عن حرية العقيدة فى الاسلام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
خرج علينا الأستاذ مجدى مهنا بصحيفة المصرى اليوم القاهرية المستقلة( بتاريخ 28 أبريل 2007) بمقال هام عن حكم المحكمة الادارية الأخير الذى يرفض إلزام وزارة الداخلية المصرية تغيير ديانة بعض المصريين في البطاقة الشخصية، من مسلم إلي مسيحي..
يقول الأستاذ مجدى مهنا فى مقاله:" والحكم الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري برفض إلزام وزارة الداخلية تغيير ديانة بعض المصريين في البطاقة الشخصية، من مسلم إلي مسيحي، لاشك أنه سيثير ردود فعل متباينة، وأنه سيغضب منه الإخوة الأقباط، ولو صدر الحكم بخلاف ما انتهي إليه لغضب المسلمون أيضا، لأن الإسلام لا يسمح للمسلم بتغيير ديانته، ومن يفعل ذلك يسمّ مرتدا، وهذا الارتداد متفق عليه في الشريعة الإسلامية، والحكم علي المرتد معروف ولا خلاف عليه بين علماء المسلمين."
و فى موضع آخر "حرية العقيدة تسمح للأشخاص بالانتقال من دين إلي آخر، فلماذا تسمح القوانين والدساتير بانتقال المسيحي إلي الإسلام ولا تسمح بعودته إلي المسيحية من جديد؟ والسؤال يطرحه حاليا الإخوة الأقباط، ويقولون إنه ضد المواطنة وضد حرية العقيدة، وضد حقوق الإنسان، وأتوقع أن تقوم حملة عنيفة في الخارج ضد هذا الحكم لكن علي الجانب الآخر، لا يستطيع عقل الإنسان المسلم أن يؤمن بذلك، وإلا اتهم بمخالفة الشريعة الإسلامية فحكم الإسلام قاطع وهذا يجعلني أطرح التساؤل: هل حرية العقيدة مطلقة أم مقيدة؟ وما هي حدود هذه القيود؟ وإذا كانت مقيدة بشرط الإسلام فلماذا لا تقيد بشروط أخرى؟"
ثم أنهى سيادته مقاله بالفقرة التالية "القضية شائكة، للمسلم والمسيحي، ولا تحتاج إلي المعالجة بالصراخ وبالصوت العالي كما تحتاج إلي وضع قيود وضوابط أمام حرية العقيدة، حتي لا يعبث البعض بالأديان وبالعقائد، من الأقباط أو من المسلمين، كأن لا يسمح للشخص الذي اعتنق دينا آخر بعدم الارتداد عنه، سواء كان مسلما أو مسيحيا، حتي يفكر كل شخص في اعتناق دين آخر ألف مرة قبل اتخاذ هذه الخطوة."
أعتقد أن التساؤل المفروض طرحه هو: هل الاسلام مع حرية العقيدة؟ و الاجابة - من كلام سيادته - لا!!
قد تكون الاجابة بلا على هذا التساؤل (اذا ما كان الاسلام يقف مع حرية الاعتقاد) اجابة مسيئة للاسلام، و أنا أعتقد أن الأستاذ مجدى مهنا بالفعل أساء للاسلام عندما قال هذا الكلام..
أساء للاسلام عندما ألقى بالقفاز فى وجهنا جميعا بقوله ""حكم الاسلام قاطع"، بما معناه "ما حدش يفتح بقه أو يعترض، الكلام منتهى"،، كما لو كان غلق الملف بهذه الصورة يبرر حكم المحكمة..
أساء سيادته للاسلام و نسخ الآية الكريمة " لا اكراه فى الدين" .. لأن ما فعلته المحكمة الادارية اكراه صريح فى الدين لا يحتمل التبرير أو التسويف أو الحجج المضحكة التى أوردها بعض الكتاب، خصوصا من معسكر الاسلام السياسى، و يبدو أن كاتبنا المحبوب مجدى مهنا تأثر بهم..
أساء سيادته للاسلام عندما أغلق باب الاجتهاد و أعادنا الى عصر آخر الأئمة أحمد بن حنبل (توفى 241 ه) و أعلن أن الأمر محسوم فيما يختص بترك الاسلام..، و لم يعط أى مساحة أو فرصة لأى رأى أو اجتهاد يقول بغير ذلك..
أساء سيادته للاسلام و المسلمين عندما استخدم "غضب المسلمين" كقفاز آخر يمنعنا أن نفكر فى صدور حكم المحكمة بأى صورة أخرى تعطى لتاركى الاسلام درجة من الأدمية فى تقرير ديانتهم..، و حول المسلمين لبشر يرفضون المساواة ويرفضون أن يعامل دينهم مثل الأديان الأخرى..
أساء سيادته للاسلام و للمسلمين و لتاريخ الاسلام عندما قال أن عقل المسلم لا يستطيع أن يؤمن بحق المسلم فى تغيير دينه، و هو يعلم أنه فى بعض فترات الاضطهاد على غير المسلمين فى الدولة الاسلامية كان غير المسلمين يدعون الاسلام هربا من بطش السلطة و الجزية.. الخ، و كل هؤلاء - من كلام سيادته - لم تتح لهم الفرصة أبدا فى العودة لدينهم..، و بالتالى وضح لنا سيادته كيف انتشر الاسلام..
أساء سيادته للاسلام عندما وضح صراحة و بدون مواربة أن الاسلام لا يساوى بين كل المواطنين فى دولة بها أغلبية مسلمة، و أن كل ما نسمعه عن المساواة فى الاسلام يبدو و الله أعلم - من كلام كاتبنا المحبوب - أنه يستخدم فقط لمساواة المسلم بغير المسلم.. و ليس العكس، و يستخدم أيضا للتغرير بعقول غير المسلمين للموافقة على أجندة الاسلام السياسى التى لا تمل من أن تكرر على مسامعنا الآية الكريمة "لا اكراه فى الدين"..
أساء سيادته للاسلام عندما انتهى بنا، بعد أن وضح أن رأى الاسلام قاطع فى هذه النقطة، الى ضرورة وضع قيود وضوابط أمام حرية العقيدة حتى لا يعبث بها أحد، لأنه وضح أن الأديان، و منها الاسلام، تحتاج لمن يحميها من أعدائها، و تحتاج لمن يدافع عنها ضد العابثين بها، و هو كلام يعنى أن هذه الأديان ضعيفة لدرجة أنها تحتاج لمحكمة وقاضى وجيش ودولة تحميها..
أساء سيادته للاسلام عندما استعمل منطق "الحرية مش معناها فوضى" و هو نفس المنطق الذى استخدمته طالبان فى استعباد المرأة و تحويلها لكائن غير آدمى، وهو نفس المنطق الذى يستخدمه كل المنتمين لمدرسة الاسلام السياسى بلا استثناء لتبرير أى عدوان على الحريات أو الابداع أو الضمائر أو المعتقدات..
أساء سيادته للاسلام عندما دخل - باسم الاسلام - فى ضمائر هؤلاء الذين أرادوا ترك الاسلام لدين آخر، و أعلن لنا ضمنيا أن الشريعة الاسلامية تسمح بالتفتيش عما فى الضمائر، بل و تسمح بالمعاقبة عليه لو لزم الأمر، و هو قول يتعارض تماما مع أبسط مبادىء حرية العقيدة..
أساء سيادته للاسلام عندما أعلن صراحة أن المسلم ليس له أن يترك الاسلام و أن هناك عقوبة لمن يرتد عن الاسلام و هذه العقوبة معروفة و متفق عليها، و لعله مستقبلا ينضم لتيار الاسلام السياسى فى حملاته لتفعيل حد الردة..
أساء سيادته للاسلام، مثل حكم المحكمة الذى يتحدث عنه، و هو أمر غريب من كاتب له لدينا رصيد غير قليل من الاحترام..
ربما الأمر زلة قلم من كاتبنا المحبوب؟ نرجو أن يكون الأمر كذلك، اذا يحزننا أن نرى سيادته ينحاز لمثل هذا الحكم باسم الاسلام و باسم الحفاظ على العقيدة..