كتَّاب إيلاف

محاكمة تاريخية للعفاريت

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

أخى الأكبر هو العاقل الوحيد فى عائلتنا ، فهو الوحيد الذى لم يتزوج ! وأحيانا أنظر إليه بإعجاب وأراه " سيد قراره" وأقول "جتنا نيلة فى حظنا الهباب" !! وكانت تسكن معنا فى القاهرة خالتى "أم محمد" وكانت تشفق كثيرا على أخى الأكبر لعدم زواجه ودائما تقترح عليه مختلف العرائس ، وكان أخى يأخذ الموضوع معها على محمل الهزل معظم الأوقات وأحيانا كان يزهق من ملاحقة خالتى له ويقول لى :"حوش عنى خالتك ياسامى" ، فإبتدعت حيلة جهنمية وذهبت إلى خالتى أم محمد وقلت لها: "فيه سر إحنا مخبينه عنك " ، فإنزعجت وقالت: "إيه خير ياإبنى؟" فقلت لها بجدية :"السبب إن أخويا مش عاوز يتجوز هو إنه متجوز جنية من تحت الأرض ، ومخلف منها أربع عفاريت !!" ، فنهرتنى قائلة: " عيب ما تقولش كده على أخوك الكبير" ، فقلت لها:" تعالى نكلمه ونسأله" ، فذهبنا إلى غرفة أخى وسألته خالتى عن حقيقة زواجه من جنية من تحت الأرض، فأجاب اخى وهو يكتم ضحكة هائلة بصعوبة: "دى كلها حاجات بتاعة ربنا ياخالتى"، فسألته خالتى بإنزعاج :" يعنى الكلام ده بجد ، وبتشوفوا بعض إزاى ،وعمرها أد إيه دى ، وصحيح عندك منها أربع عفاريت " فقرر أخى الإستمرار فى التمثيلية وقال وهو يحاول أن يتجنب حتى الإبتسام :" أنا الوحيد إللى ممكن أشوفها ، وإحنا خلفنا أربع عفاريت ، وهى عمرها حوالى سبعمائة وخمسين سنة " فأخذت خالتى تبسمل وتحوقل وتقول :"ربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم ، طيب ياإبنى ما ينفعش تتجوز عليها واحدة من الإنس " ، فأبادر أنا بالقول لكى أسمح لأخى فرصة ياخد نفسه :"دى الجنية كانت تخرب بيته ، دى ما تقبلش ضرة أبدا وخاصة لو كانت إنسية ، وبعدين هو دلوقت بيجرى على أربع عفاريت وأمهم ، يدوب يلاحق عليهم" ، وأخيرا إقتنعت خالتى أم محمد بسبب عزوف أخى عن الزواج من صنف الإنس وكانت دائما تشترى البخور وتقوم بتبخير البيت وقراءة الآيات الطاردة للعفاريت لأنها كانت مقتنعة بأن زوجة أخى الجنية وأبنائها الأربع عفاريت مقيمون معنا فى البيت ، وكنت عندما أريد أن أمازحها أقول لها :"أخويا عامل عزومة كبيرة لأهل مراته عندنا فى البيت وعازم ييجى ربعميت جن وعفريت الليلة دى !!" وكانت خالتى لا تنام فى تلك الليلة من الرعب. رحمها الله خالتى أم محمد التى ماتت وهى تدعولأخى أن يكفيه شر الأنس والجن.
....
وأعترف لكم بأننى بإستثناء تلك التجربة الهزلية مع خالتى أم محمد لم يتسن لى مقابلة أى جن أو عفريت ، وحاولت كثيرا أن أزور المقابر ليلا على أمل لقاء أى عفريت ، فلم يخرج أى عفريت لمقابلتى ، حتى تجربتى فى تحضير الأرواح مع جارتى فى الزمن القديم باءت بالفشل بالرغم من إعتقاد جارتى بأن الروح قد حضرت وأنها قد فشلت فى صرفها وأن تلك الروح قد تركبنى إذا فشلنا فى صرفها.
وسمعت العديد من قصص العفاريت عندما أكون فى زيارة قريتنا ولكنى لم أوفق فى التشرف بمقابلة أى عفريت ، يعنى يبدو علىّ أن "وشى" نحس فى مقابلة العفاريت ، فما أن أذهب لمكان إلا وتختفى منه العفاريت.
ومن النوادر التى كنا نتندر بها فى القاهرة عند إشتداد أزمة السكن ، أنه ثابت تاريخيا أن فى فترة الأربيعينيات والخمسنيات من القرن الماضى لم تكن هناك أزمة إسكان فى القاهرة بل على العكس كانت المساكن المعروضة أكثر من الطلب ، وكان أصحاب العمارات والبيوت يطلقون الشائعات على العمارات المنافسة بأن هذه العمارة أو تلك يسكنها العفاريت ونتيجة لذلك يحجم الناس عن سكناها ، وكان أصحاب تلك العمارات الخاوية يستخدمون البخور لطرد العفاريت ، والشئ المدهش أنه ما إن حلت فترة الستينيات وبدأت أزمة الإسكان تزداد حدة وبدأ الطلب يزيد بمراحل عن المعروض من المساكن ، بدأ الناس يسكنون المساكن المسكونة بالعفاريت بلا مبالاة ، ليس هذا فحسب بل وأصبحوا يسكنون المقابر حول القاهرة وزاحموا بذلك العفاريت فى عقر دارهم !!
...
ومؤخرا قرأت فى موقع "العربية" عن مسألة العفاريت والجن مرة أخرى:
http://www.alarabiya.net/articles/2007/05/28/34912.html
ويقول الخبرما نصه:
(رفع مواطن سعودي دعوى قضائية ضد "جماعة من الجنّ"، متهماً إياهم بإزعاجه وإيذائه بشكل يومي، خاصة في الساعة الأخيرة من الليل، وهو ما جعله يعيش في حالة من القلق المستمر وحرمان من النوم.
لكن قرار قضاة محكمة العارضة في منطقة جازان في السعودية جاء بردّ الدعوى، إذ أنه لا يحكم إلا في القضايا المتعلقة بالإنس فقط، وفق ما قال رئيس المحاكم المستعجلة بجازان الشيخ علي بن شيبان العامري لصحيفة "الوطن" السعودية 28-5-2007، نافياً قدرة "أي قاض أن يحكم في أمر يخص الجن لأنه لم ترد في ذلك أي نصوص شرعية".)
إنتهى الخبر..!!
...
وأنا أقدر وأحترم قرار رئيس المحكمة المستعجلة بجازان ، حيث أن محكمة العارضة فى منطقة جازان تحكم فى القضايا المتعلقة بالأنس فقط!!
لذلك قررت تشكيل محكمة خاصة بشئون الجن والعفاريت و دعونا نتخيل محكمة جنح العفاريت المستعجلة ، عن منطقة جنوب شرق القاهرة (حيث تقع معظم المقابر القاهرية ، وحيث تكثر العفاريت نظريا) ، لذلك يرفع المواطن دعوته القضائية أمام تلك المحكمة. ندخل قاعة المحكمة فنجدها ليست مثل باقى المحاكم ، فالمحكمة يغلب عليها اللون الأسود فى طلاءها وأثاثها وحتى ملابس القضاة وتذكرك قاعة المحكمة بفيلم بيت الأشباح لإسماعيل ياسين.
ويدخل حاجب المحكمة ويعلن بأعلى صوته:
- محكمة
ويدخل على الأثر إثنان من القضاة فقط ، ويتسائل بعض الحضور عن القاضى الثالث ، فيقال له أحد العالمين ببواطن أمور العفاريت أن القاضى الثالث هو من الجان ، وقد حاولت نقابة العفاريت أن تحتفظ بأغلبية مقاعد القضاة ولكن كانت أغلبية الإنس قد صوتت ضد هذا القرار.
وينادى الحاجب على القضية الأولى:
- القضية رقم 3578 جنح عفاريت المرفوعة من المواطن الإنسى عبد العظيم عبد الروؤف الشامى ضد المواطن العفريت زربحان طاكشان الجندوفلى.
يتقدم المواطن عبد العظيم ويقسم أن يقول الحق :
- أنا ياحضرة القاضى رافع قضية ضد العفريت زربحان الجندوفلى لأنه لايتركنى فى حيالى وراكبنى ليل ونهار ومخللى ليلى نهار ونهارى ليل ، وبأشوف النجوم فى عز الضهر.
نادى على المتهم :
يادى الحاجب على المتهم ، ونسمع خطوات أقدام ولا نشاهد أحدا
- إيه أقوالك يامتهم ؟
(لا نسمع شيئا ، ويقول مترجم اللغة العفاريتى الرسمى :
- المتهم يقول أن وظيفته فى هذه الدنيا هو أن يركب البنى آدمين ، لذلك لا يحق للمدعو عبد العظيم أن يحتج ، فالمنافسة بين الإنس والجن لن تنتهى.
ويقول القاضى:
- يعنى المتهم معترف بجريمته؟
(ويرد المترجم العفاريتى مرة أخرى)
- أيوه معترف
(يتشاور قضاة الإنس مع المقعد الخالى فيما يفترض أن القاضى الجنى يجلس عليه ، ويقول رئيس المحكمة):
- حكمت المحكمة حضوريا وبأغلبية الأعضاء على حبس المتهم المواطن العفريت زربحان طاكشان الجندوفلى بالحبس فى قمقم نحاسى لمدة ثلاثة آلاف سنة مع النفاذ.
نسمع هتاف المواطن الإنسى عبد العظيم الشامى :
- يحيا العدل.
.....
(لمن يريد مشاهدة العفاريت على الإنترنت ، ما عليك إلا أن تذهب إلى موقع يوتيوب وتكتب بالعربية فى خانة البحث (الجن) وسوف تشاهد العجب العجاب ، وربما تشوف النجوم فى عز الضهر)
http://www.youtube.com/watch?v=Xb-_22MTDnM
وربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم !!
samybehiri@aol.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف