من هم أعداء الإسلام الحقيقيون؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمر العالم العربي والإسلامي بأسوأ فترات انحطاطه وتخلفه، و قدمنا أنفسنا وديننا للعالم الآن في أبشع صورة،فأسأنا لأنفسنا ولديننا الحنيف، ومرجع ذلك يعود إلى التسطيح الغريب والفهم الحرفي النصي للآيات القرآنية،وعدم فهمنا لروح حقبتنا ومطالب عصرنا، ولأننا مصابون بعقدة الإضطهاد، وبدلاً من أن نمارس نقدنا الذاتي، الذي هو علامة الصحة النفسية والعقلية، ولأننا نبحث دائماً عن حلول السهولة، فإننا نرجع تخلفنا وانحطاطنا وعيشنا عالة على تكنولوجيا الغرب، نستهلكها ولا نساهم في إنتاجها، بل ونكفرها، موقنين بأننا "خير أمة أخرجت للناس" ولكن الغرب (الكافر) هو الذي يتآمر علينا هو وربيبته إسرائيل، وأن هناك مؤامرة صهيوأمريكية تحاك لنا في الخفاء، ولولا ذلك لصرنا رواد العالم.
لي جارة فرنسية اسمها (انجليك) شابة جميلة ذات عينين زرقاوتين، وبشرة بيضاء مشربة بحمرة،ابنة الواحد والعشرين ربيعاً، ترتدي حجاباً، كنت أراها أحياناً في الطريق عندما أخرج لقضاء بعض حاوئجي في الخارج، وكنت أتسائل عن سبب ارتداءها للحجاب،وهي الفرنسية الشابة الجميلة، وتركت ذلك للأيام ربما ساعدتني على معرفة سر ارتداءها للحجاب،فقلت في نفسي ربما كان ذلك عن قناعة، فأنا أعتبر دائماً الحجاب حرية شخصية وعادة، وليس عبادة أو ركناً من أركان الإسلام، كما يدعي المتأسلمون،كما سبق وأوضحت ذلك في أكثر من مقال، وشائت الأقدار، وهي عجيبة، أن ألتقي بها في محل لشراء بعض الحاجات،فسألتها عن سبب ارتداءها للحجاب، وهل هو عن إيمان وعقيدة أم ماذا؟ فوجدت الدموع تتجمع في محجريها وتنساب على خديها الورديين، وحكت لي أنها متزوجة من مغربي ملتحي، وهو الذي فرض عليها الحجاب الذي لا تحبه فرضاً، وأنه يضايقها كثيراً وتتمني خلعه، وذكرت لي أن الغريب ان أخوته البنات لستن متحجبات ولا حتى أمه وأنه يفرض عليّ أنا الفرنسية وضع الحجاب. فقلت لها بابتسامة مطمئنة، وهي تكفكف دموعها المنهمرة: ولماذا لا تخلعيه؟ فأجهشت بالبكاء وقالت: لأنه يضربني دائماً؟ فقلت مندهشاَ:لماذا؟ فأجابت: لأتفه الأسباب وأحياناً بدون سبب، ويقول لي: أن الإسلام هو الذي يقول ذلك، ويأمرني بضرب النساء. حاولت أن أتمالك هدوئى ولا أنفعل أمام دموعها المنسابة كخطين على وجنتيها الحمراوتين، وعينيها الزرقاوتين،وقلت لها بهدؤ:سيدتي، الإسلام لم يأمرنا بضرب المرأة، دعيني أوضح لك ما قاله الإسلام منذ 14 قرناً،الإسلام استخدم منهج تدريجي في تقويم المرأة، بدأ بوعظها، ثم هجرها في المضجع، ثم الضرب غير المبرح، أي الذي لا يترك أثراً، أي كتخويف فقط لا أن نكسر ضلوعها مثلاً أو نترك علامات حمراء وزرقاء على جسدها كما يفعل أغلبنا مع النساء في بلادنا العربية، وآن الأوان لنسخ هذه الآية التي لم تعد صالحة لا لزماننا ولروح عصرنا، كما فعل رسولنا الكريم، وصحابته الكرام. فقالت انجليك: الحديث معك شيق، وكلامك يقبله العقل،ليت كل المسلمين يفكرون مثلك، كنت أتمني أن أبق معك مدة طويلة لتوضح لي الكثير عن الإسلام، ولكن عليَ أن أنصرف الآن، وأعود إلى البيت لأنه لو لا حظ تأخرى فسيضربني عندما أعود.
ودعتها وأنا راسماً ابتسامه مشجعة لها، وبمجرد أن انصرفت وجدتني متجهماً مستغرباً مما سمعت، كيف نقول للغرب أن الإسلام هو الذي يأمرنا بضرب النساء، ألم يقل رسولنا الكريم:خيركم خيركم لأهله"، ألم يقل المبعوث رحمة للعالمين"النساء شقائق الرجال"، وهناك الكثير والكثير من الآيات والأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على المودة والرحمة، لماذا تركنا كل هذه الآيات والأحاديث وتمسكنا بآية ضرب النساء؟ سيقول المتأسلمون أن هناك نص قرآني في ذلك، وهذه هي حجتهم الدائمة، ولكن أين مصلحة المسلمين وروح العصر؟؟!!علينا أن ننزل الآيات في سياقها التاريخي لنعرف أنها آيات نزلت لأناس معينين في بيئة معينه، بمعني أن الضرب منذ 14 قرن كان هو الوسيلة السائدة في ذاك الوقت، أما الآن فالمساواة بين الرجل والمرأة هي السائدة، علينا أن نلغي كل العادات البربرية الهمجية التي لم تعد صالحة لزماننا، مثل رجم الزانية، وضرب المرأة، وأتمني على الشيخ حسن الترابي أن ينسخ هذه الآية كما نسخ الأربعة آيات التي تحدثت عنها في مقالي السابق، واعتبر الرجم شريعة يهودية لا إسلامية...
علينا تغيير كثير من مفاهيمنا عن الجهاد لنعرف أنه الجهاد الآن هو جهاد النفس، فنحن بتمسكان الحرفي للنصوص نقدم أكبر هدية لأعداء الدين والأمة للهجوم علينا، فنحن الذين نسيء إلى ديننا أكثير مما يسيء إلينا الغرب، فنحدن الذين نقدم ديننا الآن كدين همجي بربري، فأي مستقبل لدين يحث على ضرب نصف البشرية (النساء) وجهاد نصفها الآخر (غير المسلمين) حتى قيام الساعة، فهل الغرب هو الذي يسيء إلينا الآن أم نحن الذين نسيء إلى أنفسنا ولديننا الحنيف وللمبعوث رحمة للعالمين، كلي أمل أن نعمل عقولنا التي توقفت عن التفكير والاجتهاد منذ القرن الثالث عشر، حتى علاها الصدأ، فنحن نعيب زماننا والعيب كما قال الشاعر فينا نحن: نعيب زماننا والعيب فينا / وما لزماننا عيب سوانا
وقد نهجو الزمان بغير جرم/ ولو نطق الزمان بنا هجانا
كلي أمل أن يتسلح فقهائنا بالشجاعة الأدبية والدينية، كما فعل العلامة الترابي،من أجل مصلحتنا ومصلحة ديننا، حتى نتحمل مسؤولية أفعالنا نحن ولا نرمي تهمة تشوية سمعة ديننا على الغرب، في حين أننا نحن الذين نشوة صورة ديننا الحنيف الوسطي بأفعالنا الغير مناسبة لعصرنا، وأتمني أن يدعو الشيخ الترابي إلى مؤتمر يحضره علماء الإسلام المنفتحون مثله لتجديد ديننا وتخليه من الجذوع التي تيبست وماتت ولم تعد تلبي مطالب الحياة المتدفقة كالنهر المتدفق.