عزمي بشارة مواطناً سورياً
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لم أخف إعجابي يوما بطلاقة لسان عزمي بشارة هو يتحدث عن إسرائيل و" يفضحها" بالعربي أمام الرأي العام " العربي أيضاً "، خصوصاً أني لا أعرف لغات أخرى لأعرف ما يقوله بالعبري تحت قبة الكنيست الاسرائيلي أو بالألمانية مثلا تلك التي يجيدها عزمي بشارة.
ورغم هذا الإعجاب فكلما رأيت عزمي بشارة بوجهه الواثق وكلماته الرصينة أصاب بمغص نفسي وشيزوفرينا حادة، وأمراض نفسية " مجهولة " لم أقرأ عنها في كتب فرويد " اليهودي ". إذ أني كلما سمعته، و رأيته على أي شاشة أرضية أو فضائية، ألعن فشلي وظروفي المعقدة المحيطة بي، و أشعر بإحباط شديد، بل لا أبالغ إذا قلت أني أصبح حاقداً وناقماً على... " ظروفي الشخصية ومكان ولادتي وعيشي ومسقط رأسي وقدمي ". فهي السبب الاساسي أني لم أستطيع أن أكون مناضلاً كبيراً (وهي الصفة التي تسبق اسم عزمي بشارة عادة في وسائل الاعلام العربية). ولا أعتقد أن السبب يعود إلى ضعف قدراتي النضالية ولا ضعفي في الفصاحة والخطابة فأنا كنت رائداً على مستوى المدرسة والمدارس المجاورة عندما كانت منظمة طلائع البعث (الثورية) تجري لنا مسابقات بالفصاحة في مرحلة الدراسة الابتدائية، فهذا يعني أني بدأت " النضال " قبل عزمي بشارة حيث بدأ نضاله في المرحلة الثانوية!!
المشكلة الثانية " وهي أدهى وأمَرّ " التي يسببها لي سماع عزمي بشارة هي ازدياد إعجابي بالكيان الصهيوني (على ما درستنا كتب القومية العربية في المدارس والجامعات). عدونا اللدود!! وهذا أمرٌ خطِر على ما أعتقد ويمكن تسميته بالغرغرينة النفسية. ولا أخفيكم أن الوساوس والهلوسة " اللهم عافيكم " تصل بي أحياناً الى القول: لو كنت مواطناً إسرائيلياً لأصبحت مناضلاً بسهولة!! وهو كما ترون رمي لفشلي الشخصي (في أن أكون مناضلاً) على أسباب عامة خارجة عن إرادتي. لكن دعونا نكون منطقيين ونناقش الأمر بجدية بعيداً عن تضخم الأنا المتورمة خاصتي (حسب التعبير الانكليزي المترجم) وعليه سأقبل بأحكامكم ومشورتكم أيضاً، في تعديل مساري " النضالي " فيما لو تبين أن العطل مني وليس من ظروفي التي ألعنها صباحاً مساء.
ماذا لوكان عزمي بشارة " مواطناً " سورياً ؟! وعضواً في مجلس الشعب السوري؟
وهذه الـ ماذا لو، والتي تفتح عمل الشيطان " والعياذ بالله " تنطبق على كل البلدان العربية التي لديها مجالس " منتخبة " أو منتخبة من السلطات! لكني اتخذت سوريا مثالاً كونها " بلدي" ومكان فشلي النضالي أولاً ولإلمامي بحيثيات ما سيؤول إليه الأمر ثانياً
سنتجاوز أمراً غير مهمٍ وشكلاني، وهو استحالة وصول عزمي بشارة كمناضل ومفكر حر الى هذا المجلس ودعونا نقارن بعض الأمور " النضالية " البسيطة فقط، وسنبتعد عن الامور الفادحة، من مثل أن يلتقي عزمي بشارة عضو مجلس الشعب السوري بالرئيس الإسرائيلي علناً وأمام الشاشات ونحن في حالة حرب معها، لا بل ويصرح بعد ذلك...
ولن نذكر له محرقة التطبيع التي طالت كتاباً ومفكرين عرب التقوا بكتاب ومفكرين إسرائيليين على هامش مؤتمرات عالمية أو طالبوا بالسلام العادل الذي يشمل الاعتراف باسرائيل، فهو بكل تأكيد يعرف كيف " طرد " اتحاد عرسان أدونيس من " جنته" لأنه ثبت لعرسان وجود إسرائيليين في مؤتمر حضره المذكور " أي أدونيس"
أذكر مرة (ليست بعيدة) في أحد إطلالات المناضل عزمي بشارة على الفضائية السورية، أنهم اتصلو به الى اسرائيل " ولا أدري كيف!!" ولم يكن موجوداً على الهاتف فطلبوه عن طريق الشريط المتحرك في الفضائية وأبلغه بعض من يشاهدون الفضائية السورية (في إسرائيل) ! بهذا الأمر وجاء ملبياً !!... يا للهول إنه تخابر علني مع دولة عدوة!! فلنتخيل إذاً، أن أحد أعداء عزمي الذي أصبح عضواً في مجلس الشعب السوري قد أراد أن ينكل به وطلب " بطريقة ما " من الاذاعة الاسرائيلية أغنية أم كلثوم " خذني بحنانك خذني " مدعياً أنها مهداة منه (أي عزمي بشارة) إلى شعبنا الصامد في الجليل وليس إلى شارون.. ووصل الأمر الى أحد أفرع المخابرات السورية؟!! هنا لا داعي للتخيل طبعاً وعليكم أن تقرأوا ما كتبه السجناء السوريين عن هذا الأمر.
أو تعالوا نبالغ في التخييل ونصل الى فانتازيا المسلسلات الدرامية السورية التي يكتبها هاني السعدي ويخرجها نجدت أنزور، فلنتخيل مثلا عضو مجلس الشعب السوري عزمي بشارة يصرح (ليس على تلفزيون إسرائيل بل على شاشة الجزيرة نفسها) أن سوريا دولة غير ديمقراطية وأنها ليست لجميع سكانها. فقط فقط. إن كان عزمي لا يعلم ماذا سيحل به سأقول له باختصار: ستصبح للطير وما قسم الله بلمح البصر
أو ليطالب عضو مجلس الشعب السوري عزمي بشارة ليس من خلال الفضائيات التي يشهادها الملايين، بل همساً، وفي مقهى الروضة الذي سيرتاده حينها باعتباره مثقفاً، بإطلاق سراح المعتقلين في السجون السورية !! ياللهول ياللهول !! إنه يجدف.. ولا داعي لمخليتكم هنا فالشواهد معروفة.
أو تخيلوا عضو مجلس الشعب السوري عزمي بشارة والذي يتمتع بالحصانة متحدثا من تحت قبة مجلس الشعب (معنى مجازي فمجلسنا بدون قبة) ليس عن عدالة مطالب المعارضين السوريين ولا عن الفساد (حتى بدون أن يذكر أي فاسد) ولا عن حق السوريين الأكراد المحرومين من الجنسية بالحصول عليها، بل أن يطالب بمعرفة إلى أي فرع أمن اقتيد الكاتب السوري إبراهيم زورو منذ أيام فقط، ودون أن يطالب بإطلاق سراحه أو إطلاق سراح باقي المعتقلين السياسيين و دون أن يتساءل حتى لم هم في السجون ؟ وليصرح حينها طليقاً أن ملاحقته تتم لأسباب سياسية وأن السلطات السورية " بعد أن أصبح سوري يانياله " تستخدم القضاء في معركتها السياسية ضده. ولابد أنه يذكر الحصانة التي حصّنت رياض سيف ومأمون الحمصي لسنوات في السجن وهم لم يطالبوا بتغيير هوية الدولة كما يطالب.
أظن أن عزمي يعرف ما سيحل به " لو فتح بقه بحرف من الكلام ده " فهو سيذهب في ستين داهية، وعليّ أن أن أنصحه بقراءة السلسلة التي يكتبها ياسين الحاج صالح عن عوالم المعتقلين السياسيين، ليعرف كيف يتأقلم مع " الوضع " بعد خروجه من " غيابة الجب " إذا بقي حياً وخرج بعد عشرين سنة " تلفظ ممطوطة كما في المسلسلات المصرية " وأجزم أنه يعرف هذا، فقد تجاهل عزمي بشارة حتى وهو يحمل الحصانة الإسرائيلية (المهولة) في زيارته المتكررة لسوريا أو للفضائيات العربية أو في مقالاته عن الديموقراطية وحقوق الانسان، أن يشير الى المعتقلين السياسيين السوريين، فهو لا يريد إفساد علاقاته النضالية مع السلطات السورية بسبب " كم مية معتقل سياسي سوري ". فتوطيد العلاقات النضالية أهم من هذه الاشياء الهامشية والتافهة ربما.
وربما " أيضاً " لن يستوعب عزمي والقومين الاشداء مقارنتي بين مطالبته بتحرير الأسرى والمعتقلين في السجون الاسرائيلية، وبين تجاهله للمعتقلين السوريين (والعرب عموماً، أو على الأقل في البلدان التي يزورها ويقابل قادتها) في السجون والمعتقلات الوطنية !! فهؤلاء معتقلون في سجون وطنية على أرض وطنية مستقلة بإشراف سجانين وطنيين، بل إن أغلب أدوات التعذيب هي ابتكارات وطنية..
يمكنكم أن تتذكروا (مثلاً) موقف عزمي بشارة تحت قبة الكنيست وهو يدافع عن حق حزب الله في مقاومة الاحتلال وتتخيلوه وهو عضو في مجلس الشعب السوري مطالباً بحق التواجد الشرعي فقط، ليس لجماعة الأخوان المسلمين السوريين (ذات الـ" نشأة المشبوهة والتاريخ الأسود " حسب ثلاث مجلدات أصدرها حزب البعث عنها) فهذا خطباً جلل سيجعل عبد القادر قدورة يصاب بجلطة فورية، وربما " يجلط " الأمر كل أعضاء المجلس بما فيهم " المستقلين "، بل لحزب الشعب الديموقراطي (مثالاً) اليساري العلماني الذي يسجن أعضاؤه عادة بسبب الانتماء لمنظمة سرية تهدف الى قلب نظام الحكم وتناهض " شعارات " الثورة الإشتراكية.
...
المقارنة طويلة، وليس الهدف منها سوى تبرير فشلي " النضالي " و إقناع نفسي أني لو كنت في دولة مثل إسرائيل لأصبحت مناضلاً كبيراً بسهولة شديدة، دون أن تموت أمي وهي بحسرة " شوفتي " ودون أن أقضي نصف عمري في السجون، أو تصبح عظامي مكاحل...
سيهب الكتاب والمناضلون العرب للتضامن مع عزمي بشارة المناضل القومي، بوجه الهجمة الشرسة التي تقوم بها " الدوائر" الصهيونية ضد " عضو كنيست إسرائيلي "، ومهما كانت القضية (التي "ستلفقها " تلك الدوائر). فهي بكل تأكيد تهدف (أي التلفيقة) للنيل من صمود شعبنا داخل الخط الأخضر " العرب الاسرائيليون "... وكما رشح من وسائل الإعلام فهي لا زالت غير معروفة، و ليست بالضرورة الاتصال بدول معادية لإسرائيل، تلك التهمة التي " نفد " منها عزمي بشارة بلفت نظر (فقط) من المستشار القضائي الاسرائيلي !! بينما لا زال في السجون السورية مثقفين بسبب زيارتهم لأمريكا التي لسنا في حالة حرب معها وليست دولة معادية بل يتمنى المسؤولون السوريون زيارتها، ويستقبلهم أحد!!
لتسمح لي يا عزمي بشارة أنت والكتاب العرب أن لا أتضامن معك مهما كانت هذه القضية " الملفقة "، لأنك لم تتضامن مع أي معتقل في بلادي. لكن هذا لا يمنعني أن أعلن لك أنك على الرحب والسعة في بلادي فيما لو قررت البقاء خارج إسرائيل كما تشير بعض التكهنات، وكما تعلم فأنت على الرحب والسعة أيضاً من شعبنا المضياف وكذلك من نظامه (ومن معارضيه أيضاً) وربما ستمنحك سلطات بلادنا الجنسية السورية فوراً (متجاوزين القرارات الوطنية والقومية) و كذلك عضوية في مجلس الشعب الجديد حينها ناضل لأشووف