كتَّاب إيلاف

الدبلوماسية تؤتي أكلها بين طهران وواشنطن

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

قبل أيام قليلة من انعقاد مؤتمر شرم الشيخ المخصص لبحث الوضع الأمني في العراق، خطت الولايات المتحدة خطوات تهدئة ملحوظة تجاه إيران لحثها على المشاركة في المؤتمر، ولتستكمل ما انتهى إليه الحوار الإيراني الأمريكي في مؤتمر دول جوار العراق الذي انعقد في بغداد في الشهر الماضي.
وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس حثت قبل أيام إيران على المشاركة في المؤتمر، ملمحة بأن بلادها صارت مستعدة الآن لتبادل أفكار جدية مع طهران بعد أشهر من مقاومة التقدم الذي أنجزته الأخيرة في المنطقة. وهو تلميح ينظر إليه المراقبون على أنه إشارة تهدئة تجاه طهران قلما خرجت من جانب الأمريكيين منذ الحرب الأمريكية لإسقاط نظام صدام حسين عام 2003 ومنذ أن صعدت إيران مجهودها النووي.
وقالت رايس لفايننشال تايمز: "ستكون فرصة ضائعة" في حال لم يحضر منوشهر متكي وزير خارجية إيران اللقاء الذي تستضيفه مصر على المستوى الوزاري ويشارك فيه جيران العراق والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ومجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى. ونفت أن تكون السياسة التي تتبناها إدارة الرئيس جورج بوش حيال إيران موجهة نحو تغيير النظام، لكنها أكدت أن الهدف من تلك السياسة هو تغيير "سلوك النظام الإيراني". وأضافت: "من الواضح جدا أن حزمة المقترحات التي طرحناها ستتيح بعض احتمالات الحوار الاقتصادي والسياسي.. بل ومزايا. تخلينا عن اعتراضنا في منظمة التجارة العالمية ومن ثم يمكن لإيران أن تطلب الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. اعتقد أن الموقف الأمريكي واضح تماما".
ورحبت واشنطن بإعلان الاتحاد الأوروبي استئناف المحادثات مع إيران بهدف إنهاء الخلاف حول برنامجها النووي. وحث توم كيسي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إيران على الموافقة أثناء المحادثات على تلبية مطالب الأمم المتحدة وتعليق برنامجها لتخصيب اليورانيوم حتى يتسنى بدء مفاوضات متعددة الأطراف حول هذه المسالة.
ويبدو أن الولايات المتحدة وصلت إلى قناعة تامة عبرت عنها تصريحات رايس، وهي أن حلحلة القضايا في المنطقة، وعلى رأسها الوضع في العراق والملف النووي، لا يمكن أن تتم بتشديد الموقف تجاه طهران. لذلك أشار المتحدث باسم الخارجية الإيرانية محمد علي حسيني إلى دلائل على تخفيف واشنطن موقفها تجاه إيران، ولكنه أضاف أن حكومة بلاده لن تحدد موقفها من حضور مؤتمر شرم الشيخ إلا بعد الاجتماع مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري اليوم في طهران. لذا يتوقع أن تعلن إيران موافقتها على حضور المؤتمر، لكنها ستشترط جراء ذلك الحصول على بعض المطالب التي يأتي على رأسها في الوقت الراهن إطلاق دبلوماسييها المحتجزين لدى القوات الأمريكية في العراق الأمر الذي قد يوافق عليه البيت الأبيض بسبب الضرورات الدبلوماسية التي تفرضها تطورات الأحداث في المنطقة. فالدبلوماسية بدأت تؤتي أكلها وتقرب بين الطرفين. ففي قضية البحارة البريطانيين أثبتت طهران أنها تعمدت اختيار طريق التفاوض لإنهاء الأزمة، لإثبات أن الدبلوماسية "ضرورة" لحل مشاكلها مع المجتمع الدولي. وفي المقابل سعت واشنطن لاستغلال هذه "الضرورة" للخروج من "عزلتها" الدبلوماسية تجاه بعض الأطراف، لكن وفق خطوات حذرة في هذا الاتجاه. وقال الناطق باسم الخارجية الإيرانية: "إذا خلصت النوايا وإذا صححوا (الأمريكيون) السلوك الذي انتهجوه حتى الآن سيتيح ذلك فرصة لإعادة النظر في نوعية العلاقات بيننا".
وفي مؤتمر بغداد الشهر الماضي أجرى السفير الأمريكي السابق لدى العراق زلماي خليل زاد مناقشات قصيرة مع المندوب الإيراني. وردا على سؤال عما إذا كانت رايس تعتزم عمل نفس الشيء في مصر،لم يستبعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية شون مكورماك ذلك.
ويؤكد مراقبون وجود مسارين باتا واضحين وسط الصحراء المقفرة للسياسة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط تسعى وزيرة الخارجية الأمريكية إلى السير فيهما بحذر عقب الانعزالية الدبلوماسية التي ظلت الولايات المتحدة تعتمدها في تلك المنطقة على مدار السنوات القليلة الماضية، حسبما جاء في تعليق لصحيفة واشنطن بوست.
وأشارت الصحيفة "أن المسار الأول يقود باتجاه حل إقليمي للمشكلة المفزعة في العراق حيث ستتخذ رايس خطوة حاسمة الشهر المقبل عندما تلتقي مع وزراء خارجية دول جوار العراق ومن بينهم وزيرا خارجية إيران وسورية".
وتقول الصحيفة أنه أثناء استعدادها لاجتماع دول جوار العراق, طلبت رايس النصيحة من وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كسينجر ضمن عدد آخر من المسئولين. وأشارت الصحيفة إلى أن كسينجر نصحها بالتوجه إلى الاجتماع وهي في "حالة إنصات" بدلا من حملها لاقتراح أمريكي مفصل بشأن كيفية تعاون دول جوار العراق فيما بينها.
ونقلت الصحيفة عن كسينجر قوله: "على رايس أن تسعى خلال الاجتماع إلى عقد لقاءات ثنائية مع نظيريها الإيراني والسوري وهي لم تستبعد عقد مثل هذه اللقاءات ضمن جدول أعمالها الذي سيتركز بالتأكيد على ثلاثة موضوعات هي الحدود واللاجئين والأمن الداخلي في العراق".

ssultann@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف