لو أرادت إيران أن تكون لها مبادرة في الخليج ناجحة!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إذا كان هناك شبه إجماع أن زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لدولة الإمارات العربية المتحدة كانت تاريخية، فلا بد أن نعترف أن المراقبون السياسيون وإن كانوا يتوقعون من ورائها نتائج ذات قيمة بعد أن ظهرت في الأفق مكونات الرسالة التي يود الرجل أن يبعث بها ضمن هذه الزيارة ومثيلتها الخاطفة إلى سلطة عمان إلى القمة الخليجية التي ستعقد قريباً في الرياض.. إلا أنهم لم يرو ما يدل على رغبة النظام الإيراني في إيجاد حلول عملية لأزمة الجزر الثلاث الشهيرة بينه وبين الدولة التي استقبلته بأكثر مما كان متوقعا من ترحيب واهتمام..
انعدمت هذه الدلالة رغم أهميتها إقليميا وعالميا، وترسخ بما لا يدع مجالا للشك لدى كافة المهتمين بالملف الإيراني / الخليجي - على الأقل لفترة قادمة - أن إيران لا زالت مصرة على تهميش قضية الجزر ذات الأهمية الخاصة خليجياً وعربياً، على حساب مطالبها "هي" التي تتسم بالذاتية المفرطة مما يجعلها تضعها دائما فوق وقبل أية مطالب خليجية أخرى..
حرصت أبو ظبي على امتداد ثلاثة عقود على التعامل مع ملف الجزر الثلاث طنب الصغرى والكبرى وأبو موسي بمفهوم سياسي ودبلوماسي يتسم بالوعي بحقائق الجغرافيا والتاريخ.. وحرصت عبر هذا التعامل المباشر أو غير المباشر مع طهران على إبداء الاستعداد التام لعرض الأمر للتحكيم او على محكمة العدل الدولية، وعلى العكس من ذلك تماما تمسكت طهران في غالبية تعاملها مع ملف العلاقات الثنائية مع أبو ظبي على باستبعاد هذه القضية وحرصت في نفس الوقت على توسيع وتعظيم تعاملاتها التجارية والاستثمارية معها وعلي اقتسام بعض آبار النفط البحرية الواقعة فى قلب منطقة التماس بينهما..
واليوم عندما يشتد الضغط الدولي والحصار الأمريكي ضد طهران.. وتتصاعد في الأجواء سيناريوهات توجيه ضربات قاصمة إلي منشئاتها النووية خصوصاً في ضوء التحذيرات التي جاءت على لسان نائب الرئيس الأمريكي أثناء زيارته منذ يومين للعراق ومنطقة الخليج وبعض الدول العربية الأخرى، يتحتم على الزعامة الإيرانية أن تعيد النظر في نوعية وطبيعة علاقات الجوار التي تربطها مع دول الخليج العربية عبر منظور متطور.. يفرض عليها :
1 - الاعتراف بندية كافة الدول المحيطة بها وحق كل منها الطبيعي في فرض سيادته كاملة وغير منقوصة على أراضيه ومياهه الإقليمية وما فيها من جزر..
2 - الإقرار بان " الأمن الأحادي " لكل الدول المطلة على مياه الخليج العربي متساوي، وان أمن المنطقة الجماعي لا يتحقق بالإكراه أو بالتخويف..
3 - أن الزعامة الإقليمية لا تُفرض بالقوة وإنما بالتوافق السلمي القائم على القناعة وتبادل المصالح وتوزيع الأدوار التي تلاءم كل طرف داخل منظومة الأمن الجماعية..
4 - أن توجيه اللعنات لسياسات واشنطن في المنطقة لن يقضي بين ليلة وضحاها على تواجدها المادي والمعنوي " في هذه المنطقة الحيوية من العالم ، خصوصا وانه يرتكز على اتفاقات موثقة..
لذلك نقترح أن يتكون جدول أعمال أول اجتماع للجنة الوزارية الإماراتية / الإيرانية المشتركة - التي أعلن عن تأسيسها بعد انتهاء زيارة الرئيس الإيراني لأبي ظبي - من بند واحد يركز علي فتح ملف الجزر الثلاث ويفتح الباب لتبادل الرأي حوله في ضوء جدول زمني ملائم للطرفين.. وذلك لقناعتنا أن مثل هذه الخطوة ستعني :
أ - ان طهران كما تتعامل بإيجابية مع حق الشعبين الفلسطيني والعراقي في تقرير مصيرهما بعيداً عن قوى الاحتلال الإسرائيلي والأمريكي، توافق على التفاوض سليماً من اجل تقرير مصير هذه الجزر وتحديد تبعيتها سواء لها أو لدولة الإمارات..
ب - أن اهتمامها بتنمية العلاقات التجارية والاستثمارية مع دولة الإمارات وحرصها على قيام القطاع المصرفي الإماراتي بتمويل الجانب الأكبر من تجارة إيران الخارجية تحت وطأة القيود الصارمة التي تواجهها في التعامل مع النظام المصرفي العالمي، يوازى حرصها على تناول ملف الجزر بنفس الاهتمام والإيجابية..
ج - أن حرصها على تنمية قدراتها النووية السلمية أو العسكرية لا يمثل تهديداً مباشراً أو غير مباشر للدول الخليجية وأنها تبادل مواقفهم الايجابية الرافضة لتوجيه ضربات عسكرية إلى نقاطها الحيوية، باستعداد ايجابي لفض كافة الإشتباكات التي تؤرق صفو العلاقات الثنائية بينها وبينهم..
د - أن دعوتها لإخراج القوات الأمريكية من العراق ومن منطقة الخليج لمصلحتها - أي أمريكا - ومصلحة شعبها كما جاء على لسان الرئيس الإيراني، ليس مقدمة لأن تحل هي محلها ماديا أو معنويا وإنما هو صفحة جديدة فى تاريخ المنطقة التحرري..
لذلك نقول أن المبادرة الإيرانية المتوقعة لا بد أن تتسم بالشفافية..
وان تبتعد عن أنانية الأخ الأكبر الأقوى..
وان ترى الواقع من زاوية مصالح الآخرين كما تراه من زاوية مصالحتها..
وان تحترم حقائق الجغرافيا والتاريخ..
وحتى إذ لم تتجاوب " هذه المبادرة " مع كافة المطالب الإمارتيه - بغض النظر عن كثرة الأطراف العربية والدولية التي تؤيد حقها المشروع في السيادة على هذه الجزر - فيكفي انها - المبادرة - ستظهر النظام الحاكم فى طهران بصورة السائر في طريق الحق الساعي إلي تطبيق شعاراته على نفسه قبل أن يطالب الآخرين بتطبيقها عليهم..
استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا
drhassanelmassry@yahoo.co.uk