كتَّاب إيلاف

حاذروا بغددة كردستان

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

منذ أحداث الشيخان(15.02.07) الإرهابية التي صدرت(وللأسف) بطبعةٍ كرديةٍ مبينةٍ، وبأيدٍ كرديةٍ "مسلمة" ضد أكرادهم الآخرين "الإيزيديين"، في زمانٍ ومكانٍ كرديين، مذاك وكردستان بخاصرتها الإيزيدية(كردستان الشيخان حصراً) تلتهب، وتعيش حالةً من اللااستقرار، والهدوء القلق، المشوب بحذرٍ وترقبٍ شديدين، وتتطور الأحوال فيها، من سيءٍ إلى أسوأ، ومن قتلٍ إلى قتلٍ أكبر.

فالإحتقان الطائفي في كردستان، كما في أية دولةٍ أُريد لها أن تكون "مسلمةً"، على سنة الله والدستور، أو أيةِ بلادٍ اصطفاها الله ل"خير أمةٍ مصطفاة"، والذي له باعه الطويل وتاريخه الثقيل، لم يُجادل للآن، كردياً، بالتي هي أحسن.
فبدلاً من سيادة الدولة والبرلمان والقانون والكلمة الحرة(أو حتى النصف حرة)، سادت العشيرة دولةً وبرلماناً وقانوناً وجريدةً، وعليه انسحق "عقل الشعب"، تحت أقدام "عقل الحزب والعشيرة"، وانتصرت كردستان(على ما يبدو من ركودٍ وجمود في بناها المجتمعية) للدين وغيبياته، أكثر من أن تنتصر للدنيا وليقينياتها.

منذ "كردستان الشيخان" والكرد الإيزيديون باتوا يواجهون مصيراً مجهولاً ومحمولاً على كف أكثر من عفريتٍ، كما يبدو من تداعيات الأحداث اليومية. فهم يعانون الآن خطراً مزدوجاً: خطر إرهاب الداخل القائم(الإسلام الكردي المتشدد داخل كردستان) وإرهاب الخارج القادم(إرهاب دول وجيوش وأحزاب وجماعات وأنصار وقواعد "الله"، المنتشرة في عموم العراق وخارجه الجار).

كل من تابع مسلسل العنف الشيخاني، الذي بُثت حلقات إرهابه ابتداءاً من 15.02.07، اكتشف أن هذا العنف لم يكن مجرد عنفٍ عابر. إن إرهاب شيخانئذٍ، كشف بعضاً من عوراتنا الكردية، التي طالما حسبناها على ثقافات وعادات الآخرين، واستنكرناها ببياناتنا الورقية والرقمية الكثيرة، ككلامنا الهوائي، المارق، الكثير.
أما اليوم، بعد الشيخان، فمن من الكرد سيستنكر من؟
من منهم وبأية ثقافةٍ سيستنكر ثقافة من؟
من منهم وبأيّ قانونٍ سيحاكم من؟
من منهم وبأي دين سيفتي بدين من؟
من منهم وبأية عشيرةٍ سيحكم على عشيرة من؟
من منهم وبأيّ حزبٍ، سيقصي ويلغي حزب من؟

ربما سيخال للبعض، بأن هناك في الأمر مبالغة ما، كما أسمع وألاحظ، غمزاً ولمزاً، من هنا وهناك، وبالضبط من أولئك الذين لم يأخذوا من مفهوم الوطن، خلا رفع الهتافات و"الوطنيات" بحياة الشيوخ والقادة والجنرالات ورؤساء العشائر "الوطنيين بالضرورة"، و"المقدسين" بعوائلهم، على سنة الله ورسوله.

ولكن الأمر ليس بكذلك، وليس بالسهولة التي قد يتصورها هذا البعض.
فما أذهلني كمتابع للقائمين على شئون إرهاب الشيخان، هو المشاركة الفاعلة، الفوق طبيعية، والفائقة لكل التوقعات، من جهة الجيل الناشئ في كردستان الناشئة، والذي يمكن تسميته ب"جيل ما بعد انتفاضة آذار 1991).
فالجديد الخطير، كردياً، على مستوى "التكبيرات الإرهابية" في الشيخان، آنئذٍ، كان مشاركة الأطفال(9سنين فما فوق) في صناعة الإرهاب ونشره، جنباً إلى جنب، مع كبارهم المدججين بفتاوي شيوخهم الذين لا يرون في كردستان إلا دولةً ل"لا إله إلا الله وإن محمداً رسول الله".
الخطير في الأمر، هو هذا "الطفل السادي" الحامل والناشر ل"ثقافة العنف والتخريب والتدمير"، والذي رضع من حليب الإنتفاضة الربيعية، ودخل مدارس كردستانها، وتربى بثقافةٍ، كانت "الشيخان" واحدةً من منتجاتها ومشتقاتها "الطبيعيات".
فعن إي إعمارٍ أو بناءٍـ يتحدث معمّرو وبناة كردستان، إذا كان الطفل(باني المستقبل) فيها، قد "بني"، هكذا مدججاً بثقافة الثأر والهدم، وإرهاب وإقصاء ومحو الآخر المختلف في جهة صلاته ومكانها وزمانها؟

مع دخول الشيخان في إرهاب الخامس عشر من فبراير/شباط الماضي، بدأت الأحداث في دائرة الزمان والمكان الإيزيديين تتداعى، الواحد تلو الآخر.
ففضلاً عن حصاد الإرهابيين الذين عاثوا إرهابئذٍ في الشيخان، بلاداً وعباداً، فساداً مبيناً، وعما ارتكبوه، وقتذاك، من ترهيبٍ وتطويقٍ للإيزيديين المدنيين العزّل، وإعدام لبيوت عبادتهم، وقتلٍ لمراكز ثقافتهم واجتماعهم، فضلاً عن هذا "الإرهاب الإنذار"، سوف أكتفي بتسجيل البعض من تداعيات هذا "الإرهاب الشيخاني"، في أرقامٍ ووقائع، تناقلتها أكثر من وسيلة إعلام كردية، وعربية، وأجنبية:
ـ ترك أكثر من 1000 طالب إيزيدي لمقاعد الدراسة، من مختلف الإختصاصات، في جامعة الموصل، تحت ضغط تهديدات الإرهابيين اليومية، بقتلهم ذبحاً.
ـ تشديد الحصار على منتجات الإيزيديين كالألبان واللحوم ومشتقاتها، لأنها لم تصنع، حسب منطق المتشددين الإسلاميين، على طريقة "الحلال" الإسلامية.
ـ إزدياد الحظر على "العمالة الإيزيدية" في القطاعات الأهلية.
ـ فرض حالة من القطيعة الشبه معلنة، و"الحظر" الإجتماعيين، بمباركة دينية(إسلامية)، على التجمعات الإيزيدية.
ـ حدوث شرخ كبير في البنية الإجتماعية لمجتمع الشيخان وبعشيقة وبحزاني، التعددي، بين المسلمين واللامسلمين(الإيزيديين على وجه أخص).
ـ فقدان الثقة بين الكرد الإيزيديين(أكراد الهامش) وكردستانهم التي تُحكم من جهة الغالبية الكردية السنية(أكراد المتن)، بمصالح الحزب والدين والعشيرة، بدلاً من الحكم بالعدل والقانون بين مكوناتها.
ـ سواد حالة من اللاأمان واللاإئتمان في كردستان "الآمنة" نسبياً، بين الكرد المسلمين والكرد الإيزيديين.
ـ ازدياد شعور الإيزيديين بالغبن عليهم من جهة أكرادهم(أكراد الدين الغالب) الحاكمين، وتفاقم معاناتهم من كردستانهم ك"أكراد مضطهدين"، وهو الأمر الذي دفع بالكثيرين منهم إلى "التبرؤ" من "كرديتهم" والتنازل عن حصتهم فيها ل"أكراد المتن"، كردة فعلٍ خارجة عن طورها، على ما يتعرضون له، من تهميشٍ وإقصاءٍ، لحقوقهم الطبيعية من ممارستهم لشعائرهم وطقوسهم إلى ممارستهم لشئون الحكم، مثلهم مثل كل المكونات الأخرى، على طول وعرض كردستانهم، التي فيها لهم ما يجب أن يكون لهم، وعليهم ما يجب أن يكون عليهم.
ـ استعداد الآلاف من العوائل الإيزيدية للهروب من العراق وكردستانه إلى سوريا، عن طريق منظمات الأمم المتحدة لشئون اللاجئين. وفي آخر تقريرٍ لتلفزيون "العربية"، قيل أن هناك حوالي 50 ألف إيزيدي، هم مسجلون الآن لدى دوائر الهجرة المختصة بشئون اللاجئين (
http://www.alarabiya.net/Articles/2007/04/05/33221.htm). وقيل أيضاً، أن في الشيخان وحدها، تم تسجيل أكثر من 7 ألاف عائلة لدى دوائر الأمم المتحدة المختصة، لتسهيل تسفيرها لاحقاً، عبر سوريا، إلى كلٍّ من أمريكا وكندا والسويد وغيرها من الدول الغربية.
ـ حجب الإيزيديين(شعبياً) الثقة عن "ممثليهم" المعطلين في البرلمان(3 برلمانيين) وفي الحكومة(وزيرا إقليم بلا وزارة ولا عمل)، خصوصاً بعد سكوتهم، ربما المطلوب حكومياً، على إرهاب الشيخان وعدم تحريكهم لساكنٍ.
ففي الوقت الذي استنكر فيه هذا البعض الحكومي والبرلماني، من الإيزيديين، قبل أيام(19.04.07،18) حادثة قتل الفتاة القاصرة "دعاء"، في بحزاني بوحشيةٍ لا مثيل لها، وبساديةٍ مفرطة(وهو استنكار كان مطلوباً بالطبع لا بل جداً ضرورياً، يُشكر له ويُحمد عليه)، لم نرَ أو نقرأ استنكاراً رسمياً، لا من بعيد ولا من قريب، من هؤلاء البرلمانيين والحكوميين، بصدد إرهاب الشيخان.

وأخر الحصاد الإرهابي بحق الإيزيديين، كان قد وقع الأحد الماضي(22.04.07)، حيث قامت مجموعة إرهابية مسلحة، بالهجوم على قافلة نقلٍ كانت تقل عمالاً(مسلمين، مسيحيين وإيزيديين من بعشيقة وبحزاني/محافظة نينوى) من معمل نسيج الموصل. وحسب مصادر في شرطة نينوى(PUKmedia، 22. 04.07) وشاهد عيان(شبكة لالش، 23.04.07)، قامت عناصر المجموعة الإرهابية بإستهداف العمال الإيزيديين حصراً(26 عامل)، واقتادتهم بسياراتٍ خاصة، إلى حي النور بمدينة الموصل، حيث تم إعدامهم هناك بالجملة، فكانت الحصيلة سقوط 24 قتيل إلى جانب جريحين، نجيا بإعجوبة.

لا شك أن هذه الحادثة تختلف عن أحداث الشيخان، زماناً ومكاناً. فعلى خلاف أحداث الشيخان التي وقعت في زمان ومكان كرديين، وبأيدٍ كردية معلومة أو شبه معلومة، فإن هذه الأخيرة قد وقعت ونُفذت في زمانٍ ومكانٍ عراقيين، وبأيدٍ مجهولة.

ويمكن القول أن هذا القتل الأخير قد حدث "روتينياً" في بعض تفاصيله، لكونه جاء بتدبيرٍ مسبق من جهاتٍ إرهابية تمارس، يومياً، وعلى مدار الفتوى، "القتل الروتيني" عينه، والإرهاب عينه، والجنون الطائفي عينه، في عراق "الدم الروتيني"، المهدور، الطائفي، الراهن. وكأن بالكبير بدر شاكر السياب يصيح الآن: "أصيح بالعراق يا عراق/ ما مرّ يومٌ والعراق ليس فيه دم/ دم...دم...دم"(عذراً من السياب ومن"مطر"ه، الذي أُريد له يوماً أن يعشب به العراق/سيُعشب العراق بالمطر/، على هذا التوظيف)

ولكن الجديد أو المستحدث في قتل "الأحد الدامي الأخير" هذا، هو أنه أضاف رقماً أو "بعض طرفٍ" آخر(كان غائباً أو ربما غائباً حاضراً) إلى معادلة العراق الطائفية الراهنة. فالإيزيديون من قبل لم يكونوا لا لاعبين ولا ملعوبين حاضرين، في مسلسل القتل الطائفي الممارس يومياً، في شتى أنحاء العراق.

صحيح، أنّ حوادث متفرقة في هذا المنحى(استهداف الإيزيديين)، قد وقعت هنا وهناك، ولكن من الممكن بحكم "محددوية الإستهداف"، اعتبارها وعدها تحت خانة "القتل بالمفرق"، الذي يحدث منه، يومياً، في كلّ أرجاء العراق(عدا كردستان نسبياً).

إن "القتل الأخير" الذي استُهدف به الإيزيديين حصراً، وعن سابق إصرارٍ وإرهابٍ وترصد، له أجندته الخطيرة، والتي لا تحمل للإيزيديين ولكردستانهم القادمة، سوى المزيد من التخطيط للقتل في الإيزيديين، والمزيد من إيقاع الفتنة بينهم(الإيزيديين) وبين أكرادهم المسلمين.

ففي هذا "القتل" و"التحليل" للدم الإيزيدي(كما جاء على لسان منفذي ذاك القتل بالجملة والقائمين على شئونه، حسبما ذكره الشاهد العيان الناجي)، فتنةٌ فصيحة وشرٌ مبين.
هو "قتل إنذار"، يحاوَل به قتل أكثر من عصفور بحجرٍ واحد. ففضلاً عن أن هذا الإرهاب قد تتطور إلى "ثقافةٍ" تعيش للموت، وبالموت، وفي الموت، ولأجل الموت: موت الكل، موت الذات وموت الآخر، فضلاً عن كل ذلك، ولكن لايمكن فصل هذا القتل وأهدافه عن مجمل مطامح وأجندة صانعيه ومخططيه في عموم العراق، الذي من شأنه أن يوقع بين كل العراق، وكل مكوناته للوصول في المنتهى إلى "دولة الجاهلية"، أو "دولة القتلة" والتي باتت تُسمى مؤخراً ب"دولة العراق الإسلامية".

فمن أهم وأفصح أهداف هذا "القتل الفتنة"، هي:
1. تغيير خارطة العراق الطائفية، والتي حدث جل الإقتتال والذبح والذبح المضاد فيها، بين شيعة العراق(من العرب) وسنته، وبالتالي توسيع حدودها إلى كردستان، من خلال استجرار لاعبين وملعوبين جدد إليها(الكرد المسلمين ضد الكرد الإيزيديين أو العكس)
2. "تحليل" الإرهاب في كردستان، عبر "تحليل" قتل اللامسلمين(الكرد الإيزيديين)، والإفتاء بهدر دمائهم، كما استبشر به إرهابيو مجزرة "الأحد الدامي" الأخير، قبيل إعدامهم للعمال الإيزيديين. لا سيما وأن في كردستان "أرضية إسلامية" خصبة لزراعة هكذا "إرهاب حلال"، كما شاهدنا وقرأنا وسمعنا حول أحداث الشيخان.
3. خلط الأوراق السياسية ومحاولة خربطتها، لعرقلة الأجندة الكردية المتمثلة في سعي قياداتها لضم المناطق ذات الغالبية الإيزيدية، مثل شنكال والشيخان، وبعشيقة، وبحزاني إلى كردستان، وذلك وفقاً للمادة 140 من الدستور العراقي، التي تنص على إجراء استفتاء شعبي فيها، مثلها مثل كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها، لتحديد ارادة مواطنيها، في مدة اقصاها 31.12.07.

لا شك، أن أحداث الشيخان الإرهابية هزت الإيزيديين وزادت من نقمتهم على القيادات الكردية المتهمة أصلاً بتهميشها لحقوقهم، وهو الأمر الذي دفع الغالبية الساحقة من الإيزيديين، إلى الإستنجاد بأي شيطانٍ يضمن لهم حقوقهم، وبأي حليف يعيد إليهم "إيزيديتهم المسلوبة".
وجاءت مجزرة "الأحد الدامي" لتكرس هذا الشرخ(على المستوى الديني) بين الإيزيديين وأكرادهم المسلمين، ليس لأن "الأكراد المسلمين" هم الفاعلون الحقيقيون في هذا القتل، ولكن لأن "القتل الحلال" هذا، قد نُفذّ تحت يافطة "الإنتقام" من الإيزيديين/ كل الإيزيديين، لقيام ثلة طائشة متوحشة بقتل إيزيدية قالوا(وهو ما لم يحصل) "أنها أعلنت إسلامها".

فلو تركنا جانباً ما جاء على لسان النخب والأحزاب الكردية وقياداتها(وعلى رأسها رئيس الجمهورية المام جلال طالباني ورئيس إقليم كردستان الكاك مسعود برزاني)، من تصريحات وبياناتٍ، استنكروا فيها هذا "القتل الوحشي" بالجملة، والذي طال حياة عمال وكسبة فقراء، لا حول لهم ولا قوة، إلا أنّ الشارع الكردي المحكوم بالعاطفة الدينية بشقيه الإيزيدي والإسلامي، قد انشق على نفسه، وهو الأمر الذي لايبشر خيراً لكلّ الكردستانيين، وكل الإيزيديين، وكل المسلمين.
كل ذلك، من شأنه أن يؤدي إلى المزيد من التصدعات، في البنية المجتمعية لكردستان العراق، وأن يوسع الهوة بين المسلمين الكرد وإيزيدييهم. أن هذا "القتل المحلّل" على أيدي عصابات الإرهاب، هو قتلٌ من مهمته استجرار الإيزيديين وكردستانهم، إلى المزيد من القتل والهلاك، لإيقاعهم في مصائدهم السياسية الكارثية الدنيئة، وبالتالي تحريضهم ودفعهم إلى التصويت ب"لا" إنتقامية وطويلة، لكردستان، وهو ما سيوقعهم في المجهول الأكبر: الإرهاب المفتوح على كل الإحتمالات.

الفوق الكردي ببعض نخبه السياسية والثقافية ربما يكون متفهماً لخطورة "الإحتقانات" التي بدأت تطفو على سطح المجتمع الكردي الآسن، على أكثر من مستوى، والمتخلف بعلاقاته "التحت مدنية"، العشائرية والتدينية والتحزبية...، إلا أنّ هذا "التفهم الفوقي" وحده لا يكفي، بدون إفهامٍ وتوعيةٍ جدية ل"تحتهم" الغارق في زمان الجامع على حساب زمان العمل، وزمان الوظيفة، وزمان البيت، و وزمان المدرسة والجامعة والبرلمان والحكومة...الخ.
فإذا كانت "كردستان المسلمة" قد توحدت وتعاونت "على البر والتقوى"، في حينه(24.07.05)، رسمياً، على مستوى المؤسسة الدينية والشارع الديني، وشجبت واستنكرت بملئ فمها، الجماعات الإرهابية بإمامة شيخ إرهابهم الأكبر "شيخ زانا"، إلا أنها ظلت للآن ساكتةً على ماتطال اللامسلمين من ممارساتٍ إرهابية، تُرتكب تحت يافطة "الإنتقام لدين الإسلام".
وما سكوت المؤسسة الدينية وشارعها "المسلم" المتمثل في الجامع(مثالاً) على إرهاب الشيخان، وعلى إرهاب "الأحد الدامي" الأخير، حتى ساعة كتابة هذا المقال، إلا "سكوتاً من ذهب"، "ربما مطلوباً"(كما جاء على لسان نبي الإسلام "كل المسلم على المسلم حرامٌ دمه وماله وعرضه")، كي لا يزعجوا إرهابيين لا تعنيهم بشيء، طالما هم بإرهابهم لا يزعجون أبناء دينهم من "الأمة المختارة"، وهو السكوت الذي ينطوي على سلوكية مزدوجة في التعامل مع الشيء نفسه، تترك وراءها أكثر من "إذا شرطية"، وأكثر من "لو"، وأكثر من "إشارة استفهام".

هذه السلوكية المزدوجة والمشروطة ب"لو" و"إذا" وأخواتهما، التي تسيطر على جانبٍ كبير من الشارع الكردي المسلم ومؤسساته الرسمية في كردستان العراق، تدفع بالمرء إلى التوجس والقلق على كردستان من إرهابٍ محتمل، بات ربما من الممكن(لاقدرّ الله) تصديره إليها، عبر "محلليه" وفتاوي شيوخه القابضين على شئونه، بهدر دم البعض الكردي اللامسلم(الإيزيدي مثلاً)، على يد المسلم.

ما وقع من "إرهابٍ انتقائي" ومدروس ل26 عاملاً إيزيدياً، قُتل منهم ولدقائق معدودات أربعةُ وعشرون، بأيدي مجموعة إرهابية، أدعت الإنتقام ل"دين الإسلام"، ضد من سمتهم ب"الكفار"، هي سابقةٌ خطيرةٌ، تحتاج إلى أكثر من مراجعةٍ، وأكثر من قراءةٍ، وأكثر من وقفة تأملٍ، وأكثر من موقفٍ، وأكثر من حذرٍ وتدبيرٍ واحتياطٍ.

والحال، فإن المطلوب من القيادات الكردية، على مختلف مشاربها وجهاتها (وعلى رأسها قيادتي الحزبين الحاكمين في كردستان)، أن تتنبه لخطر احتمال نفاذ "ثقافة" هذا القتل ومشتقاته وتوابعه، إلى "كردستان المسلمة" عبر "منابرها النائمة"، التي تحاول ما في وسعها، جاهدةً مجاهدة، للوصول إلى "كردستان المحجّبة"، والتي لا ترى الحق إلا في حق المسلمين، كما لا ترى في الدين إلا دينهم الإسلام.

عليكم يا سادة العشائر والأديان والأحزاب والبرلمان والحكومة والدولة، وكي لا يتكرر "دمٌ مباح" آخر، و"قتل حلالٌ" آخر، لحبٍ آخر، ودينٍ آخر، وهويةٍ أخرى، صد أبواب كردستانكم ونوافذها، أمام عواصف "ثقافة" الإرهاب والقتل، من الداخل الكردي، قبل الخارج، كي لا تذهب "بغداد الدم"، بفتاوي شيوخ الإرهاب القاعديين، ومفخخاتهم، وأحزمتهم الناسفة، وقتلهم "الحلال الزلال"، إلى كردستان.

حاذروا "بغددة" كردستان...

كلّ "أحدٍ" وكردستانكم بخير

hoshengbroka@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف