هل فعلاً كرم الإسلام المرأة؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بما إن ثقافتنا سمعية، وأن أمة "اقرأ" لا تقرأ، وبما إن نظام تعليمنا يقوم على الحفظ والتلقين وليس على الفهم والإدراك، فيخرج لنا خرجين كبيادق الشطرنج متشابهون وغير مبدعين، كمثل الحمار يحمل أسفاراً، فهم كالبباغاوات يرددون ما يسمعون وما يحفظون، دون فهم ووعي،فعندما ينادي كاتب أو مفكر بحقوق المرأة ومساواتها بالرجل في الحقوق والواجبات، أسوة بالمرأة الأوربية ،والمرأة العربية في تونس وأخيراً في المغرب، ينبري له متأسلم ويردد كلاماً كالأكلشيهات محفوظ ويتردد في كل مكان، ويكفي أن تفتح أي فضائية أو أي تليفزيون أو إذاعة، أو حتى أي جريدة متأسلمة،لنسمع ونقرأ نفس الكلام، وهو أن الإسلام أول من أعطي للمرأة حقوقها وأنصفها وسبق الغرب منذ 14 قرن، فهل هذا الكلام صحيحاً؟ وأين هذا السبق والإنصاف؟!
فالذي لا شك فيه - حتى نكون منصفين - أن الإسلام أعطي المرأة بعض حقوقها في وقت النبوة ونزول الوحي،بمعنى أنه كان ثورة بمقاييس عصره منذ 14 قرن خلت، فألغي عادة وأد البنات، وأعطاها نصف الإرث ونصف الشهادة، وما كان يستطيع فعل أكثر من ذلك في ذلك الوقت، لأنه لو أعطاها حقوقها كاملة، ما قبل المجتمع العربي البدوي ذلك، فلقد رفض الأعراب في ذلك الوقت مساواة الرجل الأبيض بالرجل الأسود، فما بالنا بمساواة الرجل بالمرأة!، فيجب علينا أن لا ننسي أنه كان هناك تفاعل بين النص المؤسس والبيئة البدوية، وما كان محمد صلي الله عليه وسلم ليستطيع أن يأتي بحقوق لا يستسيغها العقل العربي البدوي، ولا البيئة الصحراوية، ولكن مع تغير الزمان والمكان، وتطور الفكر الإنساني، آن الأوان لأن نعيد النظر في ضرورة إنصاف المرأة وإعطائها حقوقها كاملة غير منقوصة.
ما الذي يقف حائلا دون نيل المرأة العربية في أرض الإسلام حقوقها كاملة غير منقوصة؟
فلو نظرنا إلى المرأة في أي مكان في العالم، نجد انها نالت حقوقها وتساوت بالرجل في الحقوق والواجبات إلا في أرض الإسلام، ويرجع ذلك إلى تحجر فكرنا في فهم النص المقدس، فالنصوص القرآنية والأحاديث المنسوبة لرسولنا الكريم هي التي تقف عقبة كأداء أمام نيل المرأة لحقوقها، بل وأكثر من ذلك، بلغ من كثرة ترديد هذه النصوص والأحاديث في التعليم والإعلام وخطب الجمعة، أن حفظها الصغار منذ نعومة أظفارهم، وتقبلتها المرأة واقتنعت بصحتها وأصبحت هي نفسها تنظر لنفسها على أنها"عورة" وأنها"ناقصة عقل ودين"، فماذا ننتظر من مجتمع بطريقي، يضع قوانينه الرجال للرجال، غير إعلاء من شأن الرجل، وتحقير من شأن المرأة والنص المقدس معهم يؤيدهم؟ فلقد جعل القرآن الرجل في مصاف الآلهة وأسماه "بعل"، الذي هو اسم إله قديم كان يعبد في بعلبك وهليوبلس، وقيل إنه كان معبود آل"يونس"، أو بعض الشعوب السامية الأخرى، وبه سمي العرب بعض الأصنام التي كانوا يعبدونها، فلفظ بعل = إله، فالرجل كما ورد في القرآن في نظر زوجته إله، وواضح من استخدام لفظ بعل للرجل ما فيه من قوة وتفوق للرجل على المرأة ، وتحقير لشأنها نقرأ في القرآن:" وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً" (النساء 128) وقوله أيضاً:"ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن" (النور 31)،في حين أنه ورد في القرآن نفسه أن "بعلاً" كان أحد الآلهة التي كانت تعبد من دون الله، قال تعالى:"أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين" (الصافات 125)، يقول الطبري في تفسير هذه الآية:"قال مجاهد وعكرمة وقتادة والسدي : البعل بلغة اليمن الرب. وسمع ابن عباس رجلاً من أهل اليمن يسوم ناقة بمني فقال: من بعل هذه؟ أي من ربها، ومنه سمي الزوج بعلاً"(الإمام القرطبي في الجامع لأحكام القرآن في تفسيره سورة الصافات). وليت الأمر انتهي على جعل الرجل في درجة إله للمرأة، وعلى المرأة طاعته وخدمته طاعة العبد للسيد، بل جاءت السنة والأحاديث المنسوبة للمبعوث رحمة للعالمين، مؤكدة على نفس المعني شارحة له،فهناك حديث منسوب لرسولنا صلى الله عليه وسلم يقول:"لو كنت أمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها" (أخرجه الترمذي والنسائي)، بل بلغ الحرص على مشاعر الرجل وإرضاء لرغباته الجنسية، أن حرم على المرأة أن تصوم "نافلة" [الصيام غير المفروض]إلا برضاء زوجها، وعليه أن يطلبها للجماع، ولو كانت أمام التنور [الفرن]، حرصاً وإرضاء لرغبات زوجها [الإله]، أما نعتها بأنها "ناقصة عقل ودين" فلا يخفي ما في ذلك من تحقير لشأن المرأة في أرض الإسلام،وكذلك جعلها نصف رجل في الإرث في قوله تعالي:" يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الإنثيين"(النساء 11 )، وكذلك جعلها نصف رجل في الشهادة في قوله تعالي:"فإن لم يكونا رجلين فرجل وإمرأتان ممن ترضون من الشهداء"(البقرة 282)،ولا أجد ما أقوله أما الحديث المنسوب للمبعوث رحمة للعالمين الذي يقول:"لن يفلح قوم ولوا امرأة عليهم" (رواه البخاري في صحيحه)، وكذلك في الحديث المكذوب لأشرف الخلق الذي ساوي المرأة بالكلب والحمار في الحديث القائل: "تفسد صلاة الرجل إذا مر أمامه كلب أسود أو حمار أو امرأة"، وأخيراً أقرار الإسلام تفوق الرجل على المرأة صراحة في قوله: "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض"(النساء 34)، فالنص الذي جعل من الرجل [بعل] أي إله للمرأة، وأنه لو كان هناك سجوداً لغير الله لكان سجود المرأة لزوجها، وبعد أن جعلها نصف رجل في الشهادة والإرث، لم يكتف بذلك بل أقر للزوج حق "القوامة" لتأديب زوجته، فجعل له الحق في ضربها وتأديبها، فمن حقه أن يؤنبها، فإن لم تنته، فليهجرها في المضجع[أي لا يمارس معها الجنس كعقاب] وإذا لم يتحقق له ما يريد، فله أن يضربها قال تعالي: "فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن" (النساء 34)، فوضع جميع الحلول في يد الرجل وحده، أما المرأة هذا "الشيء" فعليها السمع والطاعة وتقبل الإهانة والضرب.
ما العمل أمام هذه النصوص والأحاديث؟!
لا يوجد أمامنا سوى حل واحد وحيد، دلنا عليه رسولنا الكريم وصاحبته الميامين، هؤلاء الصاحبة الذين هم الرعيل الأول لمدرسة النبوة، وهم القائل فيهم أصدق القائلين:"أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم"، هو النسخ، فلقد نسخ صلي الله عليه وسلم في مدة رسالته كثير من الآيات لتغير الواقع والأحداث، فالنص كان متفاعلاً مع الواقع سلباً وإيجاباً، وذلك إعلاء لشأن العقل وقيمة الإنسان بما هو إنسان، محض إنسان، فكان صلي الله عليه وسلم وصاحبته يدورون من العلة، ونصب أعينهم مصلحة المسلمين، ولذلك قالوا" حيث مصلحة المسلمين، فثم شرع الله"،كما فعل أبو بكر رضي الله عنه بإلغاء سهم المؤلفة قلوبهم في الزكاة، مقدماً حجة عقلية رائعة "لقد قوى الإسلام ولا حاجة لنا فيهم"،فليس معنى وجود حكم في نص أن نقف أمام النص صماً وعمياناً، فهذا هو الجهل بعينه، وهذه هي الإساءة التي نشوه بها صورة إسلامنا الحنيف، وهذه هي أسوأ صورة نسّوق بها إسلامنا للغرب، ولنا المثل في عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل المثل في هذا النسخ، على الرغم من أنه لم تفصل بينهم وبين عصر النبوة إلا فترة قصيرة جداً، فنجد أن عمر نسخ حق المقاتلين في الفيء والذي به نص صريح في الآية( 41 من سورة الأنفال) ليعود الفيء كله إلى بيت مال المسلمين، وقدم الخليفة عمر،كسلفه أبو بكر، حجة عقلية رائعة، وهي حق الأجيال القادمة في الأرض المفتوحة قائلاً في رسالة لقائد جيوشه في العراق متوجهاً للمقاتلين:"إذا أخذتم هذه الأرض ماذا سيبقي للذين يأتون من بعدكم؟" ( "الخراج"، لأبي يوسف صاحب أبي حنيفة،ص 18) والأمثلة على النسخ كثيرة لا يتسع المقال له،لذلك أطلب من شيخ الأزهر وعلماء المسلمين، أن يجتمعوا ويعلنوا صراحة نسخ هذه الآيات،ويقدمون نفس الحجة العقلية التي مارسها رسولنا الكريم وصحابته الميامين بـ"مصلحة المسلمين"، يقول ابن رشد: "إذا تعارض العقل مع النص، فليؤول النص، لأنه من غير المعقول أن يعطينا الله عقولاً وشريعة تناقضها"، فهل نملك الشجاعة الأدبية والأمانة العلمية لنسخ كل هذه الآيات والأحاديث التي تقف حائلاً أمام نيل المرأة في أرض الإسلام حقوقها كاملة غير منقوصة، لأن المتأسلمين يستندون إلى هذه النصوص كمرجع لإزلال المرأة وهضم حقوقها، ولما لا والنص معهم يؤيدهم في ذلك. فهل نحن فاعلون؟!، نعم، بإذن الله فاعلون، لأنه كما قال رسولنا الكريم: "الخير فيّ وفي أمتي إلي يوم الدين، فها هو الدكتور حسن الترابي، الأمين العام للمؤتمر الشعبي، والذي يعتبر أهم المرجعيات الإسلامية المعاصرة، تبنى منهج النسخ الذي أسسه الصحابة، فنسخ آية "للذكر مثل حظ الإنثيين"(11 النساء) وساوي بين الرجل والمرأة في الميراث،فنسخ أيضاً الآية: "واستشهدوا شاهدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان"(282 البقرة)وساوي بين شهادة الرجل والمرأة، ونسخ أيضاً الآية"ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا" (221 البقرة) التي تحرم على المسلمة الزواج بغير المسلم،وكذلك نفي الترابي أن يكون الحجاب فرضاً على المرأة ،لقد أضحي الترابي الآن خير من يصلح لحكم السودان، بل ومصر أيضاً،لأن فكرة غير فكر هتلر مصر مهدي عاكف، ولا المتأسلم التونسي راشد الغنوشي اللذين لا يريان في المرأة إلا جسداً لدناً يصلح للفراش، للإستمتاع البهيمي، ولا يصلح للنقاش!.
ASHRAF3@WANADOO.FR