كتَّاب إيلاف

هل كان هناك وعي عربي في يوم ما؟

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

دعيت الى حضور ندوة نضمتها جريدة الخليج الاماراتية تحت عنوان "استعادة الوعي العربي".
كانت لأسماء الحضور مكانتها في عالم الفكر. وطرحت اوراق عمل قيمة ومداخلات جيدة حول الموضوع ذاته.
ما لفت انتباهي في اللقاء هو عنوانه: استعادة الوعي العربي.
وقفت كثيرا امام العنوان، وتسائلت: هل كان هناك وعي عربي حتى نسترده؟
سأعيد صياغة السؤال بشكل آخر:
هل يملك اي منا دليلا على انه كان هناك وعي عربي في السابق افضل مما هو الآن، وانه يجب ان نستعيد هذا الوعي الضائع؟
انا لا أنفي أو أؤكد وجود وعي عربي سابق، لكن ما هو تعريف هذا الوعي، وكيف كانت صورته؟
اذا كانت هذه الصورة في التطرف الديني الذي نعاني منه اليوم على سبيل المثال، فدعوني أسأل من جديد: الم يكن هناك تطرف فكري قديم، بل وتطرف منذ اليوم الاول للرسالة السماوية؟
وبالمثل قس على ذلك سلبيات كثيرة نعاني منها اليوم، سنجد انها كانت بنفس الصورة، بل وربما اكثر سوءا.
يقول البعض اننا نتقدم الى الامام. اي اننا افضل من السابق. لكن هناك اكثر من دليل على أننا لسنا افضل من السابق. وبالمثل ليس هناك اي دليل على أن السابق افضل منا.

شخصيا اقول ان التاريخ العربي مليء بقصص عن وعي اقليمي مناطقي في فترات معينة واماكن معينة لا تلبث ان تزول.
اعني انه كان هناك وعي محصور بمكان محدد لفترة محددة، مثل الوعي العربي في العصر العباسي محصورا بمنطقة العراق وحدها لفترة ما. وقبل ذلك الوعي الاموي في الشام محصورا بفترة ما. وما بين الفترتين حروب لا أول لها ولا آخر. والقاسم المشترك هو غياب وعي عربي واحد يشمل كل المناطق العربية في فترة واحدة. ويمتد ذلك طوال العهد العثماني، ثم مرحلة ما قبل الاستعمار. وحتى هذه الفترة الأخيرة، والتي تعد قريبة نسبيا من تاريخ اليوم، تعد حلقة مفقودة في التراث العربي. اذ كيف كان حال الدول العربية في تلك الفترة التي سبقت الاستعمار: افضل من الأن، اسوأ من الآن؟
نعلم جميعا ان الدول العربية، في تلك الفترة، كانت تخضع للسطلة العثمانية، وهذه بدورها كانت ضعيفة، كحال الدول التي كانت تحتلها.
اذا كيف يمكن ان يكون هناك وعي عربي في وضع كهذا؟
ربما أقر البعض بحالة من اللاوعي العربي قبل الاسلام الذي اتى ليكون هو وعاء هذا الوعي العام. وأنا اتفق مع هذا الرأي، لكنه لن يكون وعيا عربيا في هذه الحالة، بل وعيا انسانيا باعتبار الاسلام ليس للعرب وحدهم.
من أجل ذلك، فانه اذا كان هناك من مبحث حول استعادة الوعي العربي، فالأولى ان نقول: بناء الوعي العربي لا استعادته، اذ كيف نستعيد ما لم يكن موجودا؟
وتكمن أهمية ذلك في أننا لا يمكن ان نبني وعيا مستقبليا بالاعتماد على ماض غير موجود. هناك نموذج غائب من الوعي العربي، ولا يمكن ان نبني مستقبلا على غائب أبدي.
nakshabandih@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف