كتَّاب إيلاف

الكابوس الليبي وتراجيديا الممرضات البلغاريات..

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

ارتاح المجتمع الدولي لإطلاق سراح الممرضات البلغاريات الخمس والطبيب الفلسطيني البلغاري.
إن إصابة أكثر من أربعمائة طفل ليبي بمرض الأيدس ووفاة خمسين منهم، كان كارثة إنسانية وطبية مروعة، وكان يجب على الحكومة الليبية التحقيق الموضوعي والدقيق في الأسباب. في حينه اقترحت الحكومة البلغارية الاستعانة بدراسة يقدمها الخبير الدولي الفرنسي الشهير موناتانييه، ووافقت الحكومة الليبية. بعد تدقيق ميداني متعمق توصل الخبير إلى أن السبب هو سوء النظافة وضعف العناية في المستشفى الليبي ولا يوجد أي تعمد لنقل الفيروس للأطفال. لقد قدم الخبير شهادته ولكن ليبيا لم تأخذ به،4 وفضلت إيجاد كبش فداء في الممرضات البلغاريات الخمس ومعهن زميلهن الفلسطيني فاتهموا بالتعمد في نقل الفيروس، وقدموا للمحاكمة، وصدر عليهم الحكم بالإعدام.
كان النظام الليبي يحتاج لابتكار نظرية "المؤامرة الموسادية"، وكما هي العادة العربية، للتغطية على مسؤولية النظام الصحي في ليبيا، علما بأن ليبيا لا تحسد على نظافتها!
هكذا بدأت المأساة والمحنة اللتان عاناهما الأبرياء، بل واستخدمت أساليب التعذيب لانتزاع اعترافات زائفة من الممرضات.
لقد ألبت الحكومة الليبية الرأي العام الليبي ضد الممرضات وشحنته بأكذوبة المؤامرة المزعومة.
كان الهدف ليس فقط التغطية على مسؤولية النظام الصحي الليبي بل وكذلك مقايضة الاتحاد الأوروبي ثمنا سياسيا وماليا باهظا كشروط لإطلاق سراح المتهمين الأبرياء.
لقد تحرك الغرب من أجل تحرير المحكوم عليهم،اللذين كانوا في الحقيقة رهائن في عملية خطف يمارسها نظام شمولي لأسباب محلية وسياسية.
لقد تحركت حكومات الاتحاد الأوروبي، والخبراء الدوليون، وحملة جائزة نوبل، والصحافة من أجل إطلاق سراح أبرياء قضوا في السجن ثماني سنوات ونصفا؛ سافر توني بلير إلى ليبيا، ونشطت فرنسا، وزار البلد كبار ممثلي الاتحاد الأوروبي، دون أن نجد جامعة السيد عمرو موسى تبدي أي اهتمام بالقضية، كما هو موقفها السلبي تجاه مأساة دارفور؛ كما لم أقرأ، ربما سوى النادر جدا، لمثقفين عرب مقالا واحدا عن القضية، ولا تحركت منظمات حقوق الإنسان العربية!؟ لقد انفرد أمير قطر وحده بالتحرك وقدم وساطته، كما وعد بأن بالتبرع بالملايين لعائلات الضحايا ولتحسين المستشفيات الليبية، ولا ك أنهذا موقف حميد يحسب له.
أخيرا تم تحرير الرهان الستة بعد جهود حثيثة من الاتحاد الأوروبي والرئيس الفرنسي بالذات.
إن الرئيس الفرنسي يؤكد أن فرنسا لم تدفع يوروا واحدا إلى ليبيا، ولكنها ستساعدها على مزيد من تطبيع العلاقات مع الغرب، كما ستساهم مع الاتحاد الأوربي في تحسين مستشفى بنغازي بتقديم الأطباء والخبرة، وللعلم فإن الولايات المتحدة وبريطانيا بادرتا لتحسين العلاقات مع ليبيا بعد حل مشكلة كارثة الطائرة لوكبري بتقديم ليبيا تعويضات سخية لعائلات الضحايا.
إن الاشتراكيين الفرنسيين، وكما اعتاد اليسار الفرنسي المتحجر، شككوا في مبادرات سركوزي والصفقة التي تم الاتفاق عليها، بينما ارتاحت الغالبية الفرنسية لموقف سركوزي وزوجته، في حين أكد الرئيس الفرنسي في مؤتمره الصحفي بأنه لم يتنازل قيد شعرة عن انتهاك حقوق الإنسان في ليبيا، كما أكد للحكومة الليبية أنه لن يزور البلد قبل إطلاق سراح الممرضات وزميلهن، ذكرا في الوقت نفسه بأن التهمة كانت باطلة.
إن اليسار الفرنسي، يشكك في كل خطوة تقوم بها الحكومة الفرنسية، وهو كالإسلاميين والقوميين العرب المتطرفين، يرتاحون للبحث عن نظرية المؤامرة في كل مناسبة، وكل بطريقته الخاصة ولأسباب مختلفة طبعا.
الآن، وقد ارتاح العالم لإطلاق سراح الرهائن، وإذ نقدم لهم ولعائلاتهم التهاني، فنود التعبير في نفس الوقت عن التعاطف التام مع عائلات الأطفال الليبيين المصابين ولاسيما من توفي منهم، ولابد من مساعدة هذه العائلات، والعمل الجدي لعلاج المصابين.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف