كتَّاب إيلاف

المكيال الأمريكي الداعم لديمقراطية إسرائيل العنصرية..

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يبدو أن لسان حال الرئيس الأمريكي وإدارته قد فقد منذ فترة طويلة بوصلة التوجه ناحية إسرائيل، وصار مكياله موجه فقط إلي غيرها من دول المنطقة وبالذات حكومة حماس في فلسطين المحتلة وحزب الله في لبنان ومأساة إقليم دارفور في السودان.. وآخر الإنعواج اللساني الذي تتبعه العالم كله مؤخراً هو " فرض العقوبات الأمريكية الجديدة على السودان " حيث فاض مكيال واشنطن من العبث السوداني الداعم على حد قولها للعنف في دارفور فأمر الرئيس جورج دابليو بوش إدارته بفرض عقوبات أمريكية جديدة على حكومة الخرطوم " تقضي باعتبار التعامل مع 31 شركة " جريمة ".. وتفتح الباب ربما بعد بعضة أسابيع - إن لم تستجب الخرطوم - لفرض حصار جوي كامل عليها أو على الأقل فرض منطقة حظر طيران..
إذا قارنا أوضاع إقليم دارفور المأساوية التي ألجأت واشنطن لفرض مزيد من العقوبات على حكومة السودان، سنجدها اقل بكثير مما يعاني منه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية.. وإذا تتبعنا مسارات عدم انصياع الخرطوم للقرارات الأمريكية والدولية، سنجدها لا تقارن بنهج إسرائيل العنصري المتتالي الرافض بتعالي غير متوفر لدولة أخرى لأكثر من ستون قراراً دوليا تكفي وحدها - لو أن إدارات البيت الأبيض المتعاقبة تتمتع بقدر نسبي معقول من الحياد والموضوعية - لعزل إسرائيل دولياً ومحاصرتها اقتصاديا ومخاصمتها عالمياً..
أقل ما يقال عن حكومة الخرطوم أنها اضطرت للتعاون مع الشرعية الدولية فى كثير من الأحوال لأسباب متعددة لأنها لا زالت تعترف بحاجتها اليها، لكن حكومة إسرائيل لم تتعاون ولا مرة مع الشرعية الدولية لأنها تعتبرها غير موجودة طالما مظلة واشنطن " الحمائية " ودعمها المادي والعسكري يصلان إليها بلا توقف وفى أحلك وأشد الأوقات.. اقل ما يقال عن حكومة الخرطوم أنها لم تجد بعد من ينشر في إحدى الصحف الأمريكية - ولا نقول أشهرها - إعلانا يطلب مساعدتها، كما نشرت صحيفة النيويورك تايمز في أوائل أغسطس الماضي محبذة التبرع لمساعدة أسر إسرائيل وأطفالها " الذين يتعرضون لخطر الإبادة " لأن الشعب الأمريكي يجب أن يظهر " وقفته المتحدة مع شعب إسرائيل..
لم يفكر أحد من قادة الإدارة الأمريكية أو مسئوليها الحزبيين أن يطالب من أحد مراكز أبحاثها التي تمطر البيت الأبيض والوزارات المعنية والمؤسسات التشريعية كل يوم بعشرات البحوث حول مختلف القضايا الساخنة حول العالم، بعقد ولو ندوة واحدة بعنوان " كيف يمكن للولايات المتحدة والأمم المتحدة احتواء الكارثة التى يعاني منها الشعب الفلسطيني في القطاع والضفة "، كما فعل معهد بروكنجز Brookings Institution عندما عقد بواشطن أربع ندوات كان آخرها يوم 2 ديسمبر الماضي خصصها لمشكلة دارفور !!.. ركزت جميعها على " ضرورة مواصلة فرض العقوبات ذات المصداقية على حكومة الخرطوم والعمل على تشديدها على فترات متقاربة، مع السعي المتواصل لعقد جولة جديدة من المفاوضات بينها وبين المتمردين "..
المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني منذ قام بانتفاضة الأقصى الأخيرة قبل نحو ست سنوات، لم تحرك مفاتيح السياسية الأمريكية نحو التوجه الصحيح لأن اللون الأبيض كما يراه كل البشر ليس عندها ابيض ولا اللون الأسود المتعارف عليه ليس كذلك لديها.. واشنطن تعمل هذه الأيام على الاستفادة من وصول الرئيس الفرنسي الجديد نيكولاى ساكوزى إلي قصر الاليزيه لكي تنسق معه حول قضايا كثيرة وملفات شرق أوسطية متعددة، وما يهمنا هنا هو قضية إقليم دارفور حيث تناقلت الأخبار إمكانية قيام باريس بدور مركب فعال في هذا الخصوص يرتكز على :
أ - تولي مسئولية تقديم الإعانات الدولية الإنسانية للاجئين السودانيين من أبناء دارفور المقيمين في مخيمات وفرتها لهم دولة تشاد، وكذلك لأشقائهم الذين لم يتمكنوا من عبور حدودها مع السودان..
ب - ترغيبها في التدخل عسكرياً لوقف المجازر التي لا يزال أهالي الإقليم يتعرضون لها، طالما أن القوات العسكرية الأمريكية ليست جاهزة لمثل هذه الخطوة في المرحلة الراهنة..
واشنطن هذه التي تكرس جهودها " الإنسانية المغرضة " لإنقاذ أبناء دارفور تشارك " لا إنسانياً وعن سوء نية " في محاصرة الشعب الفلسطيني وتحرمه من ابسط مقومات الحياة وتصف ما يتعرض له من قتل وتشريد وهدم بأنه " دفاع أصيل يحق لإسرائيل أن تلجأ إليه لحماية شعبها ".. واشنطن هذه لم تكتف بالسماح لإسرائيل أن تواصل ضرب الشعب اللبناني بكافة أدوات القتال لأكثر من ثلاثين يوماً، وإنما منعت على مشهد من العالم كله الشرعية الدولية من أن تستنكر أو تدين أو تشجب عدوانها هذا.. وعندما سمحت بإصدار القرار رقم 1017 الشهير تمسكت بأن يتضمن تعنيفاً وتشدداً حيال حزب الله وحيال المقاومة العربية بشكل عام.. وكانت المرة الأولي في تاريخ المنظمة الدولية التي تقف فيها متفرجة على حرب عدوانية عنصرية إرضاءً لرغبات واشنطن..
وبالرغم من تعثر خطط الدبلوماسية العامة الأمريكية في تحسين صورة واشنطن وتبرير سياساتها الخارجية ذات المكاييل المتعددة، لا زالت تصر على ممارسة نفس التكتيكات المتعثرة منذ اكثر من ثلاثين عام..
bull;استشاري إعلامي مقيم فى بريطانيا
bull;
drhassanelmassry@yahoo.co.uk

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف