لماذا أصبح الإسلام كجراب الحاوي؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
-1-
لا بُدَّ أن القراء يذكرون ما تعرّض له المفكر الإسلامي التنويري المصري حسن حنفي، عندما وصف قبل أشهر في محاضرة له في مكتبة الاسكندرية القرآن الكريم، بأنه أصبح بين أيدي فئة من الفقهاء المشعوذين كالسوبر ماركت، يستطيع المرء أن يجد فيه كل شيء، ويشتري منه كل شيء.
فقال هؤلاء المشعوذون بأن القرآن يحوي على الكيمياء، والفيزياء، وعلوم الذرة، والفضاء، وعلم الأحياء، وعلوم الأرض والسماء. وأن وكالة "ناسا" قد سرقت معظم أبحاثها الفضائية من القرآن الكريم، دون أن تذكر هذا المرجع الفضائي العلمي المهم. وأن اينشتاين سرق نظريته في النسبية من القرآن الكريم كذلك. وأن فرويد تلميذ ناكر لاستاذه القرآن الكريم في نظرياته في علم النفس. وأن القرآن الكريم فيه من العلوم الطبية ما لا يوجد في أي مرجع طبي آخر. وأن الطب النبوي يفوق طب ما تعلمه جامعات هارفارد وستانفورد وبرنستون وغيرها، وتقوم به مستشفيات ماي كلينك. وأن كبار الاطباء وخاصة أطباء القلب كمايكل دبغي وغيرهما، قد جحدوا ما تعلموه من القرآن الكريم. وأن القرآن الكريم قد تنبأ بالحروب والثورات والزلازل والفيضانات والكوارث الطبيعية في العالم. وأن كارثة 11 سبتمبر 2001 مذكورة صراحة وبالتفصيل في القرآن الكريم في سورة التوبة الآية 110 كما أشار الى ذلك الشيخ السلفي سليمان بن ناصر الطيار في كتابه (مفهوم التفسير والتأويل، ص7-14). ولو كان الرئيس بوش من قراء القرآن الكريم، ومن حفظته، لعلم ذلك، ولتلافى مثل هذه الكارثة، ولنجت أمريكا من شر مستطير!
-2-
لا أدري هل نحن نحسن الى القرآن الكريم عندما نحمّله كل هذه الأوهام التي لا يحتملها أي كتاب آخر في التاريخ، أم نحن نسيء اليه؟
وهل نحن بعملنا الجنوني المخبول هذا، نريد تأليب أعداء الإسلام على الإسلام، أم نريد كيدهم واغاظتهم بادعائنا الباطل، بأن كتابنا المقدس يحوي ما لا يحتويه أي كتاب أخر سواء كان سماوياً أم أرضياً؟
قطعاً نحن نسيء اساءة كبرى الى القرآن الكريم وإلى الإسلام ككل، بهذا التبجيل الممجوج، من حيث نقصد، ومن حيث لا نقصد.
-3-
يقول العقلاء منا - وهم قلة قليلة، وعملة نادرة في زمن العملات المزيفة والأفواه اللامجدية - إن القرآن ليس بحاجة الى تبجيل لكي يفرض غناه وعظمته، كما أنه يصل في الغنى الى درجة أنه يحول دون انتشار المزاعم العلمية المختلطة بالأساطير. فالقرآن ليس كتاب علم، أو فلسفة، أو فن، أو تاريخ، أو جغرافيا. إنه خطاب ديني روحي وأخلاقي محض فقط.
-4-
والذين يرفعون اليوم الشعار السياسي العاطفي الطنان والرنان "الإسلام هو الحل" يريدون أن يكون الإسلام هو جراب الحاوي الذي يمكن أن تخرج منه الارانب والأسود والفيلة كذلك. وكما قال محمد اركون، فكلمة الإسلام أصبحت كالجراب تتسع لكل شيء، ويخرج منها كل شيء، وهو ما عناه حسن حنفي بالسوبر ماركت، حيث العسل ومسحوق الغسيل.
أعداء الإسلام في العالم كثيرون، منهم الجاهل ومنهم الحاقد، وهم جميعاً يمسكون بترهاتنا، وتفاسير مجاذيبنا، وخطابات حمقانا، ويعضون عليها بالنواجذ، ويعتبرونها الإسلام الذي لا يُصح غيره، ويستشهدون بها أمام العامة في المنتديات، والدراسات، وحلقات الدرس، والمناظرة. ويقولون للعالم هذا هو الاسلام ، الذي يريدون منه الحلول واسترجاع الطلول.
السلام عليكم.