بعض سؤالٍ برسم رئيس برلمان كردستان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
نشرت صحيفة الصباح الجديد، أمس(08.05.07)، خبراً مفاده أنّ "رئيس برلمان اقليم كوردستان السيد عدنان المفتي، وصف خلال استقباله وفداً من الكورد الايزديين يوم الاحد الذي ضم كل من الدكتور دخيل سعيد ومحمود عيدو والدكتور ممو عثمان، وصف جريمة قتل الفتاة الايزدية "دعاء" بجريمة ضد الإنسانية وضد الكورد والشعب العراقي، مؤكدا ضرورة اتخاذ الاجراءات القانونية من قبل الجهات المعنية بالشأن".
هذا وكان السيد المفتي قد أدلى بتصريحاتٍ مشابهة، لوكالة آكي الإيطالية، في 27.04.07، قائلاً: "نحن في الوقت الذي ندين هذه الجريمة بكل شدة، ندعو الجهات المسؤولة الى محاسبة المتسببين بها عبر تقديمهم للعدالة. وأشار المفتي إلى أن "لجنة تحقيقات برلمانية قد شكلت للبحث في ملابسات الحادث وسترفع تقريرها الى رئاسة البرلمان حول القضية".
لا شك أن حادثة قتل "دعاء" بتلك الهمجية التحت حيوانية، القادمة من "ثقافة الغابة"، تحتاج إلى أكثر من استنكارٍ أو شجبٍ، وعلى أكثر من صعيد.
من يقرأ الخبر، ربما، سيعتقد وكأن "دعاء" هي ضحية "القتل الشريف" الأولى في كردستان سيادة رئيس البرلمان.
ففي الوقت الذي أضم صوتي إلى صوت السيد المفتي والوزراء والمسؤولين المجتمعين به، ب"ضرورة اتخاذ كل الإجراءات القانونية من قبل الجهات المعنية بالشأن"، وبالتالي تفعيل كل القنوات والسبل القانونية المعطلة، لقطع الطريق أمام وحوشٍ آدمية، كقتلة "دعاء"، وردع كل ما من شأنه أن يساهم في إنتاج "ثقافة القتل"، في ذات الوقت، أتساءل:
أين كان السيد المفتي وبرلمانه الموقر من قضية 533 إمرأة أقدمن على الإنتحار أو تعرضن للقتل(وفقاً لمعايير الشرف المتعارف عليها قبلياً) خلال العام الماضي، حسبما أفاد تقرير أصدرته وزارة حقوق الإنسان في إقليم كردستان، قبل قتل دعاء بأربعة أيامٍ فقط(03.04.07)؟؟؟
و أظهر التقرير أنّ "عدد النساء اللاتي انتحرن او قتلن عام 2005 كان 289 امرأة لكنه ارتفع الى 533 امراة عام 2006 وازدادت نسبة الانتحار بين الضحايا من 22% عام 2005 الى 88% عام 2006 كما ارتفعت نسبة القتل من 4% عام 2005 الى 6.34% في 2006".
واشار التقرير الى ان "غالبية النساء اللواتي يتعرضن الى العنف تتراوح اعمارهن بين 13 و 18 عاماً في الاقضية".
وأظهر تقريرُ آخر، صدر بمناسبة يوم المرأة العالمي(2006) عن وزارة الصحة في الإقليم أنّ "حصاد القتل، في كردستان العراق، خلال 14 شهراً، قد بلغ 831 إمرأة، ما بين قتل وانتحار".
وذكر التقرير ذاته أنّ "35 إمرأة منهن قُتلن بأيدي أزواجهن".
بإجراء عملية حسابية بسيطة على الأرقام الواردة في التقرير الآنف الذكر، سوف يتبين لنا حجم الكارثة أو القتل الذي تعيشه المرأة الكردستانية، يومياً.
ففي كردستان(حسب التقرير الرسمي الوارد أعلاه)، تُقتل(أو تنتحر) كل يوم إمرأتان تقريباً(831divide;365+60= 1،95)
وفي مقالٍ لها، نُشر في موقع الحوار المتمدن(العدد 1646، 18.08.06)، أدانت فيه الناشطة النسوية الكردية هوزان محمود، بشدة، "قانون" السلطات الكردية الذي "يشرّع" إطلاق سراح قتلة النساء، "وفقاً لصفقات عشائرية".
تقول السيدة محمود: " لقد صعقنا نحن في منظمة حرية المرأة في العراق - ممثلية الخارج، بسماع الاخبار حول نية اطلاق سراح صالح احمد شريف (المعروف بـصالح مزلي ) الذي اختطف ثم قتل مهاباد عبداللة عام 1999 والتي عثر على جثتها في احد شوارع مدينة السليمانية. لم يعاقب حزب الاتحاد الوطني الكردستاني حينها صالح احمد شريف بل اطلق سراحه، ليرتكب جريمة اختطاف اخرى و هذة المرة بحق اختي مهاباد، حيث قتل احدهما و اسمها - جوان- و التي عثر على جثتها فيما بعد في احد شوارع السليمانية. اثناء وقوع الجريمة، واصلت عائلة صالح احمد شريف، تهديد عائلة مهاباد و جوان، مما ادى الى هروب العديد من افراد العائلة الى اوربا طلبا للحماية...
ومن الجدير بالذكر ان الآلاف من النساء قد قتلن خلال السنوات الثلاثة عشرة الماضية ولا زال مرتكبوا تلك الجرائم احراراً لان ما يسمى بالنظام القضائي فشل في اتخاذ الاجراءات القانونية الملائمة لتتفشى الفساد والعقلية العشائرية فيه."
هذا غيض من فيض العنف والقتل الممارسين يومياً، على مرأى ومسمع القضاء الكردستاني الصوري الشكلي، بحق المرأة التي ضحت بالغالي والنفيس لأجل بعض حريةٍ في بعض وطنٍ، من جهة "مالكيها" و"مالكي شرفها"، من رجال كردستان "الشرفاء" الغيارى!!!
فعن أيّة "إجراءاتٍ قانونية" يتحدث سيادة رئيس البرلمان، طالما أن "قانون الحزب والقبيلة" هو القانون الأقوى والأعلى و"الأصلح" ل"بقاء" ولملمة "شرف" الرجل، على طول كردستان برلمانه وعرضها؟
أليس من الحري بالسيد المفتي وهو يندد ويستنكر بالجريمة الوحشية، أن يوصي وشركاءه في البرلمان والحكومة المتقاسمين "فيفتي فيفتي"، بين "قبائلهم الحزبية"، باتخاذ الإجراءات والتدابير القانونية اللازمة بحق "حماة قانونهم المفترض" من الآسايش والبيشمركة، الذين حضروا طقس "قتل القانون"، متمثلاً في "دعاء المرأة"، أسوةً بثلة القتلة الغوغائيين الهمجيين؟
عن أي قصاصٍ عادلٍ من قتلة "دعاء" وأخواتها القتيلات، سيتحدث إلينا سيادته، طالما أن "القانون المدني" في كردستان، محكومٌ ب"قانون" الدين والحزب والقبيلة؟(راجع تحقيق مراسلة صحيفة الحياة اللندنية لينا سياوش/ 06.11.06)
أيّ حقٍ ل"دعاءٍ" وأخواتها في "القتل الشريف"، سيضمنه السيد المفتي تحت قبة برلمانه "الحداثوي"، طالما "السند القانوني" الأول والأخير، والساري المفعول، للآن، في كردستانه(رغم سن القانون الشكلي، القاضي بتعديل قانون "جرائم غسل العار")، هو "قانون القبيلة"، المشرّع خصيصاً لحماية "شرف" رجالها "الشرفاء"، وغسل عارهم من "لا شرف" نسائهم "الآثمات الملطخات"؟
وعن أية سلطةٍ لأيّ "قانونٍ" وأية جهاتٍ معنيةٍ بها، يسرف رأس البرلمان الكردي ويبذر في الكلام، حيث تُقتل أو تنتحر في كردستان "البرلمان المنتخب"، يومياً، امرأتين تقريباً، أمام مرأى ومسمع برلمانه، وعلى مذبح "قانون" "الدين الشريف"، و"القبيلة الشريفة"، و"الحزب الشريف"، و"رجاله الشرفاء"؟