كتَّاب إيلاف

حتى لا يتحول الإسلام إلى Cult

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

كثيرا ما أتساءل لماذا أستمر فى الكتابة وخاصة أنها ليست مهنتى، ولا أتكسب منها مليما أحمرا؟ وأنا أكتب لقوم لا يقرأون عادة، وكما قلت من قبل أن معظم من يقرأون هم من الكتاب سواء الكتاب الهواة أو المحترفين، وللأسف وجدت من خبرتى أن بعض الكتاب الهواة يقرأون أكثر من الكتاب المحترفين، وأعظم كتاب العربية (نجيب محفوظ) لم يستطع التكسب من الكتابة، وظل يعمل موظفا حكوميا حتى طلوعه على المعاش، لذلك ليس هناك أى أمل لدى على الإطلاق فى أن أتعيش من الكتابة، اللهم إلا إذا قررت أن أبيع قلمى لمن يدفع، هذا شئ لم أفعله، ولن أفعله فى المستقبل القرى، اللهم إلا إذا كان بيع قلمى (يجيب أكثر من مليون دولار) ساعتها ربما أفكر فى عرض البيع، وربما أقوم بعمل مزاد لكى أبيع لمن يدفع أكثر، ولا أرى أن هذا اليوم بقريب، لذلك سوف أستمر فى عملى كمهندس، حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا، والتوقف عن الكتابة سوف يحقق لى فوائد عديدة من بينها:
أولا: التخلص من سخرية و(زن) زوجتى علىّ وقولها دائما لى : "إن شاء الله تقدر تشترى لى خاتم ألماظ، أو عقد لولى بعد كل الكتابة إللى مقطعة بعضها دى" ودائما أرد ردودا تقليدية خائبة، تدل على (قصر الديل ياأزعر) مثل أن أقول: "الفلوس مش حاجة يامدام" أو أن أقول :"أنا بأكتب للأجيال القادمة" وكلام كبير من هذا القبيل.
ثانيا : سوف يتوقف سيل شتائم القراء إبتداء من إتهامى بالتأمرك وإنتهاء بالصهيوينة ومرورا بكتاب المارينز.
ثالثا: سوف تتحسن علاقتى مع عائلتى فى مصر، والتى أصبح البعض منهم يتبرأ من كتاباتى، ومنى أنا شخصيا، عندما يقولون :"أن سامى البحيرى هو من فرع تانى من عيلة البحيرى وما نعرفوش".
رابعا: سوف أجد شيئا مفيدا أفعله فى وقت الكتابة مثل أن أمضى وقتا أطول مع بناتى أو أن أذهب لممارسة الرياضة أو أن أستلقى مثل زكيبة البطاطس أمام شاشة التليفزيون أشاهد قناة لهلوبة الفضائية وأصاب بتخلف عقلى لذيذ، فالجهل (نورن) أحيانا.
خامسا: سوف أوفر كثيرا من إستهلاك الطاقة بتوفير الساعات التى أقضيها أمام الكومبيوتر للكتابة، مما سوف يساهم فى الإقلال من ظاهرة الإحتباس الحرارى فى العالم.
سادسا: سوف يتحسن الوضع الرأسى لعمودى الفقرى، وسوف يقل الضغط على الفقرات بعد أن أتوقف عن الكتابة والجلوس بالساعات على الكرسى.
سابعا: ربما يبعث توقفى عن الكتابة السرور فى نفوس بعض الأخوة الأعداء والذين يكرهون مقالاتى.
والسؤال هو : لماذا إذن أكتب، إن كان التوقف عن الكتابة له كل المميزات المذكورة عاليه ؟ ولاأخبى عليكم إن ذكرت أننى بدأت الكتابة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وقررت أنه لا بد من محاولة إضاءة شمعة بدلا من أن ألعن الظلام، حتى لو كانت شمعتى لا تضئ إلا قليلا.
ولقد نشأت فى ظل تربية دينية حيث كان والدى رحمه الله رجلا أزهريا يرتدى الزى التقليدى لرجال الأزهر، وكذلك كان عمى رحمه الله إستاذا فى كلية اللغة العربية بالأزهر، وكان كلاهما يخطبان خطب الجمعة فى المساجد تطوعا، ونشأت محاطا بكتب الدين والفقه والحديث والشعر قديمه وحديثه، ونشأت أقرأ القرآن وأطالع فى مختار الصحاح والقاموس المحيط للبحث عن عويص الكلام عندما أقرأ شعر أبى العلاء أو المتنبى ، وكنت أجلس أمام والدى لكى يسمع لى القرآن، ونشأنا على حب الفضيلة وكراهية الرذيلة وكان هذا بإختصار فهمنا للدين، وكان والدى رحمه الله يقول لى النصيحة الخالدة : "لا تضع نفسك فى موقف تخجل فيه من نفسك أمام الله أو أمام والديك"، وكنا نذهب للمصيف إلى رأس البر، وكان والدى ينزل البحر بلباس البحر، وكانت شقيقاتى يرتدين الملابس العادية المحتشمة بدون لا حجاب ولا نقاب. وكنت أناقش والدى فى كل الأمور والتى تصل إلى أساس العقيدة بما فيها : "من خلق الله؟"، وكان يسمع إلىّ بإهتمام، وعندما كنت أخرج عن معقول المناقشة والحجة (وكنت أفعل هذا كثيرا)، كان يطلب لى الهداية، لم يتبرأ منى أو يتهمنى بالزندقة، ولم يكن يتعجب عندما كنت أقرأ لزوميات أبى العلاء، لأنه هو الذى إشتراها رغم أن أبى العلاء قد إتهم بالزندقة منذ ألف عام ولكن لم يقتله أحد بتهمةالتفكير.
ومنذ نجاح ثورة الخمينى فى إيران أخذ بعض غلاء التطرف يحاولون تحويل الإسلام إلى (كلت)، وأخذ العديد من أئمة المسلمين وأدعياء التدين يزرعون الحقد والكراهية فى نفوس الشباب، وبلغت ثقافة الحقد منتهاها بجريمة 11 سبتمبر والتى وجدت من يرقص لها ويزغرد ويوزع الشربات والحلوى إبتهاجا بقتل الأبرياء، لذلك كان لا بد أن أكتب دفاعا عن الإسلام والذى تعلمته من والدى رحمه الله:
أولا: كان لا بد أن أكتب عندما لا حظت أن أحفاد والدى أقل تسامحا ويسرا من جدهم.
ثانيا: قررت أن أكتب لمحاولة نشر ثقافة الحب والتسامح، بدلا من ثقافة الكراهية والإنتقام.
ثالثا: كان لا بد أن أكتب حتى تتم هزيمة الإرهاب المتمسح بعباءة التدين بكل أشكاله.
رابعا: كان لا بد أن أكتب لإستعادة الدين والذى إستطاعت طائفة من المتطرفين والمشعوذين (فى غفلة من الزمن) إختطافه بغية الوصول إلى الحكم وللتحكم فى رقاب العباد.
خامسا: لا أريد أن يصبح الإسلام عدو الإنسانية كما كانت نازية القرن العشرين، لذلك قررت أن أكتب.
سادسا: لا بد أن يصحو الشباب من غفوتهم ومن خدرهم المغناطيسى والذى حولهم إلى آلات قتل فى أيدى الأفاقين وأدعياء التدين والذين يرسلون أولاد الناس الغلابة للإنتحار بينما يختبئون هم فى حصونهم المشيدة، لذلك قررت أن أكتب لإيقاظهم من هذا التنويم المغناطيسى.
سابعا: أنا أعتز بكون ديانتى الإسلام، ولا أريد أن أطارد فى كل أرجاء المعمورة بسبب إنتمائى لتلك الديانة.
ثامنا : أريد أن يصحو شباب الإسلام ويدرك أن العدو الحقيقى هو فى داخلهم، والجهاد الأعظم هو الجهاد ضد هذا العدو داخل النفس.
وسواء فشلت أم نجحت فسوف أقول كلمتى والله المستعان بعد ذلك، لذلك أبشر الأخوة الأعداء والذين يتمنون أن أتوقف عن الكتابة، وأقول لهم: "قاعد على قلبكم لطولون"!!.

* تعريف: Cult حسب أحد القواميس الإنجليزية:
ldquo;A religion or religious sect generally considered to be extremist or false, with its followers often living in an unconventional manner under the guidance of an authoritarian, charismatic leader.rdquo;
للأسف بحثت ولم أجد كلمة عربية جيدة لتلك الكلمة الإنجليزية، وجدت فى قاموس إنجليزى عربى ترجمة بمعنى "طائفة دينية"، وهذه ترجمة ناقصة، فالكلمة كما أفهمها تعنى :"مجموعة من المهوسين دينيا، ويؤمنون أنهم يملكون الحقيقة وحدهم وكل من عداهم باطل، وينتحرون أحيانا ". فأرجو من بعض القراء المتبحرين فى اللغة العربية أن يذكر لنا كلمة عربية بهذا المعنى.
samybehiri@aol.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف