كتَّاب إيلاف

روسيا اليوم والاسئلة المشروعة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

مع انطلاقة فضائية "روسيا اليوم" بالعربيـة، اثيرت اسئلة مشروعة عن المكانة التي ستحتلها القناة الفتية" وسط امهات الفضائيات العربية، وهل ستخطف مشاهدي الجزيرة والعربية وابو ظبي والشرقية... وتكون بديلة للامريكية "الحرة"، وهل ستدخل عناصر جديدة في الثقافة والخبرة الاعلاميـة العربية. وهل ستنجح في المعركة التي بدءتها وسائل اعلامية غربية على القاعـة العربية.
وربما من السابق لاوانه اليـوم اعطاء الاحكام المجازفة والسريعة في مشروع عملاق مثل "روسيا اليوم" الذي تتبناه دولة كبرى مثل روسيا ومدعوم كما يتردد بموسكو من القيادة الروسية نفسها، ولكن متابعة التحضير للقناة واللقاءات مع المسؤولين والعاملين فيها خلق بعض المقدمات للحكم.وتجمع في الفضائية الروسية زهاء مائة عربية بينهم طاقات مهنية محترمة قدموا من بلدانهم، وربما انهم سيشكلون عصب القناة وحيوتها.
وتاتي "روسيا اليوم" في اطار مشروع اعلامي ضخم، لتتحدث روسيا عن نفسها بصورة مباشرة، لتكشف عن قدراتها وامكانتها وجوانب الحياة الايجابية فيها. ولتبرهن ايضا على انها ليست على تلك الصورة التي يرسمها الاعلام الاجنبي ولاسيما الغربي، عنها بانها بلد المافيا والجريمة المنظمة، التي اصابت كافة مرافق الحياة وتعيش حالة من التخلف الذي لاعلاج له، وينحسر عنها المناخ الديمقراطي. ومن المفترض ان ينطلق قريبا، صوت روسيا ايضا بالاسبانية.
وثمة امل في ان تتحول قناة روسيا اليوم الى نافذة واسعة لكي يطل المواطن العربي على روسيا. روسيا التي يجهلها العرب. روسيا التي عتمت عليها المواقف الايديلوجية ومنعت من التعرف عن قرب علي حقيقة الانسان والحياة فيها. منعت من النظر الى الانسان الروسي دون رتوش وروسيا عموما ، دون الوان سوداء او بيضاء. الانسان كما هو بهمومه واماله، في محيطه العائلي بما يبعث الحزن لديه وما يتطلع له. التعرف على العمق الروسي. وعلى ما لم يكشف عنه عن ثقافتها الواسعة والمتنوعة. ان تظهر له اسماء واماكن جديدة لكي تنحصر معارفه بما انتقته الحكومات والاحزاب له. ربما سيضيف العربي بفضل "روسيا اليوم" اسماءا من الشعراء والروائيين والرسامين وابطال الحروب الى جانب ما رسخ في ذاكرته من اسماء غدت كانها مقدسة لم تمتد يد الرقيب منذ زمن طويل.
ان مهام جسيمة تقف اليوم امام روسيا اليوم، يمكن ان ينهض بها طاقم متمكن مهنيا . والمهمة الرئيسية تنحصر في قدرتها على التمسك بالموضوعية والصدق، ان يكون كل ماتقوله حقيقي لامختلق، ان تتجنب خلق عالم وهمي لاوجود له في الارض، وان تكون جريئة بعرض كل ما يمكن ان يفيد بالتعرف على روسيا الشاسعة المتنوعة والمتناقضة، بكل النجاحات التي تحققها يوميا وما تمنى به من كبوات، ان ترسم صورة عن حقيقة عما يمور في هذا الكيان الضخم الساعي والباحث عن ذاته من اجل ولادة جديدة.
ومن المخيف جدا ان تنساق "روسيا اليوم" لغواية مجاملة العربي لعدم المس بمشاعره و لاتقول له الحقيقة عندما تكون مرة، وتتواصل على الاغلب مع الرسمي ومن هو قريب منه، دون التوجه الى تلك النخبة من العقول الصاعدة التي باتت المجتمعات تصغى لها اكثر فاكثر وترسم باقولها وتصورتها مواقفها الحياتية.
ان دخول صوت جديد في الساحة الاعلامية العربية، حدث ايجابي من دون شك، لانه سيصب في حوار الحضارات والثقافات ويلقح الفكر والراي العام العربي بمياسم جديدة قد تتمخض عن فكر مشرق وحر، وتمنح شعوبنا حيوية وشعورا بالتفائل للنهوض على الاقدام. سننتظر ماذا سناخذ من روسيا عبر " روسيا اليوم".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف