كتَّاب إيلاف

تصفية حسابات أو فناء شعب وتفكيك وطن؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

جاء في صحيفة "واشنطن بوست" عن رئيسة صندوق السلام بولين بيكر: "إن العراق يغرق بسرعة". تكملة لما ورد في تقرير الصندوق الذي ترأسه ونشرته مجلة فورين بولسي كدراسة تفصيلية معززة بالأرقام عن "الدول الفاشلة" في العالم، ومرتبة بحسب الدول الأكثر فشلا، بناء على معايير سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية, حيث جاء العراق في المرتبة الثانية بعد السودان. وأوضحت الدراسة بأن التمزق الداخلي والتدخل الخارجي هما السبب في وصول العراق إلى حالته الراهنة. أعتقد بان التمزق الداخلي جاء لسببين؛ الأول ما خلفه النظام السابق من شرخ واسع في نسيج المجتمع العراقي الذي توسع بعد سقوطه. نجح صدام حسين في تصفية جميع أعداء السلطة، إلا أنالكثير من عناصر الأجهزة القمعية والأمنية وإفراد جيش القدس وفدائي صدام وغيرها تحولوا بسهولة من جبهة إلى جبهة أخرى منضوين تحت لواء مليشيات مختلفة كجيش المهدي وقوات بدر وجيش محمد وثورة العشرين وغيرها.والثاني جاء نتيجة التدخل الخارجي، ولكن ليس هناك ادني شك بان عامل التدخل الخارجي يقف في المرتبة الأولى لما وصل إليه الوضع العراقي الحالي, غير ناسين الاعتراف بان العراقيين أنفسهم ساعدوا لحفر خنادقه وتبليط الطرقات لفرقه وتشيد العمائر لسكن صنائعه، حيث أكد فنسنت بروكس نائب القائد العام للقوات الأمريكية فى بغداد فى مؤتمر صحفي عقده،يوم الخميس 28 حزيران الماضي أن بعض القوى السياسية العراقية لها أجندة عسكرية وتقوم بتنفيذ العديد من العمليات المسلحة بغطاء سياسي من خلال ميليشياتها، وهذا يزيد الوضع الأمني تعقيداً و إن الصراع السياسي بين قادة الحكومة العراقية له تأثير سلبي كبير على الوضع الأمني في العراق وبالأخص في العاصمة بغداد.
إن الكثير من الدول التي وقفت بشكل من الأشكال في عدم إطاحة نظام صدام حسين تقف اليوم بكل قوة، ليس فقط من اجل إيقاف مشروع تحرير الإنسان العراقي من التسلط الفردي والحكم القبلي والتسلط الطائفي والعمى القومي وإنما صنعت في العراق أكثر من سياسي متسلط وساعدت على إقامة أوسع من عصبة قبلية وطائفية وقوّت شوكة النعرة القومية المتطرفة. فبدل جهاز ولائه للنظام أصبحت في العراق الآن عشرات الأجهزة والمليشيات التي ولائها للأحزاب، ولم تسلم الأجهزة الأمنية من الولاء الحزبي على حساب الوطنية العراقية. ففي العراق جهازين للاستخبارات واحد وطني الولاء والثاني تابع ل" إطلاعات" الإيرانية. وغدا العراق حقل تدريب أجهزة استخبارات الدول حتى الصغيرة منها. فبعض دول الخليج التي وقفت مع نظام صدام حسين وقوت عوده، تساعد اليوم مخلفاته على أسس، في مقدمتها النزعة الطائفية. إن تلك الدول تحد سكين ذو حدين تذبح العراقيين به، ولكنها ستذبح به هي أيضا. فالنعرة الطائفية والسكوت عن شيوخ التكفير والعداء للآخر في مناصرة عصابات القاعدة ودعمها معنويا ورفدها بالمال سوف لن يبقي جرائمها محصورة في العراق لأنها ستطيلها ورعاياها حتما. وعدم الوقوف مع العراق في حربه ضد الإرهاب والسكوت على تدخل دول الجوار سيحرقها أيضا. قال رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي, الخميس 28 حزيران الماضي، إن اعترافات أدلى بها مؤخرا معتقلون ينتمون لتنظيم القاعدة في العراق كشفت عن "مخطط واسع وخطير" يعد له هذا التنظيم لاستهداف عدد من الدول التي تعاني مشاكل دينية وطائفية لإثارة الفتنة فيها باعتبارها مناطق رخوة وهشة وغير متماسكة اجتماعيا من اجل تعميم حالة الإرباك الأمني فيها. إن في طليعة الدول التي تخوض حربا على الأرض العراقية بحجة محاربة الأمريكان ويذهب ضحيتها الشعب العراقي ومستقبله هما إيران وسوريا. إن كلا النظامين ليس مارقان فحسب، وإنما قنابل موقوتة لتهديم الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط، ليس في الوقت الحاضر وإنما على المدين القريب والبعيد لأنهما ما زالا مستمران في سياستهما شعل حروب في دول مختلفة كما هو الحال في العراق وفي فلسطين وفي لبنان.
كتب مايكل هيرش بمشاركة باباك بيروز في طهران ومارك هوزنبول في مجلة نيوزويك بتأريخ 25 حزيران الماضي مقالا تحت عنوان " الإيرانيون فقدوا ثقتهم بالملالي " جاء فيه :" على الرغم من أن الثورة كبحت الكثير من إفراطاتها، أصبحت ذات طابع مؤسساتي. إنها مظلة قديمة ومألوفة للقمع الذي يقف الآن على مسافة بعيدة بما يكفي ليحظى بالقبول. لكن يستطيع رجال الدين الذين لا يزالون يسيطرون على إيران أن يفسدوا حياة المرء في أي وقت، ومن دون الاحتكام إلى القانون". لذلك فالإيرانيون مصممون على كسب الحرب مع قوات التحالف في العراق بكل الوسائل الشريفة منها وغير الشريفة، من اجل تأخير لحظة سقوط نظام الملالي في طهران ولذلك يبقى العراق خط الدفاع الرئيسي والدرع الواقي لجسد النظام الإيراني. وهذا ما يدفع الإيرانيين للتعاون والتنسيق مع أشد أعدائهم ( التكفيريين من أهل السنة، القاعدة وغيرها) على أساس مبدأ الغاية تبرر الوسيلة. وليس غريبا أن يكشف النقاب أيضا عن تعاونهم مع مخلفات النظام الساقط في بغداد. تمكن نظام طهران أن يكون له الصوت المؤثر في العملية السياسية العراقية, أن لم يكن الأقوى أيضا في الحكومة, وعن طريق قائمة "الائتلاف" وكذلك أيضا على الأرض . هناك ثمة مثل روسي يقول :" أن في كل دعاية جزء من الحقيقة ", وعلى الرغم من نفي إيران عن عقد اجتماع بين الحرس الثوري وحركة طالبان الأفغانية ومسئولين في تنظيم القاعدة في مدينة مشهد الإيرانية لتسهيل دخول عناصرها إلى أفغانستان والعراق لمحاربة قوات التحالف فيهما, عن طريق إصدار جوازات سفر إيرانية على اعتبار أنهم من عرب الأهواز وهؤلاء خبراء في أدوات التفجير والتلغيم، فأن الدلائل تؤكد ابعد من ذلك. فقد أبلغ كبير المتحدثين العسكريين البريجادير جنرال كيفين برجنر مؤتمرا صحفيا يوم الأربعاء الثامن والعشرين من حزيران الماضي بأن إيران تدرب إرهابيين في العراق وتساعد في التخطيط لشن هجمات هناك على الرغم من الضغوط الدبلوماسية التي تمارس عليها لحملها على تغيير سياستها. وان فيه أدلة جازمة على إن عناصر إيرانية تحمل الأسلحة وتدرب المقاتلين وتوفر الموارد وتساعد في تخطيط العمليات وإعادة تمويل الخلايا السرية التي تزعزع استقرار العراق، وأضاف: "نود كثيرا أن نرى تحركا من جانبهم للمساعدة في الإسهام في أمن العراق ولكننا لم نر هذا بعد". وفي الثلاثين من حزيران الماضي أعلن عن قتل 26 إرهابيا وإلقاء القبض على 17 آخرين في مدينة "الصدر" معقل عصابات ما يسمى ب "جيش المهدي" المرتبطة بإيران وان الإرهابيين جزء من خلية تهرب الأسلحة والمتفجرات الخارقة للدروع من إيران إلى العراق. وفي الوقت الذي ينفي فيه سياسيو العراق الجدد التدخل الإيراني في الشأن العراقي يلح اغلبهم على إجراء مباحثات حول العراق بين الولايات المتحدة وإيران، لماذا إذا؟ لكن عبد الكريم العنزي احد قادة الإتلاف ورئيس حزب الله العراقي يقول بان لديه مستمسكات على مساعدة سوريا للإرهابيين، ولكنه لا يملك أي دلائل عن تدخل إيران في الشأن العراقي.
ذكرت صحيفة الوطن السعودية بتأريخ السابع عشر من حزيران الماضي على تأكيد وزير الداخلية السعودي نايف بن عبد العزيز عن وجود معلومات لدى الداخلية السعودية حول وجود مطلوبين سعوديين لدى السلطات الإيرانية. وأضاف :" كنت قد كررت الطلب على السفير الإيراني عند لقائي به مساء أمس بتسليمهم"، مؤكداً أنه ليس من مصلحة إيران أن تكون مصدراً لإيذاء جيرانهم. ونحن نتحدث عن السعودية وعن كافة دول مجلس التعاون والذي نرجوه ونؤمله في الإيرانيين أن يكونوا مع من يمنع التدخل في الشؤون العراقية." وكانت الصحيفة قد كشفت عن التحقيقات التي أجريت مع عدد من المعتقلين السعوديين في العراق وآخرين تم تسليمهم للأمن السعودي من دول غير العراق أنهم تلقوا تدريباتهم في العراق على أيدي قياديين في القاعدة سبق لهم أن عملوا في إيران. وذكرت المصادر أن عدداً من المعتقلين السعوديين في العراق المنتمين لما يسمى بـ rdquo;القاعدة في بلاد الرافدينldquo; أو rdquo;الدولة الإسلامية في العراقldquo; اعترفوا بأنهم تلقوا تدريبات عسكرية في معسكرات تشرف عليها عناصر من فيلق القدس وهو الذراع ألاستخباراتي لحرس الثورة الإيراني، مضيفين بأن الذين يدربونهم من عناصر القاعدة كانوا قد أتموا تدريباتهم في معسكرات على الأراضي الإيرانية. وفي نفس السياق أكدت صحيفة "الصن" البريطانية يوم السادس والعشرين من حزيران الماضي بأن قوات إيرانية تُنقل عن طريق الجو بالمروحيات لمهاجمة الجنود البريطانيين في العراق.وأشارت الصحيفة إلى أن خبراء عسكريون وصفوا هذا التطور بالخطير ويعني أن بريطانيا في حالة حرب مع إيران على الأراضي العراقية في كل شيء إلا في الاسم. وأضافت "أن أجهزة الرادار لدى القوات البريطانية في العراق اكتشفت المروحيات الإيرانية وهي تعبر الحدود العراقية باتجاه الصحراء الفارغة. وأكدت مصادر عسكرية بريطانية بارزة ذلك. ونسبت الصحيفة إلى مصدر استخباراتي :"لدينا أدلة صلبة على أن الحرس الثوري الإيراني عبر الحدود لمهاجمتنا في العراق ونحن غير قادرين على الرد الآن وكل ما بوسعنا فعله هو الدفاع عن أنفسنا".
قال قائد القوات الأميركية في العراق دايفيد بيترايوس في مقابلة مع صحيفة التايمز أن مجموعة ممولة ومدرّبة ومسلّحة من قبل إيران هي المسئولة عن اختطاف خمسة بريطانيين مدنيين في العراق الشهر الماضي من داخل مبنى وزارة المالية في بغداد. ونشرت مجلة بروفيل النمساوية في عددها 25 في الثامن عشر من حزيران الحالي على الصفحة 34ـ35 تقريرا أكدت فيه بان خاطفي خمسة أشخاص أربعة مواطنين أمريكان و"بيرت نوسباومر" مواطن نمساوي, قامت بها عناصر المخابرات الإيرانية ونقلتهم إلى داخل إيران. واستندت المجلة على تحريات خبير وإعلامي عراقي من أن " المقاومة الإسلامية الوطنية في العراق " سرايا الفرقان التي اختطفت الخمسة كتبت كلمة صفوان بالسين وليس بالصاد كما يكتبها العرب على شعار المجموعة الخاطفة والذي ظهر خلف النمساوي في شريط فيديو تم بثه في الواحد والعشرين من شهر كانون أول الماضي والذي يؤكد بان كاتبه إيراني.
ان معركة نظامي ملالي طهران ودمشق ليست على جبهة واحدة هي العراق وإنما وسعتهما إلى لبنان وأخيرا فلسطين مؤشر على إمكانية نقلها إلى دول جوارها الأخرى. فقد حذر علي شمخاني كبير المستشارين العسكريين للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران في تصريحات لصحيفة "صاندي تايمز" البريطانية الأحد 10-6-2007 دول المنطقة من حرب شاملة تستهدفها إذا نفذت الولايات المتحدة أي هجوم على منشآت بلاده النووية.وأضاف شمخاني بأن دول الخليج ستكون هدفا للصواريخ البالستية الإيرانية وأن إيران لن تضرب القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة فحسب, بل ستستهدف أيضا أهدافا استراتيجية لدول الخليج.ولم يستبعد شمخاني في تصريحاته للصحيفة ضرب مضخات النفط ومحطات الطاقة في دول الخليج العربي في حال إقدام واشنطن على توجيه ضربة عسكرية ضد طهران. ولا يستبعد كاتب السطور أن تفعلها طهران دون إقدام واشنطن على عمل عسكري ضدها. لقد صرح مصدر في الخارجية الإيرانية إن الهدف سيكون شل النظام الدفاعي الأمريكي بإطلاق مئات الصواريخ بطريقة مفاجئة ومتسلسلة على أهداف إستراتيجية.وقال مسئول إيراني مطلع آخر، لصحيفة صنداي تايمز إن "خطة الثأر الإيرانية" ستنطلق خلال الساعة الأولى من الهجوم الأمريكي وسيرافقها المزيد من الدعم للمجموعات الموالية لطهران, وأضاف "ستفاجأ القوات الأمريكية بالقدرات الإيرانية كما تفاجأت إسرائيل بقدرة حزب الله في حرب لبنان الأخيرة." أن جميع تلك الوقائع تؤكد دون ريب إلى أن العراق وشعبه ووحدة ترابه هو المستهدف عبر تصفية حسابات دمشق وطهران مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي عموما دون ا ن يكون للعراقيين ذنب في ذلك.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف