كتَّاب إيلاف

جائزة اليونسكو وحقيقة الأمية في العراق

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

اليوم ونحن في عصر المعلومات المذهلة التي تنقل الخبر كما هو بالصوت والصورة كي لا تغيب الحقيقة، لازال بعض العرب يتحدثون عن القائد الملهم صدام، ولا زلنا نحن اهل العراق نموت يوميا الف ميتة عندما تكذب صرخات ارواح مئات الالاف من الشهداء من أهلنا وإخواننا وفلذات أكبادنا قبل زمن الطاغية وبعده، حيث يكتب بعض الكتاب العرب- بحسن نية بعضهم او بسوءها -عن أن طاغية العراق المقبور قضى على الأمية في العراق مستشهدين بجائزة اليونسكو التي منحت لصدام زاعمين انه قضى على الأمية في العراق رغم انف الحقيقة التي عشناها ونعيشها..
عجبا أمر الاخوان العرب وأمر اليونسكو التي لا ادري كيف اشترى صدام بعض رجالها ليغيروا حقيقة الوضع الذي ساد في العراق والذي نحصد نتائجه يوميا، جهلا وتعصبا وتخلفا وأمية!

ليذهب من يذهب من الكتاب وباحثي اليونسكو وليعملوا بحثا عن اعمار الشباب الذين عاشوا زمن صدام وليروا نسبة الامية عندهم كيف هي؟ اذ لابد لليونسكو على الاقل من احترام تقاريرها ومصداقيتها والكشف عن الذي غير الحقائق من الاعضاء المكلفين في هذه المهمة، والا ما نفع تقارير وجوائز اليونسكو؟ ومن سيصدق هذه المنظمة بعد الان؟ ومن سيقنعنا كما كنا نظن ان حقائقها دامغة وتقرب من الواقع بنسبة معقولة.
وأسال هنا كل ذي عقل، هل معقول ان من عمره اليوم خمسة عشر عاما او عشرين عاما او اكبر من العراقيين، قد نسى القراءة والكتابة التي تعلمها في زمن صدام؟

اية كذبة كبيرة وفرية مضحكة يتداولها الكتاب العرب والتي يعتبرونها حقيقة دامغة لصالح صدام حسين ويحاججون بها دفاعا عن طاغية جاهل وقاتل ومريض؟
ان الأميين بالعراق يشكلون نسبة مرعبة وفي زمن الطاغية الذي شغل اهل العراق بحروبه، وافرغ المدارس تقريبا من الكادر التعليمي والتدريسي وملأ السجون والمعتقلات والمنافي باهل العلم والشهادات والثقافة، وليستمع من شاء لأهل العراق من كبار السن من المثقفين والمربين ماذا يقولون عن التدهور المرعب والمستوى البائس الذي بلغه التعليم زمن الطاغية، وليختبر الطلاب زمن صدام بل ليستمع اليوم - وهذا اسهل شيء- الى الشباب من المذيعات والمذيعين والمراسلين العراقيين او من يخرج من الناس ليتحدث في الفضائيات وليرى على الاقل طريقة لفظهم لافعال اللغة العربية حيث لا يميزون المبني للمجهول من المعلوم ولا يميزون الاسم من الفعل، رغم ان اكثريتهم من الخريجين، وليقارن اصحاب اللب مستوى الثقافة العراقية سابقا قبل صدام باليوم .

وآسفة َ أقول انه لازال العرب يبحثون في خفايا ارواحهم عن صنم ليعبدون .
ولا زال خداع النفس يوتوبيا ترضيهم ليستريحوا من تفعيل عقولهم وعناء البحث والتمحيص للوصول الى الحقيقة.
ولازال النقد ورؤية الحقائق الموجعة عيبا ومسبة عندهم بدلا من علاجها.
ولازالوا طغاة لا يقبلون الاستماع لا قوال الضحايا من الناس، والحقيقة عندهم مطلقة عندما تاتي من القوي، ان كان طاغية كصدام او منظمة كبيرة وعالمية يجهلون سرها وتفاصيلها كمنظمة اليونسكو.
ولازال الفخر العربي، والإطراء الفاحش لذاته وحياضه يطغى على العقول ويعتبر أحسن الاهداف ولو كان طمسا للحقائق، ليس في الشعر انما في كل امور الحياة . فلازال العربي يتغنى ببيتي الشعر القائلة:
ونحن اناس ٌ لا توسط عندنا .. لنا الصدرُ دون العالمين او القبرُ
اعزّ بني الدنيا واعلى ذوي العلى.. وأكرمُ من فوق التراب ولا فخرُ
وقد عجبت عندما قرأت صدفة في احدى النوادي الثقافية في الانترنيت ان هناك الكثير من الشباب يعجبون اشد الاعجاب بهذين البيتين من الشعر ويعتبرانهما احسن ما قالت العرب! رغم انهما يبثان روح التسلط والطغيان، ويغرسان بالشباب بذرة حب التملك او القتل اي انهما يبيحان العمليات الانتحارية والارهاب بشكل واضح جدا مما يذهب استغرابنا من تفشي الارهاب بيننا..
فالعربي يفتخر بالتعصب وعدم التوسط، فليس عجبا ان يكون المجرم صدام مثالا للفخر عند بعض العرب حتى مدعي الثقافة، والعربي بحاجة دائما لصفة يفتخر به لان الفخر ضرورة عربية وان كان التفافا على الحقيقة وتجاوزها زورا وبهتانا..
والعربي يعتبر نفسه افضل مَن على الارض وان كان أميا وجائعا ولا يفقه استعمال ابسط الالكترونيات والتقنيات مما بلغته عقول البشر وتداولته في الدول المتحضرة لهذا لابد من صبغ نسبة الامية بجائزة اليونسكو التي تشبه جائزة المحامين العرب الممنوحة للرئيس الديمقراطي جدا والحامي حقوق الانسان القائد القذافي، وتشبه أيضا جوائز شاعر المليون في احدى الفضائيات العربية..
فحتام نبقى نتلقى الحقائق من غيرنا- ان كان صديقا ام عدوا - عاجزين عن البحث عنها بأنفسنا؟
وأي انهيار نرضاه لأنفسنا؟ وأي ركض سريع ومجنون وانتحاري يلقي بنا تحت عجلة الزمن لننتهي؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف