حركة السلم المناهضة للحرب و الدمار أتت إلى جنين لتكون درعا بشريا للدفاع عنه و قد دفعت ثمن هذه المساندة الميدانية بعامين سجن.
و في هذا الصدد يذكرنا النقد الذاتي الذي قام به زكريا زبيدي بمواقف المفكر انتقد العفيف الأخضر الذي نشرها في يومية الحياة منذ عام 2000 والذي أقام من خلالها الحداد على الكفاح المسلح الفلسطيني مؤكدا انه في العمل السياسي يختار السلاح لجدواه في تحقيق المشروع السياسي ليس لمجرد انه السلاح الوحيد المتاح. كما بين الأخضر أن كلفة العمليات الانتحارية في الساحة الفلسطينية ليست أخلاقية فحسب بل أيضا سياسية. فقد جعلت قطاعا عريضا من الرأي العام يتفهم القمع الإسرائيلي كما لو كان إرهابا مضادا كما أن ضررها تجاوز القضية الفلسطينية التي شوهتها و أدت إلى تسميم علاقة العرب و المسلمين مع باقي البشرية.
لماذا ندين الإرهاب
أصبح لفظ الإرهاب يستقطب اهتمام العالم و يعني هذا اللفظ إدخال الخوف أو الرعب في النفوس من جراء تعنيف مادي وهو تعنيف ينال من حقوق الأفراد و الجماعات.
و مهما تعددت المصطلحات من مقاومة إلى جهاد و استشهاد و فداء فان الإرهاب يعرف أساسا لا بنوعية القضية التي يهدف إليها و نبلها أو عدالتها بل من خلال الطرق المستعملة التي وقع اختيارها من طرف المنفذين و التي تستهدف المدنيين.
يقول الكاتب ولتير بن يمين " ليس لدى ما أقول سأعرض الوقائع و أشير إليها فحسب " :
يعزز الإرهاب تبخيس حرمة البشر و كرامتهم لأنه يشئي الإنسان و يختزله إلى مجرد وسيلة للوصول إلى هدف معين بينا يظل الإنسان في نظرنا قيمة القيم.
ينتهك الإرهاب الشرائع السماوية فالقران الكريم مثلا ينهى عن قتل نفس واحدة ظلما و عدوانا و قد شبه هذه الجريمة بجريمة قتل الإنسانية جمعاء وهو كذلك يمنع اخذ البريء بجريرة المجرم " ولا تزر وازرة وزر أخرى" و مهما كانت الظروف و الملابسات فالقيم و الثوابت الكونية تخلصنا من دائرة النسبوية المضللة و تتعالى على الأحداث الظرفية.
كما تبين اليوم بان "الحرب على الإرهاب" ليست حربا للدفاع عن الدمقراطية من الإرهاب، وإنما حربا إرهابية على الديمقراطية، وعلى حريات المواطن، وضد شبكات الحماية الاجتماعية. و يدخل في هذا الإطار القوانين والإجراءات الأمنية المشددة التي استطاعت إدارة الرئيس جورج بوش تمريرها في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 الإرهابية التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأميركية، وذلك تحت عنوان التصدي للنشاطات والمجموعات الإرهابية وتجفيف منابعها. وقد أدت هذه الإجراءات إلى التخلي عن بعض الضمانات القانونية والدستورية، والتنازل عن بعض الحريات العامة والفردية الأساسية، لصالح اعتبارات الأمن والمصالح الوطنية للدولة. كما أدت الحرب على الإرهاب في العالم العربي الذي لا يبدع إلا في العنف السافر إلى تشريع و تبرير ممارسات قديمة - جديدة منافية للآدمية تتجسد في الاعتقالات الاعتباطية و التعذيب الوحشي.
كما بات من الواضح أيضا أن الإرهاب هذا الحدث -الصورة حسب تعريف عالم الاجتماع جان بوديار يلعب دورا أساسيا في "مجتمع المشهد" الذي يطمس الحاجيات و التناقضات الرئيسية و يروض الأفراد حيث يحمل لهم التظليل الإعلامي رسالة واحدة وهي ضرورة التضحية في سبيل امن الدولة و تبني أهدافها و ذلك بإخماد النضالات الاجتماعية من جهة و بإهدار الأموال الطائلة التي التي يتم سلبها يوميا من عرق و أفواه الشعوب لإنفاقها في مجالات غير منتجة وهي الحرب على الإرهاب.
فالأعمال الإرهابية لا جدوى منها للحركة التقدمية و غالبا ما تكون اختراقا أو استفزازا بوليسيا لتحويل الأنظار و صرفها عن الاستحقاقات التاريخية كما بين ذلك الكاتب الايطالي جيفراندو سنقنتي المنتمي إلى "أممية مبدعي الأوضاع " في كتابه الشهير Veacute;ritables rapports sur les derniegrave;res chances de sauver le capitalisme en Italie.