حماس وفتح وكرسي ملطخ بدم الشعب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
فتح وحماس وبينهما كرسي الحكم الوهمي، مثلث المستحيل، تئن إضلاعه غضب في غضب، كنا نظن أن الاقتتال بينهما مجرد حدث عابر، رد قاسي عشوائي على الأكثر بين فصليين سياسيين متنافرين في رؤى العمل السياسي ومهمة التحرير، كنا نظن أن صدامهما سينتهي بعد ساعات، كنا نظل كل ما سبق، قبل علمنا أن "النار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله"، بل أن رائحة غير مريحة باتت تفوح في أزقة غزة والضفة الغربية، بطلها الاقتتال، أحداثها وراء الكواليس ، وإبطالها قتلة ومقتولين وأبرياء وسياسيين.
وها هي الأيام تمر، ونحن دائخون بين حماس وفتح، فمتى تستيقظان؟
متى تستيقظان؟ أكرر سؤالي مرتين، لأننا أصبحنا أينما تقودنا أقدامنا، تنزكم أنوفنا برائحة التدمير الذاتي.
فشلت البندقية في تحرير الأرض، فتوجهت للداخل، لصدور الأخوة، ألم نقل "أن النار تآكل نفسها إن لم تجد ما تأكله"،
حكاية السلطة الوهمية لا تنته، رعب فتح وحماس يتواصل، والضحية في كل الصور شعب فلسطيني أرهقته حياة أسهلها الصعوبة.
تفاصيل الأماكن تتحدث عن جرائم بحق "الشعب الغلبان". في صراع متواصل على سلطة منقوصة السيادة ولا حرج إن قلنا منزوعة حتى من سيادة نفسها. فلم تبق إسرائيل لها من عناصر القوة شيئا، وحكومة مجردة من كل الإمكانيات، يسمونها "حكومة وحدة وطنية" دون أن يوضحوا للشعب ما هي الوحدة التي يتحدثون عنها في ظل كل هذا الاقتتال، وما هي الوطنية التي يرونها عندما يقتل الأخ أخاه في شوارع غزة.
المشهد في غزة مرعب، وبرأيي لا يوجد ضحية وجلاد هناك، فالكل يجلد نفسه أولا، وطرفي الصراع (فتح وحماس) كلاهما جلاديين لشعبهم.
في المشهد تفاصيل كثيرة، أقلها أن صراعا بدأ منذ نحو عام كامل يتوقف حينا ويثور حينا آخر لا يمكن إلا أن تكون أطرافا خارجية تحركه. فلكل من الطرفين جهات خارجية تدعمه. فحماس التي تساندها إيران وسوريا والتي نسيت ربما "أن القاتل والمقتول في النار" تمارس القتل في غزة، وفتح التي تتغنى بإطلاق شرارة الثورة تمارس القتل ذاته وبعلم أو بغيره حتما هناك من في الخارج لتحريضها على مواصلة القتال.
ويبدو أن القيادة في طرفي الصراع لم تعد قادرة على ضبط عناصرها سواء بقصد أم بغيره. فلا تكاد الحركتان توقعان اتفاقا لوقف إطلاق النار حتى تخرق رائحة البارود كل الاتفاقيات وتعود الجثث والأشلاء للانتشار مجددا في الطرقات.
ويبقى هناك أسئلة تطرح نفسها وفي المقابل يطرحها كل فلسطيني على من هم مسؤولون عنه "هل كانت الثورة الفلسطينية لنصل إلى هذا الحد من الإجرام؟، ألم يكن حلمنا دولة فلسطينية مستقلة؟، وربما نجد هناك من يحمد الله على نعمة عدم إقامة الدولة حتى الآن، فإذا كان كل هذا الدم يسيل على سلطة وهمية فما بالك لو كان لنا دولة مستقلة، حتما لن يبق هناك شعب فكله سيتحول إلى جثث.
أرى أن الوقف النهائي للاقتتال لا يمكن أن يكون إلا بزوال أسبابه، فطالما كل هذا القتل هو على السلطة لم لا نحل هذه السلطة الوهمية ودون أي سيادة وإجبار الاحتلال الإسرائيلي على تحمل مسؤولياته.