إلى عقلاء م. 8: طبقوا مقترحات كلينتون
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
حل النزاع العربي الإسرائيلي انطلاقاً من حل لبّ هذا النزاع، النزاع الفلسطيني -الإسرائيلي، هو المقاربة الأمثل لتجفيف أحد أهم ينابيع الإرهاب الإسلامي. هذا الإرهاب الذي يهدد بصوملة الأراضي الفلسطينية وجعل الشرق الأوسط أكثر فأكثر غير قابل للحكم، وهز الاستقرار العالمي الهش، وجعل العالم أكثر ظلماً وخطراً. الفكرة السائدة في عواصمكم، التي هي عواصم القرار الدولي، هي أن حل النزاع العربي الإسرائيلي لن يلعب أي دور في احتواء الإرهاب الإسلامي. وهي الفكرة المسبقة التي روج لها بعض الإخصائيين في الإرهاب الإسلامي، مثل أوليفيي روا.
لإنارة قراركم، سأقدم لكم هنا ما يفكر فيه المجاهد د. أيمن الظواهري، الذي هو أدرى، بهذا الموضوع، من "أخصائييكم" الذين لم يقرأوا الإرهاب الإسلامي في نصوصه ولم يكلفوا أنفسهم عناء قراءة "فقه الجهاد" الذي يشكل المرجعية الدينية - السياسية للإرهاب الإسلامي.
يرى د. أيمن الظواهري في كتابه "فرسان تحت راية النبي" ( إبريل 2001) أن على "الحركة الجهادية": "أن تشرك الأمة المسلمة في جهادها" لكنها "لن تشرك الأمة المسلمة معها في جهادها إلا إذا أصبحت شعارات المجاهدين مفهومة من الأمة المسلمة (...) لذا يجب على الحركة الجهادية أن لا تقتصر على خوض المعركة [ضد الغرب والمسلمين الموالين له] تحت شعارات الحاكمية والولاء والبراء فقط. فهذه الشعارات، للأسف، ليست مفهومة من جماهير الأمة التي لن تكون مستعدة للتضحية من أجل شعارات لا تفهمها، حتى وإن كانت صحيحة مائة بالمئة"(ص ص 227،228). الحاكمية تعني إقامة الدولة الإسلامية الثيوقراطية من الأندلس إلى حدود الصين. أما الولاء والبراء فيعني، باختصار شديد، القطيعة الناجزة والشاملة مع الغرب وحضارته والجهاد الدائم ضده حتى هزيمته النهائية. استمرار الحركة الجهادية في الدعوة للحاكمية والولاء والبراء "حتى يؤتيا ثمارهما، كما يقول، يتطلب الصبر على الدعوة إليهما وقتاً طويلاً. ومن الواضح أن أعداءنا لن يمهلونا كل هذا الوقت الذي نحتاجه لتربية الأمة"(ص 228)."علينا ، يقول الظواهري، أن نضيف إلى شعاراتنا العقائدية الخالصة شعارات أخرى، هي أيضاً من الحق الخالص، تكون مفهومة من جماهير الأمة المسلمة (...) بدلاً من أن نعتبرها شعارات من الدرجة الثانية في الأهمية، يجب أن ندفع بها إلى الأمام لتتصدر دعوتنا (...) الشعار الذي تفهمه الأمة المسلمة جيداً وتتجاوب معه- منذ 50 عاما- هو شعار الدعوة إلى جهاد إسرائيل. وفي هذا العقد أصبحت الأمة معبأة بالإضافة إلى جهاد إسرائيل، لجهاد الأمريكان (...) لذا يجب على الحركة الإسلامية المجاهدة أن ترفع شعار تحرير المقدسات الإسلامية الثلاث: الكعبة المشرفة، والمسجد النبوي الشريف، والمسجد الأقصى المبارك". وبهذا تجمع [الحركة الجهادية] أزّمة قيادة الأمة المسلمة وتلتف حولها قلوب المسلمين في الأرض(ص ص 229،230).
ببعد نظر المحلل السياسي القدير، يري د. أيمن الظواهري أن تخلي الحركة الجهادية عن شعار جهاد إسرائيل وتحرير المسجد الأقصى يجعلها "تعزل نفسها، ليتحول صراعها إلى صراع بين النخبة[الجهادية] والسلطة" (ص 230) وهو، كما يقول د. الظواهري، سيسهل على "الحكام العملاء" تأليب الجماهير على الحركة الجهادية "وسحقها في صمت".
يتضح لكم من هذا الاستشهاد الطويل والمهم، أن "تحرير المسجد الأقصى"، كما يطالب به الظواهري، ايحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني سيصيب الإرهاب الإسلامي في القلب. وفي المقابل فعدم وعي هذه الحقيقة سيسهل على ذئب "القاعدة" الذي دخل الحظيرة الفلسطينية مجتذباً إليه جمهور حماس وكتائب القسام، التي يبدو أنها توشك أن تشق عصا الطاعة في وجه المعتدلين في قيادتها خاصة رئيس الحكومة،هنيه. انتقال القاعدة إلى فلسطين لا يبشر بخير، لأنها قد تحول الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى عراق أخرى يصول فيها الإرهاب الإسلامي ويجول.
الاستراتيجيا الجهادية للقاعدة في المسألة الفلسطينية، التي تكذب "اخصائييي" الإرهاب الذين ضللوكم ،كفيلة بجعلكم تفكرون في قطيعة صحية مع السياسة الوقحة: "دعوهم [الفلسطينيين والإسرائيليين] يستنزفون بعضهم بعضاً" حتى ينهكهم القتال فيأتون إلينا طالبين الحل ... كما حددها وزير الخارجية الأمريكية السابق، جيمس بيكر.
خطر تغلغل القاعدة في غزة، وبشائر انقسام حماس إلى متطرفين ومعتدلين ، وبرجماتية أبو مازن وفريقه، والمبادرة العربية التي كسرت محرم الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها، وسعي دمشق الحثيث للتفاوض مع الحكومة الإسرائيلية وربما زيارة الأسد، على غرارالسادات، إلى القدس... كلها عوامل تناضل من أجل حل مُرض للنزاع العربي الإسرائيلي انطلاقاً من حل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي بتطبيق مقترحات الرئيس بيل كلينتون التي قدمت للطرفين الإسرائيلي والفلسطيني أهم ما يحتاجان إليه: الأمن الذي افتقده اليهود منذ عشرين قرناً، والدولة التي لم تعرفها الأمة الفلسطينية في تاريخها قط. دولة فلسطينية قابلة للحياة مرفوقة بخطة مارشال لتنميتها كفيلة بدق مسمار في نعش الإرهاب الإسلامي.
ليس كالتنمية دواء ناجعاً لشفاء الفلسطينيين والعرب المسلمين من جروحهم النرجسية التي سببها لهم تفوق الغرب عليهم منذ امتلاكه السلاح الناري في القرن 16، وخاصة منذ هزمت مدافع نابليون فرسان المماليك، وجدعت أنف أبو الهول.