كتَّاب إيلاف

ذبحستان: فسروا الكارثة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تحية إلى عبد الباري عطوان

النكبة الثانية التي تحقق على أيدي حماس في غزة، التي سرعان ما ترجم اسمها إلى "غزستان" و"حماستان". ولكني أفضل "ذبحستان" لأنه أسم أكثر انطباقاً على الطينة الثعلبية والدموية للمتأسلمين، الذين ينطبق عليهم قول الباري "إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون" إلى يوم الدين. كل ما ارتكبته كتائب القسام في غزة من مذابح ومقاتل وجرائم يندي لها جبين كل مسلم، بل وكل إنسان تنطبق عليه هذه الآية الكريمة، بل الآية المعجزة حرفاً بحرف. لأنها قبل أكثر من 14 قرن تنبأت بما سيفعله ملوك وكتائب القسام بإخوان لهم في الدين والقضية والوطن. والملوك الواردة في الآية المعجزة لا تعني ملوك العروش، بل تعني الجبابرة أصحاب الخناجر والبنادق والفؤوس لتكسير الرؤس.
رأينا كيف أن ثعلب "النهضة" التونسية قد حرض على هذه المذابح قبل وقوعها( برجاء العودة لمقالي المنشور في إيلاف بعنوان: ثعالب المتأسلمين تجندوا: لتقويض حكومة الوحدة الوطنية، المنشور بتاريخ 10/6/2007) فطالب مجرمي كتائب القسام بعصيان قادتهم المعتدلين ووضعهم أمام الأمر الواقع منادياً بأعلى صوته للفتنة بين أخوتنا الفلسطينيين الذين لا يكفيهم أن يقتلهم الجيش الإسرائيلي بل يلزمهم أيضاً أن يقتلوا بعضهم :"لا شك أننا نشهد جيلاً جديداً في "حماس"جيل لا يقبل أبداً أن يعيد اجترار تجربة عام 1996 عندما كانت السلطة الفلسطينية تعتقل من يقومون بالعمليات الانتحارية من وراء ظهرها لنسف اتفاق أوسلو الذي وقع عليه الشهيد أبو عمار. وكان الثعلب يتمني لو أن كتائب القسام اغتالوا قيادة السلطة الفلسطينية التي كانت تمنعهم من تنفيذ هذه العمليات الانتحارية ضد المدنيين اليهود التي لم تجلب للشعب الفلسطيني إلا المزيد من العذاب وخسران الرأي العام العالمي. ويضيف الثعلب الدموي :"ومن الواضح أن هذا الجيل إنما يقطع أول ما يقطع مع صيرورة التجربة الإخوانية المريرة، التي تتلذذ بعيشة الضحية ومنطق الثكلي والنائحة. تلك المدرسة الإخوانية التي تتراجع كلما تقدم خصومها نحوها، فلا خصومها يوقفون توغلهم، ولا هي توقف تراجعها وتدافع عن حرماتها"(القدس العربي 26/5/2007) وهكذا يدعو قتلة القسام إلى خوض الفتنة بين إخوة السلاح الفلسطيني حيث"القاتل والمقتول في النار" كما يقول الحديث الشريف قائلاً:"إن حماس مطالبة بأن تخضع السلطة لنظام الشرعية (...) وأن تضرب باسم الشرعية على أيدي الفاسدين والمارقين واللصوص ومصاصي دماء الشعب وسماسرة بيع الحقوق والثوابت الوطنية... وحماس إذا فعلت ذلك فإنما تضرب بسيف الشرعية". وها هم قتلة القسام يطبقون الوصفة الإجرامية فيضربون إخواتهم بالسيف وأي ضرب وأي سيف... إنه سيف إيران التي تريد منع التقدم إلى حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي قبل أن تتعهد لها الولايات المتحدة ببسط نفوذها على العراق. وقد صرح الأستاذ ياسر عبد ربه مستشار الرئيس أبو مازن لإذاعة الشرق (25/5/2007) "أن إيران بدعمها لحماس بالمال والسلاح تريد تخريب الوضع الداخلي الفلسطيني". والآن لنقارن تحريض ثعلب "النهضة" على الفتنة بالموقف الشريف الذي وقفه الأستاذ عبد الباري عطوان رئيس تحرير جريدة"القدس العربي" سواء اختلفت معه في بعض المواقف، أو اتفقت معه في بعض المواقف، سنجد عنده دائماً النزاهة الفكرية والشجاعة الفكرية والإستماتة في الدفاع عن القضية الفلسطينية والعربية والإسلامية، وأكثر من ذلك فقد جعل من جريدته منبراً لجميع مدارس الفكر السياسي والفلسفي والديني والأدبي والفني. وقد استغل ثعلب المتأسلمين هذا الإنفتاح فراح ينفث سمومه للتحريض على الفتنة بين الإخوة الفلسطينيين وبين العرب والمسلمين معتبراً الحداثة السياسية والدينية والشعرية... التي هي خشبة خلاص أمتنا من التخلف والموت "خطراً" ما بعده خطر على العقيدة السلفية التي عرفها الثعلب:" أمام النص نقول سمعنا وأطعنا"نستمع إلى صوت الأستاذ عبد الباري عطوان يندد بالفتنة ويجرّم كتائب القسام على الجرائم التي ارتكبتها ضد أعضاء فتح وإخوتهم في السلاح كتائب الأقصى الذين ألقوا بأحد قادتهم من 20 طابق بعد أن أطلقوا الرصاص على ركبته. يقول الأستاذ عبد الباري عطوان سلمت يداه في افتتاحيته "حكومة"حماس" في غزة":"ما يحدث في قطاع غزة حالياً هو قمة الجنون والحسابات الخاطئة من الطرفين"نعم من الطرفين فقادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية مثل محمد دحلان ارتكبوا أخطاء فادحة ومظالم يندى لها الجبين. لكن ثعلب "النهضة" لا يري إلا الصواب، كل الصواب،مع كتائب القسام والإجرام كل الإجرام، والخيانة كل الخيانة، في صفوف فتح...وهي أفضل وصفة للفتنة بين إخوة السلاح. ويضيف الأستاذ عبد الباري عطوان:" الشعب الفلسطيني يعيش حالة هي مزيج من الرعب والإرهاب والقرف، ولو فتحت له الحدود والمعابر لهرب إلى مصر بل وإلى الدولة العبرية طلباً للأمان". من مذابح كتائب القسام الذين طلبت منهم ثعالب المتأسلمين أن "يضربوا بسيف الشرعية" إخوتهم في فتح !!! وفي افتتاحية أخرى بعنوان "نعم فقدنا احترام العالم" (القدس العربي 18/6/2007) كتب مفكرنا السياسي اللامع عبد الباري عطوان :"أثبتت أحداث الأيام الماضية أن الفلسطينيين فقدوا تعاطف العالم بأسره، وظهروا بمظهر ينطوى على الكثير من الهمجية وقصر النظر والطفولة السياسية المحضة. وبات من الصعب على الكثير من الفلسطينيين، ونحن منهم،الظهور على شاشات التلفزة العربية والعالمية والحديث عن الجرائم الإسرائيلية بالحماس والموضوعية التي كانوا يتحدثون بها قبل هذه الأحداث الوحشية المؤسفة". نعم معك ألف حق أستاذ عطوان فوحشية كتائب القسام ضد إخوتهم من الفلسطينيين فاقت ألف مرة جرائم الجيش الإسرائيلي. صحيح ما تقول يا أخي عبد الباري عطوان:"فلم يخطر ببالنا أن نري فلسطينيين يقذفون بآخر من الدور العشرين حياً إلى حتفه، ولم نتصور في يوم من الأيام أن نشاهد أناساً ينقضون على مسؤول من الطرف الآخر بالسكاكين ويقتلونه حياً ثم يسحلون جثته في الشوارع". لكن نسيت أخي أن ثعلب "النهضة" قد افتى لهم ولغيرهم من المتأسلمين بذلك، بل وبما هو أفظع من ذلك عندما قال لهم أن قانون الثورات الأبدي هو :"أن جميع الثورات تكون في بدايتها دموية" متناسياً أن أكبر ثورة في تاريخ البشرية هي "فتح مكة" الذي رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم، إراقة قطرة دم واحدة فيها. وقال لأعدائه، كفار قريش، الذين طالما عذبوه"اذهبوا فأنتم الطلقاء". معك ألف حق أخي عبد الباري كتبت:"أخلاق الإسلام وتعاليمه السمحاء لا تبيح اقتحام بيوت الطرف الآخر ونهبها ثم احراقها، والدوس بالأحذية على صورة الرئيس الراحل ياسر عرفات، وإغلاق جميع الإذاعات، واقتحام نقابة الصحفيين، وتصفية الخصوم جسدياً، وتجريد بعضهم من ملابسهم وأمرهم بالخروج عرايا إلا من ملابسهم الداخلية كما فعل الإسرائيليون بحراس سجن أريحا...". نعم هذه الدكتاتورية السوداء التي فرضتها كتائب القسام هي لب مشروع المتأسلمين الذين يعتبرون كل صوت مخالف "كافر" "ويضربون عنقه بسيف الشرعية الوطنية"!!!. ويقارن الأستاذ عطوان بين حكم فتح وحكم حماس مقارنة دقيقة قائلاً:" في ظل السلطة الفلسطينية ظلت إذاعات فصائل المقاومة تمارس عملها دون أي انقطاع، وكذلك محطات التلفزة أو معظمها وتطوف المظاهرات في الشوارع بكل حرية، وتحت حماية رجال الأمن في بعض الأحيان [كما في أكثر بلدان العالم حضارة وديمقراطية] ولكن الآن في زمن الشرعية الديمقراطية كان أول قرار جرى اتخاذه بعد الإستيلاء على قطاع غزة هو إغلاق الإذاعات واقتحام نقابة الصحفيين ومطاردة الصحفيين وممارسة أبشع أنواع الإرهاب... ضد كل من يختلف حتى في الهوامش مع الحكام الجدد،فالشيء الوحيد المسموح به هو مباركة كل هذه التجاوزات". نعم أخي عطوان، لكنك نسيت أن هذا حدث في كل بلد دخله "ملوك" المتأسلمين سواء في إيران، أو السودان، أو أفغانستان طالبان... وكانت ثعالب المتأسلمين تفتي لهم دائماً بإراقة مزيد من الدماء... لإشباع تعطشهم السادي للدم المهدور."إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وكذلك يفعلون" إلى يوم الدين.و الملوك في الآية الكريمة هم "الجبابرة" العطاشي للدم،والمرضي بحب الثأر الجاهلي، وحروب داحس والغبراء، من أجل ناقة جرباء... لقد عادت بنا كتائب القسام إلى الجاهلية الأولي ... ودليلهم ثعلب يرافقه غراب بحثاً عن جثث القتلي الفلسطينيين "بسيف الشرعية" والشريعة كمان !!! وكما قال الشاعر:إذا كان الغرب دليل قوم/ فبشرهم بالخراب.
الأستاذ عبد الباري عطوان، لا شك أنكم تعرفون أكثر مني أن ما حل بأمتنا اليوم في غزة وربما غداً في الضفة الغربية، وبعد غد في لبنان هو أم الكوارث. وستتضاعف أم الكوارث إذا تصرفنا كأن ما حدث شيء عارض، وسحابة صيف. دون أن نبحث جميعاً يسار ويمين ووسط إلى آخر الطيف السياسي والفكري والديني والإعلامي والأدبي في أسباب فاجعة غزة القريبة والبعيدة، الدينية والسياسية والعسكرية، ونحاول استشراق نتائجها وتلافي هذه النتائج، أو بعضها على الأقل. هذه المهمة مطروحة عليكم أولاً كفلسطيني عاش ويعيش مآسي شعبه كما لو كانت مآسي عائلته الصغيرة، وليس كمن ينتحل صفة "فلسطيني" كاذباً، بقصد إشعال نيران الفتنة بين الفلسطينيين ليتفرج عليهم بالنظارات من شقته الفاخرة في لندن،وثانياً كإعلامي مرموق، وثالثا كسياسي قادر على البحث عن الداء والدواء. عملياً أقترح عليكم إقتراحين، الأول دعوة 50 مثقف عربي وإسلامي وحتى أجنبي من أصدقاء القضية إلى مؤتمر في لندن تحت إشراف القدس العربي. ثم تنشرون نتائج أعماله في القدس. وثانياً أن تدعو من الآن المثقفين إلى الكتابة يومياً في صفحة أقترح عليكم أن يكون اسمها "النكبة الثانية: الأسباب والنتائج" وتبقى الصفحة مفتوحة لمساهمات المثقفين والمواطنين البسطاء لعلكم بذلك تساهمون في مساعدة أمتنا المنكوبة بمتأسلميها للخروج من هذه الحفرة المفخخة التي سقطتت فيها في "ذبحستان". التي قد تتناسل في كل مخيم فلسطيني، وحتى في كل بلد عربي وإسلامي، ليصلي علينا العالم صلاة الجنازة، ونكونوا أول أمة انتحرت لأول مرة في التاريخ.
Ashraf3@wanadoo.fr

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف