مجرمون من الحصة الاولى
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
قرأت منذ يومين خبرا عن رغبة السعودية في اعادة تقييم مناهجها الدراسية.
لا اعلم ان كنت قد تحدثت مسبقا عن الموضوع ذاته في مناسبة اخرى. لكن اعذروني لو حدث، فلي ذاكرة من غبار. إلا ان الموضوع يستحق ان تكتب عليه مقالات لا نهاية لها.
اعود وأقول ان خبر اعادة تقييم المناهج السعودية قد اعجبني. بل واطربني.
فالوقت قد حان للثورة على المناهج السعودية لا مجرد اعادة النظر فيها.
فأولا، هامش المواد العلمية في هذه المناهج ضئيل مقارنة بالمواد الدينية التي تحظي بالاولوية.
ثانيا، ان هذه المواد الدينية، فوق غلبتها، قاسية في توجهها. واكرر كلمة قاسية، بل وقاسية جدا.
ولا تنصرف القسوة هنا على الكتب الدينية وحدها، بل وعلى المعلمين انفسهم.
لست اذكر مرة ان صادفت معلم دين سمح الاخلاق دمثها.
كنت اشعر أن معلم الدين يشبه رسول عابس، يهبط كل حصة من السماء يلقننا
كلاما لا يسمح لأحد بمناقشته او حتى الاستفسار.
لست اذكر اني كنت ارى ابتسامة، ولو مصطنعة، على محياه.
تريدون اكثر من ذلك؟
حسنا،
كان لنا معلم الدين يقول ان الابتسامة عيب، والضحك سبب لدخول النار.
وأزيد على ذلك تلك اللئيمة التي ما انفكت ترافق معلم الدين: عصا غليضة اخذت
الكثير من لوني.
ربما اختلفت الصورة اليوم، لكن المناهج ربما ما عاد معلم الدين بتلك القسوة،
الدينية نفسها ما تزال قاسية.
قاسية الى درجة قدرتها الفائقة على زرع الكره في نفوسنا.
الى قدرتها الفائقة على قتل المحبة في نفوسنا.
لماذا؟
لأنها، وبلا استثناء، تجعل من اختلاف دين الآخر عنا سببا كافيا لكرهه، وقتله ايضا، فالله لنا وحدنا فقط.
المسيحيون كفرة
واليهود كفرة
والبوذيون كفرة
مالنا ولهم يا استاذ؟
ثم من قال انهم كفرة؟
وتسقط العصا..
هي مناهج تحريضية اذا، عنيفة، قاسية، وفوق ذلك عاجزة عن تغذية عقولنا بالعلوم والمنافع.
انها قسوة لا يكاد شررها ينحصر بالآخرين فقط، بل حتى بعض المسلمين انفسهم عرضة، حسب مناهجنا الدينية، لأن يكونوا كفرة لمجرد اختلاف اللبس او طريقة اداء الصلاة.
نعم.. يجب اعادة النظر في المناهج السعودية.
كان ينبغي اعادة النظر منذ اكثر من عشرين عاما.
بل لقد حان وقت الثورة على هذه المناهج، فاعادة النظر وحدها لا تصلح الخلل.
نريد مناهج تملأ عقول ابنائنا بالعلم وحب الآخر، بصرف النظر عن جنسه ودينه.
لست اطالب بالغاء كل المواد الدينية، بل الغاء نصفها، والتخفيف من غلواء وقسوة النصف المتبقي.
مهمة الدين ان يشذب اخلاقنا، لا ان يصبح السوط الذي نجلد به ظهورنا، والسيف الذي نقطع به رأس كل من هو على غير ديننا.
فان عجزت مناهجنا التعليمية عن ذلك فأولى ان يبقى ابناؤنا في منازلهم لا يقرأون ولا يكتبون، فذاك افضل الف مرة من ان يصبحوا مجرمين منذ الحصة الاولى.
nakshabandih@hotmail.com