كتَّاب إيلاف

من فضلكم: نريد إعلاما بلا قضية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في حديث لأحد الناطقين باسم حركة حماس وضح أن سر (نجاح) قناتهم التلفزيونية، أن القائمين عليها جميعهم من الشباب الذي "يؤمن بقضيته"، وقد وضع هذا الرجل أصبعه على العلة الأساسية في الاعلام العربي، حيث كل من لديه قضية يطلق قناة تدافع عن قضيته وكل قناة لها قضية واضحة أو مخفية، حقيقية أو وهمية تعمل في محورها وتسخر امكانياتها لخدمتها حتى ضاعت الحقائق وتشوشت الرؤية وانتشر الردح والتخوين وتغييب الحقائق وانتقائها وبقية مقتضيات(الدفاع)عن القضية منذ اهداء القوات الأميركية للعراق الحرية الاعلامية، نبتت عشرات القنوات التي تخدم كل واحدة منها (قضية) فئة معينة سياسية أو دينية أو أيديولوجية أو حزبية دون غيرها، وفي لبنان لكل طائفة ولكل حزب قناته التي تغني على ليلاه، وهذه القنوات يمكن أن نطلق عليها قنوات حزبية أو أبواق دعائية لكنها بالتأكيد ليست قنوات اعلامية كما يفترض أن يكون عليه الاعلام، وقبل فترة شاهدت لقاء مع أحد اعلاميي هزيمة 67وكان يتحدث باقتناع تام وبايمان شديد بأن تزوير الحقائق يومها وأخبار اسقاط الطائرات الاسرائيلية كان بهدف خدمة (قضايا)العرب والحفاظ على معنوياتهم.
أيضا تقديم (قضايا)أخرى على حرية الاعلام ومهنيته هو الذي يجعل قناة كبيرة مثل (سي ان ان) تقدم بثا عالميا مهنيا lsquo;بينما نجدها في الداخل الأميركي تقدم بثا مختلفا فيه الكثير من التعتيم على الاخفاقات الأميركية في العراق و عدم بث صوروأخبار القتلى في الصفوف الأميركية، واذا كانت قنواتنا العربية يستطيع أي مشاهد مبتدئ أن يعرف أجندة كل قناة فهذه (للدفاع عن المقاومة)وتلك (لكشف الحقيقة)والثالثة (لنصرة قضايا الأمة)والأخرى (لتطوير العقلية العربية) والأخرى (لحماية نظام معين)....الخ...لكن من منا يستطيع أن يقول ماهي قضية قناة عريقة مثل (بي بي سي) البريطانية باستثناء تقديم عمل اعلامي متقن ومميز؟ لنجرب أن يكون اعلامنا بلا قضية، ورغم أن مثل هذه الكلمة قد تكون وقحة في نظر البعض، الا أنها الطريقة الوحيدة التي نستطيع من خلالها أن نبدأ بتغيير مفهومنا لمهمة الاعلام وتحريره من القضايا التي تثقل كاهله وتدفعه الى الانتقاء وتغييب الحقائق وأن يكون ملتزما فقط (بأم القضايا)وأهمها في الاعلام كالالتزام بالحيادية والمصداقية والمهنية فهذه وحدها هي القضايا التي تستحق أن يلتزم بها الاعلامي وهي في النهاية التي ستفند (القضايا)الحقيقية من الأخرى المصطنعة
والمزورة.
thepuzzle3@hotmail.com


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف