ديموقراطية إسرائيل.. وتعاظم مؤشر العنصرية!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
حتى تهديد وزارة الدفاع الإسرائيلية بإستهداف قيادات حماس في الداخل وفى المنافي.. لن يحرك منظمات حقوق الإنسان الدولية.. كما لم يحركها منذ أيام اعتراف مواطن يهودي فى الدولة بقتل عربي كان يعمل سائقاً لسيارة أجرة.. ولا حركها مشروع القانون جديد ينكب المستشار القضائي للحكومة علي دراسته سيسمح لجاز الشاباك في القريب العاجل بالتدخل لوقف " أي كيد يحاك ضد الدولة "..
كل هذه الجرائم تحدث في اسرائيل " الديموقراطية " تحت أعين العالم وبصره، دون أن يهتز له جفن أو يصحو له ضمير !!..
جريمة السائق صاحب الأرض الذي قام بتوصيل اليهودي الفرنسي المهاجر إلى القدس، أنه قبل أن يشاركه حمل أمتعته إلى مكان شقته فكان جزاؤه القتل بدم بارد.. وبالرغم من ذلك لم تُحرك ساكنا علي مستوي مؤسسات إسرائيل الديموقراطية ومنظمات حقوق الإنسان أو المجتمع المدني فيها، رغم اعتراف المتهم بجريمته أمام مسئولي الشرطة وقاضي التحقيق.. ذلك الاعتراف الذي مهد له قائلا " كنت أبحث عن عربي لكي اقتله " !! فلما أوقع الحظ العاثر ذلك السائق بين يديه قتله.. ورغم تأكيده أن أخاه شاركه في القيام بهذه الجريمة النكراء..
القاتل اعترف أمام الشرطة.. ولكنها رفضت الأخذ بهذه الأقوال المرسلة هكذا بلا تمحيص وفحص من جانبها للتأكد من أن اعترافه لا تشوبه شائبة !!.. فما كان منها إلا أن أحالته إلى طبيب نفسي.. وبدوره وافق قاضي التحقيقات على طلب محامي المتهم " المعترف بجريمة القتل " الذي التمس " من عادلته " إحالته للعلاج داخل مصحة نفسيه بعد أن قدم له أدلة تشير إلى تعرضه لمشكلات نفسيه !!..
وبعد أن يخرج الرجل من المصحة سيُفرج عنه لأنه " ارتبك جريمته وهو واقع تحت ظروف لم يكن في مقدوره نفسياً أن يتفادها أو يتخلص منها "..
هكذا تعاملت سلطات إسرائيل الديموقراطية مع ملف اليهودي الذي قام عام 1969 بإشعال النار في المسجد الأقصى.. وهكذا تعاملوا مع العنصري الذي دخل نفس المسجد عام 1994 ومعه بندقية آلية أزهق برصاصها أرواح أكثر من أربعين مصلي كانوا يتعبدون داخل المسجد.. وهكذا كان تصرفهم مع الجندي الإسرائيلي الذي استخدم سلاحه في قتل سبع من الفلسطينيين..
هذه القضايا وأمثالها كثير خرج مرتكبوها بعد انقضاء فترة العلاج بالمصحات النفسية إلى حيث لا نعرف بعد أن حفظت الملفات التي تضمنت تفصيلاً لكيفية قيامهم بقتل العرب.. وحفظت كلها لأنهم كانوا كلهم بلا استثناء - كما تقول شهادات العلاج الصحية - يعانون من أمراض نفسيه استلزمت فترات من العلاج على حساب الدولة التي لا تفرق بالوسائل الديموقراطية بين رعاياها الذين يعيشون فوق ترابها..
ديموقراطية حكومة إسرائيل أوحت لها أن يتعاون مستشارها القضائي ميني مزوز مع رئيس جهاز الشاباك يوفال ديسكن لإعداد مشروع قرار يعطى الحق لمسئولي الشاباك " أن يستعملوا كافة الأدوات المتاحة لهم لكي يدفعوا عن الدولة كيد أعدائها " .. بما يعني توسيع صلاحيات هذا الجهاز حتى يصبح في مقدوره تحت شعار " حماية أمن الدولة " الدفاع عن قيمها الأساسية كـ " اليهودية والديموقراطية " ضد كل من تسول له نفسه " توجيه تهديدات كيدية ألى أي من هذه القيم المقدسة "..
وبالرغم مما قيل حول ما يَكتنف مفهوم " الكيد " من غموض حيث سيشتمل في حالة موافقة الكنيست على المشروع، اعتبار أي محاولة للحديث عن هوية الدولة ويهوديتها أو مؤسساتها الديموقراطية، بالتقييم أو النقد " نوع من الكيد المضاد الهادف إلى إلغاء نظام الدولة وهويتها ".. ويحق لجهاز الشاباك في هذه الحالة ان يتعقب هذه المحاولة باستخدام الوسائل المتاحة بما في ذلك " التنصت السري " على المكالمات الهاتفية " حتى لو كان هذا الكيد غير مصحوب بنشاط غير قانوني "..
توسيع الصلاحيات وتعارضها مع مبادئ الحرية السياسية والحق في الحياة الخاصة التي تكفلها المبادئ الديموقراطية، لا يمثل عند رئيس الشاباك ولا المستشار القضائي للحكومة " تعدياً على القيم الديموقراطية " التي تتشدق بها إسرائيل.. لأنه يتوافق في رأيهما مع حق التعبير المعارض لهوية الدولة ونظامها الحاكم " طالما جاء هذا التعبير منسجماً مع الإطار القانوني لحرية التعبير ".. ومن هنا يصبح المس من جانب الشاباك بهذه الحقوق جائز طالما أنه ( أي المس ) يهدف إلى منع وقوع الكيد المضر بهوية الدولة وديموقراطيتها "..
ولأن الجهاز هو المسئول عن حماية المجتمع ضد أعدائه في الداخل، فسيكون " أبناء المجتمع " هم المستهدفون من جانب قياداته وعناصره في ضوء السلطات الجديدة التي سيتمتع بها، وعليه أن يمنع كيدهم عن الدولة بكافة السبل المتاحة !!.. وأن يقاوم بكل ما أوتى من جهد وخُول من صلاحيات " أية نشاطات كيدية غير قانونية من شأنها التعرض للنظام أو العمل علي تغيير هوية الدولة ".. ومن بين ذلك " الإحباط وفرض سيادة القانون "
أما إذا كان النشاط الكيدي ذو " مميزات سرية " فعلي الجهاز أن يلجأ إلى استعمال أدوات جمع معلومات مثل التنصت على المكالمات السرية والإتصالات التقنية " للكشف عن من يستتر وراء هذه الأنشطة الكيدية !!.. وهنا ليس للحرية الشخصية أو الحياة الخاصة مكان، لأن المس بهما يكون " جائز من أجل تحقيق هدف حيوي " كما قال يوفال ديسكن رئيس الشاباك الذي يرفض الفصل بين مسئولياته تجاه طابع الدولة الذي ليس من اختصاصه وبين أمنها الذي هو من صميم عمله..
من هنا لا يصح لنا أن نقول أن نشاط الشاباك بهذه الكيفية يتعارض كلية مع القيم الديموقرطية التي يُقال أنها تزين جبين دولة اسرائيل دون غيرها من أنظمة الحكم الشرق أوسطية.. أو أنها تدمر الحياة السياسية لموطني دولة تقول أنهم لديها وأمام القانون متساوين في الحقوق والواجبات.. أو نتجرأ ونقول أن المقصود بها " مزيد من التحريض ضد مواطنيها من العرب على وجه التحديد "..
يتحسر المحللون في أوربا علي حال ديموقراطية إسرائيل التي يتغني بها الغرب لأنها في رأيهم تعلن كل يوم عن إفلاس يُقَربها من الحضيض، وها هي غالبيتهم تُجمع على أن تشريع " وقف الكيد ضد هوية الدولة ونظامها " الجديد سيفسح الطريق أمام أجهزتها الأمنية " لكي تأخذ مواد القانون إلى غرفة الإنعاش " وتستبدلها بمجموعة من مبررات التجريم ووسائل العنف التي ستزيد من تمزق المجتمع الإسرائيلي أكثر مما هو ممزق خصوصاً في هذه الأيام التي تتصادم فيها توجهات المجتمع والتنظيمات السياسية بين مطالبة حكومة إيهود اولمرت بالاستقالة وبين ضرورات بقائها لكي تستعد للثأر مما لحق بها من هزيمة مدوية قبل حوالي عشرة أشهر..
أما حكومة أولمرت " الديموقراطية " التي يتحدث عنها المحللون الغربيون فلا يعنيها الأمر من قريب أو من بعيد، لأنها إلى جانب تواطئها المسكوت عنه حيال جريمة مقتل مواطنها العربي سائق سيارة الأجرة وتحفيزها وسائل الإعلام والمؤسسات الأمنية للدفع نحو توسيع صلاحيات الجهاز المسئول عن أمن الدولة لكي يتجسس على مواطنيها، تعلن على لسان كبار مسئوليها وعبر وسائل الإعلام العالمية أنها ستستهدف " بالتصفية الجسدية " كبار القياديين في منظمة حماس بما فيهم رئيس الوزراء إسماعيل هنية..
استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا
drhassanelmassry@yahoo.co.uk