كتَّاب إيلاف

يومنا أسوأ من أمسنا وأحسن من غدنا

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

فنتازيا عربية
قال احد الظرفاء: يبدو اننا في (العالم العربي) قد بدأنا من الآخر، ذلك اننا في كل عام نزداد سوءاً وتدهوراً عن العام الذي سبقه، وقال ظريف آخر انه ينوي إنشاء حزب جديد بإسم "حزب التخلف" لأنه يريد العودة بالأوضاع إلي ما كانت عليه أيام الاستعمار، وفي نظره إن ذلك أفضل بكثير من حالنا الآن - وأنا أيضا أشاركه الرأي. وقال ظريف ثالث، بعدما رأى العوز و الغلاء المستفحل بحاصره من كل جانب، وبعد أن صار لا يستطيع أن يقيم أود حياته، قال لابنه الذي سأله عن حاصل ضرب 6x 6، ( والله يا ابني على أيام الاستعمار كانت 36، ام الآن فلا اعرفها ولكن قطعاً تكون أكثر من مئتين).
ما سبق كان مقدمة مقال كتبته في العام 1998ونشرته جريدة الخرطوم السودانية عندما كانت تصدر من القاهرة (15/9/1998)، وكان المقال عن الحال السوداني، ولكن الآن أعممه بوضع (العالم العربي) مكان كلمة السودان في المقال الأصلي لان الحال أصبح من بعضه وليس هناك حد أحسن من حد. في ذلك الزمان، أي في نهايات القرن الماضي كانت الأوضاع في عموم العالم العربي ليست على ما يرام ولكنها قطعاً كانت أكثر يراماً مما هي عليه الآن. وان كان صاحبنا المذكور في ذلك الزمان قد فضل العودة إلى عهد الاستعمار فماذا عليه أن يفعل الآن غير ان يُشكِّل حزباً ويسميه حزب الطفشان أو الزوغان بغرض مساعدة الكثيرين من بني يعرب للهروب من جحيم الحياة التي يعيشونها في ديارهم الآن، وعلى الأقل يهيئ لهم هروباً مشرفاً، بدل المرممطة التي يواجهونها في الحدود التي يقتحمونها بلا أوراق أو مستندات، أو بدل الغرق في المراكب التي يكدسهم فيها المُهرِّبون. كانت الأوضاع في ذلك الوقت، وعلى الرغم من المعاناة التي يواجهها المواطن العربي في الكثير من بقاعه، إلا ان تلك الأوضاع كانت أحسن بكثير مما هي عليه الآن. فان كان في ذلك الوقت يعاني من مشاكل عادية تحدث في كل العالم، من أمثال العطالة وضيق ذات اليد والفقر وتدهور مجالات التعليم والصحة والمواصلات والمساكن، ولكنه مع ذلك كان لا يخلو من الأمل في مستقبل قد يكون أكثر إشراقا،ذلك إذا قام الحكام و المسئولون بتغيير السياسات (أو بالأحرى اللاسياسات) التي يمارسونها، وعملوا بجدية لاستغلال إمكانيات البلدان من اجل مصلحة المواطن، وبناء البلد، أو ان يتمكن أولئك الذين يحملون رايات المعارضة من الوصول إلى الحكم وينفذوا الوعود التي وعدوه بها، أو على الأقل يجد - أي المواطن- ملاذا يهرب إليه وينجو بجلده. لكنه الآن يرى الكثير من تلك الآمال قد انهارت أمام أعينه إذ الكثير من حكامه قادوه إلى الدمار والخراب، بينما من وعدوه بالخلاص، من المعارضات، صاروا أكثر فتكاً به من الحكام. صحيح ان بعض الحكام كانوا يجلبون البؤس لمواطنيهم بسياساتهم المرتجلة والعشوائية التي كل همها حمايتهم وحماية زمرهم، ولكن على الأقل كان الإنسان العادي يعاني في حياته المعاناة العادية ولكنه، وطالما هو صامت وراضي أو متراضي، كان لا يخاف الموت، ولم يكن الموت والسجن إلا لأولئك الذين ينافسون الحكام على مقاعدهم. ولكن الآن تبدل وضع ذلك المواطن ولم يعد يهمه إصلاح أوضاعه بقدر مايهمه ان تستمر حياته إلى اليوم التالي بعد ان صار الموت يحيطه من كل جانب بعد ان تحولت تلك المعارضات التي كانت تبشره بالخير، بعد ان تحولت إلى معول هدم وأداة قتل يصادفه في كل ركن من أركان حياته، فها هو التفجير والنسف والخطف والنحر أصبح زاداً يومياً، بل على مدار الساعة، ويأتي هذا القتل من بعض المعارضات التي زكمتنا بالوعود الوردية، ولم نكن نعرف ان اللون الوردي يعني في نظرهم مجازاً لون الدم. هذه الأوضاع جعلت الإنسان العربي فعلاً يحن إلى الماضي ويبكي عليه، ويخاف من غده ويبكي منه، ولا يعرف ملاذاً يلوذ إليه إلا ان يتعشم في بعض الحكماء من حكامه ان ينقذوه من فتك تلك المعارضات، والتي ولسؤ الحظ كان بعض الحكام قد اشتركوا في بنائها وتقويتها في زمن سابق. ليس إمام المواطن العربي إلا الدعاء بالفرج والعشم فيما بقي من حكمة لدى بعض الحكماء من حكامه لوقف هذا الدمار الشامل الذي عم كل أركان المنطقة بل وتخطاها ليشمل كل العالم... وأخيرا بدل ان أقول لكم تصبحون على خير، أقول لكم إنشاء الله تكونوا عايشين لحد بُكرة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف