كتَّاب إيلاف

الامم المتحدة اعترفت بلبنانية مزارع شبعا.. هل يقتنع اللبنانيون؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

اتى الكلام الفصل في قضية مزارع شبعا من الامم المتحدة التي استظل تحت رايتها العديد من الذين اعتبروا ان" السيادة اللبنانية على المناطق التي احتلتها اسرائيل في العام 1978 اكتملت باندحار اخر جندي في 25 مايو من العام 2000 ". يومذاك طولبت الحكومة اللبنانية بممارسة دورها وبسط نفوذ جيشها على كامل الاراضي اللبنانية، وتعالت الاصوات الجازمة بـ"الدليل والبرهان وبخرائط(؟؟؟) ان المزارع ليست لبنانية، و لا شرعية للمقاومة في هذه الارض طالما هي"سورية".
منذ الان والى ان تأخذ الامور مسارها الطبيعي في ما يتعلق بالانسحاب من هذه المنطقة اللبنانية سيتدخل شيطان السياسة اللبنانية في اكثر التفاصيل دقة, وستبدأ معزوفة "عدم الحاجة بعد الان لسلاح المقاومة " لان الهدف تحقق بالاعلان عن لبنانية المزارع. وسيكون الحوار اللبناني - اللبناني في فرنسا على سلاح المقاومة والمزارع، و"الانتصار الديبلوماسي الذي حققته الحكومة اللبنانية بعد ان اوكلت الامر الى الامم المتحدة"، مايعني ان "خيار المقاومة تاريخيا كان خطأ, وان اللبناني تحمل دفع فواتير باهظة كان بغنى عنها اذا اوكل امره الى الامم المتحدة, وان القرار 425 سينفذ بالكامل بعد ان تنسحب اسرائيل من المزارع".
لكن ما لايدركه اصحاب هذا الرأي ان "المقاومة تاريخيا في الجنوب اللبناني ليست مرتبطة بمزارع شبعا،التي هي اضافة على الاحتلال الاسرائيلي للقرى السبع المحتلة منذ العام 1948، اذ ان القضم الاسرائيلي للمزارع بدأ بعد حرب يونيو (حزيران) العام1967,واستمر الى العام 1978, وان الاعتراف الاسرائيلي بان "الامم المتحدة ابلغت تل ابيب بلبنانية المزارع"(وفقا للخبر الذي طيرته وكالة الصحافة الفرنسية في 11 يوليو الجاري), ينقصه الكثير من الخطوات العملانية حتى يمكن الاخذ بهذا التصريح على محمل امكانية بناء خط تفاوض غير مباشر على تفاصيل الانسحاب من المنطقة المحتلة. لا سيما ان لاسرائيل في احدى اعلى قمم المنطقة المحتلة موقع مراقبة ورصد يغطي من تركيا الى ايران ودول الخليج العربي، وان المدفعية الاسرائيلية المنصوبة في تلك التلال لا تبعد عن العاصمة السورية (دمشق) اكثر من 27 كيلومترا, اضافة الى ان اسرائيل تستغل المنطقة اقتصاديا منذ اواخر السبعينات من القرن الماضي، اكان ذلك عبر المنتجعات السياحية, الشتوية والصيفية، او عبر مزارع العنب وانتاج النبيذ, ويبلغ الدخل الاسرائيلي من هذه المنطقة نحو المليار دولار سنويا، اضافة الى المخزون المائي الاستراتيجي الموجود في المنطقة، ومسألة الماء في المثلث بين لبنان وسورية وفلسطين المحتلة من اكثر المسائل تعقيدا,لان اسرائيل تعتبرها مسالة حياة او موت وهي تسرق علنا مياه الجداول والانهر اللبنانية في تلك المنطقة.
لبنانيا,عودة المزارع الى السيادة الوطنية يجب ان تكون خطوة اولى نحو تفكيك اللغم الدستوري المنطوي على مخاطرة التوطين اذا استمر لبنان بتجاهل قضية القرى السبع المحتلة, لان ابناء هذه المنطقة ممن اعيدت اليهم الجنسية اللبنانية ادخلتهم بعض القوى السياسية والمؤسسات الطائفية في لعبة الابتزاز السياسي لـ"التوطين"، واعتبروا فلسطينيين منحوا الجنسية اللبنانية في التسعينات من القرن الماضي، بينما كانوا لبنانيين اثناء عمليات تعديل الميزان الطائفي عبر التجنيس الممرحل منذ الخمسينات وحتى العام 1975,اذ بعد ذلك اصبح التجنيس من لون طائفي واحد, ولم تؤخذ في الاعتبار طلبات الجنسية من الالوان الطائفية الاخرى، ذلك لان الامر كان محصورا بكل رئيس للجمهورية يودع رئاسته دائما بمنح بضعة مئات من طوائف معينة الجنسية اللبنانية.
للوهلة الاولى, يعتقد كثير من المراقبين ان حزب الله اللبناني هو المقاومة، واذا سحبت منه الاوراق التي يلوح فيها لاستمرار مقاومته سينتهي الامر عند هذا الحد,لكن في الواقع,حزب الله مرحلة من مراحل المقاومة في لبنان, وقضية مزارع شبعا والقرى السبع موجودة قبل ولادة حزب الله, والفصائل اللبنانية التي نادت منذ الخمسينات بتحرير القرى السبع لا تزال على خيارها، اضافة الى ان الفصائل التي تطالب بتحرير مزارع شبعا موجودة ايضا قبل حزب الله.
اضافة الى الاختلاف العقائدي بين تلك الفصائل وبين هذا الحزب الذي لا يسمح بتفرده في القرار، من هنا فان مسألة المقاومة في الجنوب ليست مرهونة بحزب الله,ولن تكون كذلك,فقبل هذا الحزب وجدت فصائل كثيرة كان خيارها المقاومة, واستمرت في المقاومة, لا بل انها استطاعت بين العامين 1982 و1985 ان تفرض على الاحتلال الاسرائيلي الانسحاب من مساحات اكبر بكثير من الشريط الحدودي الذي تمترست فيه اسرائيل حتى العام 2000, وبالتالي فان خيار المقاومة هذا ليس حكرا على فريق دون الاخر.
مما لاشك فيه ان تأثيرا كبيرا سيطرأ على هيكل المقاومة بعد تفكيك الذراع العسكرية لحزب الله في لبنان، لكن هذا لا يعني نهاية المطالبة اللبنانية بارض محتلة, وبخاصة ان هذه الارض اذا بقيت تحت الاحتلال ستؤدي الى نسف للدستور اللبناني،المعطل الان بفعل المماحكات السياسية الداخلية، وستكون عاملا رئيسا في تكريس الافتراق اللبناني - اللبناني، وخصوصا بعد ان اتهمت حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بـ"اسلمة لبنان"، فكيف اذا اعتبرت مسألة اعادة الجنسية لابناء القرى السبع محطة انطلاق للتوطين؟ خصوصا ان هؤلاء من لون طائفي واحد, ويضاف اليهم الفلسطينيون الذين غالبيتهم من لون طائفي واحد ايضا، الا يكون ذلك "تكريسا للاتهام بالاسلمة وتغيير مضمون لبنان"؟ وهل يكون هذا الامر مقدمة لتطوير مفهوم السيادة الوطنية عند بعض الاطراف اللبنانية,والنظر الى لبنان بعينين اثنتين ام ستبقى النظرة عوراء الى لبنان الوطن والسيادة؟

* صحافي وكاتب لبناني
hasana961@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف